هل بدأ حزب الله بالإنهيار مع نزيف النظام السوري؟

بواسطة موقع العالمية قراءة 903
هل بدأ حزب الله بالإنهيار مع نزيف النظام السوري؟
هل بدأ حزب الله بالإنهيار مع نزيف النظام السوري؟

1-2-2013

"الجيش النظامي يخسر إذا لم ينتصر. والمقاتل في حرب العصابات ينتصر إذا لم يخسر". يُفترض بهذه الملاحظة التي اطلقها هنري كيسنجر خلال حرب فيتنام أن تقضّ مضجع حزب الله، المتورط في مجهود يزداد كلفة لإنقاذ نظام بشار الأسد بحسب نيويورك تايمز. ففي تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، نفذت وحدات تابعة للجيش السوري الحر، في بلدة القصير قرب الحدود اللبنانية، عملية متقنة التخطيط اسفرت عن مقتل علي حسين ناصيف الذي اتضح انه كان قائد قوات حزب الله في سوريا. وألقى مقتله الضوء على حجم تورط الحزب في النزاع السوري.

المعروف أن لحزب الله مصلحة بديهية في بقاء بشار الأسد، وأن أمينه العام السيد حسن نصر الله لم يدخر وسعًا لتذكير العالم بدعم الحزب السياسي لدكتاتور سوريا المحاصر. فقد عملت ثلاثة عقود من الدعم الذي قدمته أسرة الأسد الحاكمة في سوريا على إيصال شيعة لبنان، وغالبيتهم من فلاحي الجنوب، إلى مراكز السلطة وأروقة الحكم، بإسناد من حزب الله الذي تضاهي قوته النارية قوة جيوش تقليدية عديدة، كما افاد تقرير في صحيفة نيويورك تايمز.

ويقوم حزب الله بدور عسكري لا يقل بداهة في سوريا. فمنذ اندلاع النزاع، انضم قادة عسكريون من الحزب إلى نظرائهم من حرس الثورة الايراني، في العمل مستشارين للجيش النظامي السوري ضد قوات المعارضة المسلحة، بالاضافة إلى تدريب ميليشيا يُقدر عديدها بنحو 60 الف مقاتل، كما تردد، لحماية المناطق العلوية في المحافظات الساحلية شمال غربي سوريا.

وساعد آلاف من المقاتلين المرتبطين بحزب الله في حماية نحو 20 منطقة شيعية سورية على امتداد الحدود مع لبنان، ضد هجمات ذات دوافع طائفية، منفذوها متطرفون في صفوف المعارضة السورية المسلحة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، التي أشارت إلى أن حزب الله استخدم ترسانته لقصف مناطق سنية تشكل معاقل لمقاتلي المعارضة السورية.

 

لاحظ مراقبون أن حزب الله عمد أخيرًا إلى توسيع عملياته في سوريا، زاجًا فيها قواته الخاصة حسنة التدريب، التي لا تُعوض استراتيجيًا. ويُقال إن هذه القوات التي تحاط بتكتم شديد تضم 2000 إلى 4000 مقاتل محترف، وآلاف من الاحتياط من ابناء قرى شيعية جنوب نهر الليطاني وسهل البقاع، لاستدعائهم إلى القتال في حال تعرض الجنوب إلى اجتياح اسرائيلي. وخلال حرب العام 2006، خسر الحزب نحو ربع قواته الخاصة، ما شكل أقسى ضربة يتلقاها جناحه العسكري الخاص.

وتشير تقارير مختلفة من سوريا إلى أن مشاركة هذه القوات الخاصة مباشرة في ساحات القتال في سائر انحاء سوريا سجلت زيادة ملحوظة، وان قوات اضافية قد تكون في الطريق. وبحسب هذه التقارير، فان خطط طوارئ سرية أُعدت على أعلى المستويات بين قيادات النظام السوري وحزب الله، تتضمن موافقة الحزب على زج الآلاف من قواته النخبوية للدفاع عن نظام الأسد ضد أي غزو خارجي، أو تقديم معونة عاجلة إذا اقتضت الحاجة.

وإذ يعزز مقاتلو المعارضة السورية مكاسبهم في أرياف حلب ودمشق، فهناك مؤشرات إلى أن نصر الله ينفذ وعده. ففي وقت سابق من الشهر الحالي، افادت صحيفة سعودية أن اربع وحدات تابعة لحزب الله، كل وحدة تضم 1300 مقاتل، أُرسلت لمساعدة جيش النظام في المدن الكبيرة، في حين أن وحدة الكوماندوس 901 النخبوية التابعة لقوات الحزب تقاتل في حمص، كما افادت تقارير، منذ تموز (يوليو) الماضي.

كما دفعت قوات حزب الله المتمركزة قرب مستودعات الأسلحة الكيميائية حكومة اسرائيل إلى التهديد بالتدخل العسكري، ردًا على أي محاولة لنقل هذه الأسلحة إلى مخازن حزب الله في لبنان. وسواء كانت هذه العمليات تهدف إلى حماية منشآت حساسة أو نقل موادها المميتة، فان تمركز قوات حزب الله قربها يدل على أن مقاتليه أصبحوا من أكثر الوحدات القتالية ثقة لدى بشار الأسد.

 

من الناحيتين العسكرية والسياسية، لدى حزب الله مصلحة كبيرة في النزاع السوري، لكنه يخاطر حتى بأكثر من هذه المصلحة لانقاذ نظام منبوذ قد لا يكون انقاذه ممكنًا.

فقد تكبد حزب الله خسائر بالمئات في القتال ضد قوات المعارضة السورية المسلحة، بينهم عناصر من وحداته الخاصة. ولا يستطيع حزب الله التفوق على القوى البشرية للمعارضة السورية المسلحة، وسيتعين عليه أن يزج خيرة مقاتليه، وأن يستخدم أحدث ما لديه من معدات وأسلحة لقطع خطوط امداد الثوار، أملًا التمكن من وقف زحفهم على دمشق.

ومن المرجح أن تبقى صواريخ حزب الله، البالغ عددها نحو 70 الف صاروخ، مصوبة نحو اسرائيل. لكن التفريط بوحداته النخبوية في سوريا يمكن أن يحرم شيعة لبنان من الحماية ضد غرماء طائفيين سيجدون ما يشجعهم على التحرك ميدانيًا في اعقاب سقوط الأسد.

إلى ذلك، مساعدة حزب الله لنظام الأسد على ارتكاب الفظائع ستضع قادته تحت طائلة الملاحقة والمحاسبة امام المحكمة الجنائية الدولية، بالاضافة إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. ومن الجائز أن يدفع مثل هذا التعامل السلبي مع حزب الله الاتحاد الاوروبي إلى الرضوخ للضغوط الاميركية، بإدراج الحزب على قائمة المنظمات الارهابية، وبذلك فرض المزيد من العزلة على جناحه السياسي.

لكن الأشد خطرًا هو انتهاك حزب الله لالتزام لبنان باتخاذ موقف الحياد من النزاع السوري، وهو التزام اتخذه لبنان على عاتقه بأمل حماية توازنه الطائفي الدقي. فدعم نصر الله للأسد وضع الشيعة وغيرهم من الأقليات في دائرة نيران الجهاديين السوريين، الذين من المرجح أن يوجه كثير منهم اسلحتهم نحو لبنان بدافع الانتقام، في حال سقوط الأسد. وكان نصر الله أكد مرارًا ايمانه ببقاء الأسد. وبصرف النظر عما إذا كان ايمانه في محله، يبين تأكيده هذا حقيقة أن هذا النزاع صعب، يستميت حزب الله للخروج منه منتصرًا .

المصدر : موقع العالمية



مقالات ذات صلة