عــذراً سمـاحــة السيـد

بواسطة عبد الرحمن الأشقر قراءة 2257

عــذراً سمـاحــة السيـد

      

ولو أن شجرة عملاقة عتيقة معمرة منذ مئات السنين وارفة الفروع ثرية الأوراق غنية الثمار لا يُعقل أن تكون جذورها سقيمة مريضة، وكذلك لا يعقل أن شجرة المليار ونصف مسلم في عصرنا كانت جذورهم (الصحابة) هشة عليلة يُتهم أكثرهم بالزيغ والكفر والردة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

أرجو منكم ألا تغالطوا سنن الحياة وتنـكسوا نواميس الكون وتزيفوا حقائق التاريخ وصدق المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، وهذا ليس من قبيل الابتداع إنما هي بديهيات تقرها كل علوم الاجتماع وسنن الدعوات وقوانين الطبيعة، فبدايات الإصلاح والتغيير كبدايات الثورات كبدايات غليان البركان وكذلك بدايات الدعوات على مر العصور تكن أكثر توهجاً في أولها ثم تخبو شيئاً فشيئاً.....

والبنيان العظيم لا يستقيم إلا بأساس أعظم والجبل الضخم الذي نراه يخبئ أكثر من ضعفي حجمه وثقله في باطن الأرض ليكن أكثر اتزاناً، والهرم أسفله قاعدة عريضة ينتهي أعلاه برأس مدبب ليكن أكثر ثباتاً.

فمن الطبيعي أن تكون قاعدة الأمة الإسلامية (الصحابة ومن ثم التابعين) هم الأفضل والأحسن والأعدل والأتقى والأنقى والأقوى انطلقت منهم شرارة الدين إلى العالمين انطلقت لتنشر الإسلام في ربوع الدنيا وذلك على حساب أهليهم وأموالهم ودمائهم وأرواحهم وكانوا بحق أهلاً لهذه المسئولية وضربوا أروع الأمثلة في الفداء واثبتوا القدرة على تحمل الصعاب واستحقوا بجدارة صفة الخيرية بعد الأنبياء، ولولا الله ثم إياهم لما وصل إلينا هذا الدين العظيم وبعد كل هذا الجهد المضني والتضحيات يُطعن في أخلاقهم  ويُشكك في ولائهم وتبعيتهم للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويُتهموا في عقيدتهم وإيمانهم بالرسالة ولا يُعترف بفضلهم وجهدهم في أداء الأمانة.

والقران العظيم ملئ بالآيات التي تثني على الصحابة من المهاجرين والأنصار وأمهات المؤمنين ولكل منا تأويله وتفسيره ولكني سأذكر آيتين صريحتين ليس فيهما مجال للاجتهاد أو التأويل...فقال تعالى : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) " الأحزاب:6 " وهنا الآية تشمل كل زوجات النبي وتقر بأنهن أمهات للمؤمنين بما فيهن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وأنتم تزعمون أن الله زََََوج الإمام علي إلى السيدة فاطمة رضي الله عنهما أوليس أحرى وأولى أن يختار الله لنبيه في زيجاته "نساء مؤمنات  قانتات صالحات" أم حاشى لله أن يكون  الإمام علي أحب إلى الله من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟؟!                                                

والآية  الأخرى  (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم و أثابهم فتحا قريبا) " الفتح:17 " ومعلوم بما لا يدع مجال للشك أن بيعة الشجرة وقعت وهذه الآية نزلت قبيل صلح الحديبية في حضرة أبي بكر وعمر وعثمانُ الذي أبرمت البيعة لأجله.

فلتأذن لي أن أعـرض على سماحتـكم سؤالاً عن أصلح الرجال في ظنـكم في المائة عـام الأخـيرة ؟؟!! بلا شك إنه صاحب الفضل في صناعة ثورة شعبية عارمة وانتفاضة صاخبة لم تهدأ إلا بفرار الشاة وإعلان قيام دولتكم الأم وظل يتزعمكم حتى وافته المنية، تزعمون أن الله قدس روحه وتلقبونه بآية الله، هو أخير الرجال كما تحسبون بلا جدال... فهل أحسن في اختيار أصحابه؟ هل نجح في تربيتهم ليحملوا فكرته ويسيروا على طريقته؟ هل اتبعه أصحابه ولم يخذلوه بعد وفاته؟ وهل استمرت روح الثورة ودستور الدولة وطريقة الشيخ حتى اللحظة؟؟؟

الإجابة : بالطبع نعم وبجدارة.

اسمحوا لي بسؤال أخر عن أفضل الخلق من لدن آدم حتى قيام الساعة عن خاتم المرسلين الذي مدحه ربه وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين هو إمام المصلحين وسيد المتقين ؟ هل أحسن في اختيار أصحابه ؟ هل نجح في تربيتهم ليبلغوا الرسالة ويؤدوا الأمانة؟؟ هل اتبعه أصحابه ولم يرتدوا بعد وفاته وساروا على نهجه ؟؟ وهل انتشر الإسلام بهم إلى ربوع الأرض شرقاً وغرباً؟؟؟

أيُعقل أن ينجح إمامكم في صناعة جيل يحمل فكرته ويخفق نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في تربية أصحابه من حوله، سأترك لكم الحكم ؟؟؟!!!

رجاء من قلب محب إلى إخواني الشيعة وعلى رأسهم رجال الدين الفضلاء وبما يجمعنا من اله واحد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة ويجمعنا حب خاص خالص وعشق صادق إلى الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين وباقي الأئمة وآل البيت عليهم السلام أجمعين. أسألكم أن تقفوا وقفة صدق وتنحّوا الأهواء وتحكّموا المنطق وترجحوا العقل وتجنبوا الشهوات وتنظروا إلى التاريخ بحياد والى سيرة الصحابة رضوان الله عليهم بإنصاف.

ودعونا من الاستناد إلى المرجعيات والخوض في التفاصيل فكل منا له مصادره الخاصة التي يعتقد فيها ولا يقبل الطعن في صحتها، دعونا نوجد مساحة مشتركة ونذهب إلى منطقة محايدة والى وقائع من التاريخ نتفق عليها.

إن الخليفة أبا بكر الذي جمع القران وهز عرش قيصر وزلزل سلطان كسرى وهزم جيش الردة، والخليفة عمر الذي فتح الشام ومصر والمسجد الأقصى، والخليفة عثمان الذي فتح أكثر دول إفريقيا وأسيا ألا يُحفظ لهم فضلهم ويُثنى عليهم ؟؟!!

ولو كانت الخلافة لسيدنا علي " فريضة " هل يقبل أن يعمل مستشاراً وناصحاً أميناً للخلفاء الثلاثة الأوائل ويظل يتعايش معهم قرابة الأربعة عقود دون أن يختلف معهم أو يخرج عليهم فضلاً عن تسميته لثلاثة من أبنائه أبا بكر وعمر وعثمان! وكذلك الأئمة من آل البيت بتسميتهم لأبنائهم بأسماء الخلفاء وبناتهن بأسماء أمهات المؤمنين لاسيما اسم عائشة الذي سـُميت به بنات الأئمة الصادق والباقر والكاظم...

وحاشى لله أن يُماري الإمام علي في أمر إلهي أو يُهادن في تكليف رباني ومعروف عنه شدة التقوى والشجاعة والقوة والعزم والحزم والجهر والصدع بالحق، ولخرج الإمام علي بنفسه وأشهر سيفه منذ أول يوم أحس بأن فريضة الله سـُتنتهك وتـُعصى أوامره ساعة أن استقرت الولاية لأبي بكر وهو الذي دائماً لا تأخذه في الله لومة لائم، كما واجه سيدنا معاوية رضي الله عنهما وكذلك خرج سيدنا الحسين على يزيد بن معاوية.

إن أئمة آل البيت عليهم السلام رجال لا يعرفون للخوف طريقاً ولا للمماراة سبيلاً وان كانت الخلافة لسيدنا علي من الفرائض والأصول لأنزل الله أية صريحة واضحة جلية ليس فيها لبس ولا تقبل التأويل والاجتهاد فضلاً عن الاختلاف، ويدّعي البعض منكم أن سورة نزلت بالفعل تثبت فرضية ولاية الإمام علي وتم إخفائها وحذفها من المصحف الشريف ونرد عليهم بأنكم وقعتم في ذنب أعظم بإنكاركم لأية صريحة في القران حيث أن الله أنزل في كتابه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)...    

إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زوج اثنين من بناته إلى عثمان وتزوج ابنة عمر وابنة أبا بكر وحاشى لله أن يصاهر ويناسب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجال فيهم ذلك السوء الذي تزعمون ولو كان الخلفاء على حال في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) وتغيرت أحوالهم بعد وفاته لكان أحرى أن يـُحذره الوحي ويـُنذره بعلم الله للغيب أم إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) علم بأمرهم وسكت وارتضى لنفسه أن يتقرب منهم ويتودد إليهم في حين أنهم يـُظهرون الإسلام ويبطنون الكفر!!! تلك إذاً مصيبة أخرى وتهمة وسـُبة وازدراء وافتراء وهـُراء لا يليق بشخصه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).

لكم اللوم في تقولكم بهذه الادعاءات والافتراءات على النبي والإمام علي والأئمة من آل البيت عليهم الصلاة والسلام فأنتم بذلك تـُسيئون إليهم وتخطئون في حقهم وتدعون حبهم والتشيع لهم....

لكم الويل إن قصدتم الفرقة وتعمدتم تمزيق وحدة الأمة وتحريف الكتاب والسنة، وصدق الله إذ يقول (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً)..... شهد الله أن أكثر الناس أواخر عصر النبوة في الجزيرة العربية لاسيما الذين يحيطون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدخلون في الدين أفواجاً وأنتم تفترون على الله الكذب وتخالفون كتابه بزعمكم.

 



مقالات ذات صلة