المشترك العقدي والسلوكي بين اليهود والشيعة

بواسطة موقع المسلم قراءة 1000
المشترك العقدي والسلوكي بين اليهود والشيعة
المشترك العقدي والسلوكي بين اليهود والشيعة

 

أمير سعيد

"اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها "إسرائيل" ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضا مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل لم أرَ يوماً في الشيعة أعداء لـ"إسرائيل" على المدى البعيد"، مذكرات آرييل شارون رئيس الحكومة الصهيونية الأسبق، قائد جيشها المعتدي في لبنان في الثمانينات.

"من دون الدخول في أي تفاصيل"، لأن التفاصيل في حقيقتها كاشفة ليس للمصالح المشتركة بين الشيعة واليهود من الناحية السياسية البراغماتية البحتة فحسب، والتي لخصها مؤسس الكيان الصهيوني بن غوريون من قبل بقوله: ""إسرائيل" لن تكون بأمان، ولن تكون قوة إقليمية عظمى ما لم تكن محاطة بفسيفساء من الدويلات الطائفية والعرقية"، وإنما لأن هذه التفاصيل تشي بالكثير جداً عن متانة هذه العلاقة من الناحية العقدية الدينية كذلك.

العلاقة ممتدة منذ السبي البابلي، حيث اعتبر الملك كورش الفارسي ظهيراً لليهود، غير أن الأسس الجديدة التي قامت عليها تلك العلاقة في وضعها الحالي تعود إلى فكرة التشيع الإمامي نفسه، وعلاقته بالمؤسس عبدالله بن سبأ اليهودي المستتر، وبذرته الخبيثة التي وضعها داخل التربة الشعوبية فأنتجت عقيدة جديدة تقوم على العداء للمسلمين وتستثني اليهود من تلك العداوة الحقيقية.

 

ثمة تشابه بينهما من حيث بعض العقائد والعبادات والسلوك، يورد الفقيه أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي في كتابه العقد الفريد تحذير الشعبي لمالك بن معاوية، حيث قال: " أحذرك الأهواء المضلة، شرها الرافضة، فإنها يهود هذه الأمة، يبغضون الإسلام كما يبغض اليهود النصرانية، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة من الله، ولكن مقتاً لأهل الإسلام وبغياً عليهم (...) وذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود، قالت اليهود: لا يكون الملك إلا في آل داود، وقالت الرافضة: لا يكون الملك إلا في آل عليّ ابن أبي طالب. وقالت اليهود: لا يكون جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح المنتظر، وينادى مناد من السماء وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينزل سبب من السماء، واليهود يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم، وكذلك الرافضة، واليهود لا تري الطلاق الثلاث شيئاً، وكذا الرافضة. واليهود لا ترى على النساء عدة، وكذلك الرافضة: واليهود تستحل دم كل مسلم، وكذلك الرافضة، واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفت القرآن واليهود تبغض جبريل وتقول: هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة تقول: غلط جبريل في الوحي إلى محمد بترك على بن أبي طالب. واليهود لا تأكل لحم الجزور، وكذلك الرافضة. ولليهود والنصارى فضيلة على الرافضة في خصلتين: سئل اليهود: من خير أهل ملتكم؟ فقالوا: أصحاب موسى: وسئلت النصارى، فقالوا: أصحاب عيسى، وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم؟ فقالوا: أصحاب محمد: أمرهم بالاستغفار لهم فشتموهم، فالسيف مسلول عليهم إلى يوم القيامة، لا تثبت لهم قدم، ولا تقوم لهم راية، ولا تجتمع لهم كلمة، دعوتهم مدحورة، وكلمتهم مختلفة، وجمعهم مفرق. كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله".

ولربما يجد المتابعون للحالة الشيعية الإمامية خلال قرون التاريخ الإسلامي مشقة بالغة في تفسير هذه الرغبة الانتقامية والنبرة الحادة الموتورة واللعائن المتوالية التي تبلغ حد التنافس في التعاطي مع أهل السنة وعقيدتهم؛ إذ المنطقي والمتوقع كان انصراف هذه الأحقاد والضغائن أصلاً لمن لا يعترفون بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كرابع الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة الأبرار وأحد أقرب الصحابة إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن والحسين ابنيه ومقداد بن عمرو وسلمان الفارسي رضي الله عنهم جميعاً كصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجنوده الأوفياء النجباء، إضافة إلى الفضلاء من أحفاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

فإذا كان أهل السنة يعترفون بمناقب هؤلاء جميعاً ويترضون عن هذه الثلة من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم من حملة الإسلام وحفظة كتابه وفاتحي البلاد والقلوب لهذا الدين؛ فكيف يكون بغضهم وتكفيرهم مقدم على بغض من لا يوقرونهم ويعادون دينهم ويتنكبون طريقهم من أصحاب الديانات الأخرى!!

وكيف تنخفض نبرة التوتر والتشنج عند هذه الطائفة عند الحديث عمن قالوا: "يد الله مغلولة" أو قالوا: "عزير بن الله" أو قالوا: "المسيح ابن الله" ـ كما ورد في كتاب الله عن اليهود والنصارى ـ؛ فيما تعلو النبرة وتتناثر اللعائن والشتائم والسباب عند الحديث عن أهل السنة أو من تسميهم الأدبيات وأصول المراجع الشيعية باسم النواصب أو العامة؟!

إن جانباً من هذا العجب يزول عندما يتم التنقيب جيداً عن تلك الجذور اليهودية التي تدفع الشيعة الإمامية إلى اتخاذ سلوك كهذا إزاء السنة وأهلها، ومن قبل إزاء الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم، يورد د. محمد عبد المنعم البري في كتابه الجذور اليهودية للشيعة في كتاب علل الشرايع للصدوق الشيعي، هذه الرواية للمصنف الشيعي وهو رئيس المحدثين الشيعة، والتي توضح علاقة هذه الطائفة بالأمة الإسلامية من مشرقها إلى مغربها ـ حين تتحدث تلك الرواية عن المهدي المنتظر في عقيدة الشيعة ـ: "عن جعفر الصادق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد للغلام من غيبة فقيل له: ولم يا رسول الله ؟ قال: يخاف القتل (وفي الباب أيضاً) قال: جعفر الصادق إن في القائم سنة من يوسف، قيل كأنك تذكر خبره أو غيبه، قال وما تنكر من هذه الأمة، أشباه الخنازير، أن إخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء، تاجروا بيوسف وباعوه، وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال لهم أنا يوسف، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون الله عز وجل في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته، فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله قد فعل بحجته ما فعل بيوسف، وأن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم، وهم لا يعرفونه، حتى يأذن الله أن يعرفهم بنفسه كما أذن ليوسف.

وأقول (د.البري): صدق الله في قوله سبحانه: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) يفضحون في هذا الحديث ما يكنونه في قلوبهم نحو خير أمة أخرجت للناس فيصفونها قبح الله وجهم في الدارين بقولهم مرة: (هذه الأمة أشباه الخنازير) ومرة أخرى (هذه الأمة الملعونة)".

فالأمة في نظر هذه الرواية أمة خنازير وملعونة، ولا غرو إذن أن يأتي الأتباع فيلعنونها زرافات ووحداناً، وهذا بدوره لا يفسر حجم البغضاء التي يكنها فقهاء الشيعة للمسلمين عموماً، وإنما يفسره تأسيس هذا الحنق على أسس يهودية/مجوسية مشتركة تعمل على هدمها من الداخل، وتقويض أركانها. (1)

الشيعة بانتظار "مهدي" دموي مدمر، لا يستثني مكة والمدينة كما يستثنيهما الدجال نفسه أو بالأحرى يحرم عليه دخولهما، وكلاهما يستهدف هذه الأمة، وكلاهما يستبيحان قتل أطفالها بدعوى الانتقام من تذبيح فرعون لأطفال بني "إسرائيل" بالنسبة لليهود، واستجابة لدعوة نوح عليه السلام "رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً" لدى الشيعة، وكلاهما يرومان هدم قبلة المسلمين الكعبة، وكلاهما يتشاطران مكان الانطلاق، أصفهان المدينة الإيرانية التي تضم حتى الآن عشرات الآلاف من اليهود الذين سيكونون تبعاً لدجال اليهود.. وكلاهما بانتظار حكم داود وسليمان عليهما السلام - حكماً للشيعة وحكماً وملكاً لليهود - لا سواهما من الأنبياء (كما تقول النصوص اليهودية والشيعية الإمامية معاً)، وكلاهما يرى في الأمة الإسلامية أمة ملعونة يجب محوها من الوجود، وكلاهما يتساندان لتحقيق ذلك، وكلاهما يقدسان اثني عشر فرعاً (الأسباط عند اليهود، والأئمة الاثني عشر عند الإمامية الشيعية).

الطريق واحد ليس في العقيدة فقط، وإنما في السياسة أيضاً، حيث تنفذ إيران اليوم أكبر مخطط تفتيتي وتقويضي للعالم الإسلامي لصالح اليهود، ولقد نفذت الاستراتيجية الأمريكية أكبر ظهير لليهود في العالم أكبر عملية تمكين خارجي للشيعة على مر التاريخ عبر:

-    تسهيل حلول قوات الحرس الثوري الإيراني محل الجيش الأمريكي في العراق، ولم تكن تستطيع إيران تحقيق ذلك بمفردها، حيث مكنت واشنطن للقوات الإيرانية وميليشياتها وحلفائها العراقيين حكم العراق الذي كان يعد أحد القوى الإقليمية الكبرى المناوئة للكيان الصهيوني.

-    إعطاء واشنطن الضوء الأخضر للميليشيات الموالية لإيران في العراق لارتكاب مذابح عديدة للمدنيين السنة، وممارستها سياسة الأرض المحروقة لإخضاع الشعب العراقي وكسر مقاومته وفصائله الرافضة للاحتلال.

-    سماح العواصم الدولية لطهران بتسليح نظام بشار الأسد، ثم عبور المليشيات عبر الحدود العراقية السورية، ولولا ذلك لما أمكن إيران إيقاف إسقاط هذا النظام.

-    غض الولايات المتحدة الأمريكية الطرف عن جرائم الحرب، ومنها القصف العشوائي ببراميل البارود رخيصة الثمن التي لا تقبل واشنطن باستخدامها في الحروب، ولولا ذلك لما أمكن طهران تنفيذ عمليات التغيير الديمغرافي في كل من العراق وسوريا.. وهكذا.

-    تمكين ميليشيات الحوثي و"حزب الله" من حكم اليمن ولبنان، والحؤول دون الإطاحة بهما.

وإذ شاركت "إسرائيل" بشكل غير مباشر في احتلال العراق، فإنها تساهم بشكل واضح الآن في إقامة سياج شيعي إمامي بجوار حدود فلسطين الشرقية على غرار ما نفذته في لبنان، لتحمي نفسها بغلاف شيعي من أكثر من جهة، فاليهود على دراية تامة بالطبيعة الأيديولوجية للشيعة التي لا ترى في الكيان الصهيوني عدواً مثلما لم يرهم شارون وبن غوريون ونتنياهو كذلك أعداء لليهود، فالمشترك ليس سياسياً فقط، فالتشيع لم يكن يوماً سوى اختراق يهودي للأمة الإسلامية، وخنجراً في خاصرتها، وبنظير ذلك، فإن اليهود لن يكونوا أبداً ترياقاً من هذا البلاء والمرض الخبيث، فلا يمكن علاج العرض بأصل المرض، ومحال أن يصطف اليهود مع السنة ضد حلفائهم الشيعة، فلن يطلق اليهود النار على أقدامهم أبداً.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أمير سعيد، خريطة الشيعة في العالم، صـ 41 بتصرف يسير.

 

المصدر : موقع المسلم

11/11/1439

24/7/2018

 



مقالات ذات صلة