14-11-2013
كشف تقرير نشرته وكالة "رويترز" أنه منذ بدأ الأزمة الاقتصادية الإيرانية سعت مؤسسة "ستاد" التي يقودها الزعيم الديني الإيراني آية الله علي خامنئي ببحث السبل للسيطرة على القوة الاقتصادية في البلاد.
و بناءا على تعليمات المرشد الإيراني جمعت تلك المؤسسة مليارات الدولارات من العقارات التي يتم سلبها من المواطنين، و بعد دراسات معمقة بدأت المؤسسة بتشكيل مؤسسات إقتصادية عملاقة متعددة الانشطة مثل المؤسسة الكورية و اليابانية و الأمريكية.
ويقول أشرف أفخمي وهو مسؤول كبير في الوحدة التي تشرف على استثمارات "ستاد" المالية اختارت الهيئة المرشح المثالي لصنع بطل وطني إيراني وهو ستاد نفسها.
وأقدمت الهيئة التابعة لخامنئي على تملك حصة في بنك كبير بحلول 2007 وحصة في كبرى شركات الاتصالات الإيرانية في 2009. ومن بين عشرات الاستثمارات الأخرى تملكت شركة قابضة عملاقة في 2010.
وتكشف خارطة هيكلية عنوانها "ستاد في لمحة" أعدتها إحدى شركات "ستاد" في 2010 امتلاكها حصصا في بنوك كبرى وشركات للسمسرة وشركة للتأمين ومحطات كهرباء وشركات للطاقة والبناء ومصفاة لتكرير النفط وشركة للأسمنت ومصنع للمشروبات الغازية.
واليوم باتت أعمال ستاد الواسعة النطاق تتيح للزعيم الأعلى خامنئي مصدرا مستقلا للدخل وقدرة مستقلة على بسط النفوذ برغم تشديد الضغوط الغربية على الاقتصاد الإيراني من خلال العقوبات عملا على وضع نهاية لبرنامج التطوير النووي الذي يسيطر عليه.
وفي (يوليو) 2010 أدرج الاتحاد الأوروبي محمد مخبر رئيس "ستاد" في قائمة الكيانات والأفراد الخاضعين للعقوبات الأوروبية لمزاعم ضلوعهم في "أنشطة نووية أو صاروخية". وبعد ذلك بسنتين رفعته من القائمة.
وفي (يونيو) أدرجت وزارة الخزانة الأميركية "ستاد" و37 شركة "تشرف عليها" الهيئة في قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات الأميركية. ولم يرد اسم خامنئي في الإعلان لكن مسؤولا في وزارة الخزانة أبلغ إحدى لجان مجلس الشيوخ لاحقا بأن ستاد يسيطر عليها مكتب الزعيم الأعلى.
وعندما سألت "رويترز" بعض المسؤولين الأميركيين لماذا لم يستهدف خامنئي نفسه أجابوا بأنهم لا يريدون منح مزيد من الحجج للمسؤولين الإيرانيين الذين يرددون أن هدف واشنطن النهائي هو الضغط على إيران بالعقوبات حتى تسقط الحكومة.
وكان منشأ ستاد بمرسوما من فقرتين أصدره الزعيم الأعلى الراحل أية الله روح الله الخميني قبيل وفاته عام 1989.وطلب ذلك المرسوم من اثنين من المساعدين بيع وإدارة العقارات التي يفترض أن مالكيها تركوها خلال سنوات الفوضى التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979 وتوجيه جانب كبير من العائد للأعمال الخيرية. لكن ذلك المرسوم أوجد في نهاية الأمر مؤسسة جديدة اسمها الكامل باللغة الفارسية "ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام" أو هيئة تنفيذ أوامر الإمام.
وأفاد أحد مؤسسي "ستاد" بأن المقصود لها كان أن تستمر عامين. لكنها ظلت تعمل تحت سيطرة خامنئي وكونت محفظة عملاقة من العقارات من خلال الادعاء أمام المحاكم الإيرانية زورا في بعض الأحيان أن العقارات تركها مالكوها. وواقع الأمر أن كثيرا منها صودر من أبناء أقليات دينية وأصحاب أعمال وإيرانيين يقيمون في الخارج.
وقالت "رويترز" إنها تمكنت من تحديد ممتلكات عقارية واستثمارات في الشركات وغيرها من الأصول تحت سيطرة "ستاد" قيمتها 95 مليار دولار تقريبا. ويستند هذا التقدير إلى تصريحات مسؤولي "ستاد" وبيانات من سوق طهران للأسهم ومواقع الشركات ومعلومات من وزارة الخزانة الأميركية.
وقرابة 52 مليار دولار من هذا المبلغ في صورة عقارات إذ صرح رئيس إدارة العقارات في "ستاد" في مؤتمر صحافي في 2008 بأن الوحدة العقارية في الهيئة تساوي هذا المبلغ. ويحتمل أن يكون هذا الرقم زاد أو نقص منذ ذلك الحين لأن محتوى محفظة العقارات يتغير. بالإضافة إلى ملكيات في الشركات تقدر بنحو 43 مليار دولار أو أكثر.
وقدرت وزارة الخزانة الأميركية قيمة شركة "ري" للاستثمار التي تسيطر عليها ستاد بمبلغ 40 مليار دولار تقريبا في 2010 وهي السنة التي سيطرت "ستاد" فيها على الشركة.
وقال موظف سابق في "ستاد" إن خامنئي يعين مجلس إدارتها لكنه ينيب آخرين في إدارة الهيئة. وأضاف أن ما يهم الزعيم الأعلى في المقام الأول هو أرباحها السنوية التي يستخدمها في تمويل جهازه البيروقراطي.
ويقول أشخاص مطلعون على أنشطة الهيئة إنها اشترت حصصا من السوق المفتوحة ومارست ضغوطا على بعض المستثمرين كي يبيعوها أسهما. وفي حالة واحدة على الأقل صودرت أسهم تسيطر عليها ستاد الآن من مالكيها الأصليين.
وأبلغت شيرين رقابي وهي مدرسة تقيم الآن في كاليفورنيا "رويترز" أنها كانت من كبار حملة الأسهم في شركة "فارس وخوزستان للأسمنت" التي تقول في موقعها على الإنترنت إنها كبرى شركات الأسمنت الإيرانية. وأضافت رقابي أن الأسهم التي كانت قد اشترتها قبل ثورة 1979 بعدة سنوات صودرت قبل ما يزيد على 20 عاما.
وقال زوجها المحامي روس كيه. رقابي إنه علم عندما بحث المسألة قبل بضع سنوات أن الأسهم صادرتها مؤسسة تدعى بونياد مستضعفان لكن ملكيتها نقلت بعد ذلك إلى شركة أخرى مرتبطة بـ"ستاد". ويقدر قيمة الأسهم الحالية بما يقرب من 100 مليون دولار.
وفي ذلك الوقت كانت "ستاد" تخطو إلى القطاع المصرفي. وكان البنك الفارسي بدأ العمل في 2002 وكان مختلفا عن البنوك الإيرانية الأخرى. فكان يقدم أسعار فائدة أعلى قليلا من أسعار البنوك التي تديرها الحكومة. لكن خلافا للمؤسسات المالية الأخرى التي تحد عادة من حجم قروضها العقارية كان "البنك الفارسي" مستعدا لتمويل 80 في المئة من قيمة العقار الأمر الذي جعل التمويل خيارا حقيقيا لكثير من مشتري المنازل الجدد. وقال موظف سابق في البنك طلب عدم الإفصاح عن اسمه "أصبح بمقدور الناس فعلا شراء منازل."
وكان "البنك الفارسي" غير مألوف بوجه خاص من نواح أخرى إذ كانت قواعد الملبس فيه تتسم باللين فكان الرجال يضعون ربطات العنق والنساء يستعملن مساحيق التجميل وهي أمور ينتقدها المحافظون دينيا في إيران قائلين إنها تساهم في نشر الثقافة الغربية.
وقال الموظف السابق: "كان الناس يحبون أن يأتوا إلى البنك لمجرد مشاهدة العاملين فيه" مضيفا أن البنك كان عند تعيين الموظفين الجدد "يقيم الناس إلى حد بعيد على أساس قدراتهم العقلية والذهنية وليس على أساس صلاتهم".
وبحلول عام 2006 كان "البنك الفارسي" قد فتح ما يزيد على 100 فرع وأضحى أكبر مصرف غير مملوك للدولة في إيران. لكنه بدأ يتعرض لمشاكل.
فقد أفاد أشخاص مطلعون على المسألة بأن محمد شريعة مداري الذي كان عضوا في مجلس إدارة ستاد طلب في عام 2005 من العضو المنتدب لـ"البنك الفارسي" عبد الله طالبي قرضا قدره 44 مليون دولار لمؤسسة يديرها.
ولم يقدم شريعة مداري ضمانات للقرض فرفض طالبي. ومن ناحية أخرى انتقد الرئيس أحمدي نجاد علنا الممارسات التي تتبعها البنوك الخاصة في منح القروض متهما إياها بتقديم قروض ضخمة لعملاء مفضلين. وأفادت بعض وسائل الإعلام الإخبارية بأن أنظاره كانت مصوبة إلى "البنك الفارسي". واستقال طالبي تحت الضغوط من منصب العضو المنتدب في عام 2006 وفي وقت لاحق ترك مجلس إدارة البنك بعد أن اعتبره البنك المركزي الإيراني غير مؤهل لمزاعم مخالفته لقواعده الخاصة بالقروض.
وتغير مجلس إدارة البنك ونظام عمله بعد تصريحات نجاد بفترة قصيرة، ويفيد موقع "البنك الفارسي" على الإنترنت بأن من بين أعضائه الآن عارف نوروزي الذي يقول الموقع إنه عضو أيضا في مجلس إدارة تدبير للاستثمار. وكان نوروزي كذلك رئيس إدارة العقارات في "ستاد" وهي إدارة ضخمة تدير العقارات المصادرة وتبيعها. وكان نوروزي هو الذي قدر في عام 2008 قيمة ممتلكات ستاد العقارية بنحو 52 مليار دولار.
ومع توسع "ستاد" بدأت الهيئة تتطلع بأنظارها خارج إيران. ففي 2010 حاولت وحدة تابعة للهيئة اجتذاب مستثمرين أجانب. وكانت الخارطة الهيكلية المعنونة "ستاد في لمحة" والمكتوبة باللغة الإنجليزية جزءا من عرض أعدته شركة "الكترونيك مبين ايران" وهي شركة للإلكترونيات تملكها ستاد باستخدام برنامج باور بوينت. وكان هدف العرض اجتذاب شريك أجنبي.
وبحلول ذلك الوقت كانت "ستاد" قد اجتذبت الأنظار في الغرب. وتقول وزارة الخزانة الأميركية إن "ستاد" استخدمت عدة شركات سيطرت عليها في عام 2010 في تجاوز العقوبات بما في ذلك تحويل أموال من إيران إلى أوروبا وأفريقيا.
ويستمر توسع "ستاد" في ما يبدو. ففي (مايو) أعلنت مؤسسة "بركة" الخيرية التابعة لها أنها ستدخل "مجالات صيدلية جديدة" من بينها التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو والعلاج بالجينات. وتدير المؤسسة الخيرية وحدة تدعى "شركة بركة للأدوية". ويفيد موقع هذه الوحدة على الإنترنت بأن لها ما يربو على 20 شركة تابعة وحققت مبيعات تزيد على مليار دولار في 2011.
ومن بين الوحدات التابعة لشركة "بركة للأدوية" شركة "إيه تي آي للمستحضرات الطبية". وتصف شركة "بركة للأدوية" "إيه تي آي" بأنها مشروع مشترك بينها وبين شركة سويسرية تدعى ستراجن فارما إس إيه لإنتاج موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم. ويعرض موقع إيه تي آي معلومات بخصوص عدد من منتجات ستراجن التي تقول الشركة الإيرانية إنها حصلت على ترخيص لإنتاجها في إيران.
المصدر : مجلة البيان