حسان القطب
9-11-2013
لم يكن مفاجئاً حجم الحملة الإعلامية والدعائية الأخيرة التي أطلقها حزب الله على لسان رئيس كتلته محمد رعد وما تضمنته من تهديد ووعيد لكل من لا يشاطر حزب الله القناعة في عقيدته الدينية والفكرية والسياسية والقبول بالتزاماته نحو إيران ومشروعها... إلى جانب الكلمة التي القاها الشيخ عبدالأمير قبلان والتي لم يسبق ان القى مثلها من قبل نظراً لما تضمنته من مفردات وعبارات حديثة في استعمالها لكنه اسقطها على واقعه تاريخية وربطها بها على امتداد التاريخ وصولاً إلى يومنا هذا والتي ورد فيها:( ان «الامام الحسين حارب التكفيريين والعتاة ونظام الاستبداد والشر في ثورته، وما يجري على الارض من قتل ودمار وبدع وضلالة وباطل هو حرب تكفير وارهاب على الحسين واصحابه وأهل بيته، فالذين قاتلوا الحسين في كربلاء ومثلوا به وقطعوا رأسه وقطعوا ايدي اصحابه هم ارهابيون، ونحن ابتلينا بالتكفيريين منذ عهد الامام الحسين الذي اخذ على عاتقه محاربة اهل البدع والباطل، لذلك علينا ان ندرس ونتعلم ونسير على خطى مدرسة الامام الحسين لنكون معه في الدنيا ونلقاه في الاخرة ليكون لنا سندا وعضدا وقائدا غفر الله لنا ولكم وجعلنا واياكم مع الحق الذي جسده الامام الحسين في ثورته»).... وقد سبق للنائب رعد أن قال: في كلمة في مجلس عاشورائي، مخاطباً خصوم الحزب بالقول: («نحن تدخلنا في سورية لنمنع تدخلهم وتواطؤهم وتآمرهم على المقاومة وشعبها ورجالها وإنجازاتها، من أجل أن نحمي لبنان من ارتكاباتهم وجرائمهم والصور الإجرامية التي نشاهدها منهم على شاشات التلفزة. نحن قلبنا الطاولة على رؤوسكم، وإياكم أن تفكروا بمثلها، نحن دافعنا عن أنفسنا وعن لبناننا بما يتطلبه الدفاع، لكن حذار ان تجبرونا على ان نتصرف بغير الدفاع»...
يتوقف المصدر الإسلامي عند طبيعة ومضمون هذا الكلام والمناسبة الدينية الي أطلق خلالها ليقول: إن من الواضح ان حزب الله وسائر من يقف إلى جانبه من دينيين ورسميين إنما يؤكدون مشروعهم ونهجهم الديني من خلال طبيعة وأسلوب وسياق التعاطي مع سائر القوى السياسية، سواء كانت إسلامية ام غير ذلك..فالبعد الديني العقائدي والفكري هو الذي يطبع مسيرتهم السياسية وكذلك مواقفهم التي يطلقونها.. كما ان إطلاق هذ المواقف خلال مناسبات دينية وبالتحديد في عاشوراء إنما يسعى لرفع منسوب الفتنة والتحريض عليها في أذهان جمهوره ومواطنيه أو (شعبه) كما يطلق حزب الله على جمهوره باعتبارهم فوق الناس ويشكلون طبقة مختلفة من البشر....؟؟؟ وسبق ان وصفهم نصرالله (أشرف الناس)... وهنا يتابع المصدر.. من هو الذي يستخدم الخطاب التحريضي الديني والمذهبي.؟؟؟ ومن الذي يؤسس لصراع طائفي ومذهبي في لبنان والمنطقة، ومن الذي تدخل في سوريا بناءً على قراءة دينية ونبوءات سبق ان نشرت وتتحدث عن ظهور المهدي في ارض الشام..وحدوث معجزات وسوى ذلك من الروايات التي تنتهي بانتصار مشروع ديني على سائر البشر والمكونات الدينية والبشرية برمتها..؟ وهذا برسم من يتباكى على مصير الأقليات في سوريا والشرق الأوسط.... ؟؟؟ ويؤكد المصدر الإسلامي ان الخلاف الذي انطلق في لبنان هو سياسي.. ولكن مواقف حزب الله وتحريضه لجمهوره على اسس دينية وعقائدية قد اخذت الخلاف إلى مكانٍ اخر وهو ديني ومذهبي بالطبع..؟؟ حتى تحالف حزب الله مع البعض مبني على إرهاب هؤلاء من الأكثرية السنية في لبنان والمنطقة وليس بناءً على مشروع سياسي واجتماعي واقتصادي..؟؟ وكذلك الحال في سوريا إلى أن جاء التدخل الإيراني وتم رفع شعارات دينية (لبيك يا زينب وسوى ذلك من الشعارات وعلى رأسها تشكيل لواء العباس لحماية المقامات والمراقد والقبور ما اخذ الصراع إلى اماكن اخرى وأعطاه طابعاً مختلفاً.. وعلى حزب الله وشعبه ومن يؤيده ان يتحمل النتائج.. وهو بدا فعلاً في الشعور بمعاناتها فمئات القتلى الذي يصلون تباعاً من ارض الشام يفقدون رعد وسواه من قادة حزب الله صوابهم.... ومواكب التشييع سوف تزداد ويرتفع معدلها مع تقدم مراحل الصراع في سوريا وانغماس حزب الله اكثر في هذا الصراع ....في حين ان إيران تفاوض على مشروعها النووي واستقرار نظامها السياسي بهدوء وببطء ولكن بدماء شعب حزب الله في لبنان والعراق واليمن باسم الإمام الحسين ومعركة كربلاء ويوم عاشوراء...؟؟؟.. وختم هذا المصدر مطالعته بالقول نتمنى ان يستمر حزب الله في ممارسة هذه الاستفزازات والممارسات الخاطئة حتى يعي جمهورنا وامتنا خطورة هذا المشروع والمباشرة في مواجهته والتصدي له كما يجري اليوم في سوريا وفي غيرها من الدول العربي والإسلامية ولكن لا بد هنا من طرح بعض الأسئلة:
- لماذا يربط حزب الله مواقفه السياسية بثوابت ومباديء عقائدية ..؟؟
- لماذا يتهم حزب الله الآخرين بالمذهبية والطائفية فيحين ان قادته جميعاً يطلقون مواقفهم من على منابر دينية وخلال مناسبات دينية وتتضمن هذه الكلمات ربط الماضي بالحاضر...؟؟ فمن يكون المذهبي والطائفي في هذه الحالة..؟؟
- يتهم حزب الله الآخرين برفض مشروع الدولة وتعطيل مؤسساتها...ولكن ما الذي يفعله حزب الله وتابعيه من مخالفة القوانين وآخرها عدم احترام حرية التعبير كما جرى مؤخراً من ردات فعل على برنامج تلفزيوني ساخر...(بس مات وطن).. والذي طال هذه المرة شخصية حسن نصرالله... وإذا كان حزب الله يعتبر أمينه العام فوق الاستهداف الانتقادي..؟؟ فلماذا يسمح لنفسه ولمن هو معه بالتهجم والاساءة لرموز سائر القوى السياسية والدينية في لبنان... وأليس أحد نواب حزب الله الذي قال عندما يتدخل البطريرك في السياسة يصبح لنا الحق في انتقاده...؟؟؟ فما الذي يفعله نصرالله... الا يمارس السياسة من بابها العريض...؟؟؟ وبالتالي أصبح عرضة للإنتقاد كما غيره من القيادات الدينية والسياسية..؟؟؟
- أي جيش يريد حزب الله للبنان... الجيش الذي يتغاضى عن تدخله في سوريا ولا يرى ضيراً في ذلك..؟؟؟.أم الجيش الوطني الذي لا يسمح بتجاوز القوانين لأي فريق ويفرض حماية جدية للحدود.....؟؟؟ فلا يعبرها حزب الله مرسلاً عناصره غلى سوريا لقتل أبناء الشعب السوري.. ولا باستقبال جثث قتلاه من سوريا وهم كثر دون مساءلة ومحاسبة...؟؟؟؟
- إذا كان حزب الله تحت القانون ويريد تفعيل عمل المؤسسات والأمنية منها بشكل خاص... فلماذا ينشر السلاح باسم سرايا المقاومة بحماية ورعاية امنية رسمية....؟؟؟؟ وإذا كان الجيش اللبناني وطني فعلاً كما يقول حزب الله فلماذا هو خائف على مسيرته...؟؟؟ ام انه أي حزب الله يعتبر نفسه نسخة مطابقة للحرس الثوري الإيراني الذي يهيمن على الجيش الإيراني ويريد ان يلعب دوره...؟؟؟
- هل من اخلاق الإمام الحسين ومن تعاليم مدرسة آل البيت تأييد المجرمين والديكتاتوريين وقتلة الأطفال والخاطفين والاعتداء على الآمنين...والتغاضي عمن قام بتفجير المسجدين في طرابلس...؟؟؟ بل والسعي لحمايتهم ودعمهم...؟؟؟
أسئلة كثيرة ولكن بالتأكيد لن يجيب عنها حزب الله ولا راعيه الإيراني لأن مشروع الهيمنة والسيطرة والوصول إلى شواطيء البحر المتوسط والإمساك بثرواته النفطية هي أولوية هذا النظام وغاية طموحه...والاتهامات التي يطلقها حزب الله هي من ضمن أو في سياق التعمية على طبيعة وخطورة المشروع الإيراني في المنطقة والذي تجلت صورته في احتلال سوريا عبر الامساك بموقع القرار الرسمي فيها والإشراف المباشر على مواقف وقرارات بشار الأسد الرسمية...للمفاوضة عليه وعلى مصيره في جنيف 2...عناصر حزب الله هم وقود هذه المعركة وضحاياها...
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات