ويل للعرب من شر إيران وقد اقترب!
د. سيد جعفر مير داماد
التاريخ: 3/2/1431 الموافق 19-01-2010
تزخر المكتبة العربية بالسجالات المذهبية والدراسات التي تتناطح فيها العقائد والأفكار والإيدولوجيات، ولا تكاد تخمد غبار المعارك الثائرة بينها إلا و تثور من جديد. والمعركة الدائرة بين الشيعة والسنة تعد من أبرز المعارك العقدية منذ قرون.
لكن مع تقديري لجميع من خاض هذه المعركة في العالم العربي، إلا أنني أزعم بأن منهج المعالجة لم تكن منهجا موفقا!..
فقد دخلت حلبة الصراع في العالم العربي الأجنحة المذهبية فقط، وخاضت غمار التناطح بالأدلة والبراهين الشرعية، وفي المقابل لم يسكت الجانب الشيعي عن إبراز عضلاته. وفيما أتصور بأن نجاح الجانب السني لم يفق إنضمام عدد جد ضئيل ـ نسبة بالنسمة الشيعية ـ من الشيعة إلى صفهم لا غير، في حين أن الثمار التي استطاع الجانب الشيعي أن يقطفها تفوق هذه القضية بمراحل!
ولعل أكبر نصر حصل عليه الشيعة خلال هذه المعارك هو الإعتراف الضمني من الخصم بأنهم مذهب فقهي أو في أشد الأحوال؛ عقدي. بجانب أنهم استطاعوا أن يلقبوا خصمهم بالوهابية، وبالتالي ينفذوا في وحدة الصف السني، فيصوروا لعامة السنة بأنهم إخوة علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وأن من يعارضهم؛ هم الوهابية لا غير..
وكذلك استطاعوا أن يشكلوا لأنفسهم حصانة سياسية وإعلامية وعاطفية بين الشعوب الإسلامية وبالأخص الشعوب العربية باستغلالهم الذكي للقضية الفلسطينية والقضايا التي تهم المواطن العربي المنكوب، وبوقوفهم المدروس بجانب الحركات العلمانية والليبرالية وأحيانا إسلامية وغيرها التي تزعم الإصلاح السياسي في العالم العربي، لهدف توسيع الفجوة بين الشعوب والحكام من جهة، وبين الحكام والإسلاميين من جهة أخرى.
وفي المجتمع الشيعي استغلوا الردود السنية والمناظرات المذهبية في إحداث إثارة العواطف العمياء بين شعوبهم ومن ثم انجذابهم نحو الالتزام بالمذهب.
لكن هل الرؤية المذهبية والعمائم الخضراء والبيضاء واللحى المزركشة جديرة بأن ترفع قوما من الحضيض إلى حيث التسابق مع القوى الإستعمارية في تقسيم الكعكة العربية والإسلامية!
فيما أزعم بأن إخفاق الرؤية العربية يرجع إلى عدم إدراكها حقيقة الشيعة واعتبارها مذهبا عقديا! ولم تدرك حقيقتها الحزبية وأن المذهب ليس إلا عنصرا من عناصر الالتزام الحزبي!..
فقد تشكل الحزب الشيعي السري في أواخر العصر الأموي وظل حزبا سياسيا يعمل تحت التراب، واستغل من قبل الحزب العباسي في إطاحة الحكم الأموي. بيد أن العباسيين كانوا يتمتعون بذكاء وحنكة سياسية أكثر فاستطاعوا أن يقطفوا الثمار من أيدي رفاق الدرب واضطر الشيعة بأن يزحفوا إلى تحت الأرض مرة أخرى.
مر هذا الحزب السياسي بمراحل عديدة، وقادها شخصيات مرموزة في الأزمنة التاريخية المختلفة. ومع الزمن فكر قادة الحزب في صناعة شخصية متباينة عن المجتمع لأعضاء الحزب. فكان ولابد أن يخالف العضو ما عليه جمهور المسلمين، فاعتبروا الجمهور "عامة" وأنفسهم "خاصة" أو "مؤمنين" وشعار التزامهم مخالفة "العامة". وبالتالي مع الزمن تغير جميع معالم الدين عندهم. فمثلا اختصرت الصلوات في "ثلاث"، وأصبحت إمامة سيدنا علي منصوصا من الله (!) وأن الصحابة إرتدوا من بعد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأدرجت قضية الإمامة وتحديدها في 12 رجلا يتصفون بصفات "ما وراء البشرية" في الحزب، وأخفي الإمام الأخير ليظل محورا موهوما ويعلق عليه مسمار الرحى الذي سمي فيما بعد بالمرجع!
• المرجعية نقطة المركز في الدائرة الحزبية
اضطر الحزب الشيعي أن يختلق المرجعية كشماعة تعلق عليها ما لابد أن يقوم به مركزية الإمامة.
ولأن تمسك المرجع بخيوط الأتباع أو الأعضاء، ساند الحزب المرجع بمال الخمس. فعن طريق الخمس يرتبط الأتباع بالمرجع، ويتحكم المرجع بهذا المال الوفير في مسير الحركة الحزبية.
فكر الخميني بعد الثورة الإيرانية في احتواء المراجع والسيطرة على الحزب الشيعي في العالم. لكن أنى له ذلك وفي العراق رجل بطول آيت الله محمد باقر صدر وعرضه وضخامته العلمية والمذهبية. فكان من ذكاء الخميني أن حرض الصدر على الثورة والوقوف في وجه الصدام، ثم لما انخدع الرجل وصدق وعوده رفض دعمه و تركه لقمة صائغة للصدام إلتقمه في لمحة بصر!..
وبذلك استطاع الخميني أن يزيل أكبر العقبات أمامه ويسعى في سحب بساط المرجعية من النجف إلى إيران، و من ثم استطاعت إيران أن تكون راعي المراجع، أو بعبارة أخرى قائد الحزب الشيعي في العالم كله بلا منازع!
وماذا يعني ذلك؟
والآن بعد أن أصبحت إيران قبلة جميع الشيعة في العالم، توجه ولاء الشيعة ومحبتهم إلى إيران وليس إلى بلدانهم. فالولاء الشيعي للإنتماء الحزبي وليس لمسقط رأس أو التراب.
المرجعية الشيعية الإيرانية هي التي تقود الشعية في:
باكستان ؛ حيث لا مرجع وطني لهم (!)
والعراق ؛ حيث يقودهم المرجع الإيراني؛ السيستاني .
ولبنان ؛ حيث حزب الله عصا الإيراني .
وأفغانستان ؛ فالمحيسني تابع لمراجع قم.
و كذلك شيعة سائر البلاد ؛ حيث لا مرجع لهم مستقل.
جاء تعدد المراجع في الحزب الشيعي لحاجة الحزب، وليس للتنافس على المال فقط. فالمذهب يسعى لاحتواء جميع الشيعة بشتى ألوانهم ومشاربهم والمراجع يؤدون هذا الدور. فمنهم من يمثل الشيعة الإفراطيين والإرهابيين، ومنهم من يخرج بوجه سياسي وديع، ومنهم من يمثل دور المفكر المتفتح، ومنهم من يطرب لخفة الإلتزام الشكلي أو حتى الإبتعاد عنه, وبذلك يستطيع الحزب أن يحتوي جميع فئات المجتمع الشيعي و يسيرهم نحو أهداف الحزب..
• ضياع الشعور الوطني
كما سبق أن أشرت فإن الشيعة ليست مذهبا فقهيا كما يزعم المتغافلين، ولا حتى مذهبا عقديا كما يتصور عامة علماء المسلمين، وإنما حزب سياسي تكفيري و تنظيم سري يستغل الدين والمذهب لأهدافه المرموزة، ولذلك ترى العقيدة والأحكام تتسم بالمرونة الحادة في الحزب الشيعي، ولها قابلية للتعديل والتغيير. وهذا ما تشير إليه قاعدتهم الفكرية بأن للمرجع أن يحلل ما حرمه الله ويحرم ما أحله الله بناء على المصالح!!..
ثم إن الإنتماء الشيعي للحزب يفقده الشعور بالإنتماء الوطني. ولذلك ترى بأن الخمس الشيعي سواء في السعودية أو في العراق أو في باكستان أو أفغانستان أو البحرين أو لبنان أو أية نقطة أخرى من العالم يتجه توا نحو إيران!!..
وأن المراجع في إيران يمسكون بخيوط الشيعة في العالم وبالتالي يستطيعون أن يحركوا الشيعة في كل العالم لما يحلوا لهم من السياسات. وحكاية الشيعة في العراق وأفغانستان، وباكستان، و البحرين، والسعودية، والحوثيين في اليمن لا يخفى إلا على المتعامي من العرب والمسلمين!..
وليس أمام العرب والدول التي بها فتات من الحزب الشيعي أو أقليات شيعية إلا:
ـ أن تتكاتف الوطنيين منهم في زرع روح الوطنية والقومية في المجتمعات الشيعية.
ـ وأن تسعى لصناعة مراجع وطنية شيعية في بلادها. وتمنع بالحكمة والتوعية المجتمع الشيعي من الجري وراء المراجع الأجنبية.
ـ وأن يفسح المجال للعلماء و الدعاة المهتدين من الشيعة في إيصال صوتهم إلى المجتمعات الشيعية من خلال قنوات فضائية تخصص لهم.
• العرب في خطر!!..
فقد استطاع الحزب الشيعي بأن يدخل بيوت العرب من خلال الفضائيات العربية؛ الإخبارية والثقافية وبرامج الأطفال والنساء، ويغزو الشارع العربي بجدارة فائقة يغبط عليها.
وليس أمام العرب قاطبة إلا التعامل بالمثل.
فأنا أستغرب جدا من غفلة ساسة العرب وجهل السياسيين والليبراليين والوطنيين والعلمانيين منهم و سذاجة الجماعات الإسلامية كيف لا تشعر بكل هذه الحركات الشيعية المريبة، ولا تسمع هذا الضجيج الإعلامي؟!
وليس أمام سادة العرب إلا أن يختاروا أحد هذين الأمرين الذين لا ثالث لهما:
1. إما الوقوف مع القضية الفلسطينية ـ بوابة دخول إيران في الشارع العربي ـ وسحب البساط من تحت أقدام إيران. والتصالح مع شعوبهم ورد الكيد الشيعي بإحداث قنوات فضائية فارسية أولا، وعربية ثانيا، تسعى لتنوير المجتمع الشيعي وبالتالي التخلخل في النظام الحزبي الشيعي.
2. وإما الخنوع أمام المارد الفتاك الذي خرج من قمقمه ويقود غزوا شيعيا يهدف إلى تفتيت الدول العربية إلى دويلات أصغر مما هي عليه الآن، والسيطرة على مناطق النفط، والقضاء على المملكة السعودية على وجه الخصوص!.. وسيأتيك بالأخبار من لم تزود...
وأنا النذير العريان الذي لا يملك إلا البلاغ.
اللهم هل بلغت... اللهم فاشهد!!..
المصدر: سني نيوز