وقفة مع ... المؤتمر الوطني الفلسطيني في دمشق
لعل أهم ما يميز المؤتمر الوطني الفلسطيني للتمسك بالحقوق والثوابت والذي عقد في دمشق في الفترة من 23-25/1/2008م توقيته، والذي جاء في وقت تمر به القضية الفلسطينية بأحلك الظروف، ما بين الحصار الخانق المطبق على أهلنا في غزة، وما بين ارتماء حفنة من الخونة في أحضان أعداء الله من اليهود والصليبيين.
وقد جاء المؤتمر ليؤكد على الحقوق والثوابت ويدعم جهاد شعبنا في فلسطين، ونصرة له على ثباته وتضحياته، على الرغم من تخلف بعض الفصائل الفلسطينية عن حضوره والمشاركة فيه لأسباب هي أوهى من بيت العنكبوت في وقت تباع فيه فلسطين والقدس والمسجد الأقصى بأرخص الأسعار لشذاذ الأرض من اليهود، وسيعلم هؤلاء أي منقلب ينقلبون.
ولا يخفى على أحد أن هذا المؤتمر ينظم تحت مظلة حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" الطرف الأقوى في أحزاب المعارضة الفلسطينية، وبتأييد ودعم كذلك من حركة الجهاد الإسلامي، واللذان يمثلان جناح المقاومة الفلسطينية، ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نسجل لهم تحية إجلال وإكبار لكل ما يقومون به من جهود للمحافظة على ثوابت الأمة وجهادها ضد العدوان.
ولكن ما كنا نخشاه وندندن عليه دائماً من خلال منبرنا في موقع الحقيقة، وعبر بيانات وتصريحات إخواننا في لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة – فلسطين أن تُأتى عقيدة أهل فلسطين من قِبلهم، وذلك من خلال إدخال التشيع الرافضي إلى أرض فلسطين وشعبها، وقد رصدنا الكثير من محاولاتهم في هذا المجال، وما زلنا نرى أن إخواننا في الحركتين يتهاونون في مثل هذا الأمر بل يروج بعضهم له في غير ما مناسبة..!!
ولعل المؤتمر الوطني الفلسطيني جاء ليؤكد مثل هذه الحقيقة من جديد، وذلك من خلال ما شاهدناه من الحضور الرسمي الإيراني وأفراخهم من حزب اللات اللبناني في المؤتمر، والتواجد الملحوظ لسادتهم ومعمميهم، والكلمات والخطابات التي أتيحت لهم، هذا فضلاً عن الشعارات واللوحات التي ملأت ردهات وقاعة المؤتمر باسم "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"!!
ولا ندري هل هو مؤتمر وطني فلسطيني أم مؤتمر مناصرة وتأييد للقضية الفلسطينية؟!! حتى تشارك فيه فعاليات غير فلسطينية وتدلي بدلوها؟!
وإن كان يسمح بمثل هذه المشاركات فأين علماء أهل السنة الذين نذروا أنفسهم للقضية الفلسطينية؟ وأين المؤسسات واللجان السنية التي تدعم بكل قوة قضية فلسطين وتجعلها على رأس أولوياتها؟ أم أن النظام السوري الذي ارتمى في أحضان "إيران الفارسية" له دور في هذا الأمر. أم أنّا أصبحنا لا نرى غير هؤلاء داعماً حقيقياً لقضيتنا!! وهذا من العجب...
ويا لخسارة الملايين التي تأتي دعماً لنا من إخواننا السنة - وهي أضعاف ما ترميه إيران من فتات - إذا كانت ستؤول في النهاية إلى مثل هذا الطريق!
وتكاد لا تخطئ عين الراصد للمؤتمر الإطراء والترحيب الذي يحظى به مثل هؤلاء من بعض قيادات الحركتين ممن كادوا أن يتشيعوا أو هم بوق للتشيع يروجون له في كل مناسبة، ولا أحسب مشاركتهم العملية في ذكرى عاشوراء وإحيائها في سوريا ولبنان وإيران هي من قبيل دعم القضية الفلسطينية!! وهل خروج أحد مستشاري إسماعيل هنية –حفظه الله-علينا ليعلن مقولة (ما العيب أن تكون شيعياً؟!!) هي من نتاج هذه المناسبات !! ولعل مرارة المشهد أعظم من هذا، ولكن ليس كل حديث يحدث به الناس!!
إن من أولى أولويات المحافظة على الثوابت الفلسطينية هو المحافظة على عقيدة أهلنا في فلسطين وفي أماكن تجمعاتهم في الشتات، فإن العقيدة لا يساوم عليها مهما كانت الظروف والأحوال، وخير لنفس أن تبذل في سبيل عقيدتها وتصعد طاهرة عند بارئها من أن تلوث بعقائد الرفض والطعن بكتابنا وسنتنا وسلفنا الصالح رضوان الله عليهم.
وإن المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، وتاريخ هؤلاء القوم مشهود له بالخيانة والتحالف مع أعداء الإسلام، وإن اختلفت مصالحهم في الظاهر في الوقت الراهن مع أعدائنا، فإنها لا تكاد تنقطع في الباطن من التعاون والتنسيق ضد أهل السنة، ولعل تاريخ العراق وأفغانستان في الوقت الحاضر لا يخفى على أحد!! ولكن للمبصر فقط!!
إنكم ستقفون أمام الله سبحانه وتعالى وسيسألكم عن الأمانة التي حملتموها على عاتقكم تجاه شعبنا وأمتنا، فإياكم ثم إياكم أن يكون دخول الرافضة إلى أرضنا وديارنا وشعبنا عن طريقكم، والتاريخ لا يرحم أبداً ... فهل يكتب التاريخ هذا التحول!!
يا قادة "حماس" و "الجهاد" اتقوا الله في أهل فلسطين السنية، وحذار ثم حذار من أن تكونوا السبب في ولوج هؤلاء إلى عقيدتنا ليفسدوا علينا ديننا، وإنكم مطالبون أمام الله تعالى ثم أمام شعبكم أن تحصنوا أفرادكم وكوادركم ضد هذا المذهب الخطير الذي لا يرقب فينا إلاّ ولا ذمة، بل ضد كل ما يمس عقيدتنا وديننا، وعليكم أن تجعلوا علماء أهل السنة مستندكم ومرجعيتكم وخصوصاً من شهد لهم بالاستقامة والعدالة والعقيدة، واعلموا أن بُعدكم وعمقكم الاستراتيجي يتمثل في أهل السنة، مهما طال الزمن... وليس لازماً أن يكون النصر على أيديكم أو في زمانكم، فهذا دين الله وهذه أرضه، والله لا يورثها إلا لعباده الصالحين إذا ما استقاموا وآمنوا واتقوا وأصلحوا، ولم تأخذهم في الله لومة لائم أو يخالطوا إيمانهم بشرك أو بدعة...
منذر النابلسي