إثيوبيـا بين مطرقة فرقة الأحباش وسندان التشييع

بواسطة ابراهيم كنتاو قراءة 3627
إثيوبيـا بين مطرقة فرقة الأحباش وسندان التشييع
إثيوبيـا بين مطرقة فرقة الأحباش وسندان التشييع

اثيوبيا

الكاتب : ابراهيم كنتاو

عضو رابطة علماء المسلمين في مالي

 

تعريف موجز لفرقة الأحباش

جماعة الأحباش: فرقة باطنية تنسب إلى زعيمها وهو الشيخ عبد الله بن محمد العبد ري الهر ري الحبشي .عرف نشاطه في أواخر الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي في إقليم هرر، واشتهر بتحالفه المشئوم مع النظام الإمبراطوري الإثيوبي هيلي سلاسي ضد المسلمين ،وكان سببا لإغلاق عشرات المدارس الإسلامية ،وقتل عدد من العلماء وتهجير الكثير من رموز الدعوة الإسلامية إلى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر فرارا لدينهم ، وقد عرف الشيخ في تلك الفترة (بالشيخ الفتٌان) ثم ذهب إلى الشام وظهر نشاطه في سوريا عام 1950م ثم انتقل إلى لبنان، وهناك وجد المأوي والنصير، واستغل ظروف الحرب الأهلية اللبنانية وتمكن من بث سمومه وكون أتباعه المنتشرين في العالم اليوم ، وهذه الفرقة بما أنها فرقة باطنية فهي تجد الدعم اللازم من كل الفرق الضالة ،وخاصة من جمهورية الرافضة (إيران) وحزب الله اللبناني، بل ومن بعض الدوائر الغربية التي جهزت نفسها لمحاربة الإسلام من الداخل بدعوى محاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة، ولهذه الفرقة رجال سياسيون ونواب في البرلمان اللبناني وبعض الدول الغربية ، ولها إذاعات ومحطات تلفزيونية، ودور نشر ومراكز أبحاث، ومن أشهر إصداراتهم (مجلة منار الهدى) ولها جمعية عالمية تدعى ب(جمعية المشاريع الإسلامية) تأسست عام 1983م، ولهذه الجمعية أكثر من 33 فرعا في أنحاء العالم خارج لبنان . ولخطر هذه الفرقة وضلالها أجمع العلماء من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وعلماء الأزهر الشريف بأن :هذه الجماعة ضالة مضلة لا صلة لها بالإسلام البتة . نظرا لمعتقداتها الباطلة فهي مثلا لا ترى وجوب الصلاة على مشايخها، ووجوب الزكاة في غير الذهب والفضة، وتؤمن بخلق القراآن الكريم، وتدعوا إلي عبادة القبور وتقديس أضرحة الأولياء من المسلمين والنصارى !!، وتشجع السفور والتبرج، وتتطاول بالسب والشتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلٌم وأمهات المؤمنين بصفة أخص.

 بداية نشاط الفرقة في الإقليم الصومالي:

تشهد المنطقة الصومالية في إثيوبيا نشاطا محموما غير مسبوق بصفة خاصة وإثيوبيا بصفة عامة من قبل أتباع فرقة الأحباش الضالة والتي يقع مركزها في لبنان، ولقد كثر نشاط هذه الفرقة في الآونة الأخيرة بعد أن فتحت فروعا رسمية في كثير من الأقاليم في إثيوبيا وحصلت الرخص الرسمية لمزاولة أعمالها من الدولة ، بل وتمكنت من اختراق المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا ، بل إن رئيس المجلس الشيخ أحمد ديني من أتباعهم المخلصين، فالفرقة تقوم بتنفيذ أنشطتها بغطاء المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا بكل سهولة ويسر، وتتستر بنشر الدعوة الإسلامية باسم أهل السنة والجماعة فهي ظاهرا : صوفية قادرية طريقة، أشعرية عقيدة ، شافعية مذهبا مسايرة لعوام المسلمين وخداعهم ،غير أنها حقيقة فرقة باطنية شيعية مجوسية مندسة في المسلمين....

