أفاعـي طهـران الزاحفـة.. جواسيس برخصة دبلوماسية

بواسطة البيان قراءة 1469
أفاعـي طهـران الزاحفـة.. جواسيس برخصة دبلوماسية
أفاعـي طهـران الزاحفـة.. جواسيس برخصة دبلوماسية

2017-12-25

 

رصدت «البيان» في سلسلة موضوعات متتالية، مؤخراً، التدخلات الإيرانية في العديد من دول العالم، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وفي هذا الملف، تضيء على الدور المشبوه للعديد من الدبلوماسيين الإيرانيين المدفوعين من قبل نظام الملالي، وفيلق القدس، للقيام بأنشطة عدائية تجاه العديد من الدول المستهدفة.. وهنالك العديد من الوقائع التي تكشف عن دور الأفعى الذي يلعبه دبلوماسيون إيرانيون.

واستغلت إيران ما يتمتع به حاملو الصفة الدبلوماسية من دبلوماسييها وكذا دبلوماسيي دول أخرى في مشروع تصدير الثورة ونظرية ولاية الفقيه، وهو المشروع الذي تجسد باستراتيجية واضحة عقب ثورة 1979، كما أن تاريخها في الانتهاكات الدائمة والمستمرة التي تطول البعثات الدبلوماسية (سواء على أرضها أو في دول أخرى) هو تاريخ طويل وممتد منذ ثورة الخميني 1979، حيث تورّطت إيران في العديد من جرائم الاغتيال التي تعرض لها دبلوماسيون، وكذا محاولات استهداف أخرى.

تتداخل العوامل الماضوية والقومية والدينية لترسم أساسًا للسياسات والمطامع الإيرانية في المنطقة والعالم، فإيران شكلت لقرونٍ طرفًا أساسيًا في النظام العالمي القديم القائم على قوتين رئيسيتين متنافستين، كما شكلت ماضيًا إمبراطوريًا حاضرًا في الخطاب والنهج السياسي الذي تتبعه لاستعادة تلك الإمبراطورية المرتبطة بالقومية الفارسية التي تكن العداء لكل ما هو عربي، إضافة إلى البعد المذهبي الذي تصدّره كأساس للمضي قدمًا في مشروعها السياسي، وبخاصة عقب «ثورة» 1979، ومع زيادة المطامع الإيرانية واستراتيجية «تصدير الثورة» التي أطلقها الخميني.

وسعيًا لتنفيذ تلك الاستراتيجية لا تكل جهود إيران في استخدام أدواتها المختلفة من أجل إحداث اختراقات يمكنها من خلالها السيطرة على العديد من الدول في إطار مشروعها السياسي، لاستعادة الماضي الإمبراطوري الذي تستحضره في كل تحركاتها الخارجية؛ فتاريخ إيران في إثارة الفتن في المنطقة العربية بصورة خاصة طويل وله العديد من الدلائل والمحطات البارزة، فما بدأته طهران في لبنان خاصة بعد الثورة الإيرانية ثم في سوريا والعراق بشكل خاص جدًا، وما حاولت وتحاول تحقيقه في البحرين واليمن وغيرها، جميعها ليست إلا عناوين عامة لتلك التدخلات الإيرانية في المنطقة، تندرج تحتها الكثير من التفاصيل الخطيرة المرتبطة بأدوات إيران في تحقيق اختراقاتها للمجتمعات العربية وتسهيلها، ومن بين تلك الأدوات الممثليات الدبلوماسية المختلفة التي يعتمد عليها نظام الملالي في تنفيذ مشروعه التوسعي، استغلالًا للحصانة القضائية.

أدوار مشبوهة

العديد من الشواهد تؤكد تلك الأدوار المشبوهة التي لعبها ويلعبها دبلوماسيون إيرانيون ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم كله، من بينها وقائع تم كشفها وأخرى لم يُسلّط عليها الضوء بشكل كافٍ. يستخدم الحرس الثوري الإيراني «الرخصة الدبلوماسية» لزرع جواسيسه الذين يقومون بمهام خاصة مثل عمليات الاستقطاب والتجنيد داخل العديد من الدول وحتى عمليات التجسس وغسيل الأموال وتشكيل وإدارة الميليشيات ودعم الإرهاب، فما تم الكشف عنه في الكويت والسعودية ومصر وفي ألمانيا وغيرها خلال العقود الماضية من أنشطة تجسسية برسم دبلوماسيين إيرانيين مجرد حلقات ضمن مخطط واسع لاستخدام الدبلوماسيين كأفاعٍ زاحفة لنشر الفكر الإيراني وأساسه المذهبي، عبر استراتيجية «تصدير الثورة ونظرية ولاية الفقيه» التي يتبعها نظام الملالي.

