بعض أصول قواعد اللعبة بين إسرائيل و حزب الله
سؤال يتبادر إلى الذهن دائما لماذا كلما اقترب موعد صفقة ما بين حزب الله و إسرائيل تتوتر الأجواء على الحدود بين الفريقين ؟ فقد أعلن حزب الله في بيان أن وحدة كوماندوس إسرائيلية تقدمت من موقع رويسة العلم في مزارع شبعا المحتلة نحو الجانب اللبناني من الخط الأزرق وبعد دخولها المناطق المحررة وقعت في كمين متقدم وأطلق المقاومون عندها النيران باتجاه القوة الإسرائيلية. ودار اشتباك استمر بعض الوقت. وأحصى المقاومون سقوط إصابات مباشرة في صفوف القوة الإسرائيلية. وأشار حزب الله إلى أنه بعد ذلك حصلت مواجهات بالمدفعية والرشاشات الثقيلة وأن المقاومة أطلقت أكثر من خمسين قذيفة على موقع رويسة العلم ومواقع إسرائيلية أخرى في المنطقة. وأشار إلى أن الإسرائيليين أطلقوا النار بشكل عشوائي في محيط كفرشوبا وأصابوا مزرعة للماشية وجدراناً عدة للدعم وأعمدة التيار الكهربائي. وقال مراسل القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إن قوة من وحدة إيغوز الخاصة التابعة للواء غولاني وقعت في كمين من عبوات ناسفة عدة أثناء عودتها من محاولة لفحص ما كانت خلية لحزب الله قد فعلته في المنطقة أمس الأول. وفور انفجار العبوات فتح حزب الله نيرانا شديدة باتجاه القوة استخدم فيها قذائف الهاون والصواريخ المضادة للدروع الأمر الذي قاد بالنتيجة إلى سقوط القتيل والجرحى الأربعة عشر. وقد واجهت عملية إنقاذ القوة مصاعب كبيرة لأنها جرت تحت النيران. وقد استمر الاشتباك حوالي ثلاث ساعات بعدها فقط تمكنت المروحيات من نقل الجرحى إلى المستشفيات.
وادعى قائد الجبهة الشمالية الجنرال بني غينتس أنه لولا ذلك لكانت الخسائر أكبر في صفوف قواته. وأضاف غينتس أن الوحدة قامت بالتمشيط بحثا عن فعاليات فهمنا أنها تمت في الطرف الآخر ضدنا حول موقع غلاديولا. والخط الأزرق غير محدد على الأرض هناك. كما أن المسافة هي بضع عشرات من الأمتار. وبالفعل كانت نشاطات قواتنا على مقربة من الموقع وهناك أصيب رجالنا. وشدد على أن الخط الأزرق يبعد عشرات الأمتار فقط عن الموقع. وأضاف أنه لو كنا نرغب في العمل شمالي الخط الأزرق لشعر لبنان بذلك جيدا. وتابع إننا عازمون على مواصلة تنفيذ المهمات الدفاعية وهذا الحادث لن يردعنا.
وكانت إسرائيل قد اتهمت حزب الله أمس الأول بإرسال خليتين في محاولة للاقتراب من الموقع وأن القوات الإسرائيلية أطلقت نيرانها عليهما. وقال غينتس، في تعقيبه على العملية، إن حزب الله نفذ في الأيام الأخيرة سلسلة من العمليات ضد الجنود والمدنيين الإسرائيليين في القطاعين الشرقي والغربي من الجبهة. وشدد على أنه برغم مقتل الجندي وإصابة الآخرين، فإن من الجائز أن هذا العمل حال دون حدوث عملية أشد خطراً.