ونظرا لقرب مقر أصل الفرقة (مدينة هرر) من الإقليم الصومالي فإن الجماعات الصوفية الصومالية في أوغا دين لها علاقات قديمة مع أتباع الشيخ عبد الله الهر ري زعيم الطائفة، ونظرا لاختراق الفرقة في قيادة المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا على المستوى الفدرالي ولولائي فإن الفرقة تمكنت (سابقا منذ عشرين سنة) وبقوة التأثير في ترشيح وعزل مندوبي المجلس ولجان الفتاوى لدي الولايات والإتحاد الفدرالي، وتمكنت بواسطة المجلس من تحجيم أو منع أنشطة أهل السنة والجماعة بزعم محاربة ما يسمونه ( بالوهابية). وتجدر الإشارة بأن الفرقة تمكنت بإغلاق14مسجدا في مدينة جكجكا وحدها، قبل ثلاثة أعوام  تقريبا، بأمر من المدعو شيخ ندير بن سيد نور رئيس المجلس الأعلى في الإقليم الصومالي آنذاك ، وهذا الشيخ هو رأس الحربة في محاربة الدعوة الإسلامية في الإقليم الصومالي وهو ابن لشيخ طريقة مازال الناس يطوفون حول ضريحه. وتم ترشيحه من قبل طائفته مندوبا للإقليم الصومالي لدى اللجنة العليا للفتاوى الإسلامية في إثيوبيا بأديس أبابا بعد طرده من رئاسة مجلس الإقليم من قبل الحكومة المحلية الصومالية بسبب القلاقل والفتن التي أثارتها إغلاق المساجد وهو يجهر بأن لديه أدلة لا شك فيها بأن الصحابي الجليل معاوية بن سفيان كان فاسقا !!.

غطاء الفرقة في نشر أفكارها:

تتخذ هذه الفرقة غطاء لنشر مذهبها الضال بأسلوبين خطيرين يظهر للمتأمل بأنه تم دراستهما بدقة متناهية من قبل جهة استخباراتية عليمة، فحين تتعامل مع الأنظمة والدول فهي تستخدم بشرعية المجلس الأعلى، وتوظف قياداته ورموزه لتنفيذ معتقداتها وأفكارها، وترفع شعار محاربة القاعدة والجماعات الإرهابية. وحين تواجه العامة وجهلة المسلمين فهي ترفع شعار نشر دعوة أهل السنة والجماعة (مذهب الأشاعرة ) وحماية أولياء الله وعلماء الطرق الصوفية من الوهابية والفرق المبتدعة حسب زعمهم، ويقصدون بذلك حصر يا (كل ماله صلة  بالسنة والصحوة الإسلامية أينما وجدت) كما أن لهذه الجماعة مراكزها الخاصة بها المرخصة من قبل الحكومة رسميا، والتي تقوم بدورها السرٌي لنشر مبادئها الخاصة وبرامجها التنظيمية.

 الأنشطة التنظيمية للفرقة:

ضاعفت هذه الفئة في الآونة الأخيرة أنشطتها بصورة معلنة فقامت بجمع قيادات مختارة من كل الولايات الإثيوبية وفتحت لهم دورات تنظيمية وإدارية  فصلية (باسم دورات دعوية) استمر بعضها أكثر من شهر، وزودت المتدربين بكتب ومذكرات علمية أعدت في لبنان، وكان كل القائمين بالتدريس وتأهيل القيادات أساتذة من لبنان وقد وصل عددهم في بعض الدورات 44 أستاذا ومحاضرا، وتم تغطية  كل تكاليف هذه الدورات من تذاكر وفنادق وتكاليف المعيشة من قبل مركز الفئة في أديس أبابا، وكان من بين هؤلاء المتدربين 45 قياديا صوفيا من الإقليم الصومالي تم انتدابهم بدقة من كل الطرق الصوفية المختلفة وذلك لضمان ولاء جميع الطرق والأشاعرة لهذه الفرقة، كما قامت الفرقة بجمع 90 شخصية من قيادات القبائل من المحافظات التسعة في الولاية الصومالية في مركز الفرقة في مدينة هرر وتم تدريبهم وتأهيلهم فكريا وعقديا. ووزع عليهم هدايا رمزية بالإضافة إلي ذلك تم تغطية كافة التكاليف المرتبطة بالدورة، وكل هذه الأنشطة والتحركات التنظيمية تكشف بلا شك أن هذه الأنشطة وكل هذه المبالغ التي تدفع بسخاء لا تأتى بصورة بريئة أو عشوائية، كما يظهر بوضوح بأنها لا تمت بصلة بالأنشطة التقليدية المعروفة من قبل أهل الطرق، وقد وعدت الفرقة  في كل دوراتها بأنها ستفتح مدراس نظامية في طول البلاد وعرضها، وأنها ستفرغ جميع الدعاة والمدرسين بمرتب قدره 250 دولارا لكل داعية محلي ليست لديه شهادة جامعية !! وأما من لديه شهادة جامعية فسيتم تعيينه في مهمة إدارية أو تنظيمية وبمرتب مغر حسب وصفهم.

 الأنشطة الدعوية المعلنة للدورات :

أ- دورة هرر الأولى: تم عقد الدورة في 23/6/2011 في مركز الأحباش في مدينة هرر برعاية المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا، وحضره جمع كبير من كل الولايات، وكان من بينهم 120 شيخا من الطرق الصوفية النشطة في الإقليم الصومالي في إثيوبيا بقيادة الشيخ ندير سيد نور: العضوية الصومالية المرشحة للجنة الفتاوى من قبل الفرقة والمجلس، بالإضافة إلي هيئة تدريس الدورة وهم أستاذة لبنانيون من جماعة الأحباش، وتم تدريس المواد التالية في الدورة:

*حكم الذكر مع ضرب الدفوف

*فضل التوسل بالأنبياء والصالحين

*جواز تعليق التميمة

*جواز الاستغاثة بالمخلوق

* البيان بأن القرآن الكريم مخلوق

*فضل الاحتفال بالمولد النبي صلى الله عليه وسلم

*فضل زيارة القبور وتشديد الرحال إليها

كما تم توزيع الكتب التالية:

*عمدة الراغب

*فضائح الوهابية

*التعاون

* ضلالات ابن تيمية

ب- دورة أديس أبابا: تم عقد الدورة في 24/6/2011 في مركز الأحباش في أديس أبابا، وحضر الدورة 270 مندوبا من جميع الولايات الإثيوبية من بينهم 25 شيخا من الإقليم الصومالي، وكان كل الأساتذة الستة من لبنان وقدموا للمتدربين أنشطة متنوعة من المحاضرات والمذكرات كما وزعوا الكتب التالية:

*فضائح الوهابية

*الهدي الواضح في عقيدة السلف الصالح

*ضلالات ابن تيمية

*انتبه دينك في خطر

*الحروريات الضالة على منهج ابن تيمية.

ج- مؤتمر هرر العام : وبعد نجاح الدورات السابقة وخلى الجو لهذه الفرقة الضالة والمجلس المتعاون معها؛ قفزت قفزة نوعية هي الأخطر من نوعها، فعقدت في مركزها في هرر مؤتمرا دعت إليه أكثرمن2000 شخصية من كل الولايات الإثيوبية وافتتحه وزير الشؤون الفدرالية الدكتور شفرو، ورئيس المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا الشيخ أحمد ديني وذلك في 14/6/2011 وكان الدكتور سمير الرفاعي رئيس بعثة الأحباش من لبنان هو المسئول لتحضير المؤتمر، كما كان الشخصية الدينية والداعية الأهم للمؤتمر.

وقد أفتى علنا أمام الجميع وبصورة لا حياء فيها بأنه لا تصح الصلاة خلف أئمة الحرمين الشريفين لأنهم ليسوا بمسلمين!!! وقد حضر المؤتمر جلٌ رؤساء المجالس لدى الولايات من بينهم الصومالي شيخ جامح جوليد، ومندوب المجلس من الإقليم في أديس أبابا شيخ شريف عبد الله تمويني، وشيخ ندير وغيرهم من رؤساء المجلس لدى كل المحافظات، ومن بين الضيوف لهذا المؤتمر الملحق الثقافي للسفارة الإسرائيلية في أديس أبابا وجمع غفير من الشخصيات الدينية التقليدية من كل الولايات. وكل هذا يتم بدعم إعلامي و لوجستيٌ ومالي سخيٌ من فرقة الأحباش بلغت تكاليفه أكثر من 295 ألف دولار، وبغطاء رسمي من المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا، ومن بين عناوين هذا المؤتمر الأخير في هرر :

* محاربة مبادئ التطرف الوهابية

* تكريس مبادئ الديمقراطية

* تقارب الأديان.

مشكلة المسلمين في إثيوبيا:

رغم أن النظام الحاكم في إثيوبيا أتاح فرصة تاريخية لكل الأديان بحيث يساوي الدستور بين أديان القوميات وأطلق حرية الأديان والتدين، ورغم أن المسلمين هم المستفيد ون المفترضون لهذه الفرصة التي حرموا منها قبل الآن، إلا أن المشكلة تكمن في الآتي:

1- المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا فهو الممثل الوحيد للشؤون الإسلامية كلها لدى الدولة ولدى الجهات العالمية، فهو الذي يدير شؤون الحج والعمرة، والدعوة، وشؤون المساجد، و يتلقى المنح الدراسية من المؤتمر الإسلامي ومن الدول والجامعات الإسلامية العالمية. فبدل أن يقوم المجلس بتنفيذ واجباته الإسلامية وتوحيد صف المسلمين ، وتقديم صورة إسلامية نموذجية مشرٌفة عن الإسلام والمسلمين لدى الآخرين؛ طفق بضرب الأنشطة الإسلامية وفرض حصار ظالم على الدعاة والمدارس الإسلامية وغيرها من الأنشطة الضرورية للمسلمين بدعاوى واهية لا تنطلي على أحد بإيحاء من مثل هذه الفرقة الضالة، كما اشتهر المجلس بالفساد والبيروقراطية مما اضطر لبعض حجاج البيت أن يفضلوا الذهاب إلى الدول المجاورة كالصومال غير الآمنة لأداء فريضة الحج !!! ومن غرائب المجلس أن بعض رموزه لا يؤمنون بوجوب الحج فتراه يرافق الحجاج سنويا ولا يلبس لباس الإحرام البتة كالمدعو شريف عبدا لله تموين، مندوب الإقليم الصومالي لدى المجلس في أديس أبابا ومع ذلك فهو الممثل الوحيد للشؤون ألإسلامية

