همام الشامي
اشتهر الشيخ طه الدليمي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق من خلال ظهوره على الفضائيات مثل وصال وصفا وردوده على الرافضة ,, لكن هنالك ملاحظات وانتقادات على منهجيته في تلك الردود أو في التصدي لهذا المشروع وأنها قد تهدم ما هو صالح منها في هذا الموضوع ..
وكما هو معلوم فإن على العامل في مجال الدعوة إلى الله أن يتحلى بعدد من المزايا والصفات منها سعة الصدر والتروي وعدم استعجال النصر وعدم التعامل بردة الفعل لأن فقده لهذه الأشياء قد تعرضه لانتكاسات مؤلمة نسأل الله العافية منها ,, وقد يفسد من حيث يظن أنه يصلح ..!!
وقفات مع منهجية الشيخ طه
أولا : إنه ينطلق في رؤيته للصراع مع إيران حاليا وفي عمق التاريخ على أنه صراع بين حضارتين فارسية وعربية إسلامية, فنراه يؤول الكثير من أحداث التاريخ على أنها مكائد فارسية وبدون أدلة حقيقية ..
وهذا المنهج له نتائج سلبية وخطيرة حيث تظهر الأمة الإسلامية من خلاله وكأنها أمه مغفلة وساذجة ومرت كل هذه المؤامرات الفارسية المنظمة ومن عهد الصحابة والتابعين ومن بعدهم دون أن تتنبه لهذا الخطر الداهم أو تتخذ قرارا بوأده في مهده كحال الميت بين يدي مغسله حتى جاء الشيخ طه بعد أربعة عشر قرنا لينبه الأمة على هذه الاختراقات ..
على سبيل المثال فإن ظهور الفكر الخارجي قد نبهنا وحذرنا منه نبينا صلى الله عليه وسلم وأنه تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ,, ولم يخبرنا نبينا أن فتنة الخوارج هي صناعة فارسية أو تعرضت لاختراق فارسي ..!!
بينما الشيخ طه يعزو قتل علي رضي الله عنه .. على أيدي الخوارج إلى أنها مؤامرة وصناعة فارسية .
وفي الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن عثمان : ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ .
ولم يخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه سيقتل بمؤامرة فارسية
نحن لا ننكر تعرض الأمة الإسلامية لمؤامرات من اليهود والنصارى والمجوس وكل من انكسرت شوكته على أيدي المسلمين لكن الخلل يكمن في تحليل كل الكوارث على أنها مؤامرات وأنها مرت دون انتباه من المسلمين وخاصة في فترة القرون الثلاثة الخيرية ..!!
انسحب هذا كما سنبين على كثير من المفاهيم الخاطئة بسبب إدخال عناصر غريبة على الصراع الحضاري الإسلامي مع أي ملة أخرى والذي يجب أن يكون عقائديا خاليا من أي شوائب .
إن أكبر حرب ومؤامرة تعرض لها الإسلام كانت على يد العرب الأقحاح من كفار قريش ومنافقي المدينة واليهود العرب ,, نقول هذه أكبر المؤامرات في التاريخ الإسلامي ونعني ذلك لأنها استهدفت رأس الإسلام وهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. وكما معلوم أن أشد الناس بلاء هم الأنبياء عليهم السلام كما ورد في الحديث الشريف .
في المقابل لقد انتصر الإسلام في كثير من مراحل تاريخه على يد الموالي والأعاجم ,, والذي يعترض الشيخ طه على إدخالهم في مواقع الصدارة كما سنبينه لاحقا .
إن من أوقف الزحف المغولي على بلاد الإسلام وكسره هو قطز وأكمل المسيرة بعده الظاهر بيبرس الذي نظف بلاد الشام من التواجد الصليبي فهل هؤلاء إلا موالي ومماليك ، كما ان جيش طارق بن زياد الذي فتح الأندلس كان معظمه من الأمازيغ وهم ليسوا عربا .. وقس على ذلك الكثير والكثير من أحداث التاريخ .
يقول الشيخ طه :
بهذه العقلية استقبلت الهضبة الإيرانية الإسلام، واعتبروا العرب محتلين معتدين. فقاوموا الدولة الجديدة، وتآمروا عليها بكل وسيلة. فلما فشلوا عسكرياً، استمروا في التآمر عليها فكرياً وسياسياً. هـ
من هذا التعميم ينطلق الشيخ طه ولا يفرق بين أناس صالحين حسن إسلامهم وبين أناس استمروا على مجوسيتهم وحقدهم وهم قلة ولا يخلوا منهم مجتمع من المجتمعات .
ويقول :
وهذا يفسر لنا كثرة طلبة العلم من العجم في عهد التابعين. أنا لا أستطيع أن أنظر إلى هذا الأمر على أنه ظاهرة تلقائية، حدثت نتيجة التفاعل الطبيعي للعناصر الحياتية المؤدية إليها. مشكلة العرب أنهم ينظرون إلى الأشياء والأشخاص من خلال نفوسهم الطيبة غير المعقدة. قتل عملاق العالم في زمانه عمر بن الخطاب. هل يمكن القول: إن هذا العمل الخطير حصل من دون سابق مؤامرة؟! لكن انظر كيف تعامل ذلك الجيل مع الموضوع؟! لم يشغلهم إلا الجانب الديني الفقهي منه، حين قتل عبيد الله بن عمر جفينة النصراني والهرمزان المجوسي، اللذين دلت الدلائل كلها على أنهما المخططان الرئيسان للمؤامرة!!! لقد انتهى كل شيء عند هذا الحد! فلا تحقيق، ولا استفادة من الحدث في أخذ حذر وتحوط من تكرر الفعل – وقد تكرر بصورة أشد في قتل عثمان وعلي – في المستقبل القريب! العجيب أن التاريخ يروي لنا أن علياً حين آلت إليه الخلافة عاد لينظر إلى الأمر من جانبه الديني الفقهي فقط، ويصدر أمراً بملاحقة عبيد الله ليقتص منه! حتى قتل في صفين. مع أنه غير مكلف شرعاً بنقض حكم صدر من مجتهد معتبر هو عثمان بن عفان. ولديه من المشاكل العالقة الكثير، أولها مقتل أمير المؤمنين عثمان نفسه!
