علي محمد طه
لم تعد العلاقة الحميمية بين جماعة الحوثي في اليمن ودولة "إسرائيل" سراً يخفى على أحد، كما أن أهل اليمن لن يعودوا لينخدعوا بشعارات (الموت لـ"إسرائيل")، بعد أن أصبحوا يرون بأم أعينهم اليهود القادمين من "إسرائيل" يسرحون ويمرحون على أرض اليمن جهاراً نهاراً، وتحت حماية مباشرة من الحوثيين.
ولو عدنا للوراء قليلاً وتحديداً إلى عامي 1963م و1964م لوجدنا أنه قد نشط حينها التعاون العسكري بين دولة "إسرائيل" و"جيش الإمام" الذي ينتهج "المذهب الزيدي".
ويؤكد مائير عاميت رئيس الموساد الأسبق أن "إسرائيل" دعمتهم بالسلاح والذخيرة طيلة عامين متواليين، ويذكر أنه في خريف 1963م، تزايدت الاتصالات بين الجانبين، وبدأت حينها الخطة الفعلية لدعم الحكم الزيدي في اليمن تنضج بعد تلقي الدعم السياسي من الحكومة الأمريكية والقيادة البريطانية التي كانت موجودة في عدن حين ذاك.
ومن جهة أخرى يقول الباحث "الإسرائيلي" يوجاف إلباز في صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" في مقال له تحت عنوان (هل عدو عدوي صديقي! التدخل "الإسرائيلي" في الحرب الأهلية اليمنية)، الذي يكشف فيه بالمعلومات والوثائق التورط "الإسرائيلي" في حرب اليمن الأولى في الستينيات من القرن الماضي.
اليوم ومنذ الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن عام 2014م، بدأت وسائل الإعلام العالمية المختلفة تكشف، وبشكل مستمر عن صفقات سرية تجري بين المليشيات الحوثية و"إسرائيل"، بهدف التعاون في مجال تسهيل هجرة ما تبقى من يهود اليمن إلى "إسرائيل"، والسماح بتنقل اليهود من اليمن إلى "إسرائيل" وبالعكس، مقابل صفقات سلاح ضخمة تسلم للحوثيين من الجانب "الإسرائيلي" من طريق وسطاء في دولة إثيويبا.
وفي هذا السياق يقول الباحث مصطفى حسين:
يعتبر اليهود اليمنيون من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، وفي موضوع الهجرة الأخيرة لليهود من اليمن خلال فترة سيطرة الحوثيين على البلاد، تؤكد كل المعلومات التي تنشرها وسائل الاعلام العالمية نقلاً عن الاعلام "الإسرائيلي" أنه جرى نقل عشرات اليهود من اليمن إلى "إسرائيل" منذ عام 2014م، وقد تم ذلك في صفقات فيما سمي مقايضة اليهود بالسلاح "الإسرائيلي"، ولعل من أشهر من تم نقلهم إلى "إسرائيل" الحاخام سليمان دهاري وعائلته مهربًا معه كتاب توراة قديم يعود إلى نحو 800 عام. والشيء المضحك أن الإعلام الحوثي ومن يسانده في إيران والعراق وسوريا يطبل ويهلل ليل نهال بشعارات زائفة تتحدث عن الموت لأمريكا و"إسرائيل"، وأن المعركة القادمة بعد هزيمة التحالف العربي لإعادة الشرعية الذي يدعون أنه يقاتلهم نيابة عن أمريكا و"إسرائيل" في اليمن ستكون مع الكيان الصهيوني، طبعاً الكلام نفسه جرى سماعه من قِبَل قائد فيلق القدس في العراق وسوريا الجنرال قاسم سليماني، ومن قِبَل زعيم "حزب الله" حسن نصرالله، في أن معاركهم في الشام هي مقدمة للمعركة الكبرى القادمة لإزالة الكيان الصهيوني من الوجود، ولا شك أن الجماهير العربية بعد ما جرى ويجري في الشام والعراق واليمن باتت على يقين بأن شعاراتهم جوفاء وأنهم في حقيقتهم لا يوجهون سهامهم ولا يستهدفون إلا أهل السنة في كل مكان، وقد سلمت "إسرائيل" منهم طيلة 60 عاماً الماضية.
وفي تقرير لها قالت صحيفة (معاريف) "الاسرائيلية"، أن نائب وزير التعاون الإقليمي أيوب قرا، أدّى دورًا في عمليات تهجير التي جرت بالاتفاق بين الحوثيين و"إسرائيل"، التي استمرت نحو عام، وأديرت على نحو رئيسي من قبل الوكالة اليهودية وموظفي وزارة الهجرة والاستيعاب ووزارة الداخلية، الذين عملوا على الموضوع على نحو سري خلال السنوات الماضية.
ومن يتابع الإعلام "الإسرائيلي" يرى تحيزاُ واضحاً منه إلى الحوثيين في حرب اليمن، ولعل مواقف الحوثيين الداعمة لهجرة ما تبقى من يهود اليمن إلى "إسرائيل" أسهمت في تشكيل ضغط شعبي "إسرائيلي" على وسائل الإعلام المحلية لتعمل هي أيضاً على دعم الرواية الحوثية في ما يجري في اليمن، وتصوير الجماعات الحوثية على أنها قوة وطنية تناضل لتخليص اليمن من الطامعين، بل تعدى الأمر ذلك إلى قيام مجموعات من أصول يهودية يمنية وفنانين للترويج للرواية الحوثية عبر الإعلام الغربي.
وقد نشط في هذا السياق "الفنان" اليهودي العالمي من اصول يمنية زيون جولان، الذي تحدث مراراً عن الوضع اليمني من وجهة نظر حوثي بحت، بل إنه أثنى في مقابلات له على الحوثيين؛ فوصفهم بأفضل من حكم اليمن؛ لتسامحهم على حد وصفه مع يهود اليمن، والسماح لهم بالهجرة من اليمن أو العودة إليها لمن هاجر منها.
أخيراً: إن اللافت للأنظار هو التركيز الكبير والممنهج للحملات الإعلامية اليهودية الموجهة نحو المجتمع الغربي والإعلام الغربي، التي تستهدف تشويه صورة التحالف العربي في اليمن، وتعمل على تحريف حقائق ما يجري على الأرض، من أجل التعمية على المجتمع الدولي عما يحدث في اليمن من قِبَل عصابات الحوثيين، وإيهامهم بأن ما يجري هو حرب ظالمة بين السعودية وحلفائها من جهة واليمن كله من جهة أخرى، مع تعمد إخفاء المعلومات بطبيعة التمرد الحوثي وموقف الشرعية اليمنية وخلفيات الانقلاب والحروب التي شنتها المجموعة على مخرجات الحوار الوطني والسلم الاجتماعي، عبر استخدامها المصطلحات المضللة المنحازة لطرف دون آخر.
المصدر : موقع المثقف
21/2/1440
30/10/2018