 2- عدم وجود دولة سنية ذات أهداف إستراتيجية ترعى قضايا الشؤون الإسلامية على غرار دولة الرافضة (إيران) التي لا تكلُ ولا تمل من نشر مذهبها في العالم ،فبعد نجاحها في نشر مذهبها في الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية ؛ اتجهت وبكل قوة صوب إفريقيا وطفقت تجوب وتصول وتقيم مراكز ثقافية نشطة ، فعلى سبيل المثال قام الملحق الثقافي لدى السفارة الإيرانية في إثيوبيا بافتتاح مركز ثقافي وأبرم اتفاقية تعاون مع المجلس الأعلى الإسلامي الإثيوبي وبموجب هذه الاتفاقية يتلقى المجلس من السفارة سنويا دعما ماديا كبيرا ، وأما ما يقدمه حزب الله اللبناني وأغنياء الشيعة من دول الخليج فحدث ولا حرج، فعلى سبيل المثال حين لا يجد أهل السنة في إثيوبيا من يغطي تكاليف القرطاسية التي لا تتجاوز 30000 دولارا سنويا للقسم العربي لدى جامعتي أديس أبابا- كبرى الجامعات الإثيوبية  التي تضم أكثر من 70 ألف طالب وطالبة وجامعة جكجكا التي تضم 15 ألف طالب وطالبة-   وهذا القسم العربي الذي افتتح بعد جهود مضنية من قبل أهل الخير أصبح من حيث الأهمية ؛القسم الثاني بعد القسم الإنجليزي متفوقا على كل الأقسام الأجنبية في فترة قياسية. ويواجه طلاب القسم صعوبة بالغة في الحصول على أجهزة الحاسوب والمكتبة العلمية ،وكذلك وسائل المواصلات وخدمة الإنترنت ! في حين ترى سعي إيران لحصول ترخيص من قبل الحكومة لافتتاح قسم فارسي لدى الجامعة وبمغريات متنوعة ! بل وتسعى السفارة لتبني القسم العربي نفسه – ربما لتعطيله – فعندما ترى كل هذه العجائب يأخذك العجب المحير.إنا لله وإنا إليه راجعون .

3- انعدام مؤسسات سنية فعٌالة خاصة بأهل السنة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بصفة خاصة سواء في المجال الدعوي أو الإعلامي أو الاقتصادي ، فالمراكز الإسلامية من المساجد والمدارس الإسلامية الشحيحة أصلا، وكذا الأوقاف وحملات الحج والعمرة فكلها تقع تحت سيطرة هذا المجلس المخترق من قبل الشيعة وفرقة الأحباش الجاثمين على صدور المسلمين .

 بشائر وفرص:

لا شك أن منطقة أوجا دين تعيش  في الوقت الراهن في حالة استثنائية لم تمر بمثلها من قبل، فرغم كثرة التحديات والعقبات فهناك الكثير والكثير من البشائر والفرص المتاحة التي ينبغي الاستفادة منها ويمكن إيجازها في الأتي:

1- بعد تطور الأوضاع المذكورة أعلاه وتمكن الفرقة (الأحباش) من إثارة البلبلة على الرأي العام لدى المسلمين في إثيوبيا وضرب وحدتهم بمقتل ، ونجاحها في كسب الدولة المؤيد لتوجهاتها الموصوفة بالإسلام المعتدل ؛ارتكبت الفرقة بفضل الله حماقات مكشوفة أظهرت لكثير من المسلمين السذج نواياها الخبيثة (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ) وكان من بين هذه التصرفات المكشوفة : تكفيرهم لأئمة الحرمين ، ودعوتهم لزيارة أضرحة القساوسة النصارى والمسلمين معا بدعوى أن الأولياء من الجانبين لا فرق بينهما، ومصادرة مراكز إسلامية كانت منارة للعلم والتعليم مثل المدرسة الأولية والكلية الأولية التابعتين لهيئة الإغاثة الإسلامية (سابقا) من المملكة العربية السعودية، وسبهم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بل يروي بعض من حضر دوراتهم أنهم لاحظوا وجود الصليب لدي بعض المحاضرين اللبنانيين مما يعني أن بعضهم على الأقل مستشرقون لا صلة لهم بالإسلام ، فقامت موجات من الاحتجاجات وتم رفض الفرقة من بعض الولايات ، وكانت الولاية الصومالية هي السبٌاقة لطرد الفرقة فاستطاعت بفضل الله  ثم بتفاهم العلماء والحكومة المحلية محاكمة رموزهم وزجهم بالسجون بعد مناظرات علنية أقيمت في العاصمة وتم دحض أكاذيبهم بالإضافة إلي ما أدين عليهم من زعزعتهم لأمن الولاية .وتم انتخاب مجلس إسلامي من أهل السنة للولاية بعد التخلص من المجلس السابق الفاسد ومحاكمة أعضائه.

