المؤتمر الوطني الفلسطيني أم ماذا ؟!!!
استبشر الكثير من الفلسطينيين خصوصا في الشتات بهذا المؤتمر قبل انعقاده المفترض قبيل مؤتمر أنابوليس إلا أن ضغوطات إقليمية وعربية لعبت دورا بارزا في تأجيله وتبين تسيس هذا المؤتمر الذي كان يفترض أن يكون مستقلا بعيدا عن أي تسييس خارج الإطار الفصائلي !!.
انعقد المؤتمر في العاصمة السورية دمشق للأيام 23-25 من كانون الأول بحضور الفصائل الفلسطينية عدا فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية ، وبحضور كبير لممثلي المنظمات الشعبية ولجان العودة والأحزاب والاتحادات العربية والإسلامية والدولية وجمعيات وشخصيات أخرى وممثل عن إيران !!!.
وبدأت الكلمات تتوالى ابتداء من اللجنة التحضيرية مرورا بشخصيات بارزة حتى تجاوزت الكلمات لأكثر من سبعين كلمة ، طبعا مضمونها التأكيد على الوحدة الوطنية وحق العودة وضرورة فك الحصار على أهلنا في غزة وثوابت عدة وأمور أصبحت أشبه بالروتين في مثل تلك المؤتمرات وغيرها مع قصور واضح في الخطوات العملية على كافة الأصعدة !.
إن اللافت للنظر في هذا المؤتمر هو الإطراء في الثناء على إيران وحزب الله في معظم الكلمات وكأن القضية الفلسطينية أصبحت مرهونة بما تقدمه إيران في الظاهر وما يقوم به حزب الله فقط، وأن الفصائل الفلسطينية أصبحت شبه أداة أو أن من أهم الواجبات الثناء على إيران إما نكاية بالدول العربية التي لا تدعم تلك الفصائل أو ردا للجميل بما تقدمه إيران من معونات مادية !!!.
ولو نظرنا للموضوع من زاوية ما جرى ويجري للفلسطينيين في العراق لوجدنا قصورا في التعاطي معها ولو على مستوى الفصائل والدليل على ذلك ضعف وإهمال أو إغفال قضيتهم في مثل هذا التجمع الذي دعا له العديد من الشخصيات الفصائلية والمستقلة لكن على وجه مخصوص بما يتناسب مع معاناة الفلسطينيين في العراق وما يتعرضون له من مجازر ، ولتواجد هذا العدد من الفصائل في سوريا ولقربهم عما يجري من أحداث في العراق ولوجود ثلاثة مخيمات في سوريا وعلى حدودها كان من الأجدر تخصيص حيز كبير في هذا التجمع لهذه القضية الشائكة ولو من المنظور الإنساني ، لكن للأسف جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وكل يبكي على فصيله وما يملى عليهم من تلك الدولة أو هذا الحزب أو تلكم المؤسسة التي يربطهم بها علاقات مصالح لا غير بعيدا عن المبادئ الأساسية للقضية .
إن ما جرى للفلسطينيين في العراق من مجازر على يد الميليشيات الطائفية كجيش المهدي وقوات بدر والمدعومة من إيران بشكل مباشر ، يجعل كل المنصفين والحريصين على كل فلسطيني في الشتات مراجعة موقفه من إيران !! أو تقديم دلائل وبراهين عملية على صدق ما تدعيه إيران من مناصرتها للقضية الفلسطينية وأنى لهم ذلك وموقفهم مما جرى لأهلنا في العراق سلبي جدا وهنالك دلالات على ذلك كثيرة ، وكما يقال في المثل : ( الذي لا ينظر من الغربال أعمى ) ، وهذه حقيقة فالذي لم يقيّم دور إيران وتلك الميليشيات تجاه أهلنا في العراق ومن قبل في لبنان فحقيقة هو أعمى وإن فلسف علاقته بتلك الجمهورية الإسلامية كما يزعمون !! من قبيل السياسة أو المصالح التي لابد منها أو ... أو ... فقد أبعد النجعة .
إن الذي لا ينتفع ويستفيد من عبر الماضي والتاريخ فقد أضاع الكثير وسيدور في حلقات مفرغة ويذعن للحق في نهاية المطاف .
فمع الأسف الشديد لقد خاب ظن الكثير من الفلسطينيين في العراق في هذا المؤتمر لأنه أعطى دقائق قليلة لأحد المشاركين لإلقاء كلمة باسمهم وأحد القادمين من مخيم التنف كذلك ، من غير اهتمام من الحضور بما يناسب خطورة الموقف ، والأدهى من ذلك والأمر أن يقوم المشاركون بمدح لإيران وحزب الله الذي درب عناصر جيش المهدي في معسكراته ليقوموا بقتل أهلنا في العراق !!! .
وربنا تبارك وتعالى يقول ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء ) كيف لا وقد خذلوا إخواننا في العراق ولم يقدموا حتى كلمة شجب أو استنكار ، فهم بذلك خانوا القضية الفلسطينية التي يدعون بأنهم يولونها أهمية كبرى والدعاوى إذا لم تقم عليها البينات فأصحابها أدعياء .
وللأسف الشديد عندما طعن محتشمي بيزيد وشبهه ببوش في هذا العصر في كلمته التي ألقاها على هذا التجمع الذي يفترض أن يكون سنيا محضا لم يقم أي أحد ويرد عليه بما يناسب المقام !!! لماذا ؟! لأنه الأمين العام للجنة الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني !!!!! بالله عليكم هل يستطيع أحدا من الحاضرين الترضي عن معاوية رضي الله عنه في مؤتمر يحضره في إيران ؟! الجواب: كلا ، لأننا نجامل في الحق ، وهم لا يجاملون في الباطل .
كان من المفترض أن تتمخض على الأقل لجنة من الفصائل المشاركة لمتابعة أحوال ومستجدات الفلسطينيين في العراق والمخيمات الحدودية مع سوريا ، أو إدانة لما جرى ويجري لهم ، أو الضغط على سوريا لتسهيل دخولهم إلى أراضيها بدلا من ملاحقتهم وعدم السماح لهم ، لما كان لهم هذا الثقل فيها !!.
على العموم فالظاهر بأن المؤتمر كان شكليا وإعلاميا أكثر منه وطنيا أو عمليا ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، ويبدو أن دماء إخواننا الفلسطينيين في العراق وعذابات المعتقلين أصبحت ثمنا لمجاملات وتجمعات مسيسة تخدم مصالح معينة بعيدة عن أي عمل وطني حقيقي لأن صحة الانتهاء من صحة الابتداء ، ولما كانت المسارات بهذه المستويات فالنتيجة تكون بحسبها والأيام القادمة ستشهد بذلك ، والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر لنا صفات الجيل الفريد والطائفة التي ستحرر بيت المقدس من براثن المحتلين الغاصبين وهي في قوله عليه الصلاة والسلام (( ... يا عبد الله يا مسلم هذا خلفي يهودي تعال فاقتله ... )) وطهران لا يوجد فيها أي مسجد لعباد الله المسلمين ، فضلا عن توفر معابد اليهود وغيرهم من الديانات والمذاهب فهل من معتبر .
أخيرا لابد مراجعة تلك المواقف والرجوع للحق والاهتمام بقضية الفلسطينيين في العراق والعمل على إيجاد حلول عملية وكفى من الجميع القصور ، فإذا كان في مثل هذا التجمع ذلك الموقف فعلى بقية المحافل السلام .
بقلم : حاضر العربي
كاتب وباحث مستقل