الحرