أسباب فشل استنساخ “حزب الله”

بواسطة مركز المزماة للدراسات والبحوث قراءة 996
أسباب فشل استنساخ “حزب الله”
أسباب فشل استنساخ “حزب الله”

فتح نجاح إيران في السيطرة على حسن نصر الله وأتباعه شهية قادة النظام الإيراني في استنساخ هذا المخطط في عدد من الدول العربية، بهدف اختراق الشعوب والمجتمعات العربية بأدوات عربية، فسعوا إلى صناعة “حزب الله” آخر في العراق والخليج العربي واليمن، بعد أن خدعتهم سهولة تبعية “حزب الله” اللبناني لهم، فظنوا أن ذلك الأمر سهلا ويسيرا، حتى اصطدمت مخططاتهم بجدار الفشل، بعد أن أهدروا مئات المليارات وورطوا البلاد في مستنقعات حروب إقليمية نشرت الفوضى والدمار في المنطقة، وجعلت الشعوب الإيرانية تتضور جوعا وتعاني من أزمات ومشاكل اقتصادية واجتماعية ومعيشية متنامية، ما دفعها إلى رفع شعار اتركوا “حزب الله” والتفتوا إلى الداخل.

وفي الحقيقة فإن إيران نجحت في اختراق لبنان عن طريق وكيلها الإرهابي “حزب الله” لإنشاء دولة داخل الدولة،  فبالإضافة إلى ميليشيات “حزب الله” المسلحة، قامت المجموعة الإرهابية بحياكة نفسها في النسيج الاجتماعي للبنان، وإنشاء الجمعيات الخيرية وتقديم الخدمات في الجزء الجنوبي من البلاد، هذه المساعدات والخدمات الاجتماعية عززت شعبية “حزب الله” بما يكفي للسماح له بأن يصبح جزءا من الهيكل السياسي اللبناني، ودعمت طهران هذه المخططات بقنوات تلفزيونية وإذاعات ووسائل إعلام مختلفة، والتي من خلالها استطاعت التأثير على الرأي العام اللبناني بما يخدم مصالح الحزب وأجندات إيران.

واستخدمت طهران “حزب الله” كأداة عربية لضرب أمن واستقرار الدول العربية، بعد إعداد مخططات توزيع عناصره في عدد من دول المنطقة الآمنة بهدف تنفيذ عمليات إرهابية، حيث نجح بعضها وفشل أغلبها، وقد تم ضبط العديد أيضا من شبكات التجسس لصالح إيران والتابعة لـ”حزب الله” اللبناني في عدد من الدول العربية وخاصة الخليجية، كما استخدم الحرس الثوري الحزب أيضا كأداة تجارية لتجارته غير المشروعة، كالتهريب وتجارة المخدرات والسلاح والاتجار بالبشر وخاصة النساء.

وحاولت إيران استخدام نموذج “حزب الله” في دول أخرى بعد انتشار الفوضى فيها، عن طريق استخدام أسلوب تقديم الخدمات واللعب على العاطفة الدينية والمتاجرة بالقضية الفلسطينية والترويج لـ"دعم المقاومة ضد قوى الاستكبار"، غير أنها فشلت فشلا ذريعا لأسباب عديدة أهمها:

أولا: أن شعوب المنطقة أصبحت أكثر وعيا وإدراكا بمخاطر "الثورة الخمينية" وسياسات النظام الإيراني التدميرية  في المنطقة، وافتضاح الأهداف الحقيقية من تدخلات النظام الإيراني في دول المنطقة.

ثانيا: دخول إيران في مشاريع ومخططات أكبر من حجمها، في وقت تعاني فيه ميزانيتها من عجز كبير ويتعرض اقتصادها لعقوبات دولية وفساد متفشي يستنزف مقوماته ومكتسباته، ما جعلها تعاني نقصا كبير وتواجه مشاكل كبيرة في تمويل هذه المشاريع الإقليمية، لا سيما أنها تتعرض لعقوبات مصرفية، وأصبح انضمامها إلى مجموعة العمل المالي FATF لمكافحة غسل الأموال و"تمويل الإرهاب"، أمر اضطراري لإنقاذ نفسها من الإنهيار الاقتصادي، وهو ما سيحد من تمويل "الحرس الثوري" لـ”حزب الله” وباقي الجماعات الإرهابية.

ثالثا: اعتماد الدول العربية والإقليمية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر وغيرها، نهجا حاسما تجاه التخريب والإرهاب الإيراني من خلال منع استنساخ “حزب الله” الإرهابي في دول عربية أخرى، لما يشكله ذلك من تهديد للأمن القومي العربي واستقرار المنطقة والعالم بشكل عام.

رابعا: خسارة النظام الإيراني لشرعيته في الداخل وتزايد عزلته في الخارج، وفقدانه لقاعدته الشعبية وهيبته الإقليمية التي اكتسبها بداية حكمه بفضل الخطابات والتصريحات النارية والشعبوية والخادعة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية ونظرية المقاومة والدفاع عن الشعوب المستضعفة … وغيرها من الأفكار الخادعة.

والآن أيقنت طهران أنها قد فشلت في محاولة استنساخ “حزب الله” في دول عربية أخرى، بعد أن أهدرت مئات المليارات من ثروات الشعوب الإيرانية لأجل ذلك، ما جعلها تقبع بين مطرقة السخط الداخلي وسندان العزلة الخارجية، وتحول “حزب الله” إلى نقمة وعبء ثقيل على إيران التي من المتوقع أن تبدأ بسحب يدها عن دعمه وتمويله في المرحلة القادمة.

 

المصدر : مركز المزماة للبحوث والدراسات

12/6/1440

17/2/2019

 



مقالات ذات صلة