«الحاجة الإيرانية ذكّرته بمزارع شبعا وفلسطين والقدس وحصار غزّة» سليمان لـ «المستقبل»: خطاب نصرالله يُعيدنا إلى مربع الأزمة الأول.

بواسطة علي الحسيني قراءة 1152
«الحاجة الإيرانية ذكّرته بمزارع شبعا وفلسطين والقدس وحصار غزّة» سليمان لـ «المستقبل»: خطاب نصرالله يُعيدنا إلى مربع الأزمة الأول.
«الحاجة الإيرانية ذكّرته بمزارع شبعا وفلسطين والقدس وحصار غزّة» سليمان لـ «المستقبل»: خطاب نصرالله يُعيدنا إلى مربع الأزمة الأول.

2017-2-20

علي الحسيني

 

بعد كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الأخير والذي تهجّم فيه على المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى استجلابه الخطر على لبنان من خلال تهديده بإستهداف مفاعل «ديمونا» النوويّ في اسرائيل، خرجت مواقف عدة لسياسيين لبنانيين استنكروا خلالها هذه العدائية التي من شأنها تحميل لبنان تبعات وأعباء هو في غنىً عنها خصوصاً في هذا الوقت بالتحديد الذي يسعى فيه العهد الجديد، إلى لملمة جراح قديمة وتعويض الخسائر الإقتصادية والإجتماعية التي نجمت عن مجموعة أمور، في طليعتها إستعداء الحزب للدول العربية وإنغماسه بشكل لا يوصف بدماء الشعب السوري. من بين الأصوات التي علت مقابل خطاب نصرالله وتهديداته وإتهاماته والتي تراوحت بين تهديد استقرار لبنان ونيّة أخذه مُرغماً إلى الحضن الإيراني، ثمة شخصيّات شيعية نّددت بهذا الخطاب واعتبرته كمن يُحاول فرملة انطلاقة العهد الجديد نحو فتح آفاق وعلاقات مع الجميع من دون إستثناء، ورأت فيه أيضاً محاولة لوضع البلد تحت رحمة الحزب وإيران من خلال فتح خصومات قديمة ـ جديدة، خصوصاً ان نصرالله كان ابتعد خلال الفترة الماضية عن خطابات التشنج والتحدي، المتعلقة بالداخل اللبناني. وهذا ما فسره البعض، بأن الواقع في سوريا، بدأ يميل لغير مصلحته في ظل الإتفاقات التي بدأت تُعقد بين الأطراف المعنية بشكل أساسي بالأزمة السورية. الباحث السياسي حارث سليمان يدخل إلى خطاب نصرالله من بوابة العهد الأميركي الجديد برئاسة دونالد ترامب فيقول: «من الواضح من اللهجة التي يستعملها ترامب وفريقه المساعد والخارجية الأميركية، أنهم غير راضين عما أنجزه الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما وتحديداً لجهة البرنامج النووي الإيراني وعدم ادراج برنامج صواريخها الباليستية ضمن هذا الإتفاق، أو انه أدرج بطريقة غامضة وغير دقيقه للمراقبة. والإعتراض الآخر هو أن ترامب لا يريد لإيران ان تستمر بتوسيع نفوذها في المنطقة العربية خصوصا، على حد قول ترامب، وأن الولايات المتحدة الاميركية كانت قد دفعت ثمناً باهظاً مادياً وعسكرياً ومن جنودها من أجل اسقاط الرئيس صدام حسين واحتلال العراق قبل أن تعود وتسلمه لايران». ويرى أنه «من الواضح بعد تصاريح ترامب وفريقه، أن مواجهة إيرانية ـ أميركية تلوح في الأفق على مستويين، الأوّل: إعادة قراءة الملف النووي، والثاني إعادة ايران الى حجمها بمعنى تقليص نفوذها الإقليمي في الدول العربية التي تمددت اليها مثل سوريا واليمن والعراق ولبنان»، معتبراً أن «هناك مواجهة يُمكن ان تتحول الى مواجهة ساخنة، تباشيرها تلوح في مضيق هرمز وباب المندب بين ايران وأميركا». ويلفت إلى أن «الإيرانيين لديهم إجراءان. الأوّل يقوم على سلك طريق السياسة الناعمة والتي بدأها الرئيس حسن روحاني بزيارة متبادلة بينه وبين الكويت ومع سلطنة عمان التي تُشكل نوعاً من الوسيط بين الدول الخليجية وايران. أمّا الإجراء الثاني، فيتمثّل بتوكليهم للسيد نصرالله بممارسة السياسة الخشنة وهذه السياسة تقول من خلالها ايران، بأن لدينا أوراقاً كثيرة يُمكن ان نلعبها وهذا ما قاله مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي بأن «حلفاء ايران سوف يدمرون إسرائيل»، مضيفاً: «على هذا الأساس، تذكّر نصرالله منذ يومين، على وقع الحاجة الايرانية، مزارع شبعا وفلسطين والقدس وحصار غزّة، وتذكّر أيضاً المجمع الكيماوي الإسرائيلي في حيفا ومفاعل «ديمونا»، بمعنى أصح أنه قام بما هو مكلّف به من تصعيد وتهديدات عسكرية من أجل تعزيز أوراق إيران التفاوضية». ويضيف: «هناك طرفان إقليميان اليوم. دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية من جهة، وإيران من جهة اخرى، وعندما تقوم أميركا بتصعيد الموقف في المنطقة بوجه السياسة الإيرانية من خلال تحالفها مع الدول العربية، نرى كيف ان حليف إيران في لبنان، أي حزب الله، يواجه السعودية في الخليج»، مشدداً على أنه «في الكثير من المناسبات قامت السعودية بتقديم مساعدات للبنان، واليوم هناك مواجهة شاملة في المنطقة، فالسياسة السعودية تقوم على قاعدة دفاعية. فالسعودية لم تقم بأي مبادرة في المنطقة يُمكن أن تُهدد مصالح إيران أو زعزعة استقرارها، ولم تستثمر السعودية في مشاكل ايران في البلوشستان ولا في مشكلة عرب الأحواز ولم تُقدّم دعماً لأي طرف إيراني معارض ولم تأوِ أو تتواصل مع المعارضة الإيرانية كمنظمة مُجاهدي خلق». ويؤكد أن «السياسة السعودية كانت وما زالت سياسة حسن جوار وميل الى إقامة تعاون إقليمي مع كل دول المنطقة، ولكن منذ العام 2003 وحتى اليوم تقوم السياسة الايرانية على زعزعة استقرار الدول العربية: من اليمن الى سوريا على غرار عسكرة المعارضة في البحرين وغيرها ممن ذكرناهم»، لافتاً إلى أن «السعودية تتبع نهج الدفاع عن النفس، فالحوثيون يقومون اليوم بقصف المملكة بصواريخ باليستية ايرانية الصنع، علماً أن دول الخليج مُستعدة لأي مبادرة حوارية تقوم بها إيران من أجل تبريد الاجواء وهذا ما نراه في الكويت وفي مسقط. لكن المهم هو أن تُقلع إيران عن السياسة التي لم تجلب سوى القتل والدمار والخراب في المنطقة». ويعتبر ان «ايران تستطيع ان تُجنّد أقليات شعية لمواجهة هذه الدولة او تلك، لكنها لا تستطيع ان تُساهم في إزدهار المنطقة خصوصاً وانها لا تقوى على حل اقتصادي في الداخل ولا على حل رفع مستوى المعيشة لشعبها ولا تستيطع حتّى أن تُقيم حلفاً خارج أرضها مبنياً على البناء السلمي والهيمنة أو السيطرة الاقتصادية، بل يقوم على الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار». ويشدد على أن «خطاب نصرالله الأخير، ما هو إلا صدى للحركة الإيرانية. والسيد نصرالله يملي على العهد أن يتبعه، بدل أن يتبع هو العهد، كون ميزان القوى يسمح له بأن يقوم بما يقوم به اليوم. وبالأصل فإن نصرالله يرى نفسه انه غير مُلزم بالتكيّف لا مع رئاسة الجمهورية ولا مع رئاسة الحكومة، ولا مع لبنان كله. فـ «حزب الله» اذنه وقلبه وعينه في طهران ولسانه يُحرّك من طهران»، مشيراً إلى أن «كل الإيجابيات التي حاول أن يقوم بها الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري ووزارة الخارجية لجهة إقامة اجواء إيجابية مع السعودية والتي أعادت لبنان الى علاقاته الطبيعية، يُمكن لكلام نصرالله أن يُعيد الازمة في علاقات لبنان الى المربع الاول». ويرى سليمان أنه «إذا كان نصرالله يستطيع أن يضرب مفاعل ديمونا وأن يُفجّر قنابلها الذرية وأن يُدمّر إسرائيل! فلماذا لا يفعل ذلك؟ يقول لنا انه قادر على تدمير اسرائيل ويمتنع عن ذلك، ان امتلاك هذه القدرة والامتناع عنها يعتبر خيانة فهل من يوضح؟. كما أنه من المعروف بأن في الحرب القتلى المقاتلين هم أقل الخسائر، فالعدو يلجأ عادة الى ضرب الجسور والبنى التحتية والجسم الاقتصادي، وهذه خسائر لا يُمكن تعويضها بين ليلة وضحاها، بينما اذا خسرنا سيارات أو دبابات او جنود، فهذا يُمكن تعويضه»، مشدداً على أنه «لا يجوز ان نخوض حرباً مع اسرائيل وبعدها نقوم بإحصاء عدد قتلانا ونقول هذه حرب ربحناها لاننا حيّدنا مقاتلينا وعوّضنا اسلحتنا. لبنان أضعف من أن يبقى حيّاً بعد حرب جديدة وذلك على كل المستويات». وإذ يُشير إلى أن «ايران تحاول استعمال لبنان كورقة أو كيس رمل لتلقي الضربات عنها»، يلفت إلى أن «حزب الله هو في مكانه وهو كناية عن فريق عسكري كفوء في قتاله، لكنه جزء من الإستراتيجية الإيرانية. وبمعنى أصح، فرقة لبنانية من فيلق الحرس الثوري الإيراني، لكنه لم يستعمل هذه الكفاءة في مكانها الصحيح». ويختم: «إن إنتخاب الرئيس ميشال عون فتح المجال لإعادة العمل بموجب الإستحقاقات الدستورية وأيضاً بأن يُقلع المجلس النيابي عن التمديد لنفسه إضافة إلى إنطلاق الحكومة الجديدة التي يرأسها الرئيس سعد الحريري، ولكن هذا الإجراء لا يعني إنهاء الأزمة بقدر ما هو محاولة لتجاوز الأزمات القائمة وإدارتها بأقل الخسائر».

 

 

 

المصدر: المركز اللبناني للابحاث والاستشارات

 



مقالات ذات صلة