اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الخطاب الوارد لسماحة المفتي ، ومعه النشرة التي هي بعنوان : ( موقف السلف الصالح من الصوفية ) ، فيقول : وجدتها تشتمل على دفاع عن الصوفية وتضليل للأفهام حول الصوفية المنحرفة وتزكية لها دون نظر إلى ما فيها من الضلالات والشطحات والشركيات الفظيعة ، فكان لا بد من بيان ما تضمنته تلك النشرة من المغالطات والتضليلات ، مع العلم بأن التصوف بدعة محدثة في الإسلام ودخيل عليه من النصرانية .
ونبين ذلك فيما يلي : أولا : ما نقل فيها من أقوال بعض العلماء والعباد والزهاد المتقدمين الذين هم ليسوا من المتصوفة لا يستفاد منه تزكية الصوفية المحدثة ؛ لأن المتصوفة قد انحرفوا عن الكتاب والسنة ، وأحدثوا طرقا مبتدعة خالفوا فيها منهج هؤلاء العلماء المنقولة أقوالهم في النشرة ، ومن تلك المناهج المحدثة وحدة الوجود ، والقول بالحلول ، واتباع مشائخ الطرق فيما يشرعونه للمريدين من غير اعتراض عليهم ، وزعمهم أنهم يتلقون عن الله مباشرة وليسوا بحاجة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه عندهم جاء للعامة دون الخاصة ، ومثل عبادتهم للقبور بالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة بالأموات ، وكل هذه الفضائح موجودة في كتبهم ويمارسونها في أفعالهم وعباداتهم ، كما هو مشاهد من أحوالهم الآن
ثانيا : قوله : وبناء على ذلك أن كل ما يخالف الإسلام في شيء فلا تصح نسبته إلى الصوفية والتصوف ، وإنما هو ضلالات المدعين الذين انتسبوا للتصوف زورا وبهتانا ، أو من الأمور المدسوسة على كتبهم بقصد الطعن في هؤلاء القوم ، وتشويه صورتهم ونهجهم ، كما حدث في كتب التفسير من الإسرائيليات التي تتنافى مع ما عرف عن هؤلاء المفسرين من حرص على بيان الحق . . إلخ . والجواب عنه أن نقول : هذه الضلالات المذكورة ليست صادرة عن المدعين للتصوف ، بل هي صادرة عن أئمة الصوفية المنحرفين ، كابن عربي والحلاج والرفاعي وابن الفارض والشعراني في ( طبقاته ) والسهروردي في ( عوارفه ) ، وعبد الكريم الجيلي في ( الإنسان الكامل ) ، وغيرهم من أقطاب الصوفية ، كما هو موجود في كتبهم ودعوى أنها مدسوسة عليهم دعوى بلا دليل ، وكيف تكون مدسوسة عليهم ، وأتباعهم الآن يطبعون هذه الكتب ويتداولونها ويطبقونها في أعمالهم التعبدية ليلا ونهارا ، والكلام الآن عن الواقع لا عن الكتب ، وقياس ذلك على الإسرائيليات التي في كتب التفسير قياس باطل ؛ لأنه قياس مع الفارق المؤثر ؛ لأن الإسرائيليات ليست كلها كذب ، بل فيها حق مقبول ، وهو ما وافق شرعنا الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وباطل وهو ما خالف الشرع . ثالثا : تفسيره لكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، وهو قوله لما ذكر العلم والفقه والعبادة وطلب الآخرة ، ثم قال رحمه الله : ( فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين ) . قال صاحب النشرة مفسرا للنوعين بأنهما الفقه والتصوف تفسيرا لكلام الشيخ بغير معناه الصحيح ، وهو أن النوعين هما الهدى ودين الحق ، كما في الآية الكريمة :هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ و كما قال الشيخ في أول كلامه : ( اعلم أرشدك الله أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو العلم النافع ودين الحق الذي هو العمل الصالح ) . ومعلوم أن الشيخ رحمه الله يحارب البدع والشركيات ومن أعظمها التصوف المنحرف . وعليه ترى اللجنة منع توزيع هذه النشرة وإتلافها والتحذير منها ؛ حفاظا على عقيدة المسلمين من انتشار البدع والشركيات عن طريق هذه النشرة وأمثالها . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين