صفقة وراء الانقلاب الأمريكي على نووي إيران!
عمر نجيب
فاجأت هيئات الاستخبارات الأمريكية بفروعها الـ16 العالم بإعلانها يوم الاثنين في تقرير رسمي أن إيران جمدت منذ سنة 2003 برنامجها العسكري النووي، وانه لن يمكنها صناعة قنبلة نووية قبل سنة 2015.
وقد أثار التقرير ضجة في الداخل الأمريكي وخارجه، وطرح الكثير من المحللين تساؤلات حول خفايا تقرير "يبرئ" طهران من اتهامات كثيرة ومتعددة وجهها الرئيس بوش والوزيرة رايس وغيرهما من صقور المحافظين الجدد، كما ينسف تقريرا سابقا وضعته نفس الأجهزة الأمريكية سنة 2005 وذكرت فيه أن "إيران تواصل السعي لإنتاج وتطوير أسلحة نووية، رغم العقوبات والضغوط الدولية التي تتعرض لها".
الكثير من المراقبين أشاروا إلى أنه من المعروف أن الأجهزة الأمنية الأمريكية تصنع التقارير المزيفة والكاذبة لتسمح لإدارة البيت الأبيض بتمرير مخططاته.
للتغطية ولتبرير الانقلاب في موقف واشنطن ذكر مستشار الأمن الوطني ستيفن هادلى "لا أظن أننا أخطأنا بشأن ما كانت "إيران" تقوم به أو حول نواياها.
مخاوفنا هو أنهم كانوا يسعون لسلاح نووي وتراجعوا نتيجة ضغوط دولية متزايدة تعرضت لها طهران آنذاك".
غير أن رئيس شبكة الأمن الوطني راند بيرز قال إن التقرير يفتح الباب واسعا أمام الفرص الدبلوماسية مضيفا "هذا التقرير يبين فرصة ملائمة للسياسة الأمريكية من أجل الالتزام بمصالح مشتركة مع إيران عبر الشرق الأوسط. أي شيء أدنى من هذا سيعتبر فرصة ضائعة".
من جهته أوضح غارى سيك، مستشار سابق في الشؤون الإيرانية في مجلس الأمن الوطني الأمريكي خلال إدارات الرؤساء الأمريكيين السابقين، جيرالد فورد وجيمى كارتر ورونالد ريغان، أن الموقف الجديد إزاء إيران جاء من العدم، موضحا "كان فعلا غير متوقع" مشيرا إلى استعداد وانفتاح إيران إزاء بحث المسألة النووية.
ما تبع الكشف عن تقرير المخابرات من جعجعة في البيت الأبيض لم يكن أكثر من مناورة لإثبات الذات من طرف الرئيس الأمريكي الذي تحدث عن استمرار الخطر الإيراني مع إقراره في نفس الوقت أن "اكتشافاً كبيرا" حصل في أغسطس يقف وراء تحول موقف الاستخبارات الأمريكية المفاجئ من سياسة إيران النووية. وقال بوش "اعتقد أن أجهزة الاستخبارات حققت اكتشافا كبيرا. لقد درسنا هذا الاكتشاف وأصبح ذلك يدخل في حسابات سياستنا".
ولإعطاء مزيد من المصداقية لما يخطط له البيت الأبيض ونفي ما أكده بعض المراقبين عن وجود صفقة سعي زلماي خليل زاد في تحرك مسرحي للترويج لمشروع قرار جديد في مجلس الأمن ضد طهران لا يبدو أن أحداً يشارك الأمريكيين في الحماسة له، حتى من ضمن الحلفاء في مجموعة الخمس زائد واحد.
عدد كبير من المحللين مالوا إلى نظرية الصفقة، وذكروا إن التقرير هو نوع من الاعتذار وخطب الود من جانب الاستخبارات الأمريكية لنظيرتها الإيرانية على المجهود القوى الذي تقوم به في العراق وعلى الدرجة القصوى من التنسيق الأمني في مواجهة المقاومة العراقية وإثارة النعرات الطائفية وتغذية الحرب الأهلية والإشراف على توجيه فرق الموت، كما أشاروا إلى أن التقرير يأتي قبل أيام من جولة المفاوضات الرابعة بين واشنطن وطهران حول العراق.
ويضيف هؤلاء إن التقرير يبرئ طهران من الاتهامات ويجعل موقفها الدولي قويا ومتماسكا ويعطيها الحجة لتتحدى، ويأتي ثمنا لوقوفها القوى إلى جانب الإدارة الأمريكية في "الحرب على الإرهاب" من أفغانستان إلى العراق، ويذكرون أن طهران كثيرا ما تؤكد أنه لولاها ما وصل الأمريكيون إلى قلب بغداد ولا اقتحموا كابول.. وأقل ما تقدمه واشنطن لطهران أن تبرئها ولو إلى حين.
بعض المراقبين أعطوا تفسيرا آخر للانقلاب الأمريكي وهو أن الاستخبارات الأمريكية تغسل أيديها في هذا التقرير من أي مغامرة عسكرية ضد إيران، وتفتح الباب أمام البيت الأبيض كي يتراجع بهدوء عن مشروع الضربة، غير أن هؤلاء لا يشكلون سوى أقلية