و لكن الأخطر ما جاء في تصريح المراسل العسكري للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي روني دانييل، أن الميل العام هو ميل للتصعيد وأن أحدا لا يعرف أين تتجه الأمور. وادعى أن الجيش الإسرائيلي يبذل جهده من أجل عدم توسيع الجبهة. وقال إن نشاط حزب الله في لبنان وفلسطين لا يمكن احتماله لوقت طويل. وشدد على أن خطر حزب الله يكمن في امتلاكه قدرات إستراتيجية خلقت قوة ردعية. وحدد هذه القدرات بأنها تنتشر على ثلاث دوائر: الأولى، ضيقة ومحاذية للحدود وينتشر فيها أفراد حزب الله بأسلحة خفيفة ومدافع هاون وقاذفات مضادة للدروع. والثانية، وتقع شمالي الأولى، وينشر فيها حزب الله ثلاثة عشر ألف صاروخ من أنواع مختلفة يصل مداها إلى اثنين وعشرين كيلومترا، وهي تهدد المستوطنات الشمالية. ثم الدائرة الثالثة وينشر فيها حوالي خمسمائة صاروخ يبلغ مداها سبعين كيلومترا وأكثر. وتغطي هذه الدائرة منطقة واسعة في إسرائيل الأمر الذي يوفر لحزب الله نوعا من الردع يتيح له العمل في شبعا وغزة والضفة على حد سواء، وهو يعتقد أن هذه المعادلة تحتاج إلى تحطيم وأنه في حال التصعيد ستدفع سوريا ولبنان ثمناً باهظاً. ولكن المراسل السياسي في القناة العاشرة أوضح أن ما يجري هو سيناريو معروف سلفاً. وألمح إلى أن التصعيد جاء أصلاً من الجانب الإسرائيلي. إذن هو سيناريو معروف سلفاً !!! و لكن ما هو أبعاد هذا السيناريو ؟
دائما ورقة التصعيد في جنوب لبنان ذات ثلاث رءوس لا تخرج عن أحدهم : إسرائيل و حزب الله و سوريا .. والتصعيد دائماً في هذه المنطقة المحصورة سياسياً و جغرافياً بين هذه الأطراف الثلاثة يكون هو تنفيس عن احتقان سياسي أو ضغط يعيشه أحد هذه الأطراف و يفرغ طاقته و يستعرض أوراقه و مجال قوته في هذه المنطقة الرخوة نسبياً . سوريا تمر بمأزق كبير غير مرئي تفجير دمشق و اضطرابات الأكراد و ضغوط أمريكية قد تؤدي هذا الشهر إلى فرض عقوبات جديدة عليها و تتحدث مصادر صحفية أن سوريا قامت في الأيام الأخيرة و بشكل سري بسحب عدد من الوحدات العسكرية من لبنان و هذا يفسر سر زيارة قائد الجيش اللبناني مؤخراً إلى سوريا ربما لتنسيق هذه الخطوة و يفسر مراقبون أن التصعيد في جنوب لبنان هو إيعاز سوري لذراعه العسكري و هو حزب الله لإثبات أن الدور السوري يمكنه من قلب الطاولة إذا شاء . و هناك من جانب حزب الله صفقة تبادل الأسرى التي لم يبت فيها شارون بعد برغم الأنباء عن نضوج طبخة التسوية بوساطة ألمانية ويصر حزب الله إتمام الصفقة كما يريد و منها إطلاق سراح سمير القنطار و التي أقسم حسن نصر الله من قبل على إطلاق سراحه و أصبحت مصداقية زعيم الحزب على المحك أمام الرأي العام الحريص حزب الله على دغدغته و استغلال شعوره و خاصة أن حزب الله ملتزم من جانبه بالشروط الإسرائيلية و أهمها منع المقاومة الفلسطينية من اتخاذ الجنوب منطلقاً لها و يجئ التصعيد ليستعجل حزب الله إسرائيل و يثبت لها قدرته على المناورة و القيام بعمليات مقلقة .
أما إسرائيل فشارون في مأزق عميق بعد أن أفشل غلاة اليمينيين في حزب الليكود خططه الموجهة لغزة و أصبح هم جيشه الآن انتظار ضربة حماس التي سترد بها على اغتيال قادتها و كلما مر الوقت أصبح الانتظار أصعب و لا خطط لتحريك الموقف المتأزم . إذن جميع الاحتمالات واردة و قد تكون جميعاً و قد تكون أحدها .