كتاب أميركي يروي قصة «اتصالات» إيران مع أميركا وإسرائيل بعد غزو العراق..
طهران عرضت «صفقة كبرى» رفضها المحافظون الجدد والليكود
المختصر/ 10/7/2007م
في المرحلة الأولى من الغزو الأميركي للعراق في آذار (مارس) 2003، جرت حركة اتصالات استثنائية بين إيران والولايات المتحدة من جهة، وإيران وإسرائيل من جهة ثانية. وتناولت هذه الاتصالات البحث في «صفقة كبرى» عرضتها طهران ورفضتها واشنطن، رغم أنها اقترحت فيها نزع سلاح «حزب الله» ودعم المبادرة العربية للسلام والتعاون في الحرب على الإرهاب. هذه أهم خلاصة من كتاب ينشر في الولايات المتحدة قريبا.
قنوات الاتصال السرية في المثلث الأميركي - الإيراني - الإسرائيلي، وتفاصيل «مؤتمر أثينا» العام 2003، والذي بدأ أكاديميا وتحول منبرا للتفاوض غير المباشر بين تل أبيب وطهران، إلى جانب تفاصيل اجتماعات مسؤولين أميركيين وإيرانيين ووثائق العرض الرسمي من إيران يختزنها كتاب «التحالف الخبيث، أسرار التعاملات بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة»، والمتوقع صدوره عن جامعة ييل المرموقة مطلع الشهر المقبل. ويستند الكتاب إلى 130 مقابلة مع مسؤولين حاليين وسابقين، أجراها المؤلف تريتا بارسي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكينز بين 2001 و2007.
وجاء في الكتاب أن كولن باول وزير الخارجية السابق وضع، بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وبتأييد من نائبه ريتشارد أرميتاج ومستشارة الأمن القومي آنذاك كوندوليزا رايس «رزمة ديبلوماسية تمنح إيران انفتاحا أميركيا في مقابل دعمها في حرب أفغانستان ووقف دعم المجموعات التي تعادي إسرائيل». وهيأت الرزمة لاجتماعات سرية بين دبلوماسيين إيرانيين ومسؤولين في مجلس الأمن القومي الأميركي في تشرين الأول (أكتوبر) 2001 في باريس وجنيف، قادها مبعوث إدارة بوش لدى أفغانستان جيمس دوبنز بدعم مباشر من باول. ووصلت الاتصالات إلى مستوى وزارتي الخارجية، لمناسبة مؤتمر بون في ألمانيا في كانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته حول أفغانستان، والذي شارك فيه عن إيران المندوب السابق لدى الأمم المتحدة جواد ظريف، وعن أميركا السفير الموفد السابق إلى أفغانستان زلماي خليل زاد والسفير السابق لدى أفغانستان ريان كروكر الذي حاول بحسب الكتاب فتح الموضوع النووي مع ظريف الذي «لم يكن يحمل تعليمات في هذا الصدد من القيادة الإيرانية». غير أن اجتماعات عقدها أركان من المحافظين الجدد، بينهم مايكل ليدين، مع معارضين إيرانيين في ألمانيا أبرزهم منوشهر غوربنيفار، واصرار حكومة أرييل شارون على «عبث» محاولات تغيير التصرف الإيراني، وإعلان إسرائيل أن أسلحة تنقلها الباخرة «كارين» مرسلة من إيران إلى الفلسطينيين، كل ذلك أطاح جهود باول، ومهد إلى إدخال إيران ضمن دول «محور الشر».
ويروي الكتاب انه بعد إسقاط النظام العراقي السابق، في آخر نيسان (أبريل) 2003 وقبل أيام من خطاب «انجاز المهمة» لبوش في أول أيار (مايو)، وضع الإيرانيون مسودة «صفقة كبرى» لواشنطن أعدها سفير طهران لدى فرنسا آنذاك صادق خرازي وظريف، ووافق عليها آية الله خامنئي. كما استشار الإيرانيون فيها السفير السويسري في طهران تيم غولدمان الذي يعتبر «الوسيط التقليدي» بين البلدين.
وعرض الإيرانيون، في الصفقة، وقف الدعم لـ «حماس» و «الجهاد الإسلامي» والمساعدة في تحويل «حزب الله» إلى «حزب سياسي فقط داخل لبنان»، والتعاون لمكافحة «القاعدة»، وفتح المنشآت النووية الإيرانية أمام المفتشين الدوليين وتأكيد الطابع السلمي لنشاطها. وتضمنت الصفقة أيضاً قبولاً وتبنياً واضحاً لمبادرة السلام العربية لحل النزاع العربي - الإسرائيلي. في المقابل طالبت طهران بإنهاء العقوبات الاقتصادية بالكامل، واحترام «المصالح الإيرانية في العراق» و «الروابط الدينية في النجف وكربلاء»، والسماح لإيران بتكنولوجيا نووية سلمية وملاحقة جماعة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة. واقترح الجانب الإيراني عقد اجتماعات في باريس لمناقشة العرض.
وسلم النائب الجمهوري السابق بوب ناي، الذي يتقن الفارسية وعمل في طهران قبل الثورة، العرض إلى البيت الأبيض، وبواسطة أقرب مستشاري بوش السابقين، كارل روف. وحاول كل من رايس وباول وأرميتاج العمل على إقناع بوش بالرد على المبادرة. لكن نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد تحفظا عنها بشدة، وبحجة «رفض الحديث مع الشر».
ويقول الكاتب إن اتصالات إيرانية - إسرائيلية جرت، في مؤتمر أكاديمي استضافته أثينا قبل أسابيع من تسليم غولدمان نص العرض لناي، وان الجانب الإيراني كرر خلالها العرض نفسه. وينقل عن مسؤولين إسرائيليين «أن الرسالة هي نفسها التي نقلها ممثلون رسميون وغير رسميين من طهران في اجتماعات أخرى». ويخلص الكاتب إلى أن هذا العرض لم يلق أي رد نظراً إلى اقتناع واشنطن بإمكان حشر إيران واستثمار الانتصار في العراق، ووجود ليكود في الحكم في إسرائيل والمحافظين الجدد في البيت الأبيض.