فـتحي الشقاقي و الخميني .. حقائق لابد أن تعـرف ( الجزء الرابع )

بواسطة محمد الشاعر قراءة 2758
فـتحي الشقاقي و الخميني .. حقائق لابد أن تعـرف ( الجزء الرابع )
فـتحي الشقاقي و الخميني .. حقائق لابد أن تعـرف ( الجزء الرابع )

 

فـتحي الشقاقي و الخميني .. حقائق لابد أن تعـرف ( الجزء الرابع )

( قراءة في كتاب " رحلة الدم الذي هـزم السيف ج1 )

 

غزة – محمد الشاعر

إنَّ المسلم الذي ينظر إلى الواقع الأليم بعـين البصيرة  و الإدراك لَيَعْـلَمُ تماما أنَّ النصر لأهل التوحيد و لأمة الإسلام قادم لا محالة و ربما كان ذلك قاب قوسين أو أدنى ، كيف لا و قد ظهرت أماراته و بدأت العـروش تهتز من تحتها دون إذن أصحابها و بدأ شعاع الفجر يلوح من جديد و الذي انتظرناه طويلا حاملا معه بشارات العـزة و التمكين لأمة الإسلام ، خلافة عـلى منهاج النبوة بإذن الله تعالى ، و لكنَّ السؤال الذي طرح نفسه مرارا و لا زال كذلك هل استغلَّ أهل التوحيد فرصة زعـزعة العـروش من مكانها استغلالا جيدا ؟ و هل وُضِعَ هذا الاستغلال ضمن مخطط مدروس قابل للتنفيذ ؟ أم لازلنا ننام عـلى أحلامنا دون أدنى تحرك أو حتى قل دون أدنى تفكير يقودنا إلى التحرك لنصرة دين الله تعالى ؟

إنَّ مما نعـاني منه نحن أهل التوحيد هي قلة الرواحل ، إذ لا تكاد تجد في كل مائة راحلة و ربما زاد عـن هذا العـدد ، و بينما نحن كذلك نشتكي قلة الرواحل نجد بالمقابل ثِقَلَ حجم الهجـمة الشرسة من قبل أعداء الله عـلى المسلمين و هي كبيرة لا تقارن بالنسبة إلى تلك الرواحل ، فالصهيو الصليبي العالمي قد أعـلن العـداء للإسلام و هو مجاهـر به ، و من جهة أخرى نجد الروافض لا يقلون ضراوة و حـقدا عـلى أهل السنة و هم يفوقون إخوانهم من اليهود و الصليبيين في ذلك ، و من جهة ثالثة و هي الأدهى و جود أناس من بني جلدتنا يعـملون لصالح هؤلاء جميعـا ناسين أو متناسين عـقيدة الولاء و البراء ، التي من أجلها تقوم الحروب و تقعد ، و تُسفك الدماء ، و تُبذل المُهَج ، هؤلاء و هم من بني جلدتنا أشد خطرا عـلى أهل التوحـيد من غـيرهم ، فالطواغـيت يعـملون لصالح الصهيو الصليبي العالمي و المتشيعـون من بني جلدتنا يعـملون لصالحي ملالي طهران ، و حال أهل التوحيد بين هؤلاء جميعا كحال الفريسة التي بين فـكي الأسد و لا حـول و لا قـوة إلا بالله تعالى .

و من المؤسف حقا و في ظل هذا الوضع العـصيب عـلى أهل التوحيد و خاصة في قطاع غـزة نجد من لا يأبه بذلك البته و كأنَّه يعـيش في معـزل عـن الأمة هـمه الوحيد أن يعـيش سعـيدا يُغَــرِّدُ لقادته و الذين بدورهم يتحركون بأوامر من إيران ، كيف لا و قد تمَّ كشف زيفهم و ما كتاب رحلة الدم الذي هـزم السيف عـنا ببعـيد و الذي يشرح الأعمال الكاملة للدكتور فـتحي الشقاقي و يُبَيِّنُ مدى تبعـية حركة الجهاد الإسلامي لإيران و لا زلنا نتحدث عـن قسم الكتب و تحديدا كتاب  الخميني الحل الإسلامي و البديل في الفصل الثالث منه الذي بعـنوان أصول الفكر الشيعي حيث يدافع الشقاقي عـن عـقيدة الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية و أنَّ قولهم بالإمامة لا يوجب كفرا و لا فسقا كما أنَّ مُنْكِرَ الإمامة عـند الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية ليس كافرا عـندهم و غـير ذلك من ترهات الرافضة التي طرأت عـلى الشقاقي و قد بذل نفسه دفاعا عـنها و إليك قوله " ... فـمجمل القول بالنسبة للشيعة الاثنى عـشرية الذين يُشَكِّلُونَ سواد الشيعة اليوم أنَّهم يشهدون أنَّ لا إله إلا الله و أنَّه واحد أحد ليس كمثله شيء و أنَّ محمدا رسول الله صلى الله عـليه و سلم جاء بالحق من عـنده و صدَّق المرسلين و يؤمن بجميع أنبياء الله و رسله و بجميع ما جاء به من عـند ربه و يقولون بإمامة عـلي و ولد الأحد عشر و أنَّهم أحق بالإمامة من كل أحد و أنَّهم أفـضل الخلق بعـد رسول الله صلى الله عـليه و سلم و قولهم بالإمامة هذا لا يوجب كفرا و لا فسقا لأنَّ إمامة شخص بعـينه ليست من أصول الإسلام كما يرى أهل السنة . و هم و إن كانوا أوجـبوا إمامة الأئمة الاثنى عـشر لكنَّ منكر هؤلاء الأئمة عـندهم ليس بكافر و لا بخارج عـن الإسلام و تجري عـليه جميع أحكامه . كما يقولون بعـصمة الأئمة الاثنى عـشر و بعـودة المهدي الموجود حيا بين الناس ، و إن أخطئوا في ذلك أو أصابوا فهذا لا يوجب كفرا و لا خروجا عـن الإسلام .. و من أهم ما يؤخذ عـليهم دعـوى القدح في الصحابة الكرام و لكن بعـضهم يبرؤون من الغلاة و يقولون أنَّ احترام أصحاب نبينا من احترام نبينا فـنحن نحترمهم لاحترامه , في حين يقول بعـضهم أنَّ أبا بكر و عـمر و عـثمان ( رضوان الله عـليهم ) قد اغـتصبوا السلطة من الإمام عـلي رضي الله عـنه ، يقول آخرون منهم أنَّ أبا بكر و عـمر و عـثمان اجتهدوا فأخطئوا ... " ( 1 )  

و هناك أسئلة كثيرة لابد من طرحها هـنا: هل الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية تُّقِـرُّ بشهادة التوحـيد فعلا ؟ فإن كانت كذلك فلماذا يفترون عـلى الله تعالى بتحريفهم للقرآن الكريم عـلى حسب أهوائهم ناهـيك عـن لعـنهم لأبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عـنهما و قد أجمع عـلماء الأمة أنَّ من سـبهما كافر ؟ و هل يشهدون بنبوة رسول الله محمد صلى الله عـليه و آله و سلم حقا ؟ و كيف يكون ذلك و هم يطعـنون في عـرضه بقذفهم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عـنها بالزنا التي برَّأها الله من فوق سبع سموات و ما أحداث الخبيث ياسر الحبيب عـنا ببعـيد ؟ و ما هي الأدلة التي تستدل بها الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية عـلى أنَّ الصحابي عـلي بن أبي طالب ـ رضي الله عـنه ـ و ولده الأحد عـشر أحق بالإمامة بعـد رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم من غـيرهم ؟ و هل هم أفضل الخلق بعـد رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم كما يقولون ؟ ثم ما هي الأدلة التي اعـتمد عـليها الشقاقي في عـدم تكفير الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية لاعـتقادهم بالإمامة ؟  و من قال أنَّ منكر إمامة الاثنى عـشر عـند الرافضة الإمامية ليس بكافر ؟ و الأدهى من ذلك أنَّ الشقاقي لا يوجب الكفر عـلى من اعـتقد العـصمة لنفسه من بعـد النبي صلى الله عـليه و آله و سلم فأين الأدلة التي اعـتمد عـليها أم أنَّ خرافات الرافضة قد طلت عـليه ؟ و هل كان المهدي التي تنتظر الرافضة خروجَه من السرداب منذ مئات السنين  لازال حيا ؟ و من قال أنَّ الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية تحترم الصحب الكرام ـ رضي الله عـنهم ـ و ألسنتهم تعـكف ليلا و نهارا عـلى سبهم و لعـنهم ؟ ثم لماذا يأتي الشقاقي بهذه التهمة النكراء و هي أنَّ أبا بكر الصديق و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عفان ـ رضي الله عـنهم ـ قد اغـتصبوا السلطة من الصحابي عـلي بن أبي طالب ـ رضي الله عـنه ـ و هم من ذلك براء ؟ و بأيِّ حق يسرِد الشقاقي كلام الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية دون الردِّ عـليها أو عـلى الأقل إنكارها أم أنَّ أهوائه ترفض ذلك ؟ و هل الصديق أبو بكر و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عـفان رضي الله عـنهم جميعا كانوا مخطئين في توليتهم خلافة المسلمين قبل عـلي بن أبي طالب رضي الله عـنه ؟ هذه الأسئلة و غـيرها سنجيب عـليها بإذن الله تعالى .  

إنَّ الصحابة رضي الله عـنهم جميعا بريئون من أقوال الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية و مَن شايعهم براءة الرجل المسلم من الكفر و لكنَّ الحقد الدفـين التي تكتنزه الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية و غـيرهم من الطاعـنين في الصحابة جعـلهم كذلك كيف لا و ها هي كـتبهم مليئة بالسموم و الشتم و اللعـن لخير الخلق بعـد رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم ناهـيك عـن عـبادتهم لقبور عـلمائهم و الطواف حولها إضافة إلى ذلك تعـبدهم بلعـنهم للصحب الكرام ـ رضي الله عـنهم ـ و ما أفعال اليهود و النصارى بعـلمائهم عـن هؤلاء ببعـيد ، فهل عـقل أنصار الشقاقي هذا الأمر فَـيَكُفُّوا عـنا شرَّهم من نشر التشيع بين صفوف المسلمين ؟ ، و لكننا لن نبقى مكـتوفي الأيدي أمام هؤلاء الزنادقة و الذي انتشر شرهم في ربوع الأرض ذبحا و تقتيلا و فـتكا بأهل السنة و لا زالت جراحات أهل السنة بالعراق و الأهواز و البحرين و غـيرها من البلدان تنزف دما من فعـل هؤلاء و لا حول و لا قوة إلا بالله تعالى .   

و لذلك وجب عـلينا أنَّ نقف مع كلام الشقاقي هذا وقفة طويلة لِنُبَيِّنَ للمسلمين هذه الدسائس و نردها عـلى أصحابها و ذلك بما يلي:  

الشبهة الأولى: هل الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية يعـملون بشهادة التوحيد فعلا ؟

إنَّ الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية تعـتقد أنَّ القرآن الكريم الذي بين أيدينا محرَّفٌ و قد حدث فيه نقص و زيادة

و قد صرَّح علماؤهم بهذا حيث يقول عالم الرافضة الشيخ المفيد: " ... إنَّ الأخبار قد جاءت مسـتفيضة عـن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عـليه و سلم باختلاف القرآن و ما أحدثه بعـض الظالمين فيه من الحذف و النقصان ... " ( 2 )

و قال الكليني كبيرهم الذي عـلمهم الرفض في كتابه الكافي: " ... إنَّ القرآن الذي جاء به جبرائيل عـليه السلام إلى محمد صلى الله عـليه و سلم سبعة عـشر ألف آية ... "( 3 )

و لقد عَـلِمْنَا عـقيدة الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية في القرآن الكريم ـ الذي هو كلام الله تعالى ـ فقد أنكروا منه الكثير أفبعـد هذا كله هل بقي لهم من التوحيد بشيء ؟ و قد عُـلِمَ من الدِّين بالضرورة أنَّ القرآن الكريم محفوظ من قبل الله تعالى حيث قال: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [ الحجر9] ، و عُـلم أيضا أنَّ القرآن نزل بتمامه كاملا من غـير نقصان و لا تحريف و الذي يُنكِرُ ما قد عُـلم من الدِّين بالضرورة من غـير جهل به فهو كافر لا محالة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "... إنَّ الإيمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعـظم أصول الإيمان، وقواعد الدِّين، والجاحد لها كافر بالاتفاق ... " ( 4 )    

و إنَّما تحدثنا عـن عـقيدة الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية في القرآن الكريم كمثال فقط عـلى نقض التوحيد عـندهم ناهيك عـن إنكارهم للسنة النبوية الشريفة و القدح في عـرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عـنها و لعـن الصحب الكرام رضي الله عـنهم و الطواف حول قبور عـلمائهم و غـيرها كثير من المعـتقدات الباطلة و التي بدورها تـنسف التوحيد نسفا من صدور أصحابها.

الشبهة الثانية:هل تشهد الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية بنبوة رسول الله محمد صلى الله عـليه و آله و سلم حقا؟  

لم تكتف الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية من القول بتحريف القرآن فقط بل أنكرت السنة النبوية الصحيحة و أتوا بأقوال منسوبة إلى الأئمة الاثنى عـشر كذبا و زورا و ها هي كتبهم تعجُّ بخرافاتهم و أباطيلهم و لا حول و لا قـوة إلا بالله تعالى ، فعـلى سبيل المثال لا الحصر يقول آل كاشف الغطاء: " ... أما ما يرويه مثل: أبي هـريرة ،و سمرة بن جندب ، و مروان بن الحكم ، و عـمران بن حطان الخارجي ، و عـمرو بن العاص و نظائرهم فليس لهم عـند الإمامية من الاعـتبار مقدار بعـوضة ، و أمرهم أشهر من أن يُذْكر ، كيف و قد صرَّح كثير من عـلماء السنة بمطاعـنهم ، و دلَّ عـلى جائفة جروحهم ... " ( 5 ) 

فآل كاشف الغـطاء ـ عـليه من الله ما يستحق ـ يُبَيِّنُ أنَّ السنة النبوية لا تزن عـندهم مقدار بعـوضة ،كما و يطعـن في عـدالة الصحب الكرام ـ رضي الله عـنهم ـ و من بينهم أبو هـريرة رضي الله عـنه أكثر الصحابة رواية عـن النبي صلى الله عـليه و آله و سلم و بعد هذا كله هل نجد قيمة للسنة النبوية الشريفة عـند الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية فضلا عـن نبوة رسولنا الكريم صلى الله عـليه و آله و سلم ؟ و كيف يكون ذلك و قد أنكروا كلامه ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "... و مع هذا يَرُدُّونَ ـ أي الشيعة الروافض ـ أحاديث النبي صلى الله عـليه و سلم الثابتة المتواترة عـنه عـند أهل العـلم مثل أحاديث البخاري و مسلم ، و يرون أنَّ شعـر شعـراء الرافضة مثل الحميري ، و كوشيار الديلمي ، و عـمارة اليمني خير من أحاديث البخاري و مسلم ، و قد رأينا في كتبهم من الكذب و الافتراء عـلى النبي صلى الله عـليه و سلم و صحابته و قرابته أكثر مما رأينا من الكذب في كتب أهل الكتاب من التوراة و الإنجيل ... " ( 6 ) (7 )

الشبهة الثالثة: هل الصحابي عـلي بن أبي طالب ـ رضي الله عـنه ـ و ولده الأحد عـشر أحق بالإمامة بعـد رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم من غـيرهم ؟ و ما هي أدلتهم عـلى ذلك ؟

و يزعَـمون أنَّ الصحابي عـلي بن أبي طالب ـ رضي الله عـنه ـ  و ولده الأحد عـشر أحق بالإمامة من أبي بكر الصِّدِّيق و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عـفان ـ رضي الله عـنهم ـ مستدلين عـلى ذلك بآيات من القرآن الكريم و أحاديث من السنة النبوية الشريفة و أيضا بروايات مكذوبة منسوبة زورا و بهتانا إلى الأئمة الاثنى عـشر ـ رحمهم الله تعالى ـ و التي يسـتقونها من كتبهم و لا يسعـنا الرد عـلى جميع هذه الأدلة لكثرتها بل نكتفي بذكر دليلهم من القرآن الكريم و آخر من السنة النبوية الشريفة و أخرى ثالثة من مروياتهم المزعومة و المكذوبة في آن واحد مع ذكر أقوال أهل العلم التي ترد أدلتهم و الله المستعان .

أولا ـ دليل الرافضة من القرآن الكريم عـلى أحقية عـلي بن أبي طالب بالإمامة و تقديمه عـلى أبي بكر الصِّدِّيق و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عـفان رضي الله عـنهم جميعا

تستدل الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية بآية المباهلة و هي من بين الأدلة القرآنية التي يعـتمدون عـليها في إثبات الإمامة لعـليٍّ رضي الله عـنه ، و نزلت هذه الآية في وفد نجران و هي قول الله عـز و جلَّ ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَ أَبْنَاءكُمْ و َنِسَاءنَا و َنِسَاءكُمْ وَ أَنفُسَنَا و أَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) [ آل عمران61 ]

و وجه دلالة الآية عـلى إمامة عـلي بن أبي طالب عـند الطوسي و غـيره من عـلماء الرافضة أنَّها دلَّت عـلى أفضليته من وجهين:

أحدهما: أنَّ موضوع المباهـلة ما كان إلا ليتميز المحق من المبطل و لا يصح أن يفعـل ذلك إلا من هـو مأمون الباطن مقطوع عـلى صحة عـقيدته ، أفضل الناس عـند الله تعالى  

الثاني: أنَّه صلى الله عـليه و آله و سلم جعل عـلي بن أبي طالب مثل نفسه بقوله ( وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) لأنه أراد بقوله ( أَبْنَاءنَا ) الحسن و الحسين عـليهما السلام ، و بقوله ( نِسَاءنَا ) فاطمة ،و بقوله ( أَنفُسَنَا ) نفسه و نفـس عـليٍّ عـليهما السلام ، و إذا جعـله مثل نفسه وجب أن لا يُدانيه و لا يُقاربه في الفضل أحد ( 8 )

و قد سُمِّيت آية المباهـلة بهذا الاسم ، لأنَّ كل محق يود لو أهلك الله المُبْطِلَ المُناظر له ، و لا سيما إذا كان في ذلك حجة له في بيان حقه و ظهوره ، و كانت المباهـلة بالموت ، لأنَّ الحياة عـندهم عـزيزة عـظيمة ، لما يعـلمون من سوء مآلهم بعد الموت ، و ليس للرافضة الإمامية الاثنى عـشرية أيُّ حجة في استدلالهم بآية المباهـلة عـلى ما يدَّعـونه في موضوع الإمامة و ذلك لعـدة أسباب:

( أ ) أنَّه عـلى كثرة المعاني و المرادفات لكلمة [ نفسي ] التي استدلت بها الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية عـلى دلالة النص في خلافة عـلي بن أبي طالب فإنَّها لا تحمل في طيَّاتها معـنىً حـقيقيا أو مجازيا يدل عـلى الخلافة ، أمَّا كلمة [ نفسي ] عـند أهل السنة فهي تدل عـلى دعـوة النبي صلى الله عـليه و آله و سلم بحضوره بنفسه أو أقاربه في الدِّين أو النسب ، و هذا المعـنى مذكور في اللغة موافقا للدِّين ، قال الزبيدي: قال ابن خالويه: النفس: الأخ ، قال ابن برِّي: و شاهده قوله تعالى: ( فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ ) [ سورة النور:61 ] (9)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه مـنهاج السنة النبوية: " ... وأما قوله ( وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) فهذا مثل قوله:( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً ) [ سورة النور:12 ] نزلت في قصة عائشة رضي الله عـنها في الإفك فإن الواحد من المؤمنين من أنفس المؤمنين والمؤمنات ، وكذلك قوله تعالى: ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ سورة البقرة : 54 ] أي يقتل بعضكم بعضا ومنه قوله تعالى: ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ْ) [ سورة البقرة :84 ] أي لا يُخرج بعـضكم بعـضا فالمراد بالأنفس الإخوان إمَّا في النسب وإما في الدِّين ... " (10)

و أيضا قوله تعالى: ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَـزِيزٌ عَـلَيْهِ مَا عَـنِتُّمْ حَرِيصٌ عَـلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )  [ التوبة : 128 ] ، و في هذه الآية حجة بالغة عـلى من يسـتدل بقوله تعالى  ( أَنفُسَنَا ) عـلى معـنى المماثلة و التطابق ، فهذه الآية تتكلم عـن رسول الله و عـن كفار مكة و تقول ( مِنْ أَنفُسِكُمْ ) فمن ذا الذي يقول بأن نفس رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم هي نفس كفار مكة ـ عـياذا بالله تعالى ـ ؟ !! (11)

( ب ) إنَّ قضايا الاعـتقاد الكبرى و مهمات الدِّين و أساسياته العـظمى لابد لإثباتها أن تكون أدلتها من الأدلة القرآنية الصريحة القطعـية الدلالة عـلى المعـنى المطلوب كدلالة قوله تعالى: ( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) [ البقرة: 255 ] عـلى التوحـيد ، و دلالة قوله تعالى: ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ) [ الفتح: 29 ] عـلى نبوة محمد صلى الله عـليه و آله و سلم ... إلخ و نحن نعـلم يقينا أنَّ الله عـزَّ و جل  لم يدع من شئون المسلمين شيئا إلا بَيَّنَهُ و هذا مصداق قوله عـز و جل: ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) [ النحل: 89 ] ، و قد بَيَّنَ الله حكم المحيض لما يترتب عـليه من الأذى حيث قال: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) [ البقرة: 222 ] فإذا كان حكم المحيض قد بيَّنه الله تعالى لما فـيه من الأذى فهل يُغْـفَلُ ذِكْرُ الإمامة التي ترتَّب عـليها من أذى المسلمين بالفتن و الحروب و التناحـر و الاختلاف لعـشرات السنين في حين لا يُغْـفَلُ ذِكْرُ أذى المحيض ؟! (12)

ثانيا ـ دليل الرافضة من السنة النبوية الشريفة عـلى أحقية عـلي بن أبي طالب بالإمامة و تقديمه عـلى أبي بكر الصِّدِّيق و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عـفان رضي الله عـنهم جميعا 

تستدل الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية بحديث استخلاف عـلي رضي الله عـنه عـلى المدينة في تبوك و كان ذلك في شهر رجب سنة تسع من الهجـرة و استعمل رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم عـلى المدينة عـليًا رضي الله عـنه فوجد المنافقون فرصة للتنفيس عـما بداخلهم من حـقد و نفاق ، فأخذوا يتكلمون في عـليٍّ رضي الله عـنه بما يُسيء إليه ، فمن ذلك قولهم ما تركه إلا لثقله عـليه ، و هذا القول منهم في حقه علامة بارزة و واضحة عـلى نفاقهم ، عـند ذلك أدرك عـلي رضي الله عـنه الجيش و أراد الغـزو معهم قائلا يا رسول الله أتخلفني في الصبيان و النساء ، فقال رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم : ( ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، غـير أنَّه لا نبي بعدي ) (13)

و هذا الحديث ليس فيه ما تستدل به الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية عـلى كون أمير المؤمنين عـلي بن أبي طالب رضي الله عـنه خليفة رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم و يكون الرد عـليهم من وجوه:

( أ ) الحديث المذكور له سبب هام لا ينبغي أن يُغْـفَلَ أو أن يُـفْهَمَ الحديث دونه ، فـقد طعـن المنافقون في عـليٍّ رضي الله عـنه فبيَّن رسول الله مكانته و فضله و كذَّب المنافقين .

( ب ) من الثابت أنَّ هارون عـليه السلام كانت وفاته قبل موسى عـليه السلام و الاستدلال بالحديث عـلى إمامة عـليٍّ رضي الله عـنه بعـد رسول الله غـير مطابق و لو أراد رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم النص عـلى عـليٍّ بن أبي طالب رضي الله عـنه لقال له مثلا أنت مني بمنزلة يوشع من موسى ، لأنَّ نبي الله يوشع اُستُخْلِفَ عـلى بني إسرائيل بعد وفاة موسى عـليه السلام و لهذا ليس للحديث إلا معـنىً واحدًا و هي الترضية لعـليٍّ رضي  الله عـنه الذي أحزنه إبقاء الرسول صلى الله عـليه و آله و سلم له في المدينة مستخلفا عـلى الضعفاء و النساء و الأطفال و المتخلفين عـن الغـزوة ، فبيَّن له النبيُّ صلى الله عـليه و آله و سلم أنَّه كما استخلف موسى عـليه السلام أخاه هارون عـليه السلام عـلى قومه و ذهـب إلى الطور للقاء ربه تبارك و تعالى كان استخلافي لك يا   عـلي بن أبي طالب من هذا الباب .

( ج ) هارون عـليه السلام لم يكن وصيًا لموسى عـليه السلام بل نبيا و وزيرا بنص القرآن و قياس حال أمير المؤمنين عـليٍّ رضي الله عـنه بنبي الله هارون عـليه السلام غـير صحيح ، كما أنَّ الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية تعـتبر عـليًا رضي الله عـنه وصيًا و ليس بنبي فهل عـقلوا هذا القياس و وجه المفارقة بين عـليٍّ رضي الله عـنه و هارون عـليه السلام ؟

ثالثا ـ دليل الرافضة من مروياتهم المكذوبة و المنسوبة زورا و بهتانا إلى الأئمة الاثنى عـشر ـ رحمهم الله تعالى ـ عـلى أحقية عـلي بن أبي طالب بالإمامة و تقديمه عـلى أبي بكر الصِّدِّيق و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عـفان رضي الله عـنهم جميعا

إنَّ مرويات الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية كثيرة جدا و لا يسعـنا ذكرها جميعا و لكن نكتفي بذكر دليل واحد فقط و الرد عـليه حيث رووا في كتبهم ما نصه " ... و عـن سلمان الفارسي رضي الله عـنه قال: قال رسول الله صلى الله عـليه و سلم: من فـقد الشمس فـليتمسك بالقمر ، و من فـقد القمر فـليتمسك بالفرقدين ، فإذا فـقدتم الفرقدين فـتمسكوا بالنجوم الزاهـرة بعدي ، فسألته عـن ذلك فقال أنا الشمس و علي القمر ، فإذا فـقدتموني فـتمسكوا به بعدي ، و أما الفرقدان فالحسن و الحسين ، إذا فـقدتم القمر فـتمسكوا بهما ، و أما النجوم الزاهـرة فهم الأئمة التسعة بعدي ، أئمة أبرار ، عـدد أسباط يعـقوب و حواري عـيسى ، قـلت: فسمِّهم لي يا رسول الله ؟ قال أولهم و سيدهم عـلي بن أبي طالب و سبطاه ، و بعدهما زين العابدين ، و بعـده محمد بن عـلي باقر عـلم النَّبيِّين ، و الصادق جعـفـر بن محمد ، و ابنه الكاظم سميّ موسى بن عـمران ، و الذي يُقتل بأرض الغـربة عـلى اسم ابنه محمد ، و الصادقان عـلي و الحسين ، و الحجة القائم المنتظر ... " (14)

و نرد عـلى مثل هـذه الخرافات و الأباطيل من كتبهم و ذلك بما يلي:

( أ ) ذكر ابن أبي الحديد الرافضي في كتابه نهج البلاغة ما يردّ هذه الرواية و ذلك حينما أراد الناس بيعة عـليٍّ رضي الله عـنه بعـد شهادة عـثمان رضي الله عـنه حيث قال" ... و قالوا مُدَّ يدك نبايعـك عـلى خلافـتك فقال: دعوني و التمسوا غـيري و إن تركتموني فأنا كأحدكم و لَعـلِّي أسمعَـكم و أطوعَكم لمن وليتموه أمركم و أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا ... " (15)

فقد عـلمنا فيما سبق أنَّ الإمامة عـند الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية من أصول الدين و هي من أهم أركان الإسلام الخمسة ، و أنَّ أمر الإمامة منصوص من الله  تعالى لعـلي بن أبي طالب رضي الله عـنه كما يقولون فكيف يتورع عـن فعل ما هو من أصول الدِّين وركن من أركان الإسلام ؟ و كيف يتورع عـن فعـل ما هو واجب الطاعة فـيه لربِّ العالمين الذي جعل الوصاية له بالإمامة ؟ ... " (16)    

( ب ) تستدل الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية عـلى أحقية عـلي بن أبي طالب بالإمامة و تقديمه عـلى أبي بكر الصِّدِّيق و عـمر بن الخطاب و عـثمان بن عـفان رضي الله عـنهم جميعا بحديث " أنا مدينة العـلم و عـلي بابها " 

و نرد عـلى دليلهم هذا بما يلي:

1 ـ قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى " ... حديث أنا مدينة العـلم و عـلي بابها فــمن أراد العـلم فـليأت الباب ، موضوع رواه العـقيلي في الضعـفاء و ابن عدي في الكامل و الطبراني في الكبير و الحاكم عـن ابن عـباس و رواه ابن عـدي و الحاكم عـن جابر رضي الله عـنه ... " (17)

2 ـ ما قاله الكاتب الرافضي ابن أبي الحديد من أنَّ الشيعة قد وضعـت الأحاديث لتأييد مذهـبها في الإمامة حيث قال " ... إنَّ أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة فإنهم وضعـوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلفة في صاحبهم ـ يقصد عـلي بن أبي طالب ـ حَمَلَهُمْ عـلى وضعها عـداوة خصومهم ... "  (18)

و لقد شهد شاهد من أهـلها عـلى كذب الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية و بطلان خرافاتهم التي ملئوا بها كتبهم و دسُّوا فـيها سمومهم و لا حول و لا قـوة إلا بالله تعالى .

الشبهة الرابعة: هل مـنكر إمامة الاثنى عـشر عتند الرافضة الإمامية ليس بكافـر ؟     

إنَّ مسألة الإمامة عـند أهل السنة ليست من أصول الدين التي لا يسع المكلف الجهل بها كما قرره جمع من أهل العلم و لكنَّ الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية تعـتقد غـير ذلك فقد روى الكليني بسنده عـن أبي جعـفر قال " ... بني الإسلام عـلى خمس عـلى الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الولاية ، و لم يناد أحد بشيء كما نودي بالولاية ، فاخذ الناس بأربع و تركوا هذا ـ يعـني الولاية ـ ... "  (19)

و يقول يوسف البحراني الرافضي في موسوعـته الحدائق الناضرة في أحكام العـترة الطاهـرة ما نصه " ... و ليت شعـري أي فـرق بين من كفر بالله سبحانه و تعالى و رسوله ، و بين من كفر بالأئمة عـليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين ... " (20)

و يقول المجلسي ثقة الشيعة " ... اعلم أنَّ إطلاق لفظ الشرك و الكفر عـلى من لم يعـتقد إمامة أمير المؤمنين و الأئمة من ولده عـليهم السلام و فضَّل عـليهم غـيرهم ، يدل أنَّهم مخلدون في النار ... " (21) (22)

و ينقل شيخ الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية المفيد اتفاقهم عـلى تكفير منكر إمامة الاثنى عـشر حيث قال "... اتفقت الإمامية عـلى أنَّ من أنكر إمامة أحد من الأئمة و جحد ما أوجـبه الله تعالى له من فـرض الطاعة ، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار ... " (23)

و بهذا عـلمنا أنَّ الإمامة ركن من أركان الإسلام عـند الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية ، و هي من أصول الدين كما يقولون ، و من أنكر الإمامة عـندهم كان كافرا  و يستحق بذلك الخلود في النار كما يدَّعون ، و بعد هذا كله هل أيقنت حركة الجهاد الإسلامي بطلان كلام الشقاقي فيكفوا شرَّهم عـن أمة الإسلام ، و ينتهوا عـن توزيع هذه الكتب أو تدريسها بين أفرادهم ؟ أم أنَّ الدولار الفارسي قد أعـمى أبصار بعضًا منهم فأحدث عـلى قلوبهم غـشاوة فهم لا يبصرون ؟

الشبهة الخامسة: ما حكم الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية لاعـتقادها بعـصمة الأئمة الاثنى عـشر ؟    

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى " ... وأما عـصمة الأئمة فلم يقل بها إلا كما قال الإمامية و الإسماعـيلية وناهـيك بقول لم يوافـقهم عـليه إلا الملاحدة المنافقون الذين شيوخهم الكبار أكفر من اليهود والنصارى والمشركين وهذا دأب الرافضة دائما يتجاوزون عـن جماعة المسلمين إلى اليهود والنصارى والمشركين في الأقوال والموالاة والمعاونة والقتال وغـير ذلك ... " (24)

و لذلك تبيَّنَ لنا أنَّ الاعـتقاد بالعـصمة لغـير رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم من البدع الكفرية التي تؤدي بصاحبها إلى الجحيم إن لم يتب منها بينما نجد الشقاقي لم يُبَيِّنْ هـذا الحكم بل اعـتبر أنَّ خطأ الرافضة في ذلك لا يوجب تكفيرها أو عـلى الأقل بدعـتها و هذا دليل واضح عـلى أنَّ الشقاقي لم يعـلم من عـقيدة السلف في الرافضة شيئا ، و لكننا نرد عـلى زعم الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية بما يلي:

 1 ـ لو طُلِبَ من  الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية الذين يدَّعـون عـصمة أئمـتهم أن يأتوا بدليل واحد من القرآن أو السنة النبوية أو عـن الصحابة، أو عـن إجماع الأمة لما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، إذ القرآن الكريم لم يصرح بعـصمة أحد، بل أثبت أن المعـصية من شأن الإنسان، فإنه قد صدرت من آدم الذي هو أبو البشر، وأخبر عـن موسى بأنه قـتل، وعـن يونس أنه ذهـب مغاضباً ، وورد في السنة النبوية ما يشير إلى ذلك في وقائع صدرت من الرسول الكريم صلى الله عـليه و آله وسلم كما قال تعالى: ( عَـفَا اللّهُ عَـنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ) [التوبة:43]، وما ورد في عـتابه عـن أخذهم الفداء من أُسَارَى معـركة بدر، وغـير ذلك مما هو معـروف في الكتاب والسنة وأقوال علماء الإسلام.

