(مُمَانَعة) في ذمّة الله.. و(ممانِعون) في ذمّة التاريخ

بواسطة الدكتور محمد بسام يوسف قراءة 1539
(مُمَانَعة) في ذمّة الله.. و(ممانِعون) في ذمّة التاريخ
(مُمَانَعة) في ذمّة الله.. و(ممانِعون) في ذمّة التاريخ

 

(مُمَانَعة) في ذمّة الله.. و(ممانِعون) في ذمّة التاريخ

 

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

 

تماماً، كما سقطت شعاراتهم على مرّ ما يقرب من نصف قرن.. يسقط اليوم شعارهم الأخير كما تتساقط قذائف العدوان الصهيونيّ على غزة الصابرة المصابرة، فينكشف فصل جديد من فصول النفاق والباطنية والتقية، التي يتقنها نظام (الممانعة) الأسديّ وحلفاؤه وأبواقه ومُريدوه.. والقابضون من مصارفه وأرصدته المالية، المسروقة من كَدّ الشعب السوريّ وخيراته!..

لن نتحدّث عن المواقف الأميركية والأوروبية والغربية من العدوان على غزّة، فهؤلاء أعداء مكشوفون تاريخيون، معروفون بتعاضدهم مع كل عدوانٍ على شعوبنا وأوطاننا، بل مشاركون في كل عدوان.. ولن نتحدّث عن الأنظمة المتواطئة مع هؤلاء.. ولن نطيل الحديث عن مصير شعارات: الوحدة، والحرية، والتوازن الاستراتيجيّ، والصمود والتصدّي، والمقاطعة، ..، وغيرها من شعارات الشعوذة الأسدية والفارسية الباطنية.. إنما يحق لكل شريفٍ في هذه الأمة العربية، وهذه الأمة الإسلامية.. أن يسأل عن معنى الممانعة، وهدفها، واستراتيجيّتها، وتكتيكها، وخططها، وطرائق تنفيذها، وأسلحتها!.. لاسيما أثناء تعرّض حليفٍ من حلفاء (الممانِعين) إلى هذا العدوان الوحشيّ الإجراميّ البشع، كالذي يمارَس في غزّة هاشم!..

لقد بدا واضحاً، حتى للسذّج والحمقى والمغفّلين، أنّ الممانعة في عُرفِ (الممانِعين) الطائفيين، لا تعني أكثر مما عَنَتْه الشعارات السابقة المكشوفة البائدة: حَرْف الأمة عن هدفها في خدمة قضيتها الأولى، وممارسة التقية بأجلى صورها، لخداع الشعوب والجماهير، وتشتيتها وتشويشها!..

مُمَانِعو الحلف (الفارسيّ – الأسديّ)، وثالثهما اللبنانيّ (حزب حسن نصر خامنئي)، يظنّون أنه ما يزال بمقدورهم الضحك على الشعوب العربية والإسلامية، فكان أقصى ما لدى النظامَيْن من ممانعة، هو حشد الأذناب أمام السفارات المصرية (لا الصهيونية)، وحرق العلم الوطنيّ المصريّ (لا العلم الصهيونيّ)، وممارسة (اللّطم) الكربلائيّ في ملعبٍ لكرة القدم، وتقزيم قضية العرب والمسلمين الأولى إلى معبرٍ اسمه: معبر رفح!..

لو كان النظام السوريّ صادقاً في شعاره الممانِع، فلماذا تبقى جبهة الجولان هادئةً وادعة، مع أنّ غزّة تُذبَح من الوريد إلى الوريد؟!.. بل لماذا يقوم هذا النظام بمفاوضاته مع العدوّ الصهيونيّ بهدف تحقيق السلام المشترك معه، كما أعلن رئيس النظام منذ أقل من أسبوعين، وهو بصدد ترقيتها من مفاوضاتٍ غير مباشرةٍ إلى مفاوضاتٍ مباشرة، لأنّ السلام –كما يزعم- لا يتحقق إلى بمفاوضاتٍ مباشرة!..

أين صواريخ (النصر الإلهيّ) المزعوم، وصواريخ (ما بعد حيفا وما بعد.. بعد حيفا)، لنصرة الحليف الاستراتيجيّ الفلسطينيّ (كما يزعم تابع ولاية الفقيه)؟!.. أم أنّ تلك الصواريخ لا تتحرّك إلا لخدمة الأهداف الفارسية الطائفية المشبوهة، حتى لو أدّت إلى تدمير بلاد العرب والمسلمين؟!..

أين صواريخ (أحمدي نجاد)، التي ستمحو الكيان الصهيونيّ من الخريطة؟!..

يتباكون على فلسطين وغزّة والفلسطينيين، ويظنون أننا نسينا جرائمهم ومجازرهم في طرابلس وبرج البراجنة وصيدا وبيروت وصبرا وشاتيلا وتلّ الزعتر، وغيرها من المخيّمات الفلسطينية، التي قتلوا فيها أضعاف ما قتلته دولة العدو الصهيونيّ طوال تاريخها!..

يتباكى النظام الأسديّ وحلفاؤه الطائفيون على الفلسطينيين، ويتجاهلون أنّ ثلاثة آلافٍ منهم، أطفالاً ونساءً ومرضى.. في مخيّمي (التنف) و(الوليد) على الحدود السورية - العراقية، الذين لجأوا إلى سورية منذ أكثر من سنتين، فراراً من بطش الميليشيات الطائفية الشيعية الفارسية، التي يدرّبها حزب (حسن نصر خامنئي) في العراق وجنوبيّ لبنان، وتأتمر بأوامر الحرس الثوريّ الفارسيّ الشيعيّ.. يتجاهل النظام الأسديّ (الممانِع)، أنه لم يسمح لأولئك اللاجئين الفلسطينيين المضطهَدين.. بدخول سورية، مع كل ما يعانونه من برد الصحراء وحَرِّها وأمراضها وجوعها وعطشها!.. ما اضطرهم إلى تقديم طلبات اللجوء إلى رومانية وإيسلندة واليونان وبريطانية والولايات المتحدة، وقد قبلت إيسلندة خمسةً وعشرين منهم منذ أسابيع قليلة، فانتقلوا من الحدود السورية إليها.. أليس عاراً عليكم أن يحصل ذلك أيها (الممانِعون) الذين تهتفون صباح كل يوم: أمة عربية واحدة، ذات رسالةٍ خالدة؟!..

يقتلون الفلسطينيين في بغداد والعراق، ويستبيحون هناك دماءهم وأرواحهم وأموالهم وبيوتهم ومساجدهم، بدوافع طائفيةٍ بحتة.. ثم يتباكون عليهم في غزّة الصمود!..

هل يحق لمن يصافح الرئيس الصهيونيّ الأسبق (كاتساب) على الهواء مباشرةً، أمام كل الكاميرات التلفزيونية العالمية.. هل يحق له أن يشنّ حملاته الإعلامية الوقحة، على المتواطئين (كما يتواطأ)، من الذين يصافحون بعض جلاوزة العدوّ الصهيونيّ نفسه؟!..

إنه حلف (الممانعة) المزعوم، يكشف اليوم عن صفحةٍ جديدةٍ من صفحاته السوداء الطائفية.. إنه الحلف الذي ينفّذ المخطّط الصهيونيّ المدعوم أميركياً وغربياً، ويتظاهر بممانعة الصهيونية، لتفتيت الأمة، وتعميق جراحها، وإدخال اليأس إلى نفوس أبنائها.. إنه الحلف الطائفيّ المشبوه، الذي لا يتحرّك إلا لخدمة أهدافه الطائفية الخاصة، لاستعباد العرب والمسلمين، والسيطرة على بلادهم وخيراتهم وإنسانهم، ونشر الفوضى والشقاق والانحراف الدينيّ والعقديّ بينهم.. إنه الحلف المشبوه الذي لا يقل خطره عن خطر الحلف الصهيونيّ – الأميركيّ - الغربيّ!..

 

1 من كانون الثاني 2009م



مقالات ذات صلة