التشيع العربي مذهب أمريكي جديد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
في تحد سافر لعقيدة جموع المسلمين في مصر قامت جريدة الغد التابعة لجناح أيمن نور في عددها الصادر يوم الأربعاء 11 رمضان 1427هـ، 4 أكتوبر 2006م بنشر ملحق مجاني تحت عنوان: "أسوأ عشر شخصيات في الإسلام من عائشة أم المؤمنين إلى عثمان الخليفة الراشد وحتى الآن الرئيس والابن الوريث".
والملحق على طريقة الجبناء غير منسوب لمؤلف، ولكن الروح الشيعية واضحة فيه جداً، حيث ردد كل تهم وأباطيل الشيعة حول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، والخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وطلحة والزبير -رضي الله عنهما-، فضلاً عن معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهم-، ولم يفت الكاتب أن يدافع عن مؤسس الشيعية الأول عبد الله بن سبأ، ويدعي أنها شخصية خيالية اخترعها المسلمون لينسبوا إليها المسئولية الكاملة عن أحداث الفتنة، مع أن كل الصحابة قد انغمسوا فيها على حد وصف كاتب الملحق، وأن انغماسهم فيها قد وصل إلى حد قتل حفيد النبي -صلى الله عليه وسلم- بسيوف أتباعه كما يزعم ذلك الزنديق.
وفي النهاية يتساءل ألم يبق من الصحابة من يصلح للاقتداء به؟ وكانت الإجابة: نعم يوجد من وعى وفهم الرسالة المحمدية مثل على بن أبي طالب. ولم يذكر غيره مثالاً، وليس المقام مقام رد على هذه الأكاذيب والافتراءات، فهذه الردود موجودة متوافرة لطلاب الحق -بإذن الله-، ولكن نريد أن نحلل هذا الحدث الجلل من بعض جوانبه.
أولاً: سبق أن حذرنا من خطورة الإعجاب بالصمود العسكري لحزب الله أمام إسرائيل، وأن يتحول هذا الإعجاب أو الحرص على التشفي في إسرائيل إلى تقديم أعراض أمهات المؤمنين وصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- قرباناً لمثل هذا النصر الزائف، ووالله لو كان نصرًا حقيقياً لكان حرياً أن تزهد فيه إذ جاء على أيدي هؤلاء، فكيف بكونه نصر زائف.
ثانياً: ليست هذه هي السابقة الأولى في الفترة الأخيرة التي ينشر فيها سموم شيعية في جرائد –علمانية- معروفة بعدائها لكل ما هو ديني، وهذا ما يثير تساؤل ضخم حول الدوافع التي تدفع صحف علمانية إلى تبني قضايا دينية، وعلى مذهب مخالف للمذهب الذي ينتسبون إليه، والتاريخ يشهد أن الشيعة ماهرون في شراء الولاءات والأبواق، وإن كان الأمر في هذه المرة قد يتعداه إلى أن يكون الممول هم الأمريكان وليسوا الشيعة كما سنبين -إن شاء الله-.
ثالثاً: الأفكار المسمومة الواردة في هذا الملحق هي أفكار شيعية في نسخة خاصة لبلاد السنة فيما يبدو، ولذلك تحاشى الكاتب انتقاد الشيخين أبي بكر وعمر وحرص على إثبات فضائل لعائشة -رضي الله عنها-، ولقبها بأم المؤمنين، ونسب إليه الندم على أنها كانت السبب في مقتل عشرين ألفاً من أبنائها، وعاد وقال إنه ندم جاء متأخراً، كما أثبت فضائل لطلحة والزبير -رضي الله عنهما- ولكن قال إنهما محوا جهادهما مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأطماعهما في الخلافة، وكذا الحال مع عمرو بن العاص، وإن لم يفته أن يشكك في صدق إسلامه من أول الأمر، وكان الأمر أكثر فجاجة مع معاوية الذي كانت عباراته في شأنه صريحة في التشكيك في إيمانه وإيمان أبيه -رضي الله عنهما- وأن الحسنة الوحيدة له هو أنه صهر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
رابعاً: نشر موقع "العربية نت" على لسان مثقف شيعي أنه بصدد إصدار كتاب سوف يطبعه في لندن بعنوان "عمر بن الخطاب نظرية علوية" يدافع فيه عن نظرية أن علي -رضي الله عنه- كان شريكاً لعمر في الحكم، ولم يكن بينهما عداء، كما صور الشيعة الفرس –الصفويين- زاعماً أن الشيعة العرب يعترفون بهذا الوضع المتميز لعلي -رضي الله عنه- في الدولة العمرية، وأشار على أن المرجع الشيعي علي شريعتي كان ممن يرى هذا الرأي، ولذلك قامت أجهزة الثورة الإيرانية بتصفيته جسدياً في مقر إقامته في لندن قبل قيام الثورة بشهرين، رغم أنه كان من تلاميذ الخومينى.
