النظام السوري.. ودوره الخطر على دول الخليج
! تركي الربيش
التاريخ: 4/3/1432 الموافق 08-02-2011
عندما نتحدث عن سوريا فلابد ان نفرق بين النظام السوري والشعب فشتان بين الأثنين, فالشعب السوري شعب مؤمن مخلص لأمته وقوميته العربية , الا انه شبه مغيب ومنذ زمن بعيد عن حريته وخياراته , وأما نظامه فله اجندته الخاصه التي تختلف عن توجهات شعبه.
كما في بعض الدول العربيه تتألف سوريا من مكونات عقديه أهمها وأكبرها المكون السني, فالسنه فيها يشكلون ما نسبتة 85% من كامل الشعب والنصارى يشكلون نسبة5% بينما تتفرق العشرة الباقيه بين الدروز والنصيريين (العلويين) والشيعه, لكن الفرق بين سوريا والدول العربيه الأخرى هو أنها تحكم من قبل الأقليه على حساب الأكثريه .
ومن تلك الحقيقة ندرك بأن سوريا تحكم بواسطة الأقلية النصيرية , والتي تتصرف وفق ما يحفظ ديمومتها وبقاءها و مصالحها الخاصه دون الاكتراث لشئ آخر, ومن هنا يحق لنا ان نشبه سوريا بالسفينة المختطفة في عرض البحر, فهي بلد مختطف من قبل تلك الأقلية التي تحكم بالحديد والقيود منذ فترة ليست بالقصيره تمتد من العام 1970م حينما استولى حافظ الاسد الاب على السلطة وحتى اليوم في ظل حكم ابنه بشار الاسد .
منذ ان تولى السلطة نظام الاسد كان له نهج استمر عليه الى اليوم , فهو قد اتخذ وبطريقة ماكرة من حزب البعث العربي مطية يموه بها ويداري من خلالها على أهدافه الحقيقيه , وغلافا للمنهج الذي يتبناه ويعتقده والذي يتمثل في حقيقته بالترصد والتجسس والغدر والانتقام , وهو قد جعل من سوريا دولة بوليسيه بامتياز , فأرعب الشعب وسامه السوء بالليل والنهار, وخنقه بالقهر وكابوس الجور والاستبداد , فكون لنفسه ارشيفا سيئا مليئا بالظلم والقمع الشرس لكل مخالف له ان في الدين اوفي السياسة أوفي الفكر , وان تحدثنا وفق توجهه الطائفي فلامانع من القول من أنه ومنذ بداياته كان يتوجس خيفة السنة ايما خوف, وقد نصب أمام عينيه سياسة الاضطهاد لكل سني سواء في سوريا او في لبنان التي امسك بزمامها , وكانت ممارسات المسلم لدينه وحمله لفكر الدين كفيلة لأن تجعله هدفا لالصاق التهم عليه وزجه في السجون, وقد طبق تلك الممارسات في العديد من الأحداث والمواجهات ومن ينسى المجزرة الكبرى في حماه عام 1982م , ومن لايعلم عن مايحدث اليوم من اضهاد وتمييز في سوريا فالسجون قد غصت بالنزلاء اللذين لا ذنب لهم في ميزان العدل والانصاف " وبلاد المهجر امتلأت باللاجئين الهاربين من بطشه , ومن يخفى عليه شئ من أحوال السجون في سوريا فليقرأ عن حقائق سجن تدمر التي يشيب لها الرأس وتتهول لها العقول " , ان سوريا اليوم بسبب تلك الممارسات لم تعد وطنا بل سجنا كبيرا يضم بين جناباته مواطنا مسكينا مرعوبا وفقيرا ويتيما وأسيرا !
ومن غير مقدمات ولامواربه يجوز لنا ان نسمي الاشياء باسمائها ومن هنا يحق لنا ان نطلق على هذا النظام اسمه الحقيقي الذي يختصر شخصيته وهو "النظام النصيري" وذلك نظرا لتوجهاته الطائفته البينه جدا والتي جعل منها المقياس الذي يتعامل من خلاله مع شعبه ومع الدول العربيه .
واذا اردنا ان نعرف الشخصية الخفيه لهذا النظام المتسترعن حقيقة اهدافه فانه تظاهر باشياء وهي :
انه قد اتخذ من العروبة نهجا (التي تبناها تمويها بتطبيق منهج حزب البعث )..
والتغني بالتراث الأموي (علما ان الأمويين العدو اللدود للطائفة)..
ومن المقاومة المصطنعة سبيلا..
وكل هذه الاشياء التي يتغنى بها صباح مساء انما هي مطية لدغدغة مشاعر الشعوب العربيه والحصول منها على القبول .
والا فالمنطق يقول بأن من يتخذ من القوميه العربية عقيدة ونهجا لايمكن ان يتآخي مع دولة تضمر للقوميه العربيه الشر كحليفه العضوي الذي لايمكن ان يساوم عليه اوينفك عنه ايران , ثم يعادي دولة عربية تحمل نفس عرقه ومعتقده القومي والحزبي كالعراق ابان حكم صدام حسين , والتي كانت العداوه بينهما محتدمة والسبب كان وقوف النظام السوري ضد العراق ومع ايران في حربها مع هذا البلد العربي ! في تلك الحرب التي استمرت ثماني سنوا.
ومن هنا ندرك بأن كل مايطمح لتطبيقه ذلك النظام ينفذ بالتمويه والمداراة وأنه يخفي أجندة غير تلك التي يعلنها عن نفسه , وهذا خداع وجبن ردئ في عرف السياسه لايفعله من يظن في نفسه بأنه جزءا من الامه الواحده , ومن لديه الرغبة في معرفة توجهاته وخططه في الساحه العربيه فليقرا كتاب عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري حافظ الاسد لسنوات طوال والذي انشق عنه , بعنوان " التحالف السوري الايراني والمنطقه" , وهذا الكتاب يحتوي على العديد من المؤامرات والاسرار التي تكشف الكثير عن أخطر وأغرب تحالف بين نظامين في المنطقه وهما النظامين الايراني والسوري , هذا التحالف الذي كانت فيه الدوله السوريه جسرا وذراعا لدولة ايران كي تخترق بلاد العرب وتعيث فيها فسادا!
لكن الذي يهمنا هنا ومايتعلق بموضوعنا هو الحذر والتحذير ...!
انه الحديث عن دور ذلك النظام وعن إستراتيجيته التي ينتهجها والتي ستلحق الضرر البالغ في الدول العربية وأخص دول الخليج العربي ومنها السعوديه , ذلك الدور الذي وضح جليا انه يعتمد في تنفيذ مآربه على ركيزة أساسية يمررمن خلالها مخططاته الغادره وهي التقيه السياسيه, والتي يظهر بها خلاف مايبطن , ومضمونها هو التآخي والترتيب سرا مع بعض الدول المحيطة للتنفيذ والوصول للهدف .
ومن هذه النقطه نتسلل لكشف الدهاليز ومعرفة المبتغى النهائي الذي يسعى هذا النظام ومن خلفه للحصول عليه في منطقتنا العربيه وأخص الجزيره العربيه بالذات , وذلك من خلال المتابعة الدائمه لنشاطاته السابقه عبر تاريخه الطويل والحاليه والتي تتجلى فيما يرى ويشاهد على ارض الواقع اليوم .
منذ ان تأسس عمل على بناء اهداف وتحالفات بعيدة كل البعد عن مصالح العرب , فهو قد أسس العلاقات السيئة و رسخ العداوة مع الدول العربيه المجاوره له كما كانت علاقاته مع العراق والاردن وفلسطين ولبنان وأخص بالذكر سنته طيلة سنوات حكمه , بينما من الناحية الاخرى ترى أن علاقاته جيدة جدا مع من هم على خلاف دائم مع الأمه العربيه ومع توجهات شعبه وهم الفرس ,ولا نخفي سرا ان قلنا بأن عدو العرب الآخر اسرائيل في مأمن من هذا النظام طيلة سنوات حكمه, فلم تستنهض همته لاسترجاع جولانه المحتل عام 1967م, علما ان مصراستعادت ارضها المحتله في ذات الحرب بسيناء منذ عام 1973م .
ان ما انكشف على السطح اليوم وبانت معالمه التي كانت مبهمة طيلة السنوات الماضية هو ان هناك خطة كانت تحاك , مضمونها تشديد الخناق على الجزيرة العربية بما فيها الاردن ! بطوق جيو سياسي اسمه الهلال الشيعي .
ان هذا المخطط هو مخطط حقيقي مهما حاول البعض اغفاله , وهو مخطط ايراني مدعوم دوليا , والنظام السوري العربي احد اركانه الهامه !
فالنظام السوري يلعب لعبة خفية لابد من ادراكها , فهو قد جعل من نفسه حليفا عضويا للفرس على حساب العرب , اللذين يعملون جاهدين وفق مشروعهم الثوري من اجل اختراق الدول العربية لنشر عقيدتهم الطائفيه وتكوين الميلشيات التي تدين لهم بالولاء المطلق, وهو قد تآمر مع ايران على خنق العراق وتهيئته للاحتلال الفارسي, وهذا ماحدث بالفعل بغض النظر عما يطرح في الاعلام من تشويش وذر للرماد من ان سوريا تدعم المقاومة العراقيه , فكله ادعاءات وتمثيل وتلميع لاصحة له , وما استضافته للكثير من سنة العراق الا ليخفف العبئ على ايران ويفرغ لها العراق فيكونوا تحت سمعه وبصره وهم عدد لايستهان به . وباحتلال العراق الذي تم بمساعدة لاريب فيها من الدول الغربية يكون اكتمل شيئا من عقد الهلال الشيعي , اما تتمة العقد فهو ماحد ث في لبنان قبل فترة قصيره حينما انقلب حزب الله الشيعي الذي يستمد قوته من دعم النظام السوري على الحكومة السنيه والذي بموجبه يكون قد قبض على لبنان وأصبح بيده التي هي يد ايران والنظام السوري ,
لبنان الذي ظل يتأرجح منذ مقتل الحريري الأب وسط مشاكل كان يفتعلها حزب الله وخطط مدروسه انتهت بسيطرة الحزب على البلد بالكامل وفرض خياراته عليها , وهناك حركة حماس التي تحكم في غزه والتي أصبحت اسيرة بيد هذا المشروع ,وقرارها انما هو قراره , بسبب ان قياداتها لاجئة في دمشق , تلك القيادات التي أجبرت في لحظة ما على اللجوء لحضن بشار حينما أغلقت بوجهها كل الابواب الا أبواب الشام , وهي بذلك اصبحت بيد النظام السوري يتحكم بها ويديرها كيفما شاء, فيستخدمها تارة لتلميع صورته وبأنه ليس ذلك النظام الطائفي الذي يدعم طائفته فقط وتارة ليساوم بها من يريد ..!
وبهذا يكون قد اكتمل عقد الهلال الشيعي فعندنا ايران التحمت مع العراق وسوريا ولبنان واسرائيل وغزه من الشمال وهناك الحوثيين بجنوب السعودية ولم يبقى الا تحريك أصحاب هذا المشروع في شرق السعوديه ودول الخليج الكويت والبحرين وقطر والامارات وعمان , وبهذا نكون امام طوق محكم لامفر منه وان الهلال ليس هلالا فقط بل انه اصبح بدرا !!!
ان الواضح أن مشروع ايران ونظام الاسد اليوم ليس كالسابق بل هو تطور بسرعة فائقة , فمنذ سقوط صدام حسين والذي يعتبر الجدار الناري امامه وهناك تسارع مذهل في تحقيقه وبسطه على ارض الواقع , وكان النظام السوري على طول الخط هو المعاون والمساند الاساسي له وأن له اليد الطولى في خدمة المشروع الفارسي داخل المنطقه العربيه والذي على مايبدوا انه حليف اساسي لدولة اسرائيل!! .
هذا المشروع اكتمل عقده اليوم ولم تبقى الا خطوطه الاخيره خاصة بعدما احتلت لبنان من قبل سوريا حزب الله .
لكن... يبقى للقصة بقية فلعل ما يحدث من هبة لبعض الشعوب العربيه اليوم من السعي لاسقاط بعض الانظمه الجمهوريه التي قد اقفلت على شعوبهاومسكتها بالقيود والحديد يسير على عكس مايريده اصحاب هذا المشروع وهو يشكل مفاجأة لأصحابه ويسير في غير صالحهم مهما تشدقوا به , لأنه سيحرر الشعوب , مما قد يجعلها حرة قد تثور فتتدخل اذا ما حدث مكروه لشعب من الشعوب العربية الأخرى , كما ان تلك الهبه قد سربت الخوف الى نفوسهم , خشية من ان تصيب النظام في دمشق فتسقط نظامها الذي يشكل صمام الامان لهذ المشروع ولايخفي الرعب الذي يعيشه اليوم.
ضمير مستتر:
في حالة سقوط النظام في سوريا بسبب هبة الشعوب المفاجئة تلك والتي لم تكن في الحسبان فان عقد الهلال الشيعي سينفرط ويتهاوى , وقد يزول على أثره المشروع حيث سيسقط حزب الله فيتحرر لبنان , ويخور النظام الإيراني الذي سيصبح قد خسر جهده طيلة السنين الماضية , وينكشف العراق من خلال انفتاح الشعب السوري عليه.
المصدر: شبكة الدفاع أهل السنة