أهل السنة في إيران و الإخوان
حسن الرشيدي
ISTRATIGI@HOTMAIL.COM
في حديث لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية صرح عصام العريان القيادي في جماعة الإخوان المسلمين : أن الجماعة أيدت الثورة الإسلامية في إيران منذ اندلاعها عام 1979 لأنها قامت ضد نظام حكمي الشاه رضا بهلوي الذي كان منحازاً للعدو الصهيوني ونفى العريان أن يكون السنة في إيران مضطهدين قائلاً لقد تم تخصيص قطعة أرض كبيرة هناك لبناء مسجد كبير لأهل السنة وهم يجمعون تبرعات حالياً لبنائه.وشدد العريان على أن الجماعة تدعو دائماً إلى تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية والقضاء على الفتن حتى تتفرغ الأمة لمواجهة الخطر المشترك الذي يهددها والمتمثل في العدو الصهيوني.
أما كلام كمال الهلباوي الأمين العام الأسبق للتنظيم العالمي للإخوان في الغرب فقد كان أكثر غرابة فقد ذكر في اتصال هاتفي أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط إن الإخوان يقفون مع إيران في المواقف العادلة فقط ولا يمكن أن نقف مع إيران في موقف غير عادل وأوضح الهلباوي مستشار مركز دراسة الحضارات العالمي في لندن إن الاتهام باطل من أساسه ولا أظن أن إخوان إيران يتعرضون لمشاكل أو اضطهاد بسبب إخوانيتهم وتساءل الهلباوي أين الإخوان وباقي الحركات الإسلامية مما يحدث في فلسطين بين حماس وفتح والطرفين من أبناء السنة المحمدية لذلك يجب على الناس أن تتعايش وتقدم المصلحة العليا ولا تستمع إلى أصوات الفتن. أما موقف الإخوان المسلمين كهيئة وتنظيم فهو معروف وهو أننا نساند المظلوم دائما ونقف بجوار الضعيف ونؤمن أن الإسلام واحد والاختلاف ليس في الأصول وإنما في الفروع وهذا شيء موجود في الإسلام منذ بداية الرسالة المحمدية.
و كانت تقارير صحافية قد ذكرت أن إخوان إيران جمدوا عضويتهم في التنظيم الدولي للإخوان وقرروا مقاطعته احتجاجاً ما اعتبروه ولاء إخوان مصر للنظام الإيراني على حساب مصالح أهل السنة ومعاناتهم في إيران.
وأشارت التقارير إلى إن عبد الرحمن بيراني مرشد الإخوان في إيران أبلغ جماعة إخوان مصر استياءه الشديد من مناصرتها للنظام الإيراني الذي لا يزال يطارد أهل السنة.
موقف جماعة الإخوان المسلمين من قضية ما يحدث بين أهل السنة و الجماعة الذين هم عموم الأمة و بين أحد الفرق الخارجة عنهم و هم الشيعة ملتبس إلى حد كبير .
فلا نستطيع أن نقول أن موقف جماعة الإخوان المسلمين مؤيد للشيعة مثلا كما لا نستطيع أن نقول موقفهم أنه ضد أهل السنة و لا نقول أيضا أنهم على الحياد و لنقرأ واقعهم جيدا .
فإخوان سوريا - قبل أيام من نشر التقارير التي تحدثت عن اضطهاد إخوان إيران و ما أعقبها من تصريحات العريان و الهلباوي - يحذرون على لسان المرشد العام للإخوان المسلمين في سورية والمقيم في المنفى علي صدر الدين البيانوني من المد الشيعي في البلاد السنية معربا عن تخوفه من البرنامج النووي الإيراني مطالبا الساسة الإيرانيين بانتزاع هذا الخوف.
و إخوان لبنان ممثلون في الجماعة الإسلامية بزعامة الشيخ فيصل مولوي كان لهم موقف قوي من حزب الله أثناء اجتياحه الشهير لبيروت في السابع من مايو الماضي و أدانوا هذا الاجتياح و اعتبروا أن أهل السنة في لبنان مستهدفون من الشيعة في لبنان و واعتبر أن سلاح حزب الله أصبح في خدمة مشاريع داخلية مذهبية أو سياسية.
و إخوان إيران قد تقدم موقفهم حيث نقلت صحيفة الزمان العراقية عن مصادر قالت إنها مقربة من قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان لم تسمها أن إخوان إيران بزعامة عبد الرحمن بيراني اتخذوا قرارا بمقاطعة التنظيم الدولي للإخوان علي خلفية مساندته النظام الإيراني في أكثر من مناسبة.وأضافت تلك المصادر إن بيراني قد أبلغ عددا من قيادات الإخوان استياءه الشديد لمناصرة الإخوان في مصر وقيادات التنظيم الدولي للنظام الإيراني الذي لا يزال يصر علي مطاردة إخوان إيران والتنكيل بهم باعتبارهم جزءا من السنة في إيران الذين ترفض الحكومة الإيرانية بناء مساجد لهم أو إعطاءهم حقوقهم أو مساواتهم بغيرهم من مواطني إيران.وبيراني (54 عاماً) هو أكاديمي قانوني سني كردي ولد في كرمشان بإيران ويقود الجماعة التي تنادي بحقوق للسنة في إيران ويبدو أنه قد تشجع على اتخاذ موقف كهذا بعد اعتراض الشيخ القرضاوي أحد أبرز منظري الجماعة المعاصرين على أوضاع السنة في إيران ما أوجد تياراً داخل التنظيم يؤيد خطوته وقد يكون بيراني نفسه ممن تأثروا بموقف القرضاوي لاعتباره عضواً في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ القرضاوي.
و قد سبق لإخوان إيران و هم تحت اسم جماعة الدعوة والإصلاح إصدار بيان في عام 2005 و عشية الانتخابات الرئاسية الإيرانية يطالبون فيه الحكومة الإيرانية بضرورة تطبيق العدالة ورفع جميع أشكال التمييز المذهبي والقومي الذي يمارس ضد أهل السنة الذين يشكلون نسبة 15% من مجموع السكان في إيران الذين يتجاوز عددهم الستون مليون نسمة أغلبهم من أعراق ولغات مختلفة.
وقالت الجماعة في بيانها حينذاك و بالحرف الواحد إنه على الرغم من أن الثورة مديونة لتضحيات جميع أبناء الشعب الإيراني بمن فيهم أهل السنة إلا أن حدوث عدد من التحولات الغير بناءة التي رافقت قيام الجمهورية والتي طغى عليها الطابع المذهبي قد خيبت آمال الإيرانيين من أهل السنة وأضاعت فرحتهم وحولت آمالهم إلى اليأس والتعاسة ولكنهم صبروا على ذلك على أمل أن تنقشع هذه الظلمة بعد أن تستقر الأوضاع وتزول الآثار التي خلفتها الأحداث التي مرت بها البلاد ومنها آثار الحرب وغيرها ألا إنه وعلى الرغم من انتهاء تلك الحقبة ودخول البلاد في مرحلة الاعمار والتنمية فما زال الوضع على ما هو عليه وها هي النخب من أهل السنة تعيش إما في السجون أو المنفي فيما بعضهم الآخر يموت بطرق وحوادث مشكوكة.
و إخوان العراق ممثلون في الحزب الإسلامي لهم مواقف واضحة في التنديد بالتدخلات الإيرانية في العراق و بالمجازر التي يقوم بها الشيعة ضد أهل السنة .
أما إخوان الأردن و مصر فمواقفهم واضحة تأييدا لإيران بصفة عامة و حزب الله بشكل خاص و يأتي موقف العريان و الهلباوي الأخير كتتويج لهذا الموقف لكن الأغرب في هذا الموضوع هو طبيعة استدلالاتهما لتبرير هذا الموقف فالعريان ينفي بشكل قاطع أن يكون لأهل السنة مضطهدين ألم يبلغه الحديث المتواتر عن أحوال أهل السنة في إيران و من بينهم الإخوان الذين سبق لهم و في عام 2005 أصدروا بينا ذكرناه في السابق ينددون بهذا التمييز أم لم يبلغه هذا البيان ؟ أم لم يبلغه أيضا أنه في نفس يوم صدور ما نسب إلى إخوان إيران من تذمرهم من موقف الإخوان في مصر من إيران اغتالت عناصر منسوبة إلى الاستخبارات الإيرانية في مدينة سروان أحمد كبار علماء أهل السنة وهو مولوي شيخ علي دهواري رجل الدين الذي ينتمي إلى أهل السنة بالرصاص أمام مسجده يوم الاثنين في محافظة سيستان ــ بلوشستان في جنوب شرق إيران حيث يشرف على مجمع الإمام البخاري العلمي في المدينة وذكرت صحيفة جمهوري إسلامي الإيرانية المحافظة أن شخصين مجهولين يقودان دراجة نارية أطلقا النار على العالم السني عقب خروجه من المسجد ولاذوا بالفرار.
أما كلام الهلباوي فكان الأعجب فإيران تضطهد الإخوان ليس بسبب إخوانيتهم ! و لم يذكر لنا الهلباوي عن السبب في اضطهاد هؤلاء الإخوان ...هل بسبب عقيدتهم السنية و على هذا لا يهتم الإخوان إلا إذا كان الاضطهاد بسبب انتماءهم إلى الإخوان أما العقيدة فلها رب يحميها!