واقعة خاصة

واستهلالًا للبحث والتعمق حول «الأدوار المشبوهة للدبلوماسيين الإيرانيين حول العالم»، لا مفر من ذكر واقعة انطلقنا منها للبحث والتدقيق والمتابعة فيما هو مكشوف وما لم يُكشف بعد أو يسلط عليه الضوء بشكل كاف حول تلك الأدوار وخلايا التجسّس الإيرانية الساعية، ضمن أحد أبرز أهدافها الرئيسية إلى اختراق المجتمعات والتغلغل داخلها بأساليب «الأفاعي الزاحفة» الآخذة في التلون ومحاولة اتخاذ خطوات محسوبة للأمام، متحيّنة فرصة اللدغ وإصابة الهدف، سواء باختراق وسائل الإعلام للسيطرة على العقول والترويج للفكر الإيراني، أو اختراق الساسة والدبلوماسيين والمؤسسات والأجهزة الرسمية، كما حدث بجلاء في دول عربية تجسد فيها التغلغل الإيراني بشكل واضح.

بدأت الواقعة المشار إليها بتواصل دبلوماسي إيراني مسؤول بإحدى الممثليات الإيرانية في إحدى دول شمال أفريقيا يُدعى (م.أ) مع صحافي في القاهرة يعمل بصحيفة خليجية، وذلك عبر وسيط هو «صحافي مصري»، عرض من خلاله الدبلوماسي الإيراني طلب تسهيل نشر أخباره وحوار صحافي معه في صحف خليجية، وذلك بصفته الثقافية لا الدبلوماسية، نظير مبلغ مالي للشخص الذي يسهل له النشر، وقال الوسيط حينها ما نصه: «هذه ستارة» لأغراض الدبلوماسي الإيراني. ذكر الوسيط (م.م) أن الدبلوماسي الإيراني يحاول الظهور خصيصًا في صحف خليجية، وأنه سيدفع مبالغ مالية مقابل النشر.

طبيعة الأدوار

ومثلت الواقعة سالفة الذكر دافعًا أكبر لمواصلة البحث والتنقيب عن طبيعة الأدوار التي يلعبها دبلوماسيون إيرانيون في إطار مساعيهم لـ «اختراق» الإعلام العربي، ثم ما لبثت المعلومات تتوسع. عقب التواصل مع أكثر من مصدر من بينهم إيرانيون منشقون ومعارضون وخبراء ومحللون في الشأن الإيراني، لتتحول دفة البحث إلى فتح «الملفات السوداء» للدبلوماسيين الإيرانيين في تشكيل وإدارة شبكات التجسس والاستقطاب والتجنيد لاختراق المجتمعات العربية والغربية، في إطار الدوافع الدينية والتاريخية التي تنطلق منها السياسات الإيرانية في المنطقة (الدوافع المذهبية وحلم استعادة الإمبراطورية الفارسية). وحرصنا على ألا تكون الملفات صبًا للقديم في أوعية جديدة، بل أن تتضمن الكشف عن محاور جديدة حول أفاعي طهران الزاحفة، أو الجواسيس أصحاب الرخصة «الدبلوماسية».

انتقاء

تحرص السلطات الإيرانية على انتقاء دبلوماسييها بشكل خاص، ويكونون عادة مدربين على أن يصبحوا من رجالات الحرس الثوري في البلد التي يذهبون إليها، لاسيما أن مناهج التعليم في إيران بصفة عامة تُكرس في الطالب منذ صغره أنه يعمل ليكون أحد رجالات الحرس في المستقبل أيًا كانت دراسته.

وبالتالي فإن السفارات والبعثات الإيرانية الدبلوماسية حسبما يصف الناطق باسم المقاومة الإيرانية عضو لجنة الشؤون الخارجية بها موسى أفشار هي «عبارة عن أشخاص مختارين من قبل الحرس الثوري، لأن المهمة الأولى لهذه الممثليات للنظام الإيراني على شكل سفارات في مختلف دول العالم هي المهام التجسسية أولًا: ضد نشاط المعارضة الإيرانية، وثانيًا: تحركات من أجل تجنيد الأشخاص المستعدين للعمل التجسسي والتخابري مع النظام الإيراني، وثالثاً: شراء وأخذ الصفقات حول بعض الأمور المحظورة مثل صفقات أسلحة معينة».

تُجمع المصادر التي تحدثنا معها على اهتمام نظام الملالي من خلال ممثلياته الدبلوماسية، بمحاولة تجنيد واستقطاب إعلاميين ورجال فكر بشكل خاص، نظراً لعلاقات أولئك المتشعبة في المجتمع مع مسؤولين وشخصيات بارزة يمكن النفوذ من خلالهم، فيتم استغلال علاقات الصحافيين أو الإعلاميين بصفة عامة الذين يتم استقطابهم لاستقطاب آخرين من الشخصيات البارزة، عقب تقديم إغراءات مالية لبعض الإعلاميين لتجميل وجه إيران أولاً، واستقطاب آخرين ثانياً كهدف رئيسي لنشر الفكر والمشروع الإيراني.

محاولة استقطاب

وأورد رئيس اتحاد القوى الصوفية في مصر عبد الناصر حلمي، ضمن شهادته أنه تعرض شخصياً لمحاولة استقطاب من قبل «أحد الإعلاميين المزروعين من قبل إيران» الذي كان يحرص على زيارته بصورة دائمة في مكتبه ومنزله، والغرض من ذلك «معروف وواضح» وقد عُرِضَ على حلمي السفر إلى العراق وإيران من قبل أشخاص محسوبين على إيران في بلده. ويضيف حلمي: «بعض الإعلاميين خاصة من ذوي الدخول المنخفضة نجحت إيران في استقطابهم في مصر على سبيل المثال استغلالًا لظروفهم المادية والتي تتزامن مع علاقاتهم واتصالاتهم، وهو نهج معبر عن السياسات الإيرانية في مختلف البلدان التي تستهدف اختراقها، ويعمل بعض أولئك الإعلاميين كمستشارين إعلاميين لإيران».

وفي هذه الزاوية يورد مصدر آخر من الذين تواصلنا معهم اسم مستشار سابق للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد الأحرف الأولى من اسمه (س.ح) وهو دبلوماسي إيراني تواجد في مصر في وقت سابق، وقام بأدوار مشابهة في ذلك الإطار (من ناحية محاولة استقطاب إعلاميين ورجال فكر وسياسة)، لكن تم طرده من مصر في وقت سابق، مشددًا على أن هنالك العديد من الوقائع التي لم يتم الكشف عنها بعد في إطار التعامل مع أذرع إيران ومواجهتها.

كما يكشف في الوقت ذاته عن وجود بعض الإعلاميين البارزين الذين تم استقطابهم، ومن الواضح أن كل فكرهم متوجه ناحية إيران والدفاع عنها من بينهم (ا.ع) و(ي.ح). ويلفت كذلك في إطار عرضه إلى بعض النماذج الدالة على دور أذرع إيران وممثلياتها في استقطاب إعلاميين، إلى وجود شركة إنتاج (مقرها في حي المهندسين، محافظة الجيزة المصرية) يديرها نجل مسؤول بارز في قناة العالم الإخبارية تنتج مواد إخبارية وثقافية وخلافه من الخدمات الإعلامية لقنوات تليفزيونية إيرانية، ذلك في إطار أن بعض الصحافيين في ارتباط مع الممثليات الإيرانية، ويقومون بالكتابة بصورة منتظمة عن إيران من أجل نشر أفكارها ومشروعها لتلميعها في المجتمعات.

المستهدفون

تبدأ الممثليات الدبلوماسية لإيران (سواء عبر السفراء أو القائمين بالأعمال أو بعثة المصالح أو القنصليات والملحقيات المختلفة حسب الوضع في كل بلد ومستوى التمثيل الدبلوماسي الإيراني فيها)، في استقطاب أشخاص بعينهم تتوافر فيهم سمات معينة منهم الإعلاميون والسياسيون أو الأشخاص الذين لديهم مكانة في بلادهم، سواء كانوا مسؤولين أو برلمانيين أو مسؤولين خارج الخدمة كبرلماني أو وزير سابق خفتت الأضواء عنه، فتبدأ إيران من خلال أذرعها الدبلوماسية المستخدمة كعرّاب لعملية التجنيد والاستقطاب، لدعم الأشخاص المختارين مالياً لإعادة تقديمهم وتسليط الأضواء عليهم من جديد، ويبدأ خوض التجربة السياسية من جديد، وبطبيعة الحال يظل ذلك الفرد مرتبطاً بالأجندات الإيرانية منفذًا لها، على اعتبار أنه يحصل على تمويلات منها.. وبعضهم يتم تسفيره إلى إيران ويطلع على الوجه الحقيقي للسياسات الإيرانية، ويبهرونه هنالك بالتجربة من خلال لقاءات مع مسؤولين على أعلى مستوى.

وتُجمع المصادر على أن عمليات التسفير تتم بتسهيلات خاصة من دون إثبات معظمها بجوازات السفر، وهذا دور تساهم فيه الممثليات الدبلوماسية الإيرانية بوضوح. كما تحدثوا عن لعب «سفارات أو ممثليات دبلوماسية لدولة أخرى» دوراً بالاتفاق مع دبلوماسيين إيرانيين كنوع من المناورة.

 

تحسين صورة

يلجأ الأشخاص المستقطبون للعمل مع الممثليات الإيرانية في تحسين صورة إيران ومناوئة كل من يعارضها، ويسعون للتغلغل في الدولة من أجل صناعة رأي عام داخل مؤسسات الدولة داعمًا لإيران وسياساتها، وبالتالي تكسب إيران بأيدي الآخرين وليس بأيديها.

وليس غريبًا أن تكون تلك المهام ملقاة على عاتق «دبلوماسي» يقود عمليات اختراق ويتولى مهامًا استخباراتية وتجسسية على ذلك النحو، لاسيما أن «الدبلوماسي المُختار» يكون مدفوعًا ومدربًا من قبل الحرس الثوري.

1987

اعتبرت مصر رئيس بعثة المصالح الإيرانية «شخص غير مرغوب فيه»، عقب أن وجهت إليه اتهامات بالقيام بأنشطة تجسسية مرتبطة بمراقبة حركة الناقلات المتجهة إلى العراق في قناة السويس.

1994

اعتقل السفير الإيراني السابق في الأرجنتين هادي بور على خلفية التفجيرات التي وقعت في العاصمة الأرجنتينية آنذاك.

1994

اتهمت فنزويلا دبلوماسيين إيرانيين بالضلوع والتورط في الأحداث التي شهدها مطار سيمون بوليفار الدولي.

1996

أشرف الملحق العسكري الإيراني لدى البحرين على دعم العناصر المنفذة لتفجير أبراج سكنية في الخبر، والذي قام به ما يسمى بحزب الله الحجاز التابع للنظام الإيراني. وفي 2015، تم القبض على أحد مرتكبي العملية (أحمد المغسل)، وهو يحمل جواز سفر إيرانياً.

2010

تم اكتشاف خلية تجسسية في الكويت، تعمل لصالح الحرس الثوري. واتهم 7 من الخلية بالتخابر مع السفارة الإيرانية.. كما تم إصدار أحكام بإدانة أعضاء الخلية، من بينهم إيرانيان اثنان.

2011

طردت الكويت دبلوماسيين إيرانيين بعد اتهامهم بالتجسس. تعاملت معهم الكويت وفق الأصول الدبلوماسية واعتبرتهم "أشخاصاً غير مرغوب فيهم". تم طرد السكرتير الثاني بالسفارة الإيرانية في البحرين، ويدعى حجة الله رحماني، باعتباره "شخصاً غير مرغوب فيه"، لارتباطه بقضية تجسس آنذاك.

2013

شهدت مصر تظاهرات أمام منزل القائم بالأعمال الإيراني، طالبت بطرده من أجل "مواجهة المد الشيعي"، في إدراك لطبيعة الدور الذي تلعبه البعثات الدبلوماسية الإيرانية.. وقدم محام دعوى قضائية لطرده.

2015

قضية خلية حزب الله في الكويت أو خلية العبدلي. كشفت حيثيات الحكم الصادرة فيها، عن أن المتهمين كانوا يعقدون اجتماعاتهم داخل السفارة الإيرانية في الكويت، وبتخطيط دبلوماسي إيراني.

2016

اكتشاف خلية تجسسية في السعودية. بينت التحقيقات أن عناصر الخلية، كانت تتواصل مع أكثر من 20 موظفاً إيرانياً، غالبيتهم في مواقع دبلوماسية.

2016

كشف تقرير صادر عن الاستخبارات الألمانية، عن النشاط الذي يلعبه دبلوماسيون إيرانيون في ألمانيا، ودور فيلق القدس وسفارة إيران في برلين في أنشطة تجسسية، تستهدف في المقام الأول، المقاومة الإيرانية.

3 مهام رئيسة لسفراء إيران من أعضاء فيلق القدس:

ــ إنشاء شبكات تجسس

ــ نقل السلاح وإنشاء ميليشيات وإدارتها

ــ غسيل الأموال وتزوير الأوراق النقدية

 

خطوات إيران لاستقطاب مواطنين من دول عربية:

ــ دفع الرشى لاستقطاب إعلاميين وسياسيين ورجال دين

ــ استغلال مناسبات لدعوتهم لزيارة إيران

ــ استخدام سفارات دول أخرى عرّابين لخروج عرب إلى طهران

ــ تسهيل دخول إيران دون إثبات زيارتهم على جوازات السفر الخاصة بهم

ــ تمويلات ضخمة لضمان الولاء والدفاع عن سياسات طهران

 

استراتيجية إيران لاختراق أوروبا:

ــ تسهل السلطات الإيرانية هروب إيرانيين إلى أوروبا كلاجئين، بزعم أنهم مضطهدين. وهم في الحقيقة مدفوعون من الحرس الثوري

ــ يعمل هؤلاء الشباب على: استقطاب وتجنيد الجاليات العربية، واستقطاب أوروبيين، ونقل عناصر شبابية لمناطق الصراع الأخرى للعمل مع الحرس الثوري

ــ تلعب الممثليات الدبلوماسية، دور العراب في تلك المهام. وتعمل على نشر التشيع في صفوف الجاليات العربية

 

1979

تحديداً في نوفمبر، قام طلاب بمباركة وتحريض من الخميني باقتحام مقر السفارة الأميركية في طهران واحتجاز 52 أميركياً كرهائن لأكثر من عام (444 يوماً).

1983

تفجير السفارة الأميركية واتهام حزب الله التابع لإيران بها، وهو الحادث الذي راح ضحيته 63 شخصًا في السفارة. وفي العام ذاته استهدفت الأذرع الإيرانية ممثلة في كل من حزب الله اللبناني وحزب الدعوة السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت إضافة إلى استهداف مصفاة للنفط، وذلك بهجمات أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين.

1987

تورطت طهران في عملية اغتيال دبلوماسي سعودي وهو مساعد الغامدي داخل إيران، وذلك في عملية هجوم مجموعة كبيرة على مقر سفارة المملكة في طهران واحتلالها واحتجاز دبلوماسيين داخلها تعرضوا لاعتداءات من قبل عناصر الحرس الثوري الإيراني، وتعرض القنصل السعودي في طهران آنذاك ويدعى رضا عبد المحسن النزهة لاعتداء واسع بالضرب أدى لإصابته بشرخ في القرنية، ومنعته عناصر الحرس الثوري من إجراء عملية جراحية وقامت باحتجازه 24 ساعة قبل إطلاق سراحه.

2011

تمكنت الولايات المتحدة من إحباط عملية اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن (وزير خارجية المملكة الحالي عادل الجبير)، وهي العملية التي تم الكشف عن تورط إيران فيها، وألقي القبض على مواطنين إيرانيين هما (غلام شكوري، ومنصور اربابسيار) واتهمتهما المحكمة الاتحادية في نيويورك بالتآمر لاغتيال الجبير.

2012

في أذربيجان ثبت تورط جماعة مدعومة من الحرس الثوري الإيراني بمحاولة اغتيال دبلوماسيين بمن فيهم سعوديون وأميركيون.

 

«الحرس الثوري» والاستخبارات يقودان زحف «الأفاعي»

تعتمد إيران في استراتيجية تصدير الثورة ونظرية ولاية الفقيه على مختلف «الكروت» التي يمكن اللعب بها في سبيل تحقيق الحلم الإمبراطوري، وهي في سبيل ذلك لا تكل عن استخدام الكثير من دبلوماسييها أدواتٍ من أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية التي يصبو ملالي إيران إلى تحقيقها من المنطلقات الثلاثة الرئيسة (الماضوية والقومية والمذهبية)، التي تشكّل الثالوث المحفز والدافع للمخططات الإيرانية ومؤامرات الملالي في العالم.

وفي هذا الإطار، يتحدث الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، محمد محسن أبو النور، عن ذلك الدور المشبوه الذي يؤديه دبلوماسيو إيران، مشدداً على أنه «في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص بداية من الولاية الثانية من عهد أحمدي نجاد، بدأت قوات الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني يتحكمان في أسماء الدبلوماسيين الذين يتم تعيينهم من وزارة الخارجية في الدول الحساسة، وعلى رأسها (مصر وسوريا واليمن والأردن والسعودية والكويت)، ومعظم الدول العربية هي دول داخل نطاق الاهتمام الدبلوماسي لإيران بشكل خاص».

تابعون للحرس

ولذلك - وفق تصريحات أبو النور - فإن الأسماء التي يقع عليها الاختيار لشغل المهام الدبلوماسية في تلك الدول ليست أسماءً واردة من وزارة الخارجية الإيرانية، لكن من مؤسسة الحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني، ما يعني أن كل الأسماء أو معظمها تقريباً من الدبلوماسيين الإيرانيين في الدول العربية هم إما تابعون للحرس الثوري الإيراني أو يدورون في فلكه.

ويتفق أبو النور بذلك مع تصريحات المصادر التي اعتمدنا عليها في عملية البحث بخصوص أدوار «أفاعي طهران»، ومن بينهم حديث المعارض الإيراني موسى أفشار، وكذلك تصريحات الباحث السياسي الإيراني المعارض حسن هاشميان، واتفقا على كون «الحرس الثوري»، من خلال فيلق القدس بصورة خاصة، هو المسؤول عن المهام الموكلة للدبلوماسيين بقيادة مباشرة من قاسم سليماني.

آليات تحكّم

وبالعودة إلى تصريحات الباحث المختص في الشؤون الإيرانية، فإنه يكشف عن جانب من طبيعة النظام السياسي في إيران والجهة المسؤولة عن إدارة «الملف الخارجي» أو النشاط الدبلوماسي، بتأكيداته أن مسألة تحكّم الحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني في تعيين السفراء والدبلوماسيين وتحميلهم مهام محددة في إطار أنشطة تجسسية وجمع معلومات، تنطبق كذلك على وزارة الخارجية الإيرانية نفسها والدبلوماسيين الذين يعملون فيها، باعتبار أن الوزارة يتحكم فيها الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات.

تغلغل

لذلك، «رأينا في السنوات الأخيرة شخصاً اسمه حسين أمير عبد اللهيان، وهو مدعوم من الحرس الثوري في وزارة الخارجية الإيرانية في منصب نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية في وزارة الشؤون الخارجية، وكان قد اصطدم بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في وقت سابق، ثم سحبه الحرس الثوري الإيراني، وعيّنه مستشاراً لرئيس البرلمان الإيراني». ويواصل أبو النور حديثه بالإشارة إلى أن «معنى ذلك أن كل الدبلوماسيين تقريباً في السنوات الأخيرة بشكل خاص التي شهدت فيها إيران توسعاً وتغلغلاً وتمدداً في الشؤون العربية، فإن معظم الأسماء (أسماء الدبلوماسيين) هذه إما ضباط بالحرس الثوري أو وزارة الاستخبارات أو دبلوماسيون يعملون مع الحرس الثوري بشكل صريح».

كذلك رأينا أن معظم أو كل العمليات الإرهابية التي تتم في بعض البلدان العربية وتتهم فيها إيران تكون بإشراف السفارة أو موظفي السفارة الذين يستخدمون حصانتهم القضائية ويتهربون بها من المحاسبة عن جرائم التجسس وجمع المعلومات. والدليل على ذلك –والكلام على لسان أبو النور- أن الدبلوماسي الإيراني الذي تم إلقاء القبض عليه في مصر في 2011 واسمه محمد قاسم الحسيني كان يعمل مستشاراً في السفارة، واتضح أنه عضو في الحرس الثوري الإيراني، وأنه ضابط مخابرات بالحرس الثوري.

ووجّهت مصر لمحمد قاسم الحسيني، وهو دبلوماسي إيراني كان يعمل بمكتب رعاية المصالح الإيرانية، اتهامات بالتجسس، وتم ترحيله إلى بلده، بعد اتهامه بالعمل على إنشاء شبكات استخباراتية، وتكليفها بجمع معلومات سياسية واقتصادية وعسكرية عن الأوضاع في مصر ودول الخليج العربي، وكان ذلك في 30 مايو 2011.

ورقة الدبلوماسيين

وبالرجوع إلى تصريحات الباحث المختص في الشأن الإيراني، فإن هذا الأمر نفسه ينطبق على دور دبلوماسيي إيران في الخليج، ولا سيما في البحرين ودعمهم لجماعاتهم في المنامة، وأيضاً في الكويت على غرار اتهام دبلوماسيين إيرانيين في مسألة «خلية العبدولي». كما أن الشخص المتهم بقتل أحمد مولى في هولندا يعتقد بكونه موظفاً في السفارة الإيرانية هناك.

وأحمد مولى هو معارض إيراني كان رئيساً لـ«حركة النضال لتحرير الأحواز»، واغتيل أخيراً في لاهاي الهولندية، بعد أن تم إطلاق ثلاث رصاصات عليه.

استغلال

ويقول الباحث المختص في الشأن الإيراني، في ذلك الصدد، إن كل تلك الوقائع وغيرها من الوقائع المشابهة تشير بوضوح إلى أن إيران تستغل ورقة الدبلوماسيين من أجل أداء أدوار كبيرة فيما يتعلق بقضايا التجسس وجمع المعلومات بطرق غير مشروعة، موضحاً أن الدبلوماسيين كانوا يؤدون دوراً أيضاً في مسألة «المد الشيعي»، وتستغل طهران سفاراتها في هذا الأمر، والآن تستغل شخصيات غير حكومة أو شخصيات «شبه رسمية» للقيام بهذا الأمر، من بينهم الإعلامي أمير موسوي إلى عدة دول ويؤدي دوراً يتعلق بالمد الشيعي، ويطرح كتباً خاصة بهذا الإطار، ويقوم بنشاطات ذات صلة.

ويلفت الباحث المختص في الشؤون الإيرانية إلى وضع «الأفاعي الزاحفة» في أميركا ودورهم، بالإشارة إلى وجود مجلس العلاقات الإيرانية الأميركية، وهو مجلس ضخم يشرف عليه الدبلوماسيون الإيرانيون في أميركا بصورة مباشرة.

تسفير

السفارات الإيرانية ضالعة في تسهيل عمليات تسفير إعلاميين أو سياسيين أو رجال دين إلى إيران، ففي مصر كانت السفارة ترسل أفواجاً يتكون الفوج الواحد من 20 إلى 30 شخصاً، بينهم صحافيون وإعلاميون إلى إيران، وهذا كله كان وما زال يحدث في العراق وسوريا واليمن.

العمل تحت غطاء سفارات أخرى

كشف مصدران من المصادر التي اعتمدنا عليها في البحث والتدقيق حول دور الدبلوماسيين الإيرانيين وممثليات نظام الملالي وملحقياته ومكاتبه الدبلوماسية المختلفة حول العالم، عن حيلة تتبعها «أفاعي طهران الزاحفة» من أجل التغلب على العقبات التي تواجههم، لاسيما عقب انكشاف ألاعيبهم ومحاولات الاستقطاب والتجنيد، تتلخص في الاستعانة بدبلوماسيين آخرين في سفارات أخرى بنفس البلد، لاستخدامهم من أجل القيام بنفس المهام بعد استقطابهم أو من خلال العلاقات الوطيدة معهم.

وتحدث المصدران عن استخدام إيران لسفارات دول أخرى في بعض البلدان التي تشهد تضييقات نسبية على أعمال السفارة الإيرانية، أو يكون التمثيل الدبلوماسي فيها منخفضًا، حيث تقوم تلك السفارات من منطلق علاقات قائمة بينها وبين السفارة الإيرانية في ضوء علاقات على مستوى أوسع بين إيران والبلد التي تتبع له السفارة أو تلك البلدان التي نجحت طهران في اختراقها، والسيطرة على العديد من المفاصل المهمة فيها بالقيام بنفس مهام السفارة الإيرانية وتسهيل عمليات الاستقطاب كنوع من المناورة، وتعمل «كوبري» أو «غطاء» لتسهيل تسفير مواطنين عرب إلى إيران، حتى لو كانت هنالك تضييقات داخل البلد على السفر إلى إيران وشروط خاصة.

جسر تسفير

فيما يتعلق بمسألة تسفير مواطنين عرب إلى إيران، فإن السفارة الثانية تقوم بدور جسر لتسهيل سفرهم إلى البلد الذي تمثله تلك السفارة، ومنها يتم تسهيل عملية سفر أولئك العرب إلى إيران، دون اعتماد إثبات ذلك في جوازات سفرهم الخاصة، ثم يستطيعون الوصول إلى إيران ثم العودة إلى دولهم عبر دولة أخرى، دون أن تنكشف تلك المناورة. كما تستخدم إيران سفارة تلك الدولة «الوسيط» في عملية استقطاب بعض الشخصيات لصالح إيران.

وفي وجه آخر من أوجه التعاون، فإن دورًا آخر تلعبه إيران في محاولة الاستقطاب السياسي والمذهبي من خلال دولة أخرى نجحت في اختراقها والسيطرة على مفاصل صناعة القرار فيها.

ويروي رئيس اتحاد القوى الصوفية في مصر عبد الناصر حلمي في شهادته قصة تلقيه دعوة من أشخاص محسوبين على إيران من أجل زيارة «دولة عربية آسيوية» والمشاركة في فعاليات على هامش مناسبة دينية، ويقول إنه «رفض الدعوة لأن أهدافها معروفة مسبقة، هي دعوة من أجل الاستمالة والاستقطاب، لو أن الدعوة وجهت لي من تلك الدولة وسفارتها لزيارتها لوافقت لأنها دولة عربية شقيقة ولا توجد قيود على السفر إليها، إنما الغريب أنها جاءت من إيران».

