احمد النعيمي
18-6-2012
زار دمشق يوم الأحد التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول 2006م والتقى الأسد، وتناولا علاقات الصداقة والتعاون بين سوريا وروسيا، واستعرضا الأحداث الجارية على الساحة الإقليمية والدولية.
وبعد زيارته لدمشق وصل إلى الدوحة للمشاركة في المؤتمر السنوي لمنتدى "موناكو" الملتئم منذ سبع سنوات ويضم عدة شخصيات هامة، من رؤساء حكومات ووزراء كبار سابقين من مختلف دول العالم، للتباحث في أمور التعاون الدولي والسلام، ومن بينها هذا الروسي، المقرب من الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، وهناك سلم رسالة من الأسد للدكتور "يوسي بيلين" الوزير الإسرائيلي السابق، وأحد أبرز مهندسي اتفاقات "أوسلو" مفاد هذه الرسالة بأن الأسد مستعد للالتقاء برئيس الوزراء "أيهود أولمرت" في موسكو والتباحث معه حول إمكانيات التوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين، في حالة اُحترمت تعهدات "رابين"، وذلك في تصريح أدلى به بيلين إلى صحيفة الشرق الأوسط.
وبعد ترشح الأسد لولاية رئاسية ثانية عام 2007م وصف الأسد بأنه قائد جدير بسوريا، وذلك في حديث لمراسل سانا، مؤكداً بأن:"الاتجاه المبدئي والأساسي في السياسة السورية التي تنتهج خطاً سياسياً مستقلاً في أغلب المسائل، كان اتجاهاً صائباً بصورة مطلقة لأنه جمع بصورة موفقة بين الثبات على المبادئ وإبداء المرونة في الوقت ذاته، وتجلى ذلك من خلال موقف سوريا من عملية السلام".
وفي شهر شباط عام 2008م أعلن في حديث إلى "أخبار المستقبل" عدم تورط الأسد باغتيال الحريري، وبراءته من دم الأخير، مكرراً:"اعتقد أن الأسد ليس متورطاً في عملية الاغتيال.. لم تتورط سوريا في المسالة إطلاقا" مشيراً إلى تناقضات داخلية عديدة بشان المحكمة الدولية.
ويوم الاثنين الرابع عشر من شهر تشرين الثاني 2011م في حديث لقناة "روسيا اليوم" أكد بأنه إذا تم إجراء انتخابات نزيهة في سوريا، فإن باستطاعة الأسد البقاء في سدة الحكم، مشيراً إلى أن الربيع العربي لم يولد في البداية من خلال تدخل خارجي، ولكن تحول إلى مؤامرة في كل من سوريا وليبيا، موضحاً:"لا اعتقد أن كل شيء كان نظيفاً من هذه الناحية فيما يتعلق بهذين البلدين" وقال: "بأن الغرب ليس مستعداً للتدخل في سوريا دون موافقة مجلس الأمن الدولي، وروسيا ستكون أكثر حكمة مما كانت عليه خلال التصويت الأول في مجلس الأمن، ولن توافق على أي مشروع تعطي بنود نصه الشرعية للتدخل في سوريا، كما لا اعتقد أن تسمح بذلك جامعة الدول العربية".
ويوم الأربعاء السادس من شهر شباط 2012م نشرت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" التابعة للحكومة الروسية، مقالة لـه بعنوان "التوقف قبل خطوة من الوقوع في الفوضى" دافع فيه موقف روسيا والصين في استخدامها للفيتو ضد المشروع الذي طرحته الدول الغربية الساعي للإطاحة بنظام الأسد، ومؤكداً بأن أمريكا وحلفاؤها في الناتو استغلوا الربيع العربي للتخلص من الأنظمة التي لا يريدونها، ثم ختم مقالته بالدعوة إلى العمل الجماعي مع الدول جميعاً لكي لا تنجر سوريا إلى الفوضى والحرب الأهلية والتي ستؤدي إلى فشل الإجراءات الضرورية لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي.
ويوم السبت الحادي عشر من شباط 2012م أجرت جريدة الأهرام المصرية مقابلة معه، شكك فيها بأن رحيل الأسد لن يوفر الاستقرار لسوريا، وأنه لن تكون هناك فرصة للتطور الطبيعي لبلاده في حال رحيله، مشيراً إلى ضرورة إعطاء الأسد فرصة بعد أن أعلن كثيراً عن التزامه بالكثير من الإصلاحات التي وفي حال تحقيقها سوف تكون منعطفاً حاسماً في اتجاه الديمقراطية.
وهو نفس ما صرح به لصحيفة "الشرق الأوسط" الذي نشرت مقابلة معه بتاريخ السابع من شباط من السنة نفسها، وجاء فيها بأنه: " ليس من مهام موسكو تحديد أي الأنظمة تبقى وأيها ترحل" مع أنه كان موفد موسكو إلى صدام حسين مطالبين إياه بالتنحي قبيل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م.
وفي حديث أدلى به يوم الأحد السادس والعشرين من شباط 2012م في برنامج "أخبار الأسبوع" التلفزيوني الذي يبث إلى الشرق الأقصى الروسي، رأى بأن الولايات المتحدة وجدت نفسها في قارب واحد مع تنظيم القاعدة، من خلال التدخل في الشأن، وذلك على خلفية إعلان زعيم القاعدة بأنه يؤيد المعارضة في سوريا، ويدين الأسد، وهو نفس ما يدعو إليه الأمريكان الذين يحاولون غرس الديمقراطية بالشرق الأوسط باستخدام القوة،.
ويوم الاثنين التاسع من ابريل 2012م وفي حديث لـه إلى إذاعة "صوت روسيا" كان أول من تحدث عن بدأ الحرب الأهلية في سوريا، وذلك على خلفية التزام الأسد بمبادرة عنان، التي أعطت الأسد مهلة إلى العاشر من نيسان للالتزام بما تعهد به من سحب قوات الجيش من المدن، ووقف العنف، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح للإعلام الحر بالدخول إلى سوريا.
مضيفاً:"الحرب الأهلية قد بدأت بالفعل وستزداد أبعادها في حال استمر غياب الاتفاق، وهناك خطر من أن تحمل الحرب صبغة دينية وتتحول إلى صدام طائفي بين العلويين القريبين من أهل الشيعة من جهة والسنة، وفي هذا الحال ستكون الحرب دامية جداً" وهي نفس التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية روسيا لافروف قبلها بأيام وأبدى تخوفه من قيام نظام سني في سوريا.
وفي مؤتمر عقده في موسكو، كرّسه لتقديم الطبعة الجديدة من كتابه الشرق الأوسط في الخفاء والعلن؛ أعلن بأنه:"إذا كانت واشنطن تحاول إقامة علاقات مع الأنظمة الإسلامية المعتدلة في مصر وتونس، فهي تسير ومعها دول الناتو في قارب واحد مع الإسلاميين المتطرفين في سوريا".
فمن هو هذا الروسي الذي يتحدث بلسان النظام الأسدي ويدافع عنه أكثر من دفاع النظام عن نفسه، حتى قبل أن تقوم الثورة السورية، هذا الروسي هو الصهيوني "يفغيني بريماكوف" العضو في أكاديمية العلوم الروسية، ورئيس غرفة التجارة والصناعة في روسيا حالياً، وشغل منصب رئيس مجلس الاتحاد السوفيتي الأعلى عامي 1989و1990م، ورئيس الهيئة الاستخبارات الخارجية في روسيا الاتحادية ( 1991-1996م) ووزيراً للخارجية (1996-1998م) ورئيساً للوزراء (1998-1999م)*.
واسمه يعني باللغة الأوكرانية ابن الزوجة أو ابن الزوج، وهو لقب أعطي له تسهيلاً لمهمته التي قام بها في الشرق الأوسط في العهد السوفيتي السابق بصفته مراسلاً لصحيفة "برافدا" أما اسمه الأساسي فهو فنكلشتاين، وهو اسم والدته اليهودية.
وهذا ما حاول اليهود جهدهم إخفائه، لأن القليل من يعلم عن الحضور اليهودي في روسيا، وبقية دول العالم، بينما فضح الدور اليهودي وتحكمه في مطابخ السياسة الأمريكية، من خلال كتاب "من يجرؤ على الكلام" للسيناتور السابق بول فندلي**.
وهذا يؤكد بأن روسيا التي كانت أول دول في العالم اعترافاً بإسرائيل ما تزال تحت رحمة اليهودية تتحكم بكل قرارتها، حتى وصل الصهويني بريماكوف الى رئاسة الوزراء، وبيده اليوم الاقتصادي روسي جميعه، كونه رئيساً لغرفة التجارة والصناعة، والصديق المقرب من بوتين، وأن مزاعمهم بأنهم يدعمون الحلف الايراني السوري المدعين عدائهم لليهود ليس سوى اكاذيب!!
وليست هذه الزيارة الأولى والوحيدة ليهود صهاينة إلى سوريا، وإنما هناك الكثير منهم، يزورنها ويعملون على اللقاء مع الأسد وكبار مسئوليه، كما أكد على هذا الحاخام الصهيوني "مارك غوبن" مدير مركز الدين والدبلوماسية وتسوية النزاعات (CRDC) في جامعة "جورج ميسون"الأمريكية، الذي زار دمشق بداية العام الماضي، والتقى خلالها أسماء الأسد في القصر الجمهوري لمدة ساعتين، واصفاً إياها بأنها:"إحدى الشخصيات المهمة التي تقوم بقيادة وتنفيذ إجراءات إصلاحية جذرية" والتقى نائب الأسد فاروق الشرع، مؤكداً بأنه ظهر في برامج عدة على التلفزيون السوري بصحبة مفتي سوريا "احمد حسون" وذلك في تصريحات خاصة أدلى بها غوبن "للرأي".
وأضاف غوبن الذي زار إسرائيل بعدها، ضمن وفد أمريكي من رجال دين مسلمين ويهود ومسيحيين:" أمضيت سبع سنوات في الذهاب إلى سوريا كمواطن دبلوماسي، لكنني اليوم أقوم بتنظيم محاضرات عدة في الصفوف التي أحدثتها في سوريا، حيث تتمحور المحاضرات في الصفوف في التعبير عن التضامن بين سوريا والولايات المتحدة".
ويضيف:" كنت قلقاً من السياسة الأمريكية والعلاقات المتبعة من قبل الرئيس السابق بوش ونائبه تشيني مع سوريا حيث تدهورت العلاقات، وأرادا تغيير النظام في سوريا، ونحن من جهتنا أدركنا أن تغيير النظام سيؤدي إلى كارثة لا تحمد عقباها خصوصا تجاه السوريين، وقمنا بإحباط هذا المخطط من خلال إحاطة القيادة السورية بالدلائل والقرائن، حول نية بوش وتشيني، والقيادة السورية من جهتها قامت بتكريمنا في مكتبة الأسد"**.
وفي هذا رد واضح وفاضح على مدى التعاون السوري الأمريكي اليهودي، وتواصلهم الحثيث مع الأسد، وصل الامر بالأسد أن يفتح كل الأبواب لتعليم الشعب السوري قيم التضامن مع الأمريكان!! وإذا لم يستطع بوش الذي كان يدعي العداء السافر للأسد فعل أي شيء تجاه هذا التغيير فماذا سيفعله اوباما الذي يدعي أنه حمل وديع؟!
مما يدلل دلالة قاطعة على أن المنظومة الدولية إنما يتحكم بها يهود العالم، الذين يسيطرون على مراكز صنع القرار في دولها، ثم يتم الإيعاز من قبلهم إلى تلك الدول بأن تتقاسم الأدوار فيما بينها، بين ساب وشاتم، ومقدم للفيتو، ومؤخر لدور الجامعة العربية، والعمل على المشاركة في إبادة الشعب السوري، وإعطائهم الضوء الأخضر للأسد ليواصل محاولته في وأد ثورة الشعب السوري، ولو أدى بهم الأمر إلى إبادة شعب كامل، مقابل أن لا تتعرض حدود إسرائيل لأي خطر، والعمل في الوقت نفسه على تشويه هذه الثورة واتهامها بالعمالة للغرب، وإظهار الأسد بأنه نظام مقاوم، ويتعرض لمؤامرة كونية.
وهو ما دلت عليه تصريحات الجنرال المتقاعد "إيفي إيتام" رئيس الحزب الوطني الديني السابق، ووزير الإسكان الأسبق، في شهر إبريل الماضي بأن:"النظام السوري الحالي هو أفضل صيغة حكم بالنسبة لإسرائيل"، وتصريحات بريماكوف بأن لا أحد من دول العالم جاد بالإطاحة بنظام الأسد ووقف إبادته للشعب السوري، وأنه لن يتم التدخل في سوريا إلا بموافقة مجلس الأمن، التي يضع يهود روسيا كل ثقلهم بداخله لمنع استصدار أي قرار في هذا، مدركين بأن سقوط نظام الأسد سيؤدي إلى سقوط دولتهم، كما جاء على لسان جلعاد رئيس الأمن القومي الصهيوني، وهو ما أكد عليه لافروف من أيام بأن أمريكا ليس لديها أية نية للتدخل في سوريا.
وهذه الحقيقة فهمها الشعب السوري منذ وقت طويل، وتوكل على الله وحده، وخلت أسماء جمعه الأخيرة من أي دعوة لهذه المنظومة الإرهابية التي يتحكم اليهود بقراراتها، واستعداد من هذا الشعب العظيم لإعلان النفير العام، وإنهاء هذا النظام السرطاني على يد جيشهم الحر بإذن الله، والعاقبة للمتقين.
* روسيا إلى أين؟ للكاتب أمين اسكندر 1999م، مجلة البيان.
** من مقال اليهودية السياسية للكاتب محمد السماك، جريدة الأهرام العدد40805، السنة123، الأربعاء السادس والعشرين من شهر آب 1998م.
*** الصهاينة يدعمون نظام الأسد، القدس من زكي أبو الحلاوة ومحمد أبو خضير، http://arabwikileaks.alafdal.net/t619-topic