انحطاط البهائية

بواسطة مركز التأصيل للدراسات والبحوث قراءة 1416
انحطاط البهائية
انحطاط البهائية

2016-8-21

 

للأخلاق مكانة كبيرة في الإسلام، والنصوص الإسلامية من قرآن وسنة متوفرة في هذا الشأن، ولقد امتدح الله نبيه- صلى الله عليه وسلم- بقوله تعالى: ((وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))، القلم: 4. وجاء في الحديث الشريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنما بُعِثت لأُتمم صالح الأخلاق)، رواه أحمد؛ وعن أبي الدرداء قال: سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من شيء يُوضَع في الميزان أثقل من حُسنِ الخلق، وإن صاحب حُسنِ الخُلُق لَيَبلُغُ به درجة صاحب الصوم والصلاة)، رواه أبو داود والترمذي. لكن هذه المكانة تتأخر بتأخر رتبة النحلة أو الملة أو المذهب، فالأخلاق تبلغ الذروة في الإسلام، في حين نراها تتأخر من حيث الرتبة والمكانة في ما دون الإسلام من مذاهب وملل وضعية. ومن أوضح الأمثلة على ذلك تلك المكانة المتدنية للأخلاق في نحلة مثل البهائية، وهي مكانة تابعة ومرتبطة بأخلاق المؤسس المدعو حسين علي (البهاء).

فالبابية أو (البهائية) حركة نبعت من المذهب الشيعي الشيخي سنة 1260ه‍/1844م، تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم الأساسية.

تنسب البهائية إلى (البهاء)، لقب يُدعى به مؤسس هذه الحركة، وهو الميرزا حسين علي. وقد ولد في قرية نور من قرى مازندران من إيران، في الثاني من شهر محرم سنة 1233ه الموافق 12 نوفمبر 1817م.[1]

بدأ حسين المازندراني بدعوى أنه "وصي الباب"، ثم زعم أنه "المسيح" قد نزل، ثم ادعى لنفسه النبوة، ثم زاد في تبجحه وادعى إنه إله السموات والأرض، زاعماً أن الحقيقة الإلهية لم تنل كمالها الأعظم إلا بتجسدها فيه. وقد أمدته الصهيونية بلقب بهاء الله الموجود في المزامير، إذ قد ردد فيها (أن السموات تحكي عن بهاء الله)، فزعم -أو زعموا له- أنه هو هذا البهاء، وأنه مظهر الله الأكمل، وأنه موعود كل الأزمنة، ومجيئه الساعة الكبرى وقيامه القيامة، والانتماء إليه هو الجنة ومخالفته هي النار، وقد أخذ ينسخ من البابية ما لا يوافق هواه.

وبدأ يجمع كتباً يعارض بها كتاب الله، ويؤسس فيها نحلته الفاجرة، فألف "الإتقان" و"الإشتراقات" و"مجموعة الألواح والأقدس" المطبوع ببغداد لأول مرة عام 1349هـ، ويقع في 52 صفحة بالقطع المتوسط، وهو أهم كتاب عندهم، وفي نظرهم أقدس من جميع الكتب المقدسة. وقد حشاه بالآراء المضطربة والأقوال المتناقضة، ولم يخرج في جملته عن مثل ضلالات شيخه الباب.[2]

فـ"البابية أو البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة، ليس فيها جديد تحتاجه الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها، وجمع شملها، بل وضح أنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار، فهي سليلة أفكار ونِحَل ابتليت بها الأمة الإسلامية، حربا على الإسلام وباسم الدين"[3].

أمثلة من انحرافات البهاء الأخلاقية:

- الكذب عند البهائيين: البهاء كاذب حتى النخاع، ومن أمثلة كذبه ما يلمسه الدارس فيما نقل عن سلفه الباب من نص جلي يؤكد به كذب من يظهر هو به قبل مضي ألف سنة ونيف (هي مدة نبوة الباب أو ربوبيته حسب زعمه) ويقضي بقتله وإهدار دمه. فهو يقول في كتابه (البيان): "كل من ادعى أمراً قبل سنين كلمة "المستغاث" -يعني بحساب الجمل- هو مفتر كذاب اقتلوه حيث ثقفتموه".

يقول صاحب المفتاح: "فليت شعري ما معنى وتفسير هذه الجملة عند البهاء وأشياعه، وكيف تسنى له القيام بأمر الدعوة بولاية كانت أو نبوة أو ربوبية أو ألوهية بعد هذا النص الصريح"[4].

- شرعنة الزنا: نصّ البهاء على جزاء الزاني والزانية، بقوله: "قد حكم الله لكل زانٍ وزانيةٍ دية مسلمة إلى بيت العدل، وهي تسعة مثاقيل من الذهب، وإن عادا مرة أخرى عودوا بضعف الجزاء، هذا ما حَكَم به مالك الأسماء في الأولى، وفي الأخرى قدر لهما عذاب مهين".

بهذا يعلم أن الزنا عند البهاء عقوبته ماليه فقط، حتى أنه ليس هناك تعزير على فاعله، ففي الأمر -على هذا الأساس- إباحة للزنا للأغنياء، فمن كان لا يعضله دفع الدية والإتاوة (19 مثقال) فله أن يزني؛ طالما القضية قضية مال فقط![5]

- الجبن والنفاق: يقول الشيخ إحسان إلهي ظهير واصفاً أخلاق البهاء: "وكان جبانا متخاذلا حتى لم يشارك البابيين في حرب علنية ما، اللهم إلا ما كان من المؤامرات وراء الأستار، والتدابير الخفية ضد الحكومة الإيرانية والمسلمين، فإنه كان دوما مع المتآمرين الكائدين المتربصين بالمسلمين الدوائر، وأما جهراً وعلناً فلم يستطع الوقوف أمام قوة وحكومة وجها لوجه، من أول حياته حينما كان تلميذاً للشيرازي، وتابعا له، إلى آخر حياته عند دعواه الاستقلال بالنبوة والرسالة، وثم تربعه على عرش الألوهية والربوبية، ومزاعمه أن الباب الشيرازي لم يكن إلا رسوله هو ومبشرا به قبله لا غير"[6].

- الخداع والمكر: وعن خداعه ومكره يقول الشيخ إحسان إلهي ظهير: "فالجبن كان من لوزامه وشيمته، ولكنه مع ذلك كان خداعاً ومكارا، وهذا شأن المنافق المرائي، فإنه لابد وأن يكون كذلك. ومن دهائه ومكره أنه لم يشترك في واحد من الحروب التي أججت نيرانها من قبل البابيين ضد الحكومة، في وقت خاضها وقادها جميع الزعماء البابيين"[7].

تلك كانت أمثلة قليلة، وهي رؤوس أقلام يستكشف منها القارئ الحالة الأخلاقية التي كان عليها مؤسس تلك النحلة الفاسدة. وفي ذلك إشارة أيضاً لما عليه الأتباع من انحطاط أخلاقي وفساد سلوكي، فضلاً عن الفساد الفكري والعقدي عند تلك النحلة الضالة.

 

[1] البابية والبهائية، د. عبدالله سمك: ص: 24.

[2] البهائية إحدى مطايا الاستعمار والصهيونية، عبدالقادر شيبة: ص 23.

[3] البهائية الضالة نشأتها وانحرافاتها، راشد بن عبد المعطي: ص 13، من فتوى للشيخ جاد الحق شيخ الأزهر في البهائية.

[4] ينظر: حقيقة البابية والبهائية، محسن عبدالحميد: ص 123.

[5] الزنا والسرقة.. أيهما أكبر في الجرم؟ موقع البهائية في الميزان.

[6] البهائية نقد وتحليل، إحسان إلهي ظهير: ص 20.

[7] المرجع السابق.

 

المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث



مقالات ذات صلة