بوابة الشرور !!

بواسطة أسامة شحادة قراءة 2330
بوابة الشرور !!
بوابة الشرور !!

بوابة الشرور !!

 

 بقلم: أسامة شحادة.

الشيخ على الطنطاوي عالم يقدره الكثير من الناس وذلك لسعة علمه وصدره ، وسهولة عبارته ووضوح بيانه ، ومن النتائج التي توصل لها الشيخ الطنطاوي " أن الصوفية هي الباب الكبير الذي تدفق منه علينا الفساد، والباب الآخر هو التشيع والشيوعية  وكلها من أصل واحد"[1] .

نعم لقد كانت الصوفية بوابة الشرور على الإسلام والمسلمين ، فعن طريقها انتشرت الشرور التالية[2] :

1-              الإباحية والعري والشذوذ والمسكرات من الخمر والحشيش .

2-              نشر الجهل و الخرافات والأساطير ومحاربة العلم .

3-              ترك الجهاد و الاستكانة للغزاة الكفار .

4-              تبديل دين الله القائم على توحيده سبحانه ، بتوحيد الخالق والمخلوق معاً في دين الصوفية "وحدة الوجود"[3].   

 

ولا زالت هذه الشرور إلي اليوم تنتشر في بلاد المسلمين، وبخاصة في البلاد الإسلامية غير العربية، والدول العربية التي تكثر فيها الأمية والجهل، ذلك أن التصوف منافٍ للعقل والمنطق، ولهذا بين العلامة البشير الإبراهيمي سبب أولوية محاربة الطرقية والصوفية فقال: "إن لفشو الخرافات وأضاليل الطرق بين الأمة أثرا كبيرا في فشو الإلحاد بين أبنائها المتعلمين تعلما أوروبياً الجاهلين بحقائق دينهم ، لأنهم يحملون من الصغر فكرة أن هذه الأضاليل الطرقية هي الدين ، وأن أهلها هم حملة الدين ، فإذا تقدم بهم العلم والعقل لم يستسغها منهم علم ولا عقل فأنكروها حقاً وعدلاً، وأنكروا معها الدين ظلماً وجهلاً، وهذه إحدى جنايات الطرقية على الدين . أرأيت أن القضاء على الطرقية قضاء على الإلحاد في بعض معانيه وحسم لبعض أسبابه "[4] .

ومن البوابات الجديدة التي فتحتها الصوفية لإدخال الشرور على الإسلام والمسلمين اليوم، إحياء تراث ابن عربي بين أوساط المسلمين ، وذلك ضمن مخططات سياسية عالمية لاحتواء المد الإسلامي الذي فرض نفسه على الواقع الإسلامي والدولي .

ومن هذه المخططات " تقرير مؤسسة راند" و"تقرير مؤتمر مركز نيكسون "و" أين سيكون العالم عام 2020م" والذي نص على :" لنقبل منهم أن يتدينوا لكن وفق الأنماط التي لا تصطدم مع مصالحنا". 

ومع أن هذه المخططات معلنة وصريحة وليست سرية لا يعلم بها أحد ، إلا أن تفاعل العمل الإسلامي معها يكاد يكون هامشي !!

ويبدو أن هذه المخططات قد بدأت في حيز التنفيذ على أكثر من صعيد ومن ذلك :

1-       دار الكتب العلمية في بيروت أصدرت 21 كتابا لابن عربي في الفترة 2000 إلى 2006 !!

2-   اهتمام بعض الكتاب ودور النشر العلمانيين بابن عربي  مثل : " مع الشيخ الأكبر " لعصام محفوظ ، نشر دار الفارابي ! و"هكذا تكلم ابن عربي " لحامد نصر أبو زيد ! نشر المركز الثقافي العربي .

3-   أصدرت دار المدي بدمشق سنة 2001 "رسائل ابن عربي1-2 " والذي وزع منه 100ألف نسخة مجاناً ، ضمن سلسة القراءة للجميع بالتعاون مع ستة صحف عربية!

4-   دفاع بعض الدكاترة الشرعيين عن ابن عربي ، كالدكتور محمد عبد الغفار الشريف الأمين العام للأمانة العامة للأوقاف في الكويت .

 

ولو بحثنا عن السبب الذي دعا العلمانيين والغربيين لتمجيد ابن عربي ، بتأليف الكتب فيه أو عقد مؤتمرات حوله ، أو تأسيس جمعيات ومواقع غربية لابن عربي ، لوجدنا ما يلي :

أولاً : إن أعداء الإسلام يدركون فاعلية مفهوم الإيمان والإسلام في تكوين الهوية الذاتية لدى المسلمين عن غيرهم من الكفار كتابيين كانوا أو وثنيين أو ملاحدة ، وهم يسعون لكسر هذا التميز الذي يمنع ذوبان الهوية الإسلامية في غيرها من الهويات .

فوجدوا " الشيخ الأكبر" يكسر مفهوم الكفر والإيمان ، فها هو حامد نصر أبو زيد يخبرنا في " هكذا تحدث ابن عربي " : " فالكفر بمعنى عدم الاعتراف بوجود إله للعالم لا وجود له في الحقيقة عند شيخنا – يقصد ابن عربي – إذ العالم كله من أعلاه إلى أدناه بمستوياته ومراتبه المختلفة من أرواح  وعقول وأجسام فلكية وعناصر طبيعية ، ليس سوى مظاهر وتجليات لحقيقة واحدة سارية في أجزائه بنسب مختلفة: تلك هي الحقيقة الإلهية. الكفر بمعنى إنكار وجود الباري ليس إلا صفة عارضة ظهرت مع ظهور الشرائع السماوية على أيدي الرسل والأنبياء ، فصدقهم البعض وكذبهم البعض الآخر فأطلق على المصدقين اسم ( المؤمنين) وأطلق على ( المكذبين) اسم الكفار . لولا نزول الشرائع وانقسام الناس بين مصدق ومكذب ما كان للكفر أن يظهر في العالم " . ص 141 .  فالرسالات السماوية سبب وجود الكفر !!

ويكمل أبو زيد بما حدثنا به ابن عربي فيقول : " كل مخلوق في الحقيقة لا يعبد إلا الله ، علم ذلك من علمه وجهله من جهله . هذا يصح على القائلين بالتثليث من النصارى ، كما يصح على الثنوية وعبدة الحجارة والكواكب والأشجار وعبدة الأسلاف . وماذا عن الملاحدة الذين يزعمون مطلق الكفر ويرفضون الانتماء إلى أي دين ؟ وفقاً لشيخنا الأكبر إن الإنسان – أي إنسان – لا بد أن يكون مؤمناً بشيء ما ، بقيمة ما ، أو بمذهب فكري ما، وهذا يدخل فيه (الإلحاد ) بوصفه موقفاً فكرياً . هذا الإيمان بموضوع أو فكرة أو مذهب أو مبدأ ليس في باطنه العميق إلا إيماناً بمجلى من مجالي الحقيقة الإلهية المطلقة . وهكذا يكون العالم كله – طبقاً لشيخنا- مؤمناً " . ص 142 .

أما عصام محفوظ ، الذي حاور " الشيخ الأكبر " في خياله، فقد سأل ابن عربي عن اختلاف معتقدات الناس في الله ؟

فكان جواب " الشيخ الأكبر " : " لا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع إليها، ويطلبه فيها، فإن ظن أن الحق يتجلى فيها أقر بها. فالقوم في المعتقدات ما رأوا إلا أنفسهم . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بسواه، فيفوتك خير كثير . فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها ، فإن الله تعالى أوسع من أن يحصره معتقد دون آخر ". ص 88.

وقد صدر محفوظ هذا الباب بقول ابن عربي: "عَقدَ الخلائقُ في الإله عقائداً وأنا عقدتُ ما عقدوه".

وهكذا عمد هؤلاء الحاقدين إلى إخراج ابن عربي من قبره ، ليكمل مشواره في هدم الهوية الإسلامية، بعد أن عجزت جهودهم في ذلك ، فكان السلاح هذه المرة من الداخل و باسم "الشيخ" والدين !!

ثانياً : وبعد أن كسر لهم ابن عربي حاجز الولاء بين المؤمنين والبراءة من الكافرين – خيب الله مسعاهم- وجدوا أن " الشيخ الأكبر" يقدم له الحل العلماني الذي ينشدون " لمشكلة التعصب الديني " بقالب جذاب ، فزادوا حرصاً على إخراجه من جديد من قبره ، خاصة أننا نعيش في عصر نهضة السينما ، مما يمكن معه إخراج أي سيناريو يحقق المطلوب .

لقد وجدوا ابن عربي يقدم لهم ديناً عالميا يحل مشاكل العصر ، دين الحب الذي يتسع لكلِّ العقائد، وهو أصل العلاقة بين الحق والخلق، والذي عبر عنه ابن عربي بقوله :

لقد صار قلبي قابلاً كل صورة                   فمرعى الغزلان ودير لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائف                       وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنّى توجهت                      ركائبه فالحب ديني وإيماني

 

وهكذا بدل الإسلام الذي يفرق " الإنسانية " ويشرع الجهاد والقتال ، ويحكم بالكفر على من أنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، يروج هؤلاء لدين " المحبة " أي محبة من يقتلك ويعتدي على عرضك وأرضك !!

ويسمون هذا "سماحة الإسلام " التي لم يدركها أهل الشريعة والظاهر، وذاقها وكشفها ابن عربي ، وذلك أن مؤلفاته هذه " ليست كتباً من تأليفه، بل هي رسائل طلب منه يبلغها للناس. هكذا ليس كتاب " مواقع النجوم " إلا ثمرة من ثمار اللقاء مع " الحق" سبحانه في رؤيا تسلم فيها الكتاب ليبلغه للناس ناصحاًً " . ( هكذا تكلم ابن عربي، ص 80).

المشكلة أن أعداء الإسلام لا يؤمنون بدين " الحب " فلذلك ملأوا العالم بالجرائم والشرور !!  

 

وهكذا تفتح الصوفية اليوم بـ " شيخها الأكبر" على المسلمين بوابة شر جديدة تزعزع هويتها الإيمانية ، وتفتر المدافعين عن دينهم وعرضهم وأرضهم بأكذوبة " دين الحب " .

 

وكما بدأنا مع الشيخ الطنطاوي نختم معه فقد اتهم بعض الناس الشيخ الطنطاوي أنه لا يعرف كتب ابن عربي ويهاجم التصوف وهو يجهل حقيقته، فكان الجواب قذيفة لا يمكن النجاة منها : " فأخبره ولا فخر في ذلك أن الذي جلب كتاب الفتوحات من قونيا ونقله من النسخة المكتوبة بخط ابن عربي نفسه والمخطوطة الآن في قونيا هو: جدنا الذي قدم من طنطا إلى دمشق سنة 1250 هـ فإن كان أخطأ فإني اسأل له المغفرة وأنني قابلت مع عمي الشيخ عبد القادر الطنطاوي نسخة الفتوحات المطبوعة على هذا الأصل المنقول صفحة صفحة، وأنا استغفر الله على ما أنفقت من عمري في قراءة مثل هذه الضلالات'[5]..

 

 



[1] علماء ومفكرون عرفتهم ، الشيخ محمد المجذوب 3/206 .

[2] انظر أي كتاب من كتب كرامات الصوفية تجد هذه الشرور هي كرامات أوليائهم ! وللتوسع راجع " الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ " لمحمود القاسم ص773 ، و" هذه هي الصوفية " لعبد الرحمن الوكيل .

[3]  انظر للتوسع راجع " الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ " لمحمود القاسم  ، " عقيدة الصوفية وحدة الوجود الخفية" د.أحمد القصير .

[4] أثار محمد البشير الإبراهيمي 1/132 .

[5] من فتاوى علي الطنطاوي .



مقالات ذات صلة