وظل العرب يطاردهم الهاجس الديني الفقهي، يستغرقهم النظر إلى الأمور من هذه الزاوية أكثر من غيرها من زوايا الحياة كالسياسة والأحقاد والثارات. وقد جرت عليهم هذه النظرة الكثير من الويلات هـ
اضطررت أن أنقل هذا الكلام كاملا على طوله وأحيل القارئ الكريم إلى حصافته ليستشف منه العقلية التي يفكر بها الشيخ طه ..
لقد وضع الشيخ طه نفسه حكما وحاكما على تصرف كبار الصحابة وعلمائهم ومنهم المبشرين بالجنة وكأنه أدرك مالم يدركوا وفهم مالم يفهموا ..!! هذه الطريقة في التفكير خطيرة جدا ولا نريد هنا التعريف بالصحابة رضي الله عنهم ، وشدة ذكائهم وإدراكهم لعواقب الأمور فهذا من العلم الضروري المعلوم ..
وهذه النتيجة الخاطئة في التفكير هي ثمرة التصور الخاطئ ..
وليخبرنا الشيخ طه من سبقه إلى هذا الحكم أو التحليل من لدن الحدث وإلى الآن وهل غاب هذا عن أمة الإسلام حتى يأتي بما لم يأت به الأوائل ..!!!
ثم هل بقيت الأمة أربعة عشر قرنا من عمرها لا تعرف الحكم على هذه النوازل حتى جاء الشيخ طه ليعلم الصحابة رضي الله عنهم ، كيف يتعاملوا مع هذه المسائل العظام ..!!
يقول الشيخ طه :
حمورابي يوحد العراق ويحرره من الاحتلال ..
حتى جاء الملك حمورابي، فوجد العراق على هذه الحال. فلم يكن أمامه إلا أن يعقد العزم على العمل في سبيل توحيده. في الوقت الذي عقد الإيرانيون حلفاً مع ملكة كردستان ومع الملك آشور وشمال سوريا، ومع ملك ديالى، ودفعوهم لقتال حمورابي في بابل. لكن حمورابي تمكن من دحرهم جميعا وانتصر عليهم. وألجأ العيلاميين إلى هضبة بلادهم. كان هذا عام (1774) ق.م.
الملكة سميراميس على خطى نبوخذ نصر وحمورابي
ففي زمن الآشوريين اغتنموا فرصة وفاة أحد ملوكهم الذي ترك على العرش ولده الصغير (أدد نراري) وعمره (10) سنوات فكانت أمه هي الوصية على العرش. كانت فرصة ذهبية لا تعوض بالنسبة للإيرانيين: ملك صغير، وامرأة حسبوها ضعيفة! فدخلوا العراق من طرفه الشمالي. لكن تلك المرأة العراقية أثبتت أنها عراقية، وأنها قوية. فأعلنت نفسها ملكة، وجردت حملة عسكرية قادتها بنفسها، وقاتلت الإيرانيين وانتصرت عليهم، وطاردتهم إلى تخوم بلادهم.
إنها الملكة الآشورية.... (سميراميس)..
هـ
نحن كمسلمين ما لنا وصراع وثنيين فيما بينهم فهل حمورابي الوثني حرر العراق من الفارسي المجوسي الوثني لينشر توحيد الله مثلا ..؟؟ أين البعد العقائدي في الموضوع ..؟؟
أم أن العراق تحول من عباد أصنام إلى عباد أصنام آخرين ومثل هذه الأحداث حصلت تاريخيا مع كثير من الأمم بل أن الفرس دخلوا في صراع مرير مع الروم فكيف يكيف لنا الشيخ طه هذا الصراع ..؟؟ وما علاقة هذه الصراعات التاريخية بالدين .. نعم عندما انتصر الروم على الفرس فرح المؤمنون لأن الروم أهل كتاب فانتصر الشر الأقل على الشر الأعظم وهذا حصل في حياة الصحابة رضي الله عنهم ، أما صراعات حصلت بين عباد الأوثان في غابر التاريخ فنحن كمسلمين مالنا ولها ..!!
وبالنسبة لسميراميس الوثنية هذه نرى أن الشيخ طه يذكرها في شعر :
وكذلك سميراميس تحمل دمية .. وفي الخد دمعات .. ومثلك يعذر
يقول الشيخ طه في تعليقه :
نعم ولا فخر وسمير اميس صغرى بناتي السبع ..
ثم يقول :
سميراميس هي ابنتي الصغرى أسميتها على اسم ملكة آشورية طردت الفرس من العراق ..(راجع حساب الشيخ طه في تويتر )
أهكذا يكون المقياس والميزان الإسلامي يا شيخ طه ..؟؟
وهل سبقك أحد من علماء المسلمين في تعظيم الوثنيين الكفار هؤلاء ..فإن كان الجواب لا,, فلقد جئت منكرا من القول وزورا ..
قال تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [الممتحنة : 4].
وبالمناسبة فإن ابراهيم عليه السلام كان في هذه المناطق العراقية التي يتحدث عنها الشيخ طه ..!!
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قلت : يا رَسولَ اللهِ ، ابنُ جُدْعانَ كانَ في الجاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ ، ويُطْعِمُ المِسْكِينَ ، فَهلْ ذاكَ نافِعُهُ ؟ قالَ : لا يَنْفَعُهُ، إنَّه لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ .
يقول الشيخ طه :
ظاهرة كثرة الموالي الذين يطلبون العلم في زمن التابعين، واستبدادهم بمجالس علماء الصحابة، لا يمكن أن تخلو من قصد مسبق، وإرادة من عدو حاقد ماكر، يخطط لأخذ زمام الأمور والسيطرة والقيادة من العرب. وقد وجدوهم أناساً منفتحين سهلي الطباع، جاء الإسلام ليزيد صفاتهم وطباعهم هذه رسوخاً: (لا إكراه في الدين)، (ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)... إلخ. فاستغلوا هذه الثغرة أسوأ استغلال .
هـ
ونعيد ونكرر هل كان الصحابة الذين يتوقدون ذكاء وفراسة مثل ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ، قد غابت عنهم هذه المفاهيم حتى تأتي أنت يا شيخ طه لتكتشف هذا السر المكنون ...!!!
كما ان ذكرك للثغرة بعد الآية والحديث قد يعطي انطباعا على ان الثغرة في الآية والحديث او في مفهومهما ..!!
الرسول صلى الله عليه وسلم في عندما فتح مكة أدخل معه بلالا الحبشي والمولى أسامة بن زيد إلى داخل الكعبة في هذا اليوم المشهود ومكث بها فترة وصلى بها ولم يدخل معه أحد من الأحرار العرب سوى الحاجب عثمان بن طلحة ولعل هذا يعطينا درسا بليغا على أننا أمة ميزاننا الإسلام فقط,, فمن حسن إسلامه فهم أخ لنا ,, نحن لا ننكر أن الإنتساب للعروبة شرف وهم أفضل الأجناس البشرية لكنه شرف مع الإسلام وبدونه لا يمثل هذا الانتساب شيئا فأبو لهب وأبو جهل من أصول العرب لكن أين هم الآن..؟؟؟
وهل كان الأسود العنسي ومسليمة الكذاب إلا عربا ..وفيروز الديلمي الفارسي المسلم هو من قتل الأسود العنسي في صنعاء ..
ومن يستقرئ السيرة النبوية يجد كثيرا من الأمثلة على هذه المعاني .
وسار الخلفاء الراشدون على هدي النبوة في هذه المسألة :
فلقد روى الإمام وابن ماجة واللفظ له : أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان . وكان عمر استعمله على مكة . فقال عمر من استخلفت على أهل الوادي ؟ قال استخلفت عليهم ابن أبزي . قال ومن ابن أبزي ؟ قال رجل من موالينا . قال عمر فاستخلفت عليهم مولى ؟ قال أنه قارئ لكتاب الله تعالى عالم بالفرائض قاض . قال عمر أما ان نبيكم صلى الله عليه و سلم قال ( ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ) .
فهذا عمر الملهم والمحدث لم يعترض على تولية مولى على مكة أشرف البقاع لأن الميزان هو الدين والتقوى وهذا سر انتشار الإسلام وقبوله عند الأمم .
فهؤلاء الموالي يا شيخ طه هم من حفظ السنة وأصل الأصول ووضع القواعد العظيمة لحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأول من قال بالجرح والتعديل هو أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج المولى وهذا الأعمش سليمان بن مهران الذي لقبه الذهبي بشيخ المحدثين وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان أئمة الجرح والتعديل وغيرهم كثير وكثير جدا بل أن من المتون المعتمدة عند الشافعية متن المهذب لأبي إسحاق الشيرازي الفقيه الأصولي المعروف والمولود بفيروز آباد في بلاد فارس سنة 393 هـ، والميت ببغداد سنة 476 هـ. تفقه في مسقط رأسه، ثم انتقل منها إلى البصرة، ثم إلى بغداد سنة 415 هـ، وما زال بها حتى انتهت إليه رئاسة مذهب الشافعية في زمانه، وبنى له نظام الملك المدرسة النظامية ببغداد فدرّس بها، وكان مضرب المثل في الزهد والقناعة .
والمعروف يا شيخ طه إن المدرسة النظامية أسست وبنيت للرد على المد الباطني الشيعي وأن نظام الملك نفسه اغتيل على يد الباطنية الحشاشين الشيعة .
بل أن نظام الملك نفسه عملاق التصدي ضد المد الباطني الشيعي من أين أصوله ؟؟
اسمه قوام الدين أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق بن العباس الطوسي الملقب بـ خواجة بزك أي نظام الملك، من مواليد طوس، في خراسان أحد أشهر وزراء السلاجقة .
ومتن الشيرازي الشافعي شرحة الإمام النووي في كتابه العظيم المجموع شرح المهذب كذلك شرحه يحيى العمراني في كتابه البيان .
فلا ندري هل هؤلاء ذوي الأصول الفارسية مثلا تآمروا على أنفسهم مثلا .
وهذا جمع بين النقيضين ..!!
نعم للعرب دور عظيم في العلوم الشرعية فالأئمة الأربعة كانوا عربا لكنها علوم تصنيفها مختلط بينهم وبين غيرهم من غير العرب ولم تكن هنالك تفرقة عند السلف بين الأعراق والأجناس بل الميزان عندهم هو العلم والتقوى .
وهنا وقفة يخبرنا بها الشيخ طه : ماهي الخطط الجهنمية التي خططها الموالي تلاميذ الصحابة وغيرهم من بعدهم دون أن تكتشف من قبل علماء الإسلام ولم يتم تحديد المخطئ فيها سواء كان عربيا أم أعجميا ..؟؟
ونتيجة لهذا المنهج الخطير نجد بأن الشيخ طه يتكلم بازدراء على إمام العربية سيبويه لأنه ذو أصول فارسية والمعروف عن سيبويه بأنه مات شابا ,, وهو وشيخه الخليل بن أحمد الفراهيدي من أئمة المدرسة البصرية وكتابه الكتاب الذي اشتهر بعد موته من أعمدة كتب العربية ,, ولم نر أحد من علماء المسلمين إلا ويثني على سيبويه وعلى كتابه , لقد نظر علماء المسلمين إلى علم ودين سيبويه ولم ينظروا إلى عرقه ونسبه .
قال عنه الإمام الذهبي في السير : سيبويه : إمام النحو، حجة العرب، أبو بشر، عمرو بن عثمان بن قنبر، الفارسي، ثم البصري .
وقد طلب الفقه والحديث مدة، ثم أقبل على العربية، فبرع وساد أهل العصر وألف فيها كتابه الكبير الذي لا يدرك شأوه فيه.هـ
قال عنه الإمام السيوطي في بغية الوعاة : عَمْرو بن عُثْمَان بن قنبر إِمَام الْبَصرِيين سِيبَوَيْهٍ أَبُو بشر .
