من إساءات الصفويين لعلي أمير المؤمنين
لقد ظلم الإمام علي وقتل مظلومًا على يد من كانوا يزعمون أنهم شيعته، الذين حين خالفهم الرأي وأبرم الصلح مع معاوية بن أبي سفيان حقنًا لدماء المسلمين وحفظًا لبيضة الإسلام، انشقوا عليه وقتلوه بسيف الخارجي ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وهو قائم يصلي في محرابه. وبعد قتلهم له جاءهم عبد الله بن سبأ اليهودي وأحدث لهم فتنته الكبرى، التي قسمت المسلمين إلى طائفتين، وأصبحت طائفة من أتباع ابن سبأ تقول بألوهية علي بن أبي طالب (والعياذ بالله)، وطائفة أخرى صارت تغالي في علي وتقول فيه ما لم يقله هو عن نفسه.
وراح هؤلاء الغلاة يختلقون الأحاديث والروايات الكاذبة بحق علي بن أبي طالب وصاروا ينسبونها للنبي تارة وتارة أخرى لآل البيت. وصاروا يكّفرون كل من لا يوافقهم الرأي أو يقول بغير ما يزعمون. وكم من الحروب التي أشعلوها وكم من دماء سفكوها بفتنتهم هذه .وهاهو علي مازال يُظلم اليوم على يد أشد الناس ادعاءً بحبهم وموالاتهم له، وهؤلاء الظلمة هم الصفويون الذين اتخذوا فتنة ابن سبأ اليهودي دينًا لهم. فلم يكفهم سبهم لصحابة رسول الله وطعنهم بأمهات المؤمنين، ولم يكفهم القول في تحريف القرآن وزعمهم أن القرآن ناقص!!! بل عمدوا إلى الإساءة إلى علي عبر خلقهم الروايات الكاذبة جريًا على عادتهم في خلق الفتن وتشويه صورة الإسلام.
وفي هذه العشر الأواخر من الليالي الرمضانية المباركة حيث يتزامن معها ذكرى استشهاد رابع الخلفاء الراشدين وأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يسعى الكثير من المسلمين ومحبي شخصية الإمام علي أن يقرءوا سيرته الشريفة للاقتداء بها، ويحاول المهتمون مراجعة كتب الفريقين "السنة والشيعة" التي تناولت هذه الشخصية العملاقة للاستفادة منها .ولكن مع الأسف الشديد يجد المتابعون أن كتب الذين يزعمون مشايعة الإمام علي ويدعون موالاته، وهم الصفويون، ملئوها إساءات لهذه الشخصية العظيمة، التي تربت في حضن الرسول صلى عليه وسلم، ونهلت من معين أخلاقه الكريمة.
فهذا أحد أحبارهم "محمد باقر المجلسي" ينقل في كتابه "بحار الأنوار"، والذي في الحقيقة ما هو إلا بحار الأكاذيب والفتنة أبشع الإساءات إلى الإمام علي وآل بيت الرسول. وهنا ننقل مجموعة من بين آلاف الإساءات التي أوردها الصفويون في كتبهم بحق علي رضي الله عنه.
فقد ذكر المجلسي في "بحار الأنوار 303/4" خبرًا في مسألة قضاء الإمام علي، زعم أنه روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق: أن امرأة قد تعلقت برجل من الأنصار كانت تهواه، فأخذت بيضة وصبت البياض على ثيابها وبين فخذيها، فجاءت إلى الخليفة عمر بن الخطاب تدعي على الأنصاري، فنظر أمير المؤمنين علي إلى البياض على ثوب المرأة وبين فخذيها فاتهمها، أي إنه اتهمها بالكذب. وهنا نسأل: ترى هل يعقل أن الإمام علي ينظر إلى عورة امرأة محرمة عليه؟ وهل يمكن أن ينقل الإمام الصادق أو أي محب لآل البيت مثل هذه الرواية السخيفة؟
إن هؤلاء القوم يدعون كذبًا أنهم محبون لآل البيت، ويزعمون بهتانًا أنهم شيعة علي بن أبي طالب دون غيرهم، ولكن إذا ما طالعت تفاسيرهم القرآنية تجدهم أعدى الناس لآل البيت والإمام علي رضي الله عنه. وهنا سوف نعرض واحدة أخرى من إهاناتهم لأمير المؤمنين أبي الحسن؛ حيث يزعمون أن البعوضة التي ذكرت في القرآن الكريم المقصود بها الإمام علي (حاشاه) وذلك حسب تفسير "القمي" الذي يعد واحدًا من مفسري الصفوية المعتبرين، ومن أعلام الشيعة في القرن الثالث عشر.
فقد جاء في تفسير القمي "علي بن إبراهيم - الجزء الأول صفحة 48" أن المقصود من قوله تعالى في سورة البقرة: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا" هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. ويزعم القمي أن هذا القول للإمام جعفر بن محمد الصادق. قال: وحدثني أبي عن النضر بن سويد عن القسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله عليه السلام، فالبعوضة أمير المؤمنين عليه السلام وما فوقها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن إساءاتهم الأخرى بحار الأنوار المجلد 41 صفحة 293" رواية ينسبونها إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق رضوان الله عليه، يقول فيها: " أن أمير المؤمنين عليه السلام كان على المنبر يلقي خطبة فقامت له امرأة بذيئة الخلق وقالت له: يا قاتل الأصدقاء، فالتفت لها وقال: يا سلفع، يا جريئة، يا بذيئة، يا مذکرة، يا التي لا تحيض کما تحيض النساء، يا التي علی هنها شيء بيّن مُدلی"!. وهنا نتوجه بالسؤال إلى شيعة علي ومحبيه، وإلى كل ذي عقل وبصيرة، ترى هل يعقل أن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وقاهر الأبطال ومزلزل أركان المشركين والمنافقين، يجادل امرأة بذيئة ويتفوه بمثل هذا الكلام الذي يخجل من لفظه أبسط الناس؟. وهل من الممكن أن الإمام الصادق الذي شُهد له بالعلم والورع والتقوى، أن يجري على لسانه مثل هذا الكلام التافه؟. ولكن ما عسى أن نقول بمن حرفوا الكتاب وسبوا أمهات المؤمنين ولعنوا أعز أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )، في اختلاق مثل هذه الروايات الكاذبة والمسيئة للإمام علي والصادق وآل البيت عامة.
فدعوانا إلى الذين مازالت على أعينهم غشاوة، ومازالوا مصدقين بما جاء في كتاب بحار الأنوار وسائر كتب الصفويين و أتباع ابن سبأ، أن يراجعوا عقولهم ويتفكروا في ما كتبه هؤلاء القوم، لعلهم يرشدون.
صباح الموسوي