السؤال
قرأت حديث الثقلين ، وقد كنت أظن أن المقصود بهما هو القرآن والسنة ، ولكن الحديث يذكر أنهما القرآن ، وأهل البيت ، فهل يعني ذلك أن نتبع القران ، وما يروى عن أهل البيت ؟ وإن كان ذلك هو المقصود ، فألا يعني ذلك أن الشيعة هم على الصواب كون كتبهم تحتوي روايات أكثر عن أهل البيت ـ بينما كتب السنة تحتوي على روايات أكثر عن الصحابة ؟ أرجو توضيح المسألة فأنا في حيرة من أمري .
الجواب
الحمد لله
أولا :
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث زيد بن أرقم أنه قَالَ : " قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ : ( أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ) فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: ( وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) ، رواه مسلم في صحيحه (2408) .
وقد جاء بألفاظ أخرى كما عند الترمذي ( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي : أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ: كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ. وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا ) .
وجاء بألفاظ أخرى عند أحمد والطبراني وغيرهما ، وفي أسانيدها مقال ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال : (195801).
ثانيا :
يمتنع أن يكون معنى الحديث كما ذكر السائل من وجوب الرد إلى أئمة أهل البيت عند التنازع ، وما يقتضيه ذلك من القول بعصمتهم ، واعتبارهم مصدرا من مصادر التشريع بعد كتاب الله ، وذلك لسببين :
الأول : شرعي ، وهو أن الله عز وجل أمرنا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع ، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) .
ولذلك كان من المعلوم لكل مسلم أنه ليس من أحد إلا راد ومردود عليه ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم في كثير من المسائل ، ولم يكن رأي علي بن أبي طالب ولا العباس ولا عقيل بن أبي طالب رضي الله عنهم حاكما على غيره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" الْحَقُّ لَا يَدُورُ مَعَ شَخْصٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ دَارَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ حَيْثُمَا دَارَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُمْ [يعني الرافضة] مِنْ جَهْلِهِمْ يَدَّعُونَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَوْلَى بِالْعِصْمَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ، علِمَ كَذِبُهُمْ .
وَفَتَاوِيهِ مِنْ جِنْسِ فَتَاوِي عُمَرَ وَعُثْمَانَ ، لَيْسَ هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْهُمْ " .
انتهى من " منهاج السنة" (4/241) .
وقد عتب النبي صلى الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه وأرضاه في مسائل ، وهذا يدل على أنه غير معصوم ، فقد ثبت في الصحيحين أنه عتب عليه حين أراد أن ينكح على فاطمة ابنة أبي جهل ، وقال ( إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُزَوِّجُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنِّي لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ) .
وكذلك عتب عليه حين جاء إليه وفاطمة ليلا ، وقال لهما ( ألا تصليان ) فقال علي رضي الله عنه وأرضاه " إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا " ، فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَضْرِبُ فَخْذَهُ وَيَقُولُ : ( وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) " .
وكذلك أفتى رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المتوفى عنها زوجها وهي حامل تعتد أبعد الأجلين ، وفاتَه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى سبيعة الأسلمية بأنها قد حلت حين وضعت ، وغلّط صلى الله عليه وسلم أبا السنابل بن بعكك لما أفتاها بأن تعتد أبعد الأجلين ، وقال ( كذب أبو السنابل ) .
وينظر جواب السؤال : (140226) .
السبب الثاني : عقلي واقعي ، وهو أن آل البيت اليوم مختلفون جدا ، فمنهم : من هم من أهل السنة ، ومنهم صوفية ، ومنهم زيدية ، ومنهم رافضة اثنا عشرية ومنهم غير ذلك ، فكيف تحيّر السائل حتى مال إلى أكذب هذه الطوائف على آل البيت وأكثرها مخالفة لهم ؟! وأشدهم طعنا في عرض سيد العترة صلى الله عليه وسلم ، باتهام زوجته وأحب نسائه إليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهي التي بقي على المودة لها حتى آخر أيامه ، واستأذن أزواجه أن يمرّض في بيتها حتى وافته المنية وهو في حجرها .
