مخيم اليرموك.. وتستمر مأساة الحصار

بواسطة هشام منور قراءة 2034
مخيم اليرموك.. وتستمر مأساة الحصار
مخيم اليرموك.. وتستمر مأساة الحصار

هشام منور

26-4-2014

لم تغب أزمة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق, عن الساحة حتى تعود للظهور من جديد، فبعد الصورة المؤثرة التي التقطتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين للشارع الرئيس فيه, وقد تدفق الآلاف للحصول على المساعدات القليلة التي جلبتها الأمم المتحدة، ها هو يعود لصدارة الأخبار في وقت تشتد فيه الهجمة على المعقل الأخير للمعارضة السورية في حمص.

الحديث عن مخيم اليرموك الذي لا يزال محاصراً من قبل الجيش السوري وميليشيا من تسمى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، بعد تحذيرات أطلقتها مفوضة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري أموس, حول كارثة محتومة للسكان الباقين في المخيم وعددهم 18.000 تقريبًا. وتنبع محنة اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك من استمرار حصار قوات الحكومة له, ومنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية للسكان فيه.

هذا الوضع الإنساني المزري دفع السكان إلى تناول الحشائش وما توفر لديهم من مواد قابلة للأكل. فالطعام أو ما تبقى منه نفد من المخيم, ما يعني مواجهة السكان لخطر الجوع. وكان هذا الوضع وراء تحذير منظمات الإغاثة الإنسانية لكارثة "غير مسبوقة في الذاكرة الإنسانية". فلم يتم توزيع أي من الطرود الغذائية للسكان منذ أكثر من 10 أيام, ولا يتوقع سماح القوات السورية لأي شاحنة محملة بالمواد الغذائية من دخول المخيم, وهو وما دفع السكان للبحث عن أي شيء يمكن أكله أو طبخه بالماء. ويقول البعض: إنهم لا يجدون الكثير, حيث يستمر الحصار منذ 18 شهرًا.

لم تسمح الحكومة السورية خلال هذه الفترة إلا لعدد قليل من الشاحنات, ونقلت وسائل الإعلام عن كريس غانيس المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا", أن ما يجري "غير مسبوق في الذاكرة الإنسانية بالنسبة للسكان الذين يحصلون على دعم من الأونروا وسيعانون من الفقر والجوع, وهو بمثابة الصرخة لكي نقوم بالرد". مضيفاً أنه "بدون القيام بعمل هذا ستكون إنسانيتنا محلاً للمساءلة". وأن ما يجري في اليرموك هو "إهانة لنا جميعا، حيث يموت الرجال والنساء والأطفال بسبب نقص المواد الطبية في عاصمة دولة عضو في الأمم المتحدة، وهناك الكثير من الحالات عن سوء التغذية بين الأطفال المولودين حديثًا والناس يلجؤون لأكل طعام الحيوانات".

المخيم الذي كان واحدًا من أعمدة دعم النظام للقضية الفلسطينية تحول الآن إلى ذكرى قديمة, بيوته مدمرة بسبب القصف، ولا يعيش فيه إلا عدد قليل من السكان والمقاتلين التابعين للمعارضة، إضافة لآلاف من المدنيين السوريين الذين لجؤوا للمخيم ويعيشون بين الفلسطينيين، وهم لا يحصلون على المساعدات الغذائية.

وتقول الأمم المتحدة: إنها من أجل منع تعرض السكان للتجويع فهي بحاجة لكي توزع 700 طرد غذائي يوميًا، وفي الوقت الحالي لم تستطع إلا توزيع 100 في اليوم منذ بداية العام الحالي، وفي الأسابيع القليلة الماضية توقف نقل كل المساعدات بسبب رفض النظام ومطالبته للمقاتلين داخل المخيم بالإستسلام. ولم يصل للسكان مساعدات منذ كانون الثاني/ يناير رغم الاتفاق مع الحكومة السورية على السماح بدخول المواد الإنسانية بدون قيود.

ومع تكشف أزمة اليرموك، تظهر وثائق الأمم المتحدة أن نظام الأسد يستخدم سلاح التجويع بشكل منظم, وتؤكد في هذا ما تقوله المعارضة، بحسب وثائق حصلت عليها مجلة "فورين بوليسي" والتي تتابع برنامج الغذاء العالمي في إيصال المساعدات إلى المناطق التي تتعرض للتجويع خلال الشهرين الماضيين، ومنذ صدور قرار مجلس الأمن الذي طالب كافة الأطراف في الحرب بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة. وتظهر أيضًا أن موادّ غذائية وصلت المناطق المحاصرة أكثر مما وصلت إليها قبل صدور القرار، فيما استمرت بقية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بمعاناة نقص في المواد الغذائية، خاصة البلدة القديمة في حمص والتي تتعرض لهجمات وقصف مستمر منذ 6 أشهر أو يزيد.

الحرب في سوريا تتميز بالأرقام المذهلة، ففي العام الرابع منها هناك أكثر من 9 ملايين شخص هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية مستمرة، وهناك 9 ملايين من المشردين في داخل وطنهم، فيما فر مليونان إلى دول الجوار، ويضاف إلى هذه الأرقام أكثر من 150.000 شخص قتلوا منذ اندلاع الحرب التي دمرت معظم مدن البلاد. وخلال الأزمة قامت الأمم المتحدة بتوجيه عدد من النداءات لإغاثة اللاجئين والمشردين السوريين, إلا أن مجلس الأمن لم يكن قادرًا على تشكيل الأحداث بسبب الموقف الروسي الداعم لنظام الأسد وإلى حد قريب الموقف الصيني.

حال مخيم اليرموك واحد من عشرات المخيمات والتجمعات الفلسطينية التي تعرضت للتدمير من قبل النظام السوري وميليشيات محسوبة على الشعب الفلسطيني ولا تمتلك من الرصيد إلا الاسم الذي "تشحذ" عليه خلال مسيرتها التاريخية، والحال أن الفلسطينيين في سوريا تحولوا إلى هائمين على وجوههم في كل أصقاع الأرض، وإلى طلبة لجوء ينافسون السوريين على أبواب السفارات الأجنبية التي باتت تنتقي منهم من تشاء وتقذف إلى البحر حيث شواطئ أوروبا منهم من تشاء، فهل تلتف القيادات الفلسطينية المشغولة بعقد المصالحة والمفاوضات إلى أمور شعبها اللاجئ في سوريا تحديداً وبقية المخيمات الفلسطينية المنتشرة في كل من لبنان وسوريا التي لا تلقى أي اهتمام رسمي أو سياسي أو حتى إنساني؟!

المصدر: فلسطين أون لاين



مقالات ذات صلة