ويرصد الباحث المختص في الشؤون الإيرانية علاء السعيد، مثالًا عمليًا بالتطبيق على الوضع في مصر، كاشفًا عن أنه من خلال الرصد والتدقيق فإن البعثة الدبلوماسية الإيرانية في مصر قليلة جدًا لأن مستوى التمثيل الدبلوماسي منخفض، وبالتالي فإن سفارة إحدى الدول الآسيوية في مصر تحل محل السفارة الإيرانية، ويتم تسهيل الأمور من خلالها على وقع سيطرة إيرانية على تلك السفارة أيضًا من خلال أذرع طهران الدبلوماسية الخاصة.

«الرموز» صناعة إيرانية لتمرير المخططات الخبيثة

يعمل الدبلوماسيون الإيرانيون المنفذون لخطط الاختراق على استراتيجية يسميّها الباحث المختص في الشؤون الإيرانية علاء السعيد بـ «صناعة الرمز»، والتي تسعى من خلالها طهران عبر دبلوماسييها إلى صنع شخصيات في المجتمعات التي تسعى لاختراقها والسيطرة عليها، حيث يصنع ذلك «الرمز» حضورًا في مجتمعه ويشكل أذرعًا خاصة مرتبطة بإيران وتكوين جماعات ضغط على الدولة، فعلى سبيل المثال ما حدث في نيجريا (غرب أفريقيا، وتعتبر أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان) مع إبراهيم زكزكي، الذي يعتبر زعيم الشيعة في نيجريا، والذي «تم استقطابه من السفارة الإيرانية في نيجريا».

سافر زكزكي في وقت سابق لإيران ومكث هناك لمدة قرابة أربع سنوات وعاد ليشكل جماعة توصف بـ «حزب الله النيجري»، بدأت الجماعة تكبر رويدًا رويدًا وتمدها طهران بالمال الذي تستخدم الجماعة بعضه في تقديم خدمات للمطحونين والفقراء خاصة في المناطق الشمالية في نيجريا من أجل استقطابهم، حتى قامت الجماعة التي تحمل اسم (الحركة الإسلامية في نيجريا) بحمل السلاح ضد الدولة ومحاربتها.

ورصدت السلطات النيجرية في العام 2013 بالفعل مستودع أسلحة تم تهريبها من جانب حزب الله اللبناني للحركة، لتبدأ الصراعات المباشرة مع «حزب الله النيجري» ووقعت العديد من المواجهات منذ ذلك الحين.

تسهيل مهمة

وبالعودة لمسألة «صناعة الرمز» التي يتحدث عنها السعيد، فإنها لا تعدو سوى استراتيجية لتسهيل مهمة الدبلوماسيين الإيرانيين التجسسية وتسريع وتيرة اختراق «الأفاعي الزاحفة» للمجتمعات من أجل لدغ اللدغة الموجعة السامة المرتبطة بإغراق البلاد في فوضى واضطراب سياسي وأمني لتسهل عملية السيطرة عليها.

وفي لبنان صنعت الرمز ممثلًا في حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله، وقد مر ذلك بمراحل بداية من حركة «محرومون» وحركة «أمل» ثم التطور الزمني المعروف إلى أن تم تأسيس حزب الله المعتمد كلية والمأمور من قبل إيران.

وكذلك في اليمن كانت صناعة الرمز ماثلة في شخص حسين بدر الدين الحوثي وأيضًا عبد الملك الحوثي، وفي البحرين ممثلة في جمعية الوفاق (علي سلمان وحسين الديهي) فضلًا عن المالكي والعبادي في العراق والحشد الشعبي، وفي السعودية حاولوا «صناعة الرمز» في المنطقة الشرقية من خلال «نمر النمر» الذي حاول تشكيل مجموعة «حزب الله مصغر» وبدأ في أعمال شغب داخل العوامية والقطيف والمنطقة الشرقية، وتم اعتقاله ومحاكمته وإعدامه.

وفي الكويت أيضًا ظهرت تلك الاستراتيجية من خلال «عبد الحميد دشتي» على سبيل المثال الذي اشتهر بمواقفه المؤيدة لإيران ومناهضته للسعودية والبحرين، وتم الحكم عليه غيابيًا في الكويت بالسجن لمدة 14 عامًا.

 

 

المصدر: البيان

 



مقالات ذات صلة