سنة لبنان .. وقود المحرقة السورية الإيرانية

بواسطة حسن الرشيدي قراءة 650

سنة لبنان .. وقود المحرقة السورية الإيرانية

 

حسن الرشيدي

(ما يجري استمرار لما بدأ في بيروت ) ... هذا تصريح للنائب مصباح الأحدب و هو أحد ممثلي مدينة طرابلس في الشمال اللبناني و أدرج الأحدب ما تشهده طرابلس في إطار ما حدث في بيروت مطلع مايو الماضي على يد ما يعرف بحزب الله الذي سيطر عليها إثر مواجهات عسكرية امتدت إلى المناطق الدرزية في الجبل و أسفرت عن مقتل خمسة و ستين شخصا. و أضاف الأحدب من يسمع تصاريح المسئولين من حزب الله يفهم أنهم مستمرين بالعمل للسيطرة على البلد.وكان نواف الموسوي مسئول العلاقات الخارجية في حزب الله قد حذر قبل هذه الأحداث  بيومين من أن  أي محاولة لتركيب وضع في لبنان لطعن المقاومة في ظهرها لن يسمح بها .

وعلى ما يبدو وكما حدث في بيروت تلقى الجيش اللبناني الرسالة فما معنى أن يعلن الجيش أنه سينتشر بعد العصر والمعارك مندلعة من اليوم الذي قبله وهناك قتلى وجرحى. هل الهدف هو إظهار الاشتباكات على أنها بسبب عدم تشكيل الحكومة وبالتالي الضغط من أجل تشكيلها وفقا لرغبات المعارضة وحزب الله؟ إذا كان ذلك هو المقصود فهذا يعني خدمة لانقلاب بيروت حيث تكافأ المعارضة على استخدامها السلاح ضد اللبنانيين.

و يتفق كثير من المراقبين على أن الذي بدأ حوادث طرابلس هم مسلحو الحزب العربي الديمقراطي و هو ميليشيا خاصة بالنصيريين أو العلويين الذين يسكنون ضاحية من ضواحي مدينة طرابلس اللبنانية و في نفس الوقت حليف رئيس لسوريا و حزب الله و بدأ القتال  عندما ألقت عصابة الحزب العربي بالقنابل على مجموعة من الشبان من أهل السنة في طرابلس التي توصف بأنها حاضرة و معقل أهل  السنة في لبنان  و استمرت الاشتباكات التي استخدم فيها العلويون و مناصروهم من الشيعة الأسلحة الثقيلة و الصواريخ التي ليست في حوزة أهل السنة مما نتج عنها خسائر جسيمة لأهل لسنة في الأرواح و الممتلكات و قتل نحو ستة من أهل السنة من المدنيين و تهدمت أو أضررت كثير من المنازل و المحلات مما يشير أن الجانب الآخر كان يتعمد إحداث أكبر خسائر ممكنة لدى الطرف السني .

و مما يؤيد النظريات بالتدخل السوري الإيراني في إشعال طرابلس هو ما أعلنه عبد الغني كبّارة منسق تيار المستقبل في الشمال أن مسلحين تابعين لعمر كرامي استهدفوا الجبل بعد ظهر أمس ومجموعة أخرى من المعارضة رفض تسميتها حاولت ضرب الجبل من جهة القبة وأحبطت محاولتها.

و جدير ذكره أن عمر كرامي هو موال لسوريا و مناصر لها  و محسوب على مؤيديها في لبنان .

بينما اتهم العلويون مجموعات سلفية إسلامية بالاشتراك في ضربهم  و هذا أيضا مما يثير الشكوك في التدخل السوري فمن المعروف أن المخابرات السورية  قد اخترقت بعض التنظيمات السلفية لتوجهها لأغراضها و أقرب  مثال على ذلك فتح الإسلام و صنوها من الجماعات السلفية المخترقة .

و حتى تاريخيا كانت منطقة بعل محسن حيث يتجمع العلويون و باب التبانة حيث يرتكز السنة مثار للحروب و الاقتتال عندما تلوح في الأفق بوادر اشتعال حرب في لبنان و كما يقول المهندس عبد الله البابتي عضو الجماعة الإسلامية الذي عاصر هذه الأحداث وكان عضواً في هيئة التنسيق في المدينة أن المشكلة بين المنطقتين تعود جذورها إلى ما قبل الحرب الأهلية عام 1975. ويتذكر البابتي: كان ثمة رجل اسمه أبو الغضب في تلك الفترة ـ وهو أخ لأبو عربي الذي تزعم منطقة التبانة و بعد ذلك قام بانتفاضة شعبية قبل الحرب الأهلية محتجاً على ارتفاع سعر الكهرباء وبعد تحركه تحولت القصة إلى شيء آخر وجاء من بعده أبو عربي في فترة زمنية كان فيها أهالي باب التبانة الفقراء والثائرين مناصرين للقضية الفلسطينية وياسر عرفات فيما جبل محسن بغالبيته العلوية كان محسوباً على النظام السوري أثناء وجوده في لبنان ومدعوماً وموالياً بشكل أساسي لرفعت الأسد. وطوال الحرب كانت هاتان المنطقتان المدججتان بالسلاح مكاناً متفجراً وصالحاً يمكن إشعاله متى ما أراد الفرقاء لتسجيل أي نصر سياسي. وأهالي المنطقتين قد لا يكونان بالضرورة راغبين بالاقتتال أو التناحر لكن الجهات السياسية المتناقضة التي انتموا إليها كانت قادرة على إشعال الفتنة بين الطرفين متى أرادت ذلك.

والمتأمل في تاريخ لبنان البعيد و القريب يرى أن البعد الإقليمي هو العامل الأهم في أي اقتتال  يجري بين أبنائه و مع توتر أجواء الشرق الأوسط بعد احتلال العراق و اشتعال الصراع بين المحور الإيراني و أذنابه و المحور الأمريكي الإسرائيلي حول اقتسام كعكة العرب  أصحبت لبنان الساحة الأخطر لتصفية الحسابات بين المحورين و إثبات القوة و اللعب بالأوراق .

وبعد اغتيال الحريري الذي اعتبره السنة برغم اختلاف وجهة نظرهم تجاه شخصية الحريري ولكن اعتبروه موجها لنفوذهم و قوتهم في لبنان و توالت الاغتيالات لشخصيات مسيحية عرف عنها معارضتها للوجود السوري و يبدو أن الإستراتجية الإيرانية السورية انتهت إلى أن توجيه الضربات للطائفة السنية يقلل من حجم خسائر المحور الشيعي على المستوى العالمي فاغتيال الشخصيات المسيحية جلب على سورية نقمة أوروبا و نفوذ البابا القوي الداعم لموارنة لبنان فكان السنة هم الطرف الأضعف الذين عبر قتلهم و احتلال مناطقهم يمكن توجيه رسائل قوية للطرف الأمريكي الإسرائيلي و يثبت قدرة المحور الشيعي على قلب حسابات الجميع في المنطقة .

لقد سهلت سوريا و إيران مصالحة الدوحة و مررت انتخاب الرئيس الماروني لتثبت لأوربا و أمريكا جديتها في إيجاد حلول للخلاف مع أمريكا و لكن يبدو أن الولايات المتحدة تريد تنازلات أكبر من إيران التي لا تريد دفع هذا الثمن للإدارة الأمريكية الحالية باعتبار أن عصرها قد انتهى و أفل و أنه من غير المفيد سياسيا إعطاء إدارة بوش مزيد من هذه التنازلات بانتظار مجيء الإدارة الجديدة التي ستقدم لها مزيدا من التنازلات التي تدور حول تقاسم النفوذ الأمريكي الإيراني في العراق .

و في حين يبدو أن أهل السنة في لبنان لا ظهير لهم في العالم العربي السني الذي كان يفترض أن يلجئوا إليه كما أن النزاعات و التشرذم صارا عنوانا رئيسيا ليس لأهل السنة في لبنان فقط و لكن في جميع أنحاء المنطقة العربية و في هذا يقول رفعت علي عيد الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي العلوي و لعلها الكلمة الوحيدة الصادقة التي قالها يقول بأن المقاتلين في باب التبانة هم مجموعات صغيرة متنقلة لا يبدو أن ضبطهم سهل ففي جبل محسن يوجد حزب واحد هو الآمر الناهي. لكن حين ذهب ممثلنا لاجتماع بوجود مسئول مخابرات الجيش وجد عشرين شخصاً يمثلون بعض هذه الجماعات  ويقصد بها الجماعات السنية .

 



مقالات ذات صلة