وأئمة العترة من آل البيت متفقون على تقديم أبي بكر وعمر في الإمامة والأفضلية ، والرافضة اليوم أشد الناس لهم بغضا – عياذا بالله - .
ثم إن حصرهم لمفاد هذا الحديث على علي بن أبي طالب وأحد عشر رجلا من ذريته فقط تحكّم محض ؛ مع أن تتمة هذا الحديث يرده ، أعني " حديث الثقلين " في صحيح مسلم ، فقد قال زيد بن أرقم في آخره حين سئل عن تعيين أهل البيت ، فقال : " أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، هم آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " منهاج السنة النبوية " (7/ 395) :
" النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَنْ عِتْرَتِهِ: ( إِنَّهَا وَالْكِتَابُ لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيْهِ الْحَوْضَ ) وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ الْعِتْرَةِ حُجَّةٌ ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُعْتَمَدِ .
لَكِنَّ الْعِتْرَةَ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ كُلُّهُمْ: وَلَدُ الْعَبَّاسِ، وَوَلَدُ عَلِيٍّ، وَوَلَدُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَسَائِرُ بَنِي أَبِي طَالِبٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَعَلِيٌّ وَحْدَهُ لَيْسَ هُوَ الْعِتْرَةَ، وَسَيِّدُ الْعِتْرَةِ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ عُلَمَاءَ الْعِتْرَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَكُونُوا يُوجِبُونَ اتِّبَاعَ عَلِيٍّ فِي كُلِّ مَا يَقُولُهُ، وَلَا كَانَ عَلِيٌّ يُوجِبُ عَلَى النَّاسِ طَاعَتَهُ فِي كُلِّ مَا يُفْتِي بِهِ ، وَلَا عُرِفَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ - لَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا غَيْرِهِمْ - قَالَ: إِنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ عَلِيٍّ فِي كُلِّ مَا يَقُولُهُ... "
إلى أن قال رحمه الله :
" الْعِتْرَةَ لَمْ تَجْتَمِعْ عَلَى إِمَامَتِهِ وَلَا أَفْضَلِيَّتِهِ ، بَلْ أَئِمَّةُ الْعِتْرَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ يُقَدِّمُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْإِمَامَةِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَالْجَعْفَرِيِّينَ، وَأَكْثَرُ الْعَلَوِيِّينَ، وَهُمْ مُقِرُّونَ بِإِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَفِيهِمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ ، أَضْعَافُ مَنْ فِيهِمْ مِنِ الْإِمَامِيَّةِ.
وَالنَّقْلُ الثَّابِتُ عَنْ جَمِيعِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَتَابِعِيهِمْ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَوَلَدِ الْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَكَانُوا يُفَضِّلُونَهُمَا عَلَى عَلِيٍّ، وَالنُّقُولُ عَنْهُمْ ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ.
وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ كِتَابَ " ثَنَاءِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْقَرَابَةِ وَثَنَاءِ الْقَرَابَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ "، وَذَكَرَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ قِطْعَةً، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ صَنَّفَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي السُّنَّةِ، مِثْلُ كِتَابِ " السُّنَّةِ " لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَ" السُّنَّةِ " لِلْخَلَّالِ ، وَ" السُّنَّةِ " لِابْنِ بَطَّةَ، وَ" السُّنَّةِ " لِلِآجُرِّيِّ، وَاللَّالَكَائِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَابْنِ ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ، وَالطَّلَمَنْكِيِّ، وَابْنِ حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ، وَأَضْعَافِ هَؤُلَاءِ الْكُتُبِ الَّتِي يَحْتَجُّ هَذَا بِالْعَزْوِ إِلَيْهَا ، مِثْلِ كِتَابِ " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ " لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ ، وَتَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ، وَفِيهَا مِنْ ذِكْرِ فَضَائِلِ الثَّلَاثَةِ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَجِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَدْرُ حُجَّةً ، فَهُوَ حَجَّةٌ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْتَجُّ بِهِ" انتهى .
