الذكرى 1414 لـ"معركة القادسية" تتزامن مع المد المحموم لـ"المشروع الفارسي"
في مثل هذا اليوم "الأحد" الموافق 26/8/2007م وفي العام الرابع عشر للهجرة تمكن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كسر شوكة الإمبراطورية الفارسية في معركة القادسية التي يصادف ذكراها اليوم.
الخليفة عمر رضي الله عنه تنبه منذ البداية إلى خطورة الإمبراطورية الفارسية فأرسل لهم "الأسد في براثنه" الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص الذي حطم عنجهيتهم ودمر إمبراطوريتهم وأستبدل سلطانهم وقهرهم للشعب العراقي الأبي بدولة الإسلام التي حققت العدل والمساواة.
ذكرى معركة القادسية تعيدنا إلى المربع الأول للصراع الفارسي وإمبراطورية "التدمير" التي أضاقت بلاد العرب وعباده الويلات.. لتقرع ناقوس الخطر من جديد للمحاولات الفارسية المعاصرة للتغلغل في جسد الأمة العربية من جديد من خلال البوابة الإيرانية التي أضافت عنصرا جديدا لمعركتها المحمومة للسيطرة على قدرات أمتنا عبر إضفاء شرعية تأخذ اللبوس الديني ودعمها للمقاومة.
أمتنا يجب أن تستخلص العبر والدروس من معركة القادسية لتعيد إلى الأذهان الخطر الفارسي القديم المتجدد.. وبذات الوقت عليها التفريق بين وقوفها إلى جانب إيران لمواجهة التهديدات الصهيو- أمريكية ومحاولات أعداء أمتنا وعلى رأسهم "المحافظين الجدد" في البيت الأبيض لإركاع أمتنا لمخططاتهم الهدامة وبين المخطط الفارسي في تفتيت أمتنا ونشر مذاهب دخيلة على منطقتنا العربية.
إيران وكل قوى الممانعة والمقاومة عليها أن تقف سدا منيعا أمام المخطط الصهيو- أمريكي لجر بلداننا إلى حروب ومجازر وصراعات ولكننا بذات الوقت علينا أن نقف أمام أي مخطط فارسي يستهدف عقيدتنا ووحدة أمتنا العربية والإسلامية.
نحن مع المقاومة ضد قوى الجبروات التي تكالبت على أمتنا من كل صوب وحدب.. نحن مع المقاومة في تحرير العراق الأبي من نير الإحتلال وتحرير أولى القبلتين وثالث الحرميين الشريفين وفلسطين التاريخية كلها من قتلة الأنبياء وأعداء الإنسانية الصهاينة.. ولكننا لن ننجر وراء المصطلحات الرنانة وخطاب "التقية" في دعم المقاومة لتمرير أجندة فارسية بغيضة تستهدف مبادئنا وعقيدتنا وديننا.
معركة القادسية في سطور:
جمع القائد الفارسي "يزد جرد" طاقاته ضد المسلمين، فبلغ ذلك مسامع المثنى بن حارثة الشيباني فكتب إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب، فقال عمر: "والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب، وأعلن النفير العام للمسلمين أن يدركوا المسلمين في العراق".
وبناءً على هذا القرار الذي اتخذه الفاروق عمر رضي الله عنه، تم جمع الناس في المدنية، حيث خرج عمر معهم إلى مكان يبعد عن المدينة ثلاثة أميال على طريق العراق، والناس لا يعرفون ما يريد عمر.
وكان الخليفة الثاني للمسلمين رضي الله عنه قد استشار الصحابة في قيادته للجيش بنفسه، فقرروا أن يبعث على رأس الجيش رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن يبقى عمر مقيماً ولا يخرج، واستشارهم فيمن يقود الجيش، فأشار عبد الرحمن بن عوف:" إليك الأسد في براثنه، سعد بن أبي وقاص، إنه الأسد عادياً"، فأخذ الخطاب بهذه الوصية، فاستدعى سعد وأمره بقيادة الجيش، المكون آنذاك من أربعة آلاف مسلمٍ مقاتل، ثم أمده بألفي يماني، وألفي نجديّ، في حين كان مع المثنى ثمانية آلاف، إلا أن المثنى مات قبل وصول سعد، وبقية الإمدادات قائمة إلى أن بلغ جيش المسلمين ثلاثون ألفاً، فأعدو لهذه المعركة ما استطاعوا من قوةٍ، وتسلحوا بقوةِ الإيمان، فكانت المواجهة مع جيش رستم الفارسي، والذي تقدمه "الجالينوس" بـ (120) ألفاً، و(17) فيلاً.
وتابع رستم مسيره حتى بلغ الحيرة ثم النجف ومنها وصل إلى القادسية، وهناك كان لقاء الجيشين، حيث نفرت خيل المسلمين حين شاهدت الفيلة، فما كان من الفرس إلا أن ركزوا بـ (17) فيلاً على قبيلة بجيلة، فكادت أن تهلك، وهنا تدارك سعد قائد جيش المسلمين الموقف، فأرسل إلى بني أسد أن دافعوا عن بجيلة، فأبلوا بلاء حسناً وردوا عنهم هجمة الفيلة، ولكن الفيلة عادت للفتك بقبيلة أسد، فنادى سعد عاصم بن عمرو ليصنع شيئاً بالفيلة، فأخذ رجالاً من قومه فقطعوا حبال التوابيت التي توضع على الفيلة، فارتفع عواؤها وهلكت الفيلة، فكان الحرب حتى الغروب.
وبعد هذه الجولة، وتحديداً في صباح اليوم التالي، أخذ المسلمون بنقل الشهداء والجرحى، حيث تكفلت النساء بالإشراف على طبابة الجريح، في حين كان المسلمون في الشام قد أعدوا العدة، ودفعوا بجيشٍ ليشارك في المعركة، وكان على رأس الجيش القائدين هاشم بن عتبة بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي، فقسم القعقاع جيشه إلى أعشار وهم ألف فارس، وانطلقوا تباعاً؛ عشرة مقاتلين تلو عشرة، وهكذا حتى المساء، الأمر الذي أربك وزرع الخوف في صدورهم، فقد ظنوا أن مائة ألف قد وصلوا من الشام، ما أدى إلى تثبيطِ هممهم، وتشتيت قدراتهم على القتال، وهنا كان النزال بين القعقاع و"بهمن جاذويه" الفارسي، الذي قتل في هذه الجولة، وهكذا حتى تحقق نصر الله للمسلمين، في أول معركة في تاريخ الإسلام العظيم ضد الفرس التي اعتدت على أرضِ العراق الطاهرة.
وفي هذه الذكرى المكللة بنصرٍ من الله، يبقى العراق .. عراق اليوم يئن تحت وطأة الاحتلال الأمريكي، وتبقى أراضي المسلمين في فلسطين والصومال والسودان والقوقاز مستباحةٌ، إلى أن يتحقق نصر .. ألا إن نصر الله قريب.
المصدر : الحقيقة الدولية - خاص | 26-8-2007 |