لماذا تحرص القيادة الإيرانية على اختراق الساحة المصرية؟
بقلم أسامة شحادة
اعتبرت محاضرة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في مكتبة الإسكندرية مؤخراً، نجاحاً جديداً للجناح الإيراني المناور (رفسنجاني، خاتمي، كروبي)، مقابل جناح الرئيس المتشدد أحمدى نجاد.
وهذا الصراع بين الجناحين هو تنافس على من يحقق أكبر مصلحة للثورة الإيرانية وولاية الفقيه، ولذلك لا يظن أحد أن هناك جناحا أفضل من جناح، فالتنافس هو في الوسائل لا على المبادئ.
والفرق بين الجناحين في الأسلوب، نابع من الخلفية الفكرية لكلا الجناحين، ففي حين يتبع أحمدى نجاد جماعة "الحجتية"، والتي كان لها دور سلبي إزاء دعم الثورة الخمينية، لأنها تؤمن بأن الفساد والشر هو الذي يعجل "بظهور المهدي"، ولذلك رأت أن دعم ثورة الخميني يقلل الشر!!
ولكن بعد مرور ربع قرن على الجمهورية الإيرانية، رأت أن المشاركة في تصعيد الصراع سيعجل بظهور المهدي، كما هي أمنية الرئيس نجاد في مدونته الشخصية، أن يكون من جنود المهدي.
في حين، أن الجناح الآخر (رفسنجاني، خاتمى، كروبي)، آمن بالعمل على إقامة دولة شيعية لتسريع "عودة المهدي"، واستفاد من تجربة الخميني في حكم إيران، ويرى بضرورة القبول أحياناً بالتهدئة للوصول إلى مكاسب أكبر أو تجنب خسائر ضخمة، كما عبر عنها الخميني "بتجرع السم"، حين قبل وقف الحرب مع العراق.
ومن هذا الباب، اتسمت سياسة خاتمي في رئاسته بـ"الانفتاح الثقافي"، والتي حقق من خلالها مكاسب سياسية ضخمة لإيران، لكن هذه المكاسب تبخرت بسبب سياسة أحمدي نجاد الصدامية.
وللحفاظ على ما تبقي من مكاسب وحماية ثمرة الثورة الخمينية، وهي الجمهورية الإسلامية، تشكل محور (رفسنجاني، خاتمى، كروبي)، ومن هنا تنبع أهمية كسب مصر في أجندة هذا التيار، ويمكن فهم سبب تركيز هذا الجناح على مصر، من خلال توضيح رفسنجاني لهذه الفكرة في حوار مطول مع صحيفة كيهان الإيرانية على مدى 14 حلقة، وطبع بالعربية في مجلد بعنوان "مكاشفات حوار صريح مع الشيخ هاشمى رفسنجاني"، عن دار الولاية سنة 2005م، جاء فيه قول رفسنجاني: "وفيما يخص مصر، لم يكن رأيي الشخصي في أي وقت أن نقطع العلاقة معها، لكن الإمام هو الذي أمر فقطعنا العلاقة، وفي زمن حكومتي الأولى، وافقنا في مجلس الأمن القومي على إعادة العلاقات، وفي البداية وافق القائد ـ خامنئى ـ لكنه عاد ورفض، وبقيت المسألة على حالها هذا...
والآن وصلت إلى ما هي عليه، إذ أخذوا يرددون ما كنت أقوله في حينها، من أن شعب مصر محب لأهل البيت عليهم السلام، ونحن نمتلك هناك أفضل قاعدة شعبية، ومصر تتمتع بنفوذ ثقافي في أفريقيا، والكثير من المناطق، لأن الأزهر يقوم بتربية المعلمين الذين يعملون في تلك البلدان، وكان علينا أن نقوم بعملنا"، ص 431.
فواضح من هذا الكلام، إدراك رفسنجاني لمحورية دور مصر في أفريقيا والعالم الإسلامي، وأن اختراق الساحة المصرية، والأزهر بالتحديد، هو الجسر الذي تعبر عليه الثورة الإيرانية للآخرين!!!
ولذلك بحث خاتمى إعادة فتح جمعية التقريب في القاهرة، وكان اللازم فتحها في طهران.