ثالثا :
بناء على ما سبق يتبين لنا أن معنى حديث زيد بن أرقم في صحيح مسلم ، الوصاية بأهل البيت وإكرامهم ، وحفظ قدرهم ومنزلتهم وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما زيادة الترمذي وغيره ، من الأمر باتباع العترة ، فغاية ما فيها – إن صحّت – الدلالة على حجية إجماع العترة من آل النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال به القاضي أبو يعلى من الحنابلة وغيره من أهل السنة ، وليس فيها ما ينصر مذهب الرافضة بشيء ، بل على العكس .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" أَهْلَ الْبَيْتِ لَمْ يَتَّفِقُوا - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ ، بَلْ هُمُ الْمُبَرَّءُونَ الْمُنَزَّهُونَ عَنِ التَّدَنُّسِ بِشَيْءٍ مِنْه " انتهى من "منهاج السنة النبوية " (7/ 395) .
والمراد بالعترة الذين يكون إجماعهم حجة ، هم علماء آل البيت المتمسكون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس المراد كل من انتسب إلى بني هاشم ، ولو كان جاهلا أو فاسقا أو مبتدعا .
قال الملا عليٌّ القاري: " أهلُ البيت ـ غالبًا ـ يكونون أعرفَ بصاحب البيت وأحواله ؛ فالمراد بهم: أهلُ العلم منهم ، المُطَّلعون على سِيرته ، الواقفون على طريقته ، العارفون بحُكمه وحِكمته ،
وبهذا يصلُح أن يكونوا مقابلًا لكتاب الله سبحانه ، كما قال: (وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ) " .
انتهى من " مرقاة المفاتيح " (9/3975) .
وقال الألباني رحمه الله :
" من المعروف أنَّ الحديث ممَّا يَحتجُّ به الشِّيعة ، ويَلهجون بذلك كثيرًا، حتى يتوهَّم بعضُ أهل السُّنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعًا واهمون في ذلك، وبيانُه من وجهين :
الأوَّل: أنَّ المراد من الحديث في قوله صلَّى الله عليه وسلَّمَ: (عِترتي) أكثرُ ممَّا يريده الشِّيعة، ولا يردُّه أهلُ السُّنة، بل هم مستمسكون به، ألَا وهو أنَّ العترة فيه هم أهلُ بيته صلَّى الله عليه وسلَّمَ، وقد جاء ذلك موضَّحًا في بعض طرقه كحديث: (وعِترتي أهْل بيتي)، وأهل بيته في الأصل: هم نِساؤه صلَّى الله عليه وسلَّمَ، وفيهنَّ الصِّدِّيقةُ عائشةُ رضي الله عنهن جميعًا..
وتخصيص الشِّيعة "أهل البيت" في الآية بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، دون نِسائه صلَّى الله عليه وسلَّمَ : من تحريفهم لآياتِ الله تعالى؛ انتصارًا لأهوائهم ...
الوجه الآخَر: أنَّ المقصود من أهل البيت، إنَّما هم العلماءُ الصالحون منهم، والمتمسِّكون بالكتاب والسُّنة؛ قال الإمام أبو جعفر الطحاويُّ رحمه الله تعالى: "العِترة: هم أهلُ بيتِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ، الذين هم على دِينه، وكذلك المتمسِّكون بأمْره"
والحاصل: أنَّ ذِكر أهل البيت ، في مقابل القرآن في هذا الحديث ، كذِكر سُنة الخلفاء الراشدين مع سُنَّته صلَّى الله عليه وسلَّمَ في قوله: (فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاء الرَّاشدين...) .
إذا عَرفتَ ما تقدَّم، فالحديث شاهدٌ قويٌّ لحديث الموطأ بلفظ: (تركتُ فيكم أمرينِ لن تضلُّوا ما تمسَّكتم بهما: كتاب الله، وسُنَّة رسوله) " انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (4/260) .
وينظر للأهمية : مقال نافع محرر ، لفضيلة الشيخ علوي السقاف ، في مناقشة احتجاج أهل الأهواء ، بحديث الثقلين :
http://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-196271.htm
وينظر أيضا للفائدة :
https://www.youtube.com/watch?v=my72-v1gxGs&feature=youtu.be
والله أعلم .
المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب