على الفور ودون مقدمات، أقلعت طائرات أمريكية ومروحيات أباتشي في السابع من شباط الفائت، في مهمة اسناد للقوات الأمريكية وحلفائها، قرب منطقة “خشان” في ريف دير الزور “شرقي الفرات”، لتنفّذ غارات ضد رتل لقوات نظام الأسد وقوات “متعاقدة”، كانت في طريقها لشنّ هجومٍ على النقطة الأمريكية هناك، قتل 200 عنصر من “الفاغنر” الروس، وأكثر من مائة عنصر من قوات النظام وأصيب بمقدارهم، في حين كان رد ثلاث دول من بينها الولايات المتحدة، على استخدام نظام الأسد السلاح الكيميائي ضد السوريين، 120 صاروخاً خلال 50 دقيقة، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون.
لم تغادر الولايات المتحدة الملف السوري منذ بدء الثورة السورية، كما كان يروّج بعض ساسة المعارضة في سوريا، لكنها مع الوقت كانت تزداد وضوحاً في مساعيها الرامية لتعزيز مصالحها في الشرق الأوسط، وخلق أدوات لها تحت الطلب لإدارة الملفات المحليّة، وبحسب المصالح الأمريكية يكون حجم التدخل.
اليوم السبت، يكشف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال “إيغولر كوناشينكوف”، عن وصول المدمرة الأمريكية “The Sullivans” وعلى متنها 56 صاروخاً مجنحاً، تزامناً مع وصول المقاتلة الاستراتيجية الأمريكية “В-1В ” وعلى متنها 24 صاروخاً مجنحاً من طراز “AGM-158 JASSMK” إلى قاعدة العديد الجوية في قطر.
وأضاف “كوناشينكوف” أن الهدف من استقدام هاتين القطعتين هو تنفيذ هجوم جديد، ضد نظام الأسد، بذريعة استخدام النظام الأسلحة الكيميائية في إدلب.
وادّعى المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، أن عناصر وصفها بـ “الإرهابية” ستقوم بارتداء زي القبعات البيض لتقليد عملية إنقاذ مصابين من هجوم كيميائي.
وبين الترويج والاتهام والتكهنات حول ضربة أميركية محتملة لنظام بشار الأسد، حاور “حرية برس” محمد المصطفى الباحث في مركز طوران للدراسات الاستراتيجية.
* ما مدى جديّة التهديدات بضربة أمريكية ضد النظام السوري؟
** إن حدوث ضربة عسكرية أمريكية ليس أمراً محسوماً به، لأنه مشروط حسب التصريحات الامريكية بذريعة استخدام النظام للأسلحة الكيماوية أو البيولوجية.
* لماذا يستبق الروس الإعلان عن ضربة ضد نظام الأسد؟
** التصريح الروسي هدفه التضليل ليس أكثر، ومحاولة ترويج أن النظام السوري مستهدف غربياً، دون مبررات وذرائع حقيقية.
* إذاً ما هي أهداف الروس من الكشف عن ضربة “محتملة”؟
** طبعا للروس عدة أهداف من إعلانهم عن ذلك، منها أن الولايات المتحدة تهدف لمعاقبة النظام بتهم مسبقة، دون وجود أي أدلة عليه، وبالتالي تسعى روسيا للطعن بمصداقية الولايات المتحدة في الإجراءات العسكرية التي ستتخذها، فيما لو استخدم نظام الأسد للأسلحة المحرمة، كما تحاول ابتزاز النظام من خلال الإضاءة على دورها في حمايته والتخفيف من آثار الضربات الغربية على بنية النظام، كذلك يسعى الروس للإيهام بأن الولايات المتحدة تأخذ دور المعطل في الملف السوري، وخصوصاً بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها بولتون حول أزمة الموقف الروسي في سورية، بالإضافة للتوصيات التي تقدم بها المبعوث الجديد “جيفري”، كل ذلك يدفع المسؤول الروسي لخلق اتهامات مسبقة، هدفها التضليل والتنصل من جرائم سابقة وربما لاحقة للنظام تحت ذريعة الاستهداف المسبق.
* ماهي تداعيات الضربة المحتملة على تحالفات الروس في الملف السوري؟
** ما يخص التداعيات هو مرتبط بحجم الضربة وأهدافها، كما أنه مرتبط بسماح الروس للنظام باستخدام الأسلحة المحرمة، ومدى قدرتهم على التعويض بالأسلحة التقليدية، لكن على الأغلب الاستراتيجية الروسية ستكون إعلامية أكثر منها عسكرية، في مواجهة أي ضربة عسكرية غربية تهدف لمعاقبة النظام.
* هل من ارتباط بين ما يحصل من تهديد معلن من قبل روسيا واحتمالية فتح معركة للنظام في الشمال المحرر؟
بالتأكيد هناك ارتباط، قائم حسب التطورات الميدانية والسياق العسكري بين الضربات المُحتملة حسب توقع الروس، وبين فتح معركة إدلب، من حيث أن أي استخدام للأسلحة المحرمة سيكون ضمن مجريات هذه المعركة، وليس في مكان آخر لأسباب طبعا مرتبطة بصعوبة الحسم، فيما لو خاضها بالأسلحة التقليدية أو بالحد الأدنى ستكون مكلفة وطويلة.
المصدر : حرية برس
15/12/1439
26/8/2018