2- شكلت الاتفاقية التاريخية التي وقعت بين الجبهة المتحدة لتحرير الصومال الغربي في أوجا دين (ذات التوجه الإسلامي) والحكومة الفدرالية في29-7-2010 في أديس أبا وبحضور دولي: شكلت فرصة تاريخية لمسلمي إثيوبيا بصفة عامة، ولشعب أوجا دين المسلم بصفة خاصة وذلك للآتي:

* أنهت الاتفاقية تماما وبكل نجاح حقبة امتدت عشرين سنة من الصراع والحروب غير المتكافئة  شهدتها المنطقة.

* استطاع شعب أوجا دين ولأول مرة أن يستنشق نسيم حرية التدين ، وبموجب هذه الاتفاقية تم رفع الحظر كليا عن الأنشطة الإسلامية الممنوعة سابقا بسبب تلك الحرب.

* تشهد الدعوة الإسلامية في أوجا دين إقبالا منقطع النظير في كل الجوانب الدعوية والتعليمية، وانتشرت مظاهر التدين والشعائر الإسلامية في كل المحافظات رغم قلة الإمكانات مما يعني أن لدينا فرصة تاريخية ينبغي الإفادة منها، وتوحيد الجهود من أجل إنقاذ المجتمع من حمأة الجهل .

3- رجع الآلاف من المهاجرين إلي المنطقة بعد اتفاقية السلام وكان من بينهم عدد لا بأس به من الدعاة وطلبة العلم، فتم افتتاح عدد من المدارس وعمٌرت المساجد مما كان له أثره الإيجابي والمباشر الفوري والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

4- يعتبر الشعب الصومالي بطبعه، القلب النابض وشريان الحياة لمسلمي قرن إفريقيا، ويعتقد كثير من المراقبين أن المسلمين في إثيوبيا سينتعشون وسيشهدون بإذن الله نهضة دعوية بصورة مطردة في كل المجالات، بسبب تلك الاتفاقية السلمية التي وقٌعها الثوار الصوماليون مع إثيوبيا، فالصوماليون معروفون في أفريقيا بدورهم الدعوي الطموح ومبادراتهم الشجاعة ، ولكون منطقتهم ثاني أكبر منطقة في إثيوبيا من حيث المساحة الجغرافية، كما يعتبرون ثالث قومية من حيث عدد السكان أضف إلي ذلك بكونهم مسلمين سنيين 100%. ولا يخفى على أحد النقلة النوعية التي أحدثها الصوماليون اللاجئون للدعوة في دول الغرب ،وعشرات المراكز الإسلامية التي شيٌدوها بجهودهم الخاصة في الولايات المتحدة وأوربا وأستراليا وجنوب أفريقيا بل وفي جنوب السودان ، فهذه الاتفاقية ستنعكس إيجابا على مسلمي إثيوبيا بدون أدني شك .

التحديات والعقبات

غير أن التحديات لا تزال قائمة، ويمكن أن ينقلب الأمر رأسا علي عقب في أي وقت وذلك بسبب الأمور التالية:

1- لا تزال فرقة الأحباش تصول وتجول في طول وعرض إثيوبيا ، وفي يدها زمام المجلس الأعلى لمسلمي إثيوبيا وهو المعترف به رسميا كممثل للشؤون الإسلامية على المستوى الفدرالي ويتحكم في كل الأمور بما يلزم كافة الولايات بالعمل تحت إدارته.

2- لم يحظ المجلس المنتخب في الولاية الصومالية إلى الآن باعتراف المجلس الفدرالي رسميا، نظرا لطبيعة أعضائه والملابسات التي أعقبت طرد فرقة الأحباش ومجلسها من الولاية، وطفق يضايق المجلس المنتخب وحرمه من مستحقاته المالية والإدارية والمنح الدراسية ونحوها مما يؤثر سلبا على أداء عمله المنوط به كواجهة إسلامية رسمية للولاية الصومالية في إثيوبيا إذا لم يوجد بديل داعم لهم.

