هل هم جيش الإمام.. أم شرطة الحكيم؟
بقلم: فرات ناجي
مجلة العصر / خرجت فلول (جيش المهدي) من جحورها في البصرة، مع أن القائد مقتدى فرض عليهم السبات والصبر على مكاره عبد العزيز الحكيم، خرجت تلك الفلول، لتقدم عربون ولاء إلى حكومة المالكي، ولكي تستعرض ما تبقى من قوتها في المدينة، وتوجه رسالة واحدة إلى الأعداء الأصدقاء: نحن هنا في الخدمة!
عناصر جيش الإمام وجدوا في هجمة القوات الحكومية على أعضاء جماعة (أنصار المهدي) فرصة لا تعوض، يخرجون بها إلى العلن، يمتطون ظهور عجلات (البيك اب)، التي طالما حملتهم في عصرهم الذهبي، ليدوروا في الشوارع يفرضون سلطتهم الدموية يختطفون الناس ويقتلونهم، ويحرقون بيوت الله ويطاردون فتيه المساجد وشيوخها، ويهددون النساء ويقيمون الحدود!
العدو هذه المرة مختلف، فبرغم انتساب الفئتين جيش الإمام وجند الإمام إلى صاحب الزمان المختفي في سردابه بسامراء، إلا أن الاختلافات بينهما جوهرية، فضلا على تفعيل مبدأ براغماتي عريق لا أخلاقي، يبيح الإجهاز على الضعيف الجريح، إرضاء للمتجبر الباطش عند التيقن من حصول منفعة راجحة!
جماعة جند الإمام، لا يقرون بالمراجع المشهورين، ويصفونهم بأنهم أئمة فساد وضلال، أما من هو بمستوى مقتدى، فيضعونه في صف الأدعياء الكذابين! ولهم في مقتدى أقوال لا تسره!
تحرك الصدريون، يسابقون عجلات الشرطة المتباطئة الحذرة، نحو الشارع التجاري ومنطقة (الجنينه) و(الجمهورية) وسط البصرة ليكونوا في المقدمة، أمام الشرطة ومغاوير الشرطة، وبعد أن قتلوا بعض أفراد الجماعة الخارجة، انسحبوا ليحكموا طوق الحصار عليها، لئلا تصلها تعزيزات أو إمدادات، وليسدوا عليها منافذ الانسحاب والاختفاء في أزقة المدينة بين سكان يصعب التمييز بينهم، لاشتراكهم في مظهر واحد، اللباس الأسود، زي عاشوراء ..
من أحداث النجف خريف 24، عندما عقدت المرجعية صفقه مع الأمريكان، ليسمحوا بخروج ما تبقى من جيش الإمام، مع موجات الزوار التي فتحت أمامها الطريق للدخول والخروج، ليضيع بينهم أنصار مقتدى الهاربين من مقابر النجف.
كان خروج أنصار المهدي في عاشوراء، مفاجأة للأجهزة الحكومية، خصوصا وأن العمليات اندلعت مرة واحدة في البصرة وذي قار، لكن جيش المهدي ودخوله في معادله الصراع، أنقذ الأجهزة الأمنية في البصرة من نتائج تشبه ما حصل مع زملائهم في ذي قار، التي شهدت مقتل ثلثي القادة الأمنيين، بعد ساعات قليلة من اشتعال الصراع!..
أبدى القاضي العلاس وائل عبد اللطيف إعجابه بالصدريين، الذين اثبتوا أنهم (قوة رادعة لا يمكن تجاهلها)، بسيطرتهم على البصرة في ساعتين.
في اختلاط الأمور بسبب المفاجأة، صرح بعض الضباط بأن بين جماعه أنصار المهدي عناصر من جيش المهدي، لكن ذلك لم يثبت ولم يعد أحد يقوله، حتى قبل انجلاء غبار المعركة، إذ تبين للجميع أن جيش المهدي هو جيش عقائدي ظهير للحكومة، يقاتل الخارجين عليها، لتتمكن من انجاز وظائفها بهدوء!
طالب مسؤول مكتب الصدر في كربلاء من الحكومة "استخدام سلطه القانون في تصديها للمجاميع المسلحة"، رافضا "أي جهة تتستر بالدين"، فالصدر لا يقبل أن يتلبس غيره بالدين، ولا يقبل أن يشاركه أحد في القرب من المهدي، لا الصرخي ولا الكرعاوي ولا اليماني ولا الحمامي، فهؤلاء كلهم عنده أدعياء، فيما هو وحده يتلقى الإلهامات من رئيسه المباشر: صاحب الزمان!
ترى ماذا يقول الذين يصرون على اعتبار تيار الصدر، يمثل "النزعة الراديكالية" بين شيعة العراق، في وقت وجه فيه مقتدى مليشياته، لقمع حركة ثار أهلها، لأنهم وجدوا مظالم حكومة المالكي، والمراجع الذين يدعمونها، بلغت حدا يبرر خروجهم، للاصطفاف خلف مهديهم والثورة على الظالمين؟
نعم سوف يحصل مقتدى على مكافأة، ثمنا لموقفه المخزي، ولكنه لا يستحق السقوط من أجله، والعمل بإمرة عناصر فيلق بدر، الذين يتخفون بزي الشرطة، لإزاحة قوة جديدة تعترض طريقهم إلى السلطة المطلقة!
جيش الإمام المهدي أثبت أنه جيش عزيز الطباطبائي الحكيم، لكن السؤال هو: هل يرضى الحكيم برفع قبضته من فوق رؤوس أنصار مقتدى، ويوظفهم شرطة عنده؟
الجواب على الأغلب: كلا.