10-7-2014
من يشكك في العلاقات الإيرانية الأمريكية عليه أن يتابع ما يجرى في المشهد العربي الحالي، سيما ما يحدث في العراق وسوريا، وما حدث من قبل في أفغانستان، وما يجري في كثير من البلدان العربية والإسلامية، ففي تلك المشاهد تعاون واضح بين أمريكا وإيران لإخماد الصحوة السنية التي انطلقت مع بدايات الربيع العربي.
أما التعاون الخفي فهو موجود منذ أمد بعيد، فالعلاقات الإيرانية الأمريكية في تاريخ إيران الحديث كثيرة ومتشعبة، ولعل الثورة الإيرانية تكون إحدى ثمار هذه العلاقات، فقد كان للغرب وأمريكا دور كبير في نجاح هذه الثورة واستمرارها إلى وقتنا الحالي، وللغرب وأمريكا الفضل في بقاء إيران (الشيعية) وسط هذا الزخم السني.
وفيما يخص المشهد الحالي لا يخفي الطرفان (الإيراني والأمريكي) ما بينهما من تعاون بشان ما يحدث في الأراضي العربية والإسلامية، سيما ما يحدث في العراق، وهذا ما صرح به الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، حيث أكد استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة في ملف العراق، فقال: "نشارك الولايات المتحدة المشاكل نفسها (بشأن العراق)، ولا توجد عقبة أمام تعاوننا سنتعاون إذا اقتضى الأمر".
وأضاف رفسنجاني: "إذا اتخذت الولايات المتحدة قراراً بشأن العراق وإذا كانوا في حاجة إلى تعاوننا فإننا سنتفاوض" بشأن هذا التعاون، مشيراً إلى مجالات ممكنة مثل "تقاسم المعلومات والخبرات والدعم المتبادل في مجال التمويل والتكنولوجيا".
وشدد الرئيس الأسبق على أن البلدين "يتقاسمان" وجهات النظر بشأن الوضع في العراق رغم "وجود بعض الخلافات السياسية" بين طهران وواشنطن بشأن الوضع في سوريا.
وكلام رفسنجاني يوحي بأن التعاون لم يوجد بعد، وأنه متوقع في المستقبل، وهو خلاف الواقع؛ لأن النظام العراقي القديم ما سقط إلا بفضل هذا التعاون، وما احتلت العراق إلا بفضل هذا التعاون، وما تمكن الشيعة من العراق ونفطه إلا بفضل هذا التعاون، وما حافظت أمريكا هي الأخرى على مصالحها في العراق إلا بفضل هذا التعاون، وما احتلت أفغانستان إلا بفضل هذا التعاون، وما صمد بشار في حربه ضد الشعب السوري إلا بفضل هذا التعاون... فإما أن رفسنجاني مغيب، وإما أنه يكذب ويدلس، والثانية هي الأولى والأقرب.
ويبدو أن أولى ملفات هذا التعاون- الحديث- بين إيران وأمريكا في العراق قد تمثل في قذف طائرات إيرانية لمواقع سنية مقاومة، حيث قصفت طائرات حربية إيرانية المدن السنية العراقية شمالي البلاد على الحدود مع سوريا.
ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية، عن "مصادر عراقية موثوقة"، أن الغارات الجوية التي شنت في الأيام الماضية في العراق دعماً للقوات الحكومية التابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي، "نفذتها طائرات إيرانية يقودها طيارون إيرانيون".
وتلك إستراتيجية جديدة... فلماذا ترسل أمريكا طائراتها وطياريها، وهناك حليف ووكيل ينفذ لها ما تريده؟!! وإستراتيجية الوكيل أو الحليف إستراتيجية معروفه، اتبعتها الدول الاستعمارية مع مستعمراتها بعد الرحيل عنها وإعلان استقلالها، عن طريق فلول المستعمر وأذنابه.
وعليه فليس ثمة فرق كبير بين الكيانين (الإيراني والصهيوني)، فعلى الرغم من اختلاف استراتيجيات المواجهة بين هذين الكيانين وبين الدول الإسلامية السنية إلا أن النتيجة واحدة، والمآل واحد، فكليهما يمثل تهديداً حقيقياً وخطراً صريحاً لا مرية فيه، وكلاهما يتحرك وفق تنسيق أمريكي، وكلاهما يحمي مصالحه ومصالح أمريكا؛ لذلك تسهر أمريكا على رعاية هذين الكيانين ودعمهما والحفاظ على بقائهما، مع اختلاف في الوسائل والطريقة..
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث