مرحلة غسيل سمعة الميليشيات.. "الوقحة"!

بواسطة طلعت رميح قراءة 1071
مرحلة غسيل سمعة الميليشيات.. "الوقحة"!
مرحلة غسيل سمعة الميليشيات.. "الوقحة"!

2017-12-25

طلعت رميح

 

تلقفت الميليشيات في العراق – الموصوفة بالوقحة على لسان مقتدى الصدرجريمة الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني -اليهودي، بفرح وتلهف شديد واعتبرتها منحة مجانية، جاءت في أشد الأوقات حرجا بسبب تصاعد الضغوط لأجل حل تلك المليشيات وتسليم أسلحتها، حتى يمكن القول بأن قادة المليشيات باتوا يسألون أنفسهم عن سر إقدام ترامب على تلك الخطوة التي جاءت لتشكل سياجا، يمكن الاختباء خلفه لتغيير الملابس الملوثة بدماء الشعوب، والخروج مجددا على الرأي العام العربي والإسلامي، بصفة الذاهب والمستعد للتضحية لإنقاذ المقدسات الإسلامية!.
وهكذا، ومن فور إعلان ترامب تكاثرت التحركات للظهور بهذا المظهر الجديد –الخداعي – فذهبت بعض القيادات بالرداء العسكري إلى جنوب لبنان، للإطلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإطلاق التصريحات المسجلة على الهواتف النقالة –لتذاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي – حول الاستعداد للتحرك لإنقاذ القدس، وهو ما جاء مترابطا مع تصريحات لنصر الله بأن ما سماه، بجبهة المقاومة قد تفرغت الآن للقضية الفلسطينية وتحرير القدس بعد أن أنهت معاركها ضد داعش في العراق وسوريا.
وهي تحركات وتصريحات جاءت مترافقة مع ما أعلن عن اتصالات هاتفية لقادة إيرانيين بقادة فلسطينيين، جرى التأكيد خلالها عن تقديم الدعم والمساندة الإيرانية للمقاومة الفلسطينية، وهكذا توالت التصريحات والتحركات هنا وهناك بشأن الاستعدادات للمشاركة في تحرير القدس.

هي فرصة ذهبية إذًا لشن حرب إعلامية، لمحو التاريخ الدموي والسجل الإجرامي لتلك المليشيات في العراق وسوريا ولبنان، وهي فرصة جرى اغتنامها لإعادة تقديم النفس للجمهور العام، كمخلص دائم من الشرور، ولادعاء الولاء والارتباط بقضية تحرير فلسطين، وهي فرصة للقيام بتحركات واطلاق تصريحات تستهدف تبرير عدم تسليم السلاح ورفض حل الحشد، بإعطاء مبرر خارجي – مقدس- لامتلاكه ولاستمرار وجود الميلشيات والحاجة لدورها – وفق نمط حزب نصر الله في لبنان -ومن قبل ومن بعد، فهي فرصة متجددة لإثبات الولاء لإيران – أو هي توجيهات إيرانية – عبر إبداء الرغبة أو الظهور بمظهر الجاهزية للتحرك ضد قرار ترامب الذي تحدث من قبل بأنه ذاهب للضغط على إيران ..الخ.
ولعل الأهم – وهنا يكمن سر الاغتباط بقرار ترامب – أنها فرصة تهيئ حالة سياسية وإعلامية، لبدء تحويل الحلم الإيراني بتشكيل جيش ميليشياوي موحد في الإقليم -متعددة الجنسيات – تنتظم فيه الميليشيات الإيرانية الموزعة داخل الدول، لتصبح جيشا موحدا فعالا، وهنا يكمن سر حديث نصر الله في خطاب سابق عن أن الحرب اللبنانية الإسرائيلية القادمة، لن تجد فيها إسرائيل نفسها في مواجهة حزب الله وحده بل في مواجهة ميليشيات عديدة، وهو كلام اتبعه في خطابه الأخير بإشارة واضحة أكثر، حين تحدث حول تفرغ محور المقاومة الآن للدفاع عن الأقصى والقدس، بعد انتهاء أو انجاز المهام في العراق وسوريا.
وهنا يبدو ضروريا الإشارة لما نشر مؤخرا في دراسات لمراكز بحوث أمريكية عن تحضيرات إيرانية جارية الآن لتعميق تدخلها الميليشياوي في أفغانستان وباكستان.
ففي الحركة المسرحية التي جرت بين قاسم سليماني وخامنئي، حين أرسل قاسم رسالة إلى خامنئي أعلن فيها النصر على داعش في سوريا والعراق، بصفته قائد فيلق القدس، جاء رد خامنئي بضرورة الحفاظ على الاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية في المنطقة، وهو ما اعتبر توصية بالإبقاء على الميليشيات وإعدادها لمرحلة صراعية جديدة.
وكانت الإشارة الأوضح عن تلك التوجهات الجديدة تلك التي وردت في تصريحات قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري الذي تحدث عن ما وصفه بقوات “باسيج العالم الإسلامي” – “بسيج جهان إسلام”- باعتبارها النموذج الجديد للتعبئة الشيعية الدولية تحت قيادة سليماني.

وزاد الأمر وضوحا في تصريحات رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري والتي عبر فيها عن قناعته بأن هذا النموذج، إذا اقترن بالقدرات العسكرية الإيرانية الموسعة، سيكون قادرا على توحيد صفوف الدول الحليفة لتفادي معاودة ظهور تنظيم الدولة، لاسيما في أفغانستان وبعض مناطق باكستان، وهو ما يشير إلى التحركات المستقبلية لتلك الميلشيات.
وبالإجمال فما تابعناه هو خطط ذات طيف واسع، فهي في جانب منها محاولة تستهدف إعادة تقديم وغسيل سمعته بالعراق وايجاد مبررات للإبقاء عليه تحت شعارات خداعية تتعلق بفلسطين والقدس، وهى عملية تعبوية تتحرك نحو تشكيل جيش مييلشياوي متعدد الجنسيات عابر للحدود تبدو وجهته المعلنة هي التحرك ضد تنظيم الدولة في أفغانستان وباكستان، فيما ستكون وجهته الحقيقية توسيع نطاق الحركة في الدول العربية.

 

 

المصدر: وكالة يقين للأنباء



مقالات ذات صلة