وَقَالَ الْأَزْهَرِي: كَانَ سِيبَوَيْهٍ عَلامَة، حسن التصنيف، جَالس الْخَلِيل وَأخذ عَنهُ؛ وَمَا علمت أحدا سمع مِنْهُ كِتَابه هَذَا ؛ لِأَنَّهُ احْتضرَ، وَقد نظرت فِي كِتَابه، فَرَأَيْت فِيهِ علما جما .
وَقَالَ بَعضهم: كنت عِنْد الْخَلِيل، فَأقبل سِيبَوَيْهٍ، فَقَالَ: مرْحَبًا بزائر لَا يمل؛ قَالَ: وَمَا سَمِعت الْخَلِيل يَقُولهَا لغيره.هـ
قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية : المبرز في فن من الفنون يقدر على ما لا يقدر عليه أحد في زمنه وليس هذا دليلا على النبوة فكتاب سيبويه مثلا مما لا يقدر على مثله عامة الخلق وليس بمعجز إذ كان ليس مختصا بالأنبياء بل هو موجود لغيرهم .
وقال في مجموع الفتاوى : كذلك النحاة مثل سيبويه الذي ليس في العالم مثل كتابه، وفيه حكمة لسان العرب، لم يتكلف فيه حد الاسم والفاعل ونحو ذلك، كما فعل غيره .
فلا ندري هل نصدق هؤلاء الجهابذة أم نصدق طه الدليمي الذي يفصل بينه وبين سيبويه مئات السنين ,, ومن علم حجة على من لا يعلم .
ومن المضحك : أن الشيخ طه في تسجيل له ينتصر للعربي الكسائي على سيبويه الفارسي في مناظرتهما الشهيرة حول المسألة الزنبورية لكن بالرجوع إلى نسب الكسائي نرى بأن اسمه هكذا :
أبو الحسن علي بن حمزة بن عبدالله بن بهمن بن فيروز الكسائي .
قال الذهبي في السير : الكسائي : الامام، شيخ القراءة والعربية، أبو الحسن علي بن حمزة، بن عبدالله، بن بهمن، بن فيروز الأسدي، مولاهم الكوفي، الملقب بالكسائي لكساء أحرم فيه.تلا على ابن أبي ليلى عرضا، وعلى حمزة .
وحدث عن جعفر الصادق، والأعمش، وسليمان بن أرقم، وجماعة. ..هـ
نقول للشيخ طه : من هو بهمن بن فيروز في أجداد الكسائي وهل العرب تسمي بهمن .
فالفرس لما كانوا كفارا مجوسا كانوا من أراذل الناس .. وعند إسلامهم أصبحوا أمة سنية دافعت عن الإسلام في كل المجالات فهم شافعية وأحناف ولم يعرفوا التشيع إلا في عصور متأخرة ,, وقد تشيعوا بالسيف والسنان على يد إسماعيل الصفوي بعد أن قتل منهم الملايين وبأبشع الصور فأمة قتل منها ملايين حتى تتشيع تلك إذا أمة كانت متمسكة بدينها وسنيتها ,,, وللعلم فإن إسماعيل الصفوي قد استدعى علماء الشيعة العرب من جبل عامل في لبنان مثل الكركي وغيره لنشر التشيع في أوساط الفرس السنة وكما هو معلوم فإن أصل التشيع انبثقت بذوره من العراق وليس من فارس .
فنحن نبغض إيران لأنها شيعية تريد إعادة المجوسية وليس لأنها فارسية ,, وأرجوا أن يفقه هذا الشيخ طه .
ثانيا : الشيخ طه وصحيح البخاري
قال الإمام الذهبي - رحمه الله - في السير : «فوالله ، لولا الحُفّاظُ الأكابر، لخطبت الزَّنادقةُ على المنابر». هـ
قال الشيخ طه الدليمي :
وضعوا أحاديث وهذه الأحاديث بعضها تسرب إلى الصحيحين والقول أن كل ما في البخاري ومسلم صحيح هذا قول منقوض يناقض الإيمان يناقض معجزة حفظ القرآن,, البخاري ومسلم بشر يخطئون ويصيبون .. فلابد فيما يروون خطأ ..هـ
بداية نقول للشيخ طه بما أنك أصلت أن هذا التأصيل فما هو المانع بأن يكون كلامك خطأ كذلك لأنك بشر تخطئ وتصيب ,, ونرد عليك بهذا الأسلوب لأنك ألقيت الكلام هكذا على عواهنه دون تحقيق ولا حجة ولم تبين مواضع الخطأ في البخاري ومسلم وأين تكون وماهي حجتك في الحكم على الخطأ ,, فما تفوهت به لا يمت إلى المنهج العلمي بأي صلة .
ثم من هو الذي يحدد الخطأ من الصواب إن وجد في هذه الكتب وماهي أصول العلم وقواعده التي يستخدمها ..؟؟
هكذا يقرر الشيخ طه أنهم وضعوا أحاديث وبعض هذه الأحاديث تسرب إلى الصحيحين ,, وكأن هذه الأمة سبهللة وتفتقر إلى حراس للدين الأكابر كما يقول الذهبي ,, وهذا يشابه ما حصل لليهود والنصارى في تحريف دينهم .
وكأن الإمام البخاري الذي لقبه تلميذه مسلم "بأستاذ الأستاذين" بهذه السذاجة ليتسرب إلى كتابه ما هب ودب من الأحاديث وهو الذي قضى ستة عشر عاما في تأليفه وكان رحمه الله يعيد كتابة مؤلفاته ثلاث مرات وقد أخذه عنه أهل العلم كابرا عن كابر,, ونخلوا كتابه نخلا وأقروا له بالصحة والإمامة .
هذه الأمة ليست بساذجة يا شيخ طه فقد كانوا يسبرون مدخل الرجل ومخرجه وشيوخه وتلامذته والبلدان التي تحمل فيها الحديث وأين وفي أي وقت أدى الحديث, وان اختلط من روى عنه قبل الاختلاط ومن روى عنه بعده في عملية معقدة هي بحق فخر لأهل السنة والجماعة في حفظ سنة النبي صلى الله عليه فالحفظ يشمل الكتاب والسنة .