2 ـ روى الكليني في باب التسليم عـلى النساء، عـن عـلي رضي الله عـنه أنه كان يكره التسليم عـلى الشابة منهن, ويقول: " ... أتخوف أن يعجبني صوتها، فيدخل عـلي أكثر مما أطلب من الأجر... " . و لو كان عـلي بن أبي طالب يدَّعي العـصمة لنفسه ـ كما تزعم الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية ـ لما خاف الإثم (25)

3 ـ كان عـلي بن أبي طالب رضي الله عـنه يقول لأصحابه: "... لا تكفوا عـن مقالة بحق، أو مشورة بعـدل فإني لست آمن أن أخطئ ... " .(26)

فإذا كان عـلي بن أبي طالب رضي الله عـنه لا يأمن عـلى نفسه من الخطأ فكيف تَدَّعي الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية العـصمة له و هذا دليل عـلى كذبهم و زيف اعـتقادهم و فساد أقوالهم و هم قـد اعـترفوا بذلك 

4 ـ ورووا كذلك أن الحسين بن عـليّ بن أبي طالب  رضي الله عـنهما كان يُبْدِي الكراهية من صُلح أخيه الحسن مع معـاوية ويقول:  " ... لو جز أنفي كان أحب إلي مما فعـله أخي... ". (27)  
ومن المعـلوم أنه إذا خَطَّأَ أحد المَعْـصُومَينِ الآخر ثبت خطأ أحدهما بالضرورة فأين العـصمة للأئمة بعد ذلك؟

5 ـ إنَّ دعـوى عـصمة أحد من الناس  بعد رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم فـيه دعـوى تعارض الطبيعة البشرية المركبة من الشهوات، كما أنه لا يُمْدَحُ الإنسان لكونه معـصوم، بل يُمْدَحُ لأنه يجاهد نفسه عـلى فعل الخير كما أخبر الله بذلك في أكثر من موضع من كتابه الكريم ، ولهذا رتب الله الجزاء عـلى حسب قيام الشخص بما كلفه الله به، وأعطاه القدرة والإرادة ليكون بعد ذلك طائعاً أو عاصياً، فاعلاً أو تاركاً، ولو عـصم الله من المعاصي أحداً –غـير الأنبياء- لما كان للتكليف معـنىً، بل حتى الأنبياء كلفهم الله تعالى ولم يرفع الله عـن أحد التكليف وامتثال أمره ونهيه، ما دام الشخص في كامل عـقله وصحته، ولو لم يكن الإنسان محلاً للطاعة والعـصيان فلماذا كان التكليف إذن ؟  (28)

الشبهة السادسة:  هل المهدي  المنتظر عـندهم لا زال حيا بين الناس منذ مئات السنين ؟

تعـتقد الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية بالمهدي المنتظر و هو محمد بن الحسن العـسكري و هو الإمام الثاني عـشر عـندهم ، و يطلقون عـليه الحجة ، كما يطلقون عـليه القائم ، و يزعـمون أنَّه ولد سنة 255 ه و اختفى في سرداب سنة 265ه و هم ينتظرون خروجه في آخر الزمان لينتقم لهم من أعدائهم و نرد عـلى زعـمهم هذا بما يلي:

1 ـ ثبوت عـدم ولادة هذا المهدي فـقد اقـتضت حكمة الله تعالى أن يموت الحسن العـسكري الإمام الحادي عـشر عـند الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية و ليس له ولد فكانت الفضيحة الكبرى فإذا كان الإمام الحادي عـشر قد مات و لا يوجد من يخلفه في الإمامة فـلماذا يـتعسَّـفون بعد ذلك بوجود الإمام الثاني عـشر ؟ كما أنَّ الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية تعـتقد بعـدم جواز أن تكون الإمامة في الإخوة بعد الحسن والحسين فهل بعد هذا إلا الضلال المبين؟

2 ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " ... إنَّ هذا المعـصوم الذي يدَّعـون أنَّه في وقـت ما قد ولد عـندهم أكثر من أربعـمائة وخمسين سنة ـ هذا بالنسبة لعـصر ابن تيمية رحمه الله تعالى ، أما الآن فقد مضى عـليه ما يزيد عـن ألف و مئة و خمسين عاما ـ فإنه دخل السرداب عـندهم سنة ستين ومائتين ، وله خمس سنين عـند بعـضهم وأقل من ذلك عند آخرين ولم يظهر عـنه شيء مما يفعـله الإمام المعـصوم فأي منفعة للوجود في مثل هذا لو كان موجودا فكيف إذا كان معـدوما ، والذين آمنوا بهذا المعـصوم أي لطف وأي منفعة حصلت لهم به نفسه في دينهم أو دنياهم ... وهذا الذي تدعـيه الرافضة إنما مفـقود عـندهم وإما معـدوم عـند العـقلاء وعـلى التقديرين فلا منفعة لأحد به لا في دين ولا في دنيا ، فمن عـلق دينه بالمجهولات التي لا يعـلم ثبوتها كان ضالا في دينه لأن ما عـلق به دينه لم يعـلم صحته ولم يحصل له به منفعة فهل يفعل مثل هذا إلا جاهل ... " (29)

الشبهة السابعة: هـل غـلاة الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية هم الذين يقدحون في الصحب الكرام دون غـيرهم كما يقول بذلك الشقاقي ؟ أم أنَّ هذا مذهـب كل رافضي دون تـفريق بينهم ؟

تقوم عـقيدة الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية عـلى تكفير الصحابة ـ رضوان الله عـليهم ـ و سـبِّهم و شتمهم بألفاظ و عـبارات كلها بذاءة و إسفاف يترفع عـنها العـقلاء في حق كرام الناس ، فكيف بحق أكرم الناس بعد الأنبياء و هم الصحابة رضوان الله عـليهم و قد كفَّر الروافض جميع أصحاب رسول الله صلى الله عـليه و آله و سلم إلا النادر منهم و ننقل قولهم من كتبهم قديما و حديثا و ذلك بما يلي:

1 ـ ينقل الكشي أحد كبار الرافضة و هو يروي عـن أبي جعـفـر أنَّه قال: " ... كان الناس أهل الردة بعد النبي إلا ثلاثة ، فقلت: و من الثلاثة ؟ فقال:المقداد بن الأسود ، و أبو ذر الغـفاري ، و سلمان الفارسي ... " (30)

2 ـ و ذكر المجلسي عالم الرافضة المعـروف في كتابه حق اليقين أنَّه قال لعـلي بن الحسين مولًى له: " ... لي عـليك حق الخدمة فأخبرني عـن أبي بكر و عـمر ؟ فقال: إنَّهما كانا كافرين ، و الذي يحـبهما فهو كافر أيضا ... "    (31)

3 ـ يقول الهالك الخميني ـ كبيرهم الذي عـلمهم الرفض ـ وهو يستهين بالصحب الكرام لدرجة أنَّه فضَّل شعـب إيران عـليهم حيث قال في وصيته: " ... و أنا أزعم بجرأة أنَّ الشعـب الإيراني بجماهيره الملـيونية في العـصر الراهـن أفضل من أهل الحجاز في عـصر رسول الله ... " (32)

و يقول هذا الخبيث أيضا في سبِّه لخير الأمة بعد نبيِّها صلى الله عـليه و آله و سلم: " ... إنَّنا هـنا لا شأن لنا بالشيخين و ما قاما به من مخالفات للقرآن ، و من تلاعـب بأحكام الإله ، و ما حلَّلَاه و ما حرماه من عـندهما ، و ما مارساه من ظلم ضد فاطمة بنت النبي و ضد أولاده ، و لكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله و الدين ... " (33) (34)

و بعـد كلِّ هذا هل عـلم أنصار الشقاقي و مُحِبِّـيه خطأ و زيف كلام الشقاقي فيما حكاه عـن الرافضة الإمامية الاثنى عـشرية فَـَيكـُفُّوا عـنَّا نشر أباطيلهم الموجودة في كتب الشقاقي و غـيرها ؟ أم أنَّ هذا لا يروق لكثير من قادتهم المتأثرين بلمعان الدولار الفارسي فضلا عـن غـيرهم ؟

نسأل الله سبحانه و تعالى التوفيق و السداد في القول و الفعـل و العـمل و الله المستعان و الله غالب عـلى أمره  و لكنَّ أكثر الناس لا يعتلمون و الحمد لله ربِّ العالمين .  

 

   المصادر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( 1 ) كتاب رحلة الدم الذي هزم السيف للدكتور فتحي الشقاقي ج 1 ص 493 

( 2 ) انظر كتاب أوائل المقالات للرافضي الشيخ المفيد ص 91

( 3 ) انظر آخر كتاب الكافي تحت عنوان فضل القرآن

( 4 ) انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ج 12 ص 497

( 5 ) أصل الشيعة و أصولها ، تحقيق علاء آل جعفر , طباعة مؤسسة الإمام علي عليه السلام ص236

( 6 ) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله تعالى ج 28 ص 481 ـ 482   

( 7 ) انظر كتاب تعريف عام بالشيعة الاثنى عشرية للدكتور صالح الرقب ص 54ـ57 بتصرف

( 8 ) تفسير البيان للطوسي ج 3 ص 485

( 9 ) تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد مرتضى الزبيدي ج 16 ص 570

(10) منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ج 4 ص 33 ـ 34

(11) انظر كتاب ثم أبصرت الحقيقة لمحمد سالم الخضر ص 188

(12) انظر كتاب الإمامة و النص لفيصل نور ص 371 و كذلك كتاب أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب للدكتور علي محمد محمد الصَّلاَّبيِّ ص 759 بتصرف

(13) صحيح البخاري رقم الحديث 2404

(14) نقلا عن كتاب الإمامة و النص لصاحبه فيصل نور ص 27 و الذي بدوره نقل هذه الرواية و غيرها من كتب الرافضة

(15) انظر نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبده ج 1 ص 183

(16) انظر كتاب بطلان عقائد الشيعة لصاحبه محمد عبد الستار التونسوي ص 26 بتصرف

(17) ضعيف الجامع الصغير ج2 ص 13 رقم 1416

(18) شرح نهج البلاغة ج 11 ص 48 ، 50

(19) انظر كتاب أصول الكافي ج 2 ص 18 رقم 3  

(20) انظر الحدائق الناضرة ج 18 ص 153

(21) بحار الأنوار ج 23 ص 390 

(22) استقينا هذه الأدلة من كتاب أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب للدكتور علي محمد محمد الصَّلاَّبيِّ ص 716 ـ 717 بتصرف بسيط

(23) انظر المسائل للمفيد ، و قد نقل ذلك عنه المجلسي في البحار ج 8 ص 366

(24) انظر منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ج 3 ص 374

(25) أصول الكافي ج 2 ص 473

(26) انظر مختصر التحفة الاثنى عشرية ص 121

(27) نفس المصدر السابق

(28) انظر موقع الدرر السنية موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  الباب الثامن: الشيعة  ، الفصل الواحد والعشرون: الآراء الاعتقادية للشيعة الرافضة الاثنى عشرية ، المبحث الثاني: الخلافة والإمامة عند الرافضة الاثني العشرية ، المطلب الخامس: إبطال ما ادعته الشيعة من عصمة أئمتهم .

(29) منهاج السنة لابن تيمية ج 8 ص 261 ـ 268 بتصرف بسيط

(30) رجال الكشي ص 12 ، 13 

(31) كتاب حق اليقين ص 522

(32) الوصية السياسية ص23

(33) كشف الأسرار للخميني ص 126 ـ 127   

(34) انظر كتاب تعريف عام بالشيعة الاثنى عشرية للدكتور صالح الرقب ص 61 ـ 62 ، 83 ـ 84

(35) غالب الأدلة  التي ذكرناها في الرد على هذه الشبه استقيناها من كتاب أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب للدكتور علي محمد محمد الصَّلاَّبيِّ بتصرف  

 

 



مقالات ذات صلة