هل تنفذ حماس أجندة إيرانية؟

بواسطة مفكرة الاسلام قراءة 4121
هل تنفذ حماس أجندة إيرانية؟
هل تنفذ حماس أجندة إيرانية؟

هل تنفذ حماس أجندة إيرانية؟

 

istratigi@hotmail.com

 

 

تتبارى بعض وسائل الإعلام والمقالات الصحفية ذات الاتجاه العلماني والليبرالي في إثبات علاقة حماس بالمحور الإيراني في المنطقة فهذا كاتب في صحيفة الحياة يشبه حركة حماس بحزب الله في أن كلاهما تلميذ نجيب للنظامين السوري والإيراني. وهذا كاتب آخر في نفس الصحيفة يتوقع أن تتشبه حماس بحزب الله في أنه بعد نهاية حرب يوليو على لبنان فقد  افتعل حزب الله حرباً داخلية لتغيير موقعه السياسي واستبدل نتائج انقلاب بيروت بنتائج الحرب على لبنان وفرض واقعاً سياسياً أفضى إلى اتفاق الدوحة و يرجح الكاتب أن حماس ستلجأ إلى شيء مشابه لتغيير وضعها السياسي والخروج من مأزق الحرب على غزة الذي يسير في غير صالحها بل إن الكاتب يرى أن إسرائيل سترى في تطور من هذا النوع إنقاذا لورطتها العسكرية والسياسية في غزة وربما تحرض عليه وتهيئ الظروف لحدوثه.

بل إن كاتب آخر يقول إن ضرب غزة هو ضرب لإيران فمنذ مطلع عام 2008 والحديث جارٍ حول ضربة أميركية وشيكة لطهران على خلفية ملفها النووي. ومع انحسار الحديث عن نية البيت الأبيض القيام بذلك اتجه الحديث نحو نيات تل أبيب في إنجاز تلك الضربة حتى لو كانت لوحدها ودون المؤازرة الفعلية والعملية لواشنطن. والمشهد الإسرائيلي والتسريبات الصحافية والتقارير الاستخبارية والمناورات العسكرية كانت تشي بأن الدولة العبرية قد عقدت العزم على ضرب طهران لا محالة.

بل إن المحور الإيراني يجتهد في إثبات هذه العلاقة فقد صدرت تصريحات رئيس كتلة نواب حزب الله في البرلمان اللبناني محمد رعد الذي يقول إن ما يجري في غزة هو امتداد لحرب تموز وهدفه رفع معنويات العدو لأنهم يعتقدون أن غزة خاصرة رخوة ضعيفة يمكن السيطرة عليها بسهولة علهم يعوضون بعض المعنويات التي سقطت وهزمت في لبنان حين فشلوا في حربهم ضد المقاومة. واعتبر أن الإسرائيليين يحاولون التعويض في الانتخابات اللبنانية المقبلة الذي لم يستطع أن يسقط سلاح المقاومة بالقوة وبالطيران والقصف والتدمير يتوهم انه يسقطه في الانتخابات من خلال الحصول على الأكثرية التي تطالب بنزع سلاح المقاومة وهذا الأمر عندكم نحن لن نتدخل فيه إذا كنتم تريدون إسقاط المقاومة فسيحصل ذلك من خلال إحجامكم عن تأييد خيار المقاومة. أما إذا كنتم متمسكين ومراهنين على جدوى خيار المقاومة فترجموا هذا التمسك عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة.

وتبدو الخطب النارية لأقطاب هذا المحور تصب في هذا الاتجاه فخطب نصر الله الأخيرة وهي بالمناسبة ثلاثة خطب في خلال عشرة أيام تبدو ظاهرياً دعم لحماس وحتى الصحافة الموالية لشيعة لبنان حاولت إثبات أن إيران والحزب قد قاما بتسليح حماس بالصواريخ وتدريب مقاتلي الحركة على التكتيتكات القتالية المستخدمة من خبرتهم في قتال إسرائيل و قام عماد مغنية قبل مقتله بالدور المحوري في هذا الاتجاه و بالرغم في أن كثير من التلميحات في الصحافة الإسرائيلية و غيرها من الأدلة التي تؤيد هذه المعلومات بعد أن دفعت حماس مقابلها فإن المرء لابد من أن يتساءل لماذا قامت إيران بهذه الخطوة إن ثبت ذلك فعليا ؟ هل هي مؤيدة حقيقية للقضية الفلسطينية ؟ هل تحرير فلسطين هو هدف رئيسي  للجمهورية الإيرانية؟ و إذا كانت الإجابة الصحيحة فلماذا تقتل اللاجئين  الفلسطينيين في العراق عن طريق أدواتها هناك و أبرزهم فيلق بدر و جيش المهدي حيث تم استخدام أبشع وسائل القتل من شنق وإعدام ورمي بالرصاص واستخدام الدرل وتفريم الجسد ومن ثم تشويه الجثث وقص الأذن والرؤوس وإرسالها إلى ذوي القتلى و هل بعد ذلك بشاعة ؟ و من ذبح الفلسطينيين في مخيمات صابرا و شاتيلا في منتصف الثمانينات أليست هي نفس الميليشيات المدعومة من إيران و كانت حينها حركة أمل و ما تحتويه من مناصري حزب الله ؟

و إذا كانت تنصر الفلسطينيين في غزة نصرة للمسلمين والمستضعفين ضد الوحش اليهودي و الصهيوني المتوغل فلماذا لا تناصر المستضعفين في أفغانستان مثلا ؟ بل تحرض عليهم و تساعد حلف الأطلنطي في ضربهم و محاصرتهم و حتى عندما أرادت القيادة العسكرية الأمريكية التفاوض مع طالبان بعد أن عجزت عن حسم المعركة معها سارعت الخارجية الإيرانية في بيان لها إلى حث الحلف على عدم التفاوض مع المتطرفين و تقصد بهم طالبان .

و يبقى السؤال المحير لماذا إذن تدعم إيران حماس ؟

لنتبين ذلك يجب علينا النظر في الأهداف الإيرانية: فإيران تريد أن تعيد أمجاد الفرس لتكون قوة عالمية كبرى أو على الأقل أمجاد الصفويين لتصبح قوة إقليمية يؤخذ رأيها بل تشارك في صنع مستقبل المنطقة بالتعاون مع القوى الكبرى و الإقليمية الأخرى و لو كانت أمريكا و إسرائيل و من لم يصدق فليسأل نفسه لماذا زار نجاد العراق الأمريكي و جيش الأمريكان يدنس أرض الرافدين ؟ .

أدرك بوش بعد استعانته بالإيرانيين في احتلاله أفغانستان والعراق أن إيران على وشك الحصول على النصيب الأكبر في كعكة المنطقة و هو ذو الطموح الإمبراطوري فوقع الخلاف بينه و بين إيران فضلا عن مشروع النووي الإيراني و الذي هو أحد أدوات إيران في سعيها للصعود الإقليمي .

إيران تبدو أن نصرة حماس حقيقة غير واردة في أجندتها إلا إذا كان يخدم أهدافها النهائية  و همها الآن رضا أمريكا عنها فقد استقبل الرئيس الإيراني نجاد رئيس الوزراء العراقي لحكومة الاحتلال نوري المالكي  مستشار رئيس الوزراء العراقي و قدما الرئيس الإيراني ونائبه قدما التهنئة للمالكي بالاتفاقية الأمنية العراقية ـ الأميركية خلال اجتماعهما في طهران وهي الاتفاقية التي وصفتها إيران من قبل بالاستسلام .

قد تكون لإيران مصلحة في حرب غزة منها تخفيف العبء عليها من جانب إسرائيل وأمريكا وهي تحاول جاهدة إثبات أن حماس ذراع لها وورقة تضعها في المفاوضات القادمة مع الإدارة الأمريكية الجديدة وذلك عبر الهجوم على الدول العربية التي يطلق عليها معتدلة والتي شاركت بالصمت على العدوان على غزة إن لم يكن بالتشجيع الضمني فثمن إثبات ذلك إن كان حرق غزة ككل لا يهم الإيرانيين بغرض إثبات قدراتهم على تغيير معادلات المنطقة و أنهم قوة إقليمية يجب الاعتراف بها  حتى ولو كانت هيمنتهم على القرار الحمساوي ضعيفة وغير مؤثرة و لكن المهم هو الظهور بذلك المظهر .

و بعد الإشارات من جانب فريق أوباما و تلميحاته بإدارة مفاوضات مع إيران تمهيدا لصفقة كبرى في المنطقة فإن من المصلحة الإيرانية كما أسلفنا تجميع أوراقها في المنطقة و محاولة إثبات قدرتها على اللعب بها

و هذه نصيحة نقلها أحد الحكماء عن قلب الدين حكمتيار من ثغر آخر من ثغور الإسلام العظيم وهو يحذركم تحذير المشفق المحب الصادق الخبير المجرب لا تحذير العدو أو العدو بلباس الصديق أو تحذير الجالس بعيدا عن السياسة والسياسيين يحذركم من الثقة بإيران التي أقام فيها وقتا طويلا ويطالبها إن كانت جادة في معاداتها للصهاينة والأميركيين أن تدعو مليشياتها في العراق وأفغانستان بالتخلي عن التعاون مع المحتلين الأميركيين رأس الشر والأفعى وليس الصهاينة الذين هم بمثابة ذنبها حسب بيانه ويذكر حكمتيار في بيانه ما فعلته إيران من الوقوف إلى جانب أميركا في عاصمتين إسلاميتين وهما كابول وبغداد...

و لكن ما هو موقف حماس في هذا الخضم؟  هذا ما سنحاول الإجابة في المقال القادم بعنوان (  حماس في مواجهة الإعصار )

 



مقالات ذات صلة