إبن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه..

بواسطة مركز التأصيل للدراسات والبحوث قراءة 1539
إبن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه..
إبن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه..

2016-7-31

 

ابتليت الأمة الإسلامية بمن يحاولون التدليس عليها في تاريخها ورجالها بأن يتهموا كل عظيم، ويعظموا كل حقير تافه لا قيمة له؛ بل بتمجيد أئمة الضلال والزور والبهتان، وتصويرهم أنهم من أئمة الدين وعلمائه الكبار. وكان أبرز من قام بذلك المتصوفة، الذين رفعوا قدر مارقين من الدين، وجعلوهم هداة للدين، وأئمة على طريق الله المستقيم؛ وما كانوا كذلك بل كان ذلك افتراء على الله وعلى رسوله وعلى دينه. وكان من أعظم افتراءات الصوفية تمجيدهم لمن سمي عندهم بـ"الشيخ الأكبر" و"الكبريت الأحمر" المدعو بمحي الدين ابن عربي الأندلسي الصوفي المشهور، الذي بيَّن العلماء حقيقته، وكفروا كلماته، وأقاموا الحجة على من خُدِعوا فيه أو استحبوا ان يُخدعوا فيه.

من هنا جاء تأليف كتاب (ابن عربي عقيدته وموقف علماء المسلمين منه.. من القرن السادس إلى القرن الثالث عشر)[1]، حيث اهتم مؤلفه الدكتور دغش بن شبيب العجمي بسيرة هذا الرجل، لبيان أفكاره وأقواله وكتبه وعقائده الباطلة التي نشرها في المسلمين وتبنتها معظم -إن لم يكن كل- الفرق الصوفية، التي جعلت من عقائد وأفكار ابن عربي عمدة لعقائدها.

من هؤلاء العلماء الذين بينوا حقيقة ابن عربي الإمام العز بن عبدالسلام، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي. وخصَّ بعض العلماء بعضا من مؤلفاتهم لبيان كفر هذا الرجل؛ ومنهم الإمام برهان الدين البقاعي، حيث ألف كتابا بعنوان (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي)، وصنف العلامة ابن نور الدين مجلدا كاملا في الرد على ابن عربي سماه (كشف الظلمة عن هذه الأمة). وكذلك كفره الإمام شهاب الدين أحمد بن يحي التلمساني الحنفي، والإمام سيف الدين عبداللطيف بن بلبان السعودي، وابن الجزري، والإمام بركة الإسلام قطب الدين ابن العسقلاني، وغيرهم كثير.

وتناول المؤلف كتابه في مقدمة وبابين رئيسيين وخاتمة. جعل الباب الأول تعريفا تفصيليا بابن عربي، وعرضا لعقائده وأفكاره وكلماته. وجعل الباب الثاني كله في أقوال علماء الإسلام فيه على مدى القرون التي لحقته.

وقد قسم الباب الأول إلى أحد عشر فصلا، بدأهم بتمهيد قدم فيه تعريفا موجزا بابن عربي وترجمة مختصرة له، ثم شرع في فصول الباب الأول.

فتحدث في الفصل الأول عن عقيدة ابن عربي في الله -جل جلاله. فنقل أقواله الدالة علـى قوله بالحلول والاتحاد، وبوحدة الوجود، التي بين أنها أخبث وأكفر من قول النصارى في ذات الله سبحانه.

وتحدث في الفصل الثاني عن عقيدته في علو الله. إذ حاول المراوغة فيها، لأن الإيمان بوصف الله نفسه بالعلو نقض لعقائده الباطلة. فلو كان هو عين المخلوقات لما وصف نفسه بالعلو, لأنه لا يمكن أن يكون الشيء عاليا على نفسه.

الفصل الثالث عقيدته في المشركين وعبَّاد الأوثان واليهود والنصارى. فبيَّن الكاتب الكريم رأي ابن عربي الذي يقول: إن "قوم نوح وقوم هود وغيرهم لو تركوا عبادة الأوثان لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا؛ فإن للحق وجهاً في كل معبود"؛ ويقول: "فما أحدٌ مِن العالَم إلاَّ علـى صراطٍ مستقيم". وبهذا فليس هناك كافر عند ابن عربي! وذكر الكاتب رد شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ العراقي والفقيه ابن المقرئ عليه.

واستكمالا لعقيدته الفاسدة الضالة المضلة، عقيدة وحدة الوجود، كانت باقي آرائه المنحرفة الكفرية. فجاء الفصل الرابع والخامس في اعتقاده بإيمان فرعون واعتباره من المؤمنين وليس من الكافرين, وكذلك عقيدته في صدق فرعون في ادعائه الألوهية حينما قال أنا ربكم الأعلى. فمن منطلق وحدة الوجود ما عبد عابد شيئا إلا الله، في صورة حجر أو شجر أو بشر! وبالتالي فابن عربي يصدق ويؤمن بصدق فرعون فيما قال وادعى.

ومثلما كان مدحه في الشيطان وأوليائه ظهر قدحه في الأنبياء الذين دعوا الناس للتوحيد ونبذ عبادة الأصنام, فاعتبرهم مقصرين لم يعوا عقيدة وحدة الوجود فدعوا الناس لترك عبادة الأصنام والكواكب وكل طاغوت عبد من دون الله. فقدح ابن عربي وتنقص من المقام الشريف للأنبياء نوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإلياس، وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام. فكان الفصل السادس في بيان ضلالاته في طعنه في الأنبياء.

وذكر الكاتب في الفصل السابع عقيدة ابن عربي في حقيقة النار، وزعمه بأن النار تنقلب لذةً ونعيماً للكفار. وذكر في الفصل الثامن عقيدته في الجهاد، وأنه لا يرى الجهاد وقتال الكفار مطلقاً. وذكر نبذة في الفصل التاسع تناولت التأويل الباطني عند ابن عربي، واختتم الباب الأول بذكر عدد من الأدلة التي أثبتت أن ابن عربي كان يأكل الحشيش!

وفي الباب الثاني الذي خصصه الكاتب لبيان أقوال العلماء في تكفير وتضليل والتحذير من ابن عربي، ذكر أن عموم علماء الأمة يكفرونه أو يضلِّلونه أو يحذرون منه. بل ذكر أنَّ منهم من حكى الإجماع علـى ذلك, ثم تحدث عن أفراد المتكلمين فيه، فذكر أقوال ابن الجوزي الحنبلـي، وأبو بكر ابن نقطة الحنبلـي، وأبو عمرو ابن الصلاح الشهرزوري الشافعي والكورانـي الدمشقي، وابن الحاجب المالكي، والدمشقي الكاملي أبو المظفر، والعز بن عبدالسلام "سلطان العلماء"، وابن دقيق العيد القشيري المصري الشافعي، ورشيد الدين الحنفي البصروي، والإمام ابن تيمية الحنبلـي، وأبو حيان الأندلسي الشافعي -صاحب البحر المحيط، وابن الزبير المقدسي الشافعي، والأُدفوي الشافعي، والذهبي الشافعي، وعمر بن المظفَّر زين الدين "ابن الوردي" الشافعي، وأبو الحسين أحمد الدمياطي الشافعي، وعبدالله بن محمد المنوفي المغربي ثم المصري المالكي، وابن القيم الحنبلـي وغيرهم الكثير.

وكانت النقطة الهامة هنا عند ذكر هذا العدد من العلماء إثبات أن الذين قالوا بكفر ابن عربي وضلاله لم يكونوا حنابلة وأتباعا لابن تيمية فقط كما زعم الصوفية ورددوا دوما.

ثم تحدث الكاتب في الفصل الثاني عن الكتب التي أُلِّفت في التحذير من ابن عربي. وذكر في الفصل الثالث كلام العلماء في إحراق أو إتلاف كتبه. ثم رد في الفصل الرابع على من زعم أن هناك تأويلا مقبولا ومستساغا لكلام ابن عربي، ورد فيه على هذه المزاعم. وفي الفصل الخامس رد على تملص آخر من الصوفية بخصوص ابن عربي، وهو أن كتابيه (الفتوحات المكية) و(الفصوص) دُسَّ فيهما شيء بخلاف ما قاله، فأثبت أن ما بداخلهما كله من كلامه، وليس مدسوسا عليه.

ومن ثمرة هذه الضلالات كان اهتمام النصارى بالصوفية عامة، وبكتب ابن عربي خاصة. فيكثر عندهم طبعها طبعات فاخرة، توزع بأزهد الأثمان، لأنها تقدح في العقيدة الإسلامية، بل تجعل الإسلام بلا إسلام. وتدعو لوحدة الأديان وعدم وجود إله ولا شريعة ولا دين. فالكل عند ابن عربي مؤمن، وليس هناك نار ولا عذاب. وهو أقصى ما يطمح فيه أعداء الإسلام أن يفرغوا الإسلام من كل محتواه.

ووجه الكاتب رسالة ختامية إلى العلماء وطلاب العلم حضهم فيها على بيان الحق، وكشف حقيقة الباطل، وبذل أقصى الطاقة في نشره وتوعية الناس بخطره الدفين في الأمة.

 

المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث



مقالات ذات صلة