خامساً: لا يخفى على أحد الذعر الأمريكي الصهيوني من السنة الذين يرفعون رايات الجهاد في كثير من المواطن لا يريدون علواً في الأرض، ولا يعطون لعلمائهم حق النسخ والتبديل والتحريف كما هو الحال عند النصارى، ولا حق الطاعة المطلقة كما هو عند الشيعة إلى الدرجة التي جعلت مفكري إسرائيل في تحليلهم لنتائج حربهم مع حزب الله الشيعي يطلقون تحذيرات شديدة من حيازة السنة لمثل سلاح الشيعة.
سادساً: أمريكا رغم حداثة عمرها السياسي كلاعب رئيسي في الحلبة الدولية إلا أنها ورثت عن ربيبتها التي كانت يوماً ربتها إنجلترا ملفات تبين مواطن القوة الضعف في العالم الإسلامي، ويعرفون المرونة السياسية العالية لزعماء الشيعة والتبعية العمياء من عوام الشيعة لرؤسائهم، مما يعني أن الشيعة لا يختلفون كثيراً عن أي قوة سياسية أرضية يمكن أن تقبل بالتعايش السلمي مع الكفر وتبادل المصالح معه.
سابعاً: أدركت أمريكا ومنذ عهد الشاة الذي كان يتسم بروح شديدة الغلو في العلمانية أن الروح القومية الفارسية الإيرانية تمثل خطراً على الروح القومية الرومية الرامية على إعادة السيطرة على العالم، وقد ساندت أمريكا الثورة الخومينية على أمل أن يسهم الولاء الديني الشيعي في ضعف الولاء الفارسي، ولكن هذا لم يحدث بل صارت إيران غالية في القومية الفارسية، وطوعت مذهب الشيعة لكي يكون خادماً للأطماع الفارسية، ورغم قيام التعاون الأمريكي الإيراني في العراق وغيرها إلا أن التوتر مستمر بسبب جزع أمريكا من أطماع إيران التوسعية.
ثامناً: ومما سبق يتضح أن الغرب وعلى رأسه أمريكا لا يريدون أن يكون للإسلام وجود على ظهر الأرض، وإن كان لابد من وجوده فليكن إسلاماً بهائياً أو قاديانياً أو درزياً أو علوياً -وكلها طوائف خارجة عن لإسلام-، أو على الأقل فليكن إسلاماً شيعياً أو صوفياً، أما إسلام السنة فهم لا يطيقون وجوده، ذلك الإسلام الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- وقام به أصحابه فأذلوا به إمبراطورية الروم وكادوا يقتلعوها من الوجود.
كما أن أمريكا لا ترغب في قيام دولة قومية فارسية قوية، ولذلك فيبدو -والله أعلم- أن أمريكا تريد أن تنشر المذهب الشيعي بين العرب مع عدم جعل هذا الأمر سبباً في التقارب العربي الفارسي، ولا سيما للهيمنة الإيرانية على المنطقة العربية، ومن أجل هذا جرى تفصيل هذا المذهب الشيعي العربي الذي يحاول أن يتميز عن المذهب الشيعي الفارسي فيما يتعلق بمسألة الشيخين أبي بكر وعمر، وربما اختلف أيضاً في مسألة تحريف القرآن، ولكنه يلتقي معهم في هدم الصورة المثالية لجيل الصحابة الفريد في أذهان الأجيال الجديدة من المسلمين، وتصويرهم على أنهم مجموعة من اللصوص وقطاع الطريق، وتشويه الصورة الجهادية للأمة الإسلامية.
وقد يلتقي ذلك مع الآراء التي رأت أن أمريكا وإسرائيل تعمدا إخراج الحرب اللبنانية على صورة تعادل من أجل الترويج للمذهب الشيعي في البلاد العربية السنية، مع قيام عدة محطات فضائية معروفة بولائها التام للمصالح الأمريكية بمحاولة الدفاع عن الشيعة العرب في مواجهة الشيعة الفرس، بل إنهم جعلوا حسن نصر الله من جملة هؤلاء الشيعة العرب رغم إعلانه المتكرر لولائه لإيران دينياً وسياسياً، وقد ذهب بعض المحللين إلى أن المرارة التي شعرت بها إسرائيل في لحرب جاءت من أنها أرادت النتيجة تعادل بطعم النصر فجاء تعادل بطعم الهزيمة؛ نتيجة سوء تقدير القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية لقدرات حزب الله، ولأثر البقية الباقية من الإسلام فيهم على ثباتهم في المعارك.
وعلى ذلك فمحاولة الترويج للبهائية، وفي نفس الوقت الترويج لما يسمى بـ "التشيع العربي- في نفس الوقت الذي تصدر فيه تصريحات بابا الفاتيكان التي تهاجم شعيرة الجهاد في الإسلام في نفس الوقت الذي تقود فيه أمريكا الحرب الصليبية -كما وصفها بذلك بوش- على الإسلام الفاشي –كما وصفه بوش أيضا في سياق أخر- يدل على أنها منظومة جديدة من الحروب الصليبية على دين الله، نسأل الله أن يقي المسلمين شرها، وأن يرد كيد أعداء الأمة إلى نحورهم.
www.salafvoice. com
موقع صوت السلف