3- التواجد الرافضي النشط في جمهورية الصومال بعد اندلاع المجاعة في جنوبها، والتدخل الإيراني في العاصمة الصومالية وافتتاح مراكزها الثقافية والصحية والغذائية والتعليمية، مستفيدة من الحاجة والمأساة الإنسانية التي لا حدود لها، أضف إلى ذلك الفراغ الحكومي وانعدام الحسٌ الشعبي بخطورة هذا التدخل الرافضي، ومعلوم أن المنطقة الصومالية في إثيوبيا هي امتداد لشعب الجمهورية الصومالية المجاورة لها وتتأثر به ثقافيا نظرا لوحدة اللغة والدين والمذهب والنسب فهم شركاء في السراء والضراء.

4- تواجد الفئات الضالة من التكفيريين كحركة شباب المجاهدين الصومالية المنسوبة زورا إلي دعوة أهل السنة، والتي تقوم بين الفينة والأخرى بإعمال تخريبية استفزازية غير حكيمة هنا وهناك، وتنعكس سلبا على الدعوة وأنشطة أهل السنة وتمٌهد الطريق للمتربصين بها من الشيعة والصوفية.

5- الانعدام شبه الكامل للبني التحتية للمنطقة  في كل النواحي الضرورية للحياة فهناك صعوبات وعقبات حقيقية تواجه كل مشروع نهضوي فلا مواصلات بين المدن والقرى المترامية الأطراف، وأما وسائل الاتصالات الحديثة فحدث ولا حرج، أضف إلي ذلك العقبات الخاصة بالمشاريع التعليمية والدعوية ذات الصلة بالإسلام فإنها حوربت رسميا من قبل الأنظمة على مدى قرن من الزمن فكل شيء يبدأ من صفر.

•    نداء واقتراحات لمواجهة التحديات

1-    إنشاء مراكز دعوية في كل المحافظات التسعة، بالإضافة إلى مدينة ديردوا علما بأنه لا وجود لمثل هذه المراكز في المنطقة البتة.

2-    تفريغ 200 داعية ومدرس على الأقل في الولاية الصومالية، في هذه المرحلة الحرجة التي يمرٌ بها المسلمون في إثيوبيا.

3-     إنشاء دور للنشر والتوزيع لطباعة المناهج والكتب العلمية لمواجهة منشورات وكتب الفرق الضالة

4-    إنشاء معاهد وكليات إسلامية وتربوية ومدارس تعليمية (على الأقل مدرسة واحدة) في كل محافظة من المحافظات التسعة في المرحلة الأولي لاستيعاب طلاب كل المراحل التعليمية الضرورية قبل أن تنتشر المدارس التي وعدت فرقة الأحباش بافتتاحها.

5-    تأمين منح دراسية جامعية لخرجي الثانويات والجامعات الإثيوبية لتسليحهم بالعلم النافع وتحصينهم فكريا وعقديا.

6-    إنشاء وتأسيس أوقاف إسلامية اقتصادية إستراتيجية ذات مردود مالي لتغطية احتياجات الدعوة في أديس أبابا وفي عاصمة الولاية الصومالية (جكجكا) وفي أديس أبابا.

7-    مساعدة المجلس الأعلى الإسلامي في الولاية الصومالية ماليا وتعزيز مركزه وفك الحصار المفروض عليه من قبل المجلس الفدرالي المتشيع لتثبيته على المنهج .

8-    إنشاء معهد عالي لقضاة المحاكم الشرعية وتأهيل الأئمة والدعاة في عاصمة المنطقة الصومالية

9-    تأمين مكتبات علمية شرعية عامة في كل المحافظات التسعة في الولاية الصومالية .

10-    إقامة مؤتمرات دعوية سنوية، وتنظيم دورات وندوات علمية شرعية، وبعث قوافل دعوية في المحافظات للتوجيه والتوعية ولاسيما في موسم رمضان المقبل.

11-    دعم القيادات والمؤسسات الإثيوبية التي تقود حاليا وبطريقة سلمية حضارية الاعتصام التي يقوم  بها المسلمون في كل جمعة في إثيوبيا وعلى مدى شهور متواصلة.



مقالات ذات صلة