قال شعبة بن الحجاج : كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال حدثنا كتبت وإذا لم يقل لم أكتب .
فالذي يتابع فم الراوي هل يمر عليه حديثا كذبا أو موضوعا ..؟؟؟
نقول للشيخ طه : لا يمكن أن يمر خطأ على الأمة جميعها ولا تنتبه له هذا غير ممكن ولا تجتمع الأمة على ضلالة , وليس هذا مكان تفصيل ذلك .
ونحن نقول أيضا أن لا عصمة للبخاري ولا لمسلم ولا لغيرهم من البشر عدا الانبياء عليهم الصلاة والسلام .
لكن غير المعصومين من البشر من الممكن أن يتقنوا شيئا أو يجانبوا الصواب في شيء آخر فالنجار مثلا من الممكن أن يتقن عمل سرير أو دولاب ويخطأ في آخر وهكذا قس على بقية الأشياء .
فالبخاري رحمه الله أتقن صحيح البخاري وربما أخطأ في شيء آخر ..ما هو المانع ..؟؟
وإليك كلام أهل العلم والاختصاص في الحكم على أن كل ما في البخاري صحيح :
نقل السيوطي في التدريب في آخر الكلام على الفائدة الرابعة من مسائل الصحيح عن الحافظ ابن نصر السجزي أنه قال : ((أجمع الفقهاء وغيرهم أن رجلاً لو حلف بالطلاق أن جميع ما في البخاري صحيح قال رسول الله لا شك فيه لم يحنث)) انتهى .
ونقل عن إمام الحرمين أنه قال: لو حلف بطلاق زوجته أن ما في الصحيحين من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته بالطلاق.
وذكر الإسفرائيني إجماع أهل الصنعة على القطع بصحة ما في الصحيحين .
يقول الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: جميع ما حكم مسلم رحمه الله بصحته في هذا الكتاب (يعني: صحيح مسلم) فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه (يعني: صحيحه)؛ وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول، سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع ..هـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لأن غالبه من هذا النحو، ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق، والأمة لا تجتمع على خطأ، فلو كان الحديث كذبًا في نفس الأمر، والأمة مصدقة له قابلة له لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب، وهذا إجماع على الخطأ، وذلك ممتنع .. هـ
وكلام ابن تيمية هذا هو رد دقيق على دعوى الشيخ طه هذه .
وقال ابن القيم: اعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب: كما ذكره الشيخ أبو عمرو، ومن قبله من العلماء: كالحافظ أبي طاهر السلفي وغيره؛ فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو محصل للعلم، مفيد لليقين ..
وقال النووي في شرح مسلم إنه لا يحنث ظاهرا ولا يستحب له التزام الحنث حتى لا تستحب له الرجعة بخلاف ما إذا حلف على غير الصحيحين فإنه تستحب له الرجعة .
ولو استقصينا هذا الباب من إقرار أهل العلم أن كل ما في البخاري صحيح لطال بنا المقام .
فلا ندري هل نصدق طه الدليمي أم هؤلاء الجهابذة ..!!!
أما ما حصل من بعض أهل العلم مثل الدارقطني وغيره في انتقاد أحاديث في البخاري فهو من باب : أن هذه الأحاديث ليست على شرط البخاري في صحيحه ولكنها في حقيقة الأمر لا تخرج عن الصحيح أو انتقاد أحرف يسيرة ,, أو هي مسائل اجتهادية اختلف فيها أهل الحديث أنفسهم فللبخاري فيها ترجيح ووجهة نظر وغيره له فيها ترجيح آخر والحق فيها مع البخاري ..وهكذا كما بين أهل العلم .
وهذه مسألة يطول ذيلها وليس هذا موضعها ومن أراد الزيادة فليرجع إلى كتب وبحوث ألفت سابقا ولاحقا ناقشت هذا الموضوع المهم وأثبتت أن الحق مع البخاري .
لكن بيت القصيد أن الشيخ طه بطرحه هذا وبهذه الطريقة قد التقى مع أهل البدع الطاعنين في البخاري ومسلم ومنهم الرافضة .
ونكرر هنا أن الاعتراض على طريقة وأسلوب عرض المسائل وليس على حقيقة النقد العلمي الموضوعي الذي سلكه أهل الاختصاص في خوض هذا المضمار .
يضاف إلى ذلك أن هذه الطريقة العشوائية والفوضوية تفقد ثقة أهل السنة بأصول دينهم التي جمعت الأصل الثاني وهو السنة النبوية الشريفة .
ثالثا : تعامل الشيخ طه بطريقة ردة الفعل
ينبغي للمتصدر في الرد على مقالات أهل البدع وأحوالهم أن يتحلى بصفات الحكمة والحلم وأن يكون مؤهلا ومتمكنا من الناحية العلمية ,, كذلك يكون متدثرا بالصبر وسعة الصدر ,, كي لا تكون ردة فعله غير مدروسة وبالتالي يفسد من حيث يظن نفسه يريد الإصلاح ..
كما أن العبارات والمصطلحات المستعملة يجب اختيارها بعناية فلرب مصطلحا صحيحا يفهمه عوام الناس على غير المراد منه ويحصل بذلك شر عظيم ..
وقد جسد نبينا الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه هذه المفاهيم تجسيدا حيا وواقعيا ..
فهذا الرجل الذي قال له اعدل وهي كلمة كبيرة تخدش في مقام النبوة ,, ماذا رد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ..؟؟
في البخاري : أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ (قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ) إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ (إِذَا لَمْ أَعْدِلْ) فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ (أَضْرِبْ) عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ...... الحديث .
وهذا رأس المنافقين عندما قال كلمته الكبيرة لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ قال عمر نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ .
إذن كان تصرف وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم تصرف الحكيم الموفق ,, ونظر عليه الصلاة والسلام إلى مآلات الأمور وعواقبها .
وهذا درس بليغ يجب على المتصدي لأهل البدع أن يعيه فيرد بعلم وعدل وحكمة .
يقول ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (19/238): ونحن نذكر قاعدةً جامعة في هذا الباب، لهم ولسائر الأمة، فنقول لا بدّ أنْ يكون مع الإنسان أصولٌ كلية، يَرد إليها الجزئيات، ليتكلم بعلمٍ وعدل، ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذبٍ وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات ، فيتولد فساد عظيم ..هـ
ومن الكلمات الجامعة : والرفق سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولهذا قيل: ليكن أمرك بالمعروف بمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر هـ
في تسجيل للشيخ طه وقد أخذته سورة الغضب وردة الفعل قال بأنه يكفر بالحسين المظلوم ..
ونحن هنا لا نريد مناقشة صحة هذا القول من خطأه ولكن السامع العامي سواء كان سنيا أم شيعيا ماذا سوف يفهم
..؟؟ هذا بيت القصيد سوف يفهم أن الشيخ طه ضد الحسين إن كان سنيا وأنه يكفر بالحسين إن كان شيعيا ومراعاة مفاهيم الناس ومداركهم وطبقات تفكيرهم أمر مطلوب خاصة اذا كان الخطاب موجه إلى عموم الناس .. فنحن نريد هداية الشيعة ابتداء وليس الانتقام منهم ومن كان منهم عاتيا معتديا فتتم معاقبته مع وجود القدرة ,, وهذا ما جسده ابن عباس رضي الله عنه عندما ذهب إلى الخوارج ليناقشهم فهدى الله على يديه الكثير منهم ..
ربما يسأل سائل ماذا نفعل لإزالة الشبهة : نقول من الممكن الوصول إلى هذا الهدف ولكن ليست بهذه الطرق ..
وماذا يحصل لو أن سنيا أو شيعيا راجع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فوجده يصرح بأن الحسين قتل مظلوما ..
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة 4\550 : وأما مقتل الحسين رضي الله عنه فلا ريب أن قتل مظلوما شهيدا كما قتل أشباهه من المظلومين الشهداء وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك وهو مصيبة أصيب بها المسلمون هـ
يقول الشيخ طه وهو يتكلم عن مقتل عثمان :
المشكلة التي وقع فيها سيدنا علي عندما رضي بالبيعة .. حينما عبرت عليه حيلة القتلة حينما اقنعوه بالبيعة وهو رجل كان قد اجتهد لكنهم تملكوا وكانوا هم أهل القوة .. علي تورط في ورطة علي كان موقفه ضعيف جدا ..هـ
المشكلة في الشيخ طه أنه يجعل من نفسه حكما على أفعال وأعمال الصحابة رضي الله عنهم ، وكما كررنا : كأن الأمة لا تفقه ولا تعرف كيفية التصرف ...!!!
أولا المسلمون هم من بايع عليا ومنهم كبار الصحابة رضي الله عنهم ، في ذلك الوقت مثل طلحة والزبير,, ثم : هل أن عليا رضي الله عنه ، بهذه السذاجة بحيث تعبر عليه حيل القتلة ..؟؟
ويذكر ابن تيمية أن عمر رضي الله عنه قال :"أُبيّ أقرأنا وعلي أقضانا" ...وهل العالم بالقضاء وبشهادة عمر لا يكون إلا ذكيا فقيها فاهما .
يقول الشيخ طه :
يا لثارات عثمان يا أهل السنة اجعلوا هذا شعارا لكم ارفعوه بوجه كل من يقول يا لثارات الحسين ..كل من يقول يا لثارات الحسين قولوا له يا لثارات عثمان ووالله لنجعلنه شعارا في وجه كل مخلوق يقول يا لثارات الحسين اخواني هذه وصية في أعناقكم يا لثارات عثمان ..
لو أنصف التاريخ لجعلها اشجع امرأة خلقت من لدن آدم الى هذا اليوم ..نائلة بنت الفرافصة (نائلة هي زوج عثمان رضي الله عنه )...الخ
هـ
أبدأ بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ولعل فيه غنية : (الرد على أهل البدع من الرافضة وغيرهم إن لم يُقْصَدْ فيه بيان الحق وهدى الخلق ورحمتُهم والإحسانُ إليهم، لم يكن عمله صالحًا، وإذا غلَّظَ في ذم بدعة ومعصية كان قصده بيانَ ما فيها من الفساد ليحذرها العباد، كما في نصوص الوعيد وغيرها، وقد يُهجر الرجل عقوبة وتعزيرًا والمقصود بذلك ردعه وردع أمثاله، للرحمة والإحسان، لا للتشفي والانتقام).ا.هـ من منهاج السنة (5/239)
فالمسلم لا ينطلق في رده على أهل البدع من روح الانتقام والتشفي بل من منطلق رد المنكر أو تقليله أو هداية أصحابه ..
كذلك من الضوابط المتقررة عند أهل السنة والجماعة في رد المنكر ألا يرد المنكر بمنكر فلا ترد البدعة مثلا ببدعة ولا ترد المعصية بمعصية وهكذا فالغاية تقليل المنكر أو إلغاءه ..
قال الشيخ طه وهو يتكلم عن مقتل عثمان على أنه :
كل من يقول يا لثارات الحسين ..كل من يقول يا لثارات الحسين قولوا له يا لثارات عثمان .. هـ
كذلك المتصدر للرد عليه أن لا يحاكي أفعال أهل البدع أي لا تكون مواقفه مرآة عاكسة لأفعالهم لكن بطريقة أخرى ..
وهذا كمثل رجل نصراني قال لمسلم أن المسيح ابن الله وأراد تعظيم المسيح فرد عليه مسلم جاهل لا: محمد هو ابن الله ...!!!
فنحن ننتقد الشيعة لرفعهم شعار : يا لثارات الحسين ونقول هل قتلة الحسين ما زالوا أحياء حتى تثأروا منهم .. ؟؟
وفي المقابل وبنفس المنطق ممن نثأر على قتل عثمان ..؟؟؟ هل قتلة عثمان مازالوا موجودين ..؟؟
وهل هذه وسيلة دعوية صحيحة وهل استعملها السلف الصالح في الانتقام من أعدائهم ..؟؟
قال ابن تيمية: الرد على أهل الباطل لا يكون مستوعِباً إلا إذا اتُبِعت السنةُ من كل الوجوه وإلا فمن وافق السنة من وجه وخالفها من وجه طمع فيه خصومه من الوجه الذي خالف فيه السنة، واحتجوا عليه بما وافقهم عليه من تلك المقدمات المخالفة للسنة...هـ
وهل هذه إلا دعوى للتشفي والانتقام وهل أهل السنة في وضع يمكنهم من هذا الانتقام وقد رمتهم الدنيا عن قوس واحدة وهم من الضعف والهوان ما الله به عليم وقد تنقلب الدائرة على من تبقى منهم ..!!
وقد وضعت كلمة يا لثارات في محرك بحث الموسوعة الشاملة وبحثت في قسم التاريخ والتراجم والطبقات فخرجت لي تسعة نتائج فيها: يا لثارات الحسين ويا لثارات المختار وغيرها ولم تخرج نتيجة واحدة يا لثارات عثمان ذلك أن هذا الأسلوب ليس منطقا لأهل السنة والجماعة ولم ينادوا به ولم يستعملوه .. وهذا ابن تيمية رحمه الله صاحب أول وأقوى موسوعة في الرد على الرافضة ,, هل دعى إلى هذه الدعوى ..؟؟
قد يكون أحد نادى به وقتلة عثمان كانوا على قيد الحياة أما بعد فنائهم فهذا غير موجود ومن عنده دليل فليتحفنا به .. بالرغم من حصول حروب وخطوب مع الرافضة على مر الأزمان ..
عندما اجتمع علماء بغداد مع الإمام أحمد بغية الثورة على الواثق لتبنيه القول بخلق القرآن وقد قتل من العلماء من قتل سواء على يدية أو من سبقه من الخلفاء كالمأمون والمعتصم ..
ماذا أجاب الإمام أحمد الدماء الدماء ولم يوافقهم على هذا الإقتراح ..
نعم نحن نقر الانتقام والقصاص ممن قتل وهجر إخواننا أهل السنة من الرافضة وغيرهم لكن متى يكون هذا ..؟ يكون في حالة التمكين وليس ونحن في حالة من الضعف والهوان كما هو حاصل الآن وبعلم وعدل كذلك وليس تحت غطاء أمثال هذه الدعاوى الغير مدروسة .. !!!
رابعا : طه الدليمي وفلسطين :
يقول الشيخ طه :
الحلو الفلسطيني شيريد يريدك تطعمه وتشربه وتكسيه وتسويله مدارس وتبنيله مدن وتحارب عنه تحارب عنه وهو حاط رجل على رجل وإذا لم تفعل ذلك يسبك ويشتمك ويتهمك بشتى التهم
خطر اسرائيل بإيران لا يذكر ...عملوا بواحد بالمية مما عملته ايران ...
ليش هم الفلسطينيين وقفوا معنا وقفوا مع الفلسطينيين الذين تذبحوا في بغداد وتفرقوا في البلدان
والفلسطينيين مع أعدائنا مع احترامنا للبعض ..
كاعدين ويه إيران ...
هـ
بعد احتلال العراق وما أعقبه من كوارث ونكبات لفلسطينيي العراق على أيدي الروافض ظهر تعاطف معهم على لسان الشيخ طه ..
لكننا لمسنا مؤخرا تغيرا في خطاب الشيخ وتبدلا في المواقف نحو الاتجاه الآخر فبدأت تصدر منه عبارات فيها تنقص من الفلسطينيين عموما وكأنهم لا يكفيهم حرب العالم لهم حتى يأتي الشيخ طه الدليمي فيزيد عليهم الطين بلة ..!!!
وإن كان الشيخ طه يقصد في خطابة هذا "حركة حماس والجهاد" ومن لف لفهم بسبب مدحهم وثنائهم على إيران فليحدد المسيء بإسمة ورسمه ونحن معه قلبا وقالبا بل نحن من يقوم بالرد على هؤلاء الذين يمدحون الروافض ..
لكن ظاهر الأمر أنه خرج عن هذا المضمون وأصبح لسان حاله مناصبة الفلسطينيين العداء والانتقاص منهم بل نبزهم بما ليس فيهم من أنهم يريدون من يلبسهم ويطعمهم ومن ثم يسبونه ويشتمونه إن لم يحارب عنهم ..
ولماذا يتكلم بالعموم أو يشمل العموم في خطابه ..؟؟ وهل هذا منطق وأسلوب البحث العلمي المجرد ..
وما سر هذا التوقيت كذلك في ذم أهل فلسطين ..؟؟
والشيخ طه قد عرف فلسطينيي العراق الذين كانوا في ديرته فهل كانت هذه أخلاقهم وهل كانوا عالة على المجتمع أم شاركوا العراقيين في حلوهم ومرهم ولم يُعرف عنهم خيانة أو نكران لجميل بل كانت آخر المناطق التي سقطت في بغداد عام 2003هي منطقة البلديات التي قصفت بالطائرات الأمريكية حتى استطاعت أرتال القوات الأمريكية من التقدم عبر شرق بغداد ..وصور قصف المجمع موجودة على موقع فلسطينيو العراق
لم يكن فلسطينيو العراق عالة فمنهم الطبيب والمهندس والفني والموظف وكانوا يأكلون بعرق جبينهم وهذا حال كل الفلسطينيين في العالم فليخبرنا الشيخ طه من هم الفلسطينيين الذين يريدون أن يطعمهم العرب ويكسوهم ..؟؟ أهم الملايين الذين يسكنون الأردن وهم مواطنون أردنيون ,, أم فلسطينيي العراق الذين سحقوا بفعل المليشيات الإيرانية أم فلسطينيي سوريا الذين دمرت مخيماتهم أم فلسطينيي لبنان الذين ذاقوا الأمرين من الاجتياحات الصهيونية والمذابح الرافضية والنصرانية .. أم فلسطينيي غزة المحاصرين والمستهدفين ..وكل هؤلاء لا يشكلون ربع الفلسطينيين أو حتى أقل من الربع طبعا عدا فلسطينيي الأردن والبقية الباقية منهم مقيمة إما داخل فلسطين في الضفة ومناطق 48 وإما مقيمة في دول أخرى والحمد لله هم في سعة وكفاية من العيش وينفقون ولا ينفق عليهم والمعروف عن الفلسطيني النشاط والعمل والحيوية وحسن الإدارة ..
هل بعد كل هذا الاضطهاد للفلسطيني في دينه ونفسه وعرضه ومسكنه تأتي أنت يا شيخ طه لتطعن به وتكون في صف من يستهدفه أهكذا تورد الأبل أهكذا تكون المبادئ وقد ذقت أنت طعم التشرد وفراق الأوطان ..
نحن نعترف أن هنالك من الفلسطينيين منحرفين فهم كباقي الشعوب فيهم الجيد والسيء أما وضع الكل في سلة واحدة فهذا يشعر بأن وراء الأكمة م اورائها ...!!!!
ولماذا تشمل الكل بلفظ الفلسطيني وماذا سوف يفهم السامع في وسط خضم هذه الفوضى التي تعم وتطم ,,
ثم ما هو موقفك لو استهدف الفلسطيني في دول الخليج وغيرها من الدول تحت ظل هذه الشعارات التي تتفوه بها أنت وغيرك ..
وكما هو معلوم بأن الشعب الفلسطيني يتعرض هذه الأيام إلى حملة شعواء بسبب رفض القيادة الفلسطينية لما تسمى "صفقة القرن" وهنالك من الدول من تهرول لما يسمى بالتطبيع مع بني يهود فهل هنالك ربط بين موضوع التطبيع وتسقيط الفلسطيني .. هذا هو الظاهر ..
وهل ثمن إحقاق باطل أو إبطال حق لا بد من شيطنة الآخرين ..؟؟
ولو تعامل البعض معك بنفس ميزانك فقال : العراقيون ولائهم لإيران لان نصف العراق شيعة أو قال أحدهم إن البحرينيين أو اللبنانيين عملاء لإيران لا ن فيهم شيعة ...فهل سوف تقبل بهذا المنطق ..؟؟
وكما هو معلوم بأن هنالك جوقة من المطبلين الذين يروجون لمشروع التطبيع وهم أنفسهم من يطعنون بالفلسطيني وهذا الأمر أصبح واضحا ولا يحتاج إلى كبير عناء لاكتشافه فنرجوا منك أيها الشيخ ألا تكون عضوا في هذه الفرقة وإلا فليبين لنا أحد ما سبب هذا التحول وفي هذا الوقت بالذات ..؟؟؟
وهذا ليس رأينا ولا شعورنا بل هو رأي الكثير من الشرفاء الذين تصدوا للمد الرافضي وكانوا ضحاياه ,, وإطلالة منكم يا أيها الشيخ إلى مواقع التواصل لترى مدى استهجان تصريحاتك هذه وإن كان هنالك مؤيدين فلا يعدوا أن يكونوا من المطبلين لمشروع التطبيع أو أنها حسابات تعمل لجهات لها أهداف معينة معروفة ..!!!
يقول الشيخ فاروق الظفيري :
لكن أن يعمم على عموم الشعب الفلسطيني فهو هنا يكذب أكثر من شعر رأسه كذلك نظرته السطحية للصراع العربي الإسرائيلي وخطرهم على الأمة بسبب حقده على الشيعة فقط ..هـ
نحن نقول من يريد أن يطبع مع يهود فهذا شأنه وهذه حساباته ..
لكن لا يتكلم بإسم الفلسطينيين ولا يضع نفسه نائبا عنهم ..
ثم لا يكن ثمن تطبيعه إهانة الشعب الفلسطيني .. أو التقليل من قدسية المسجد الأقصى المبارك ..
إن كانت قضيتك الأولى هي بغداد فهذا شأنك ولا أحد يعترض عليك وكل له الحق في تقديم أولوياته ,, لكن لا يكون ثمن تقديم هذه القضية هو تصغير القضية الأخرى كردة فعل على الآخر الذي صار عنده خلل في تقديم الأولويات ..
وإن كنت يا شيخ قد تأولت بفعلك هذا أنك قد تستطيع استمالة الجهات المطبعة ذات الأموال الطائلة إلى مشروعك وأنهم قد يجدوا حلا لأبناء ملتك .. فثق أنك واهم إن فكرت بهذه الطريقة الساذجة وتكون كمن يشتري السمك في الماء أو الطير في الهواء ..
لأنه أولا وأخيرا : فإن مشروع التشيع هو مشروعا يهوديا نصرانيا بامتياز ,, وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية بأن الرافضة هم حمير اليهود ..
وكيد الرافضة على أهل ملتنا الذي يفوق كيد اليهود عندك بمئة مرة .. إنما هو ثمرة من ثمار اليهود أنفسهم ولا يمكن فك أحدهما عن الآخر ..
فإن تخلى اليهود والنصارى عن تنفسهم الهواء فإنهم سوف يتخلون عن الرافضة فمشاريعهم متداخلة ووجود بعضها يعتمد على وجود الآخر,, كما أن المطبعين أنفسهم لا يملكون من أمرهم شيئا وهذا للعلم ..!!
لقد التقيت يا شيخ مع من تسعى للتصدي لهم ,, فها أنت قد انتقصت من صحيح البخاري وناديت بثارات عثمان وهذه محاكاة لأهل البدع ورجعت لتسفيه الشعب الفلسطيني الذي سُفِكت دماءه على أيدي الرافضة ولو استقصينا لوجدنا غير هذه الأمور ..!!!
نسأل الله الهداية والتوفيق للصواب لنا ولك .
وأخيرا ننصح الشيخ طه الدليمي بأن يصحح منهجيته ويجعل السلف الصالح من الصحابة رضوان الله عليهم ، والتابعين وتابيعهم هم قدوته ويستنير بطريقهم وفقههم وأن ينطلق في أدبياته من مبادئ الإسلام العظيم .
وننصحه بأن يغادر المركب الذي امتطاه ونوصيه وأنفسنا بالصبر والتروي في الأمور فإن النصر مع الصبر .
والله المستعان .
قال تعالى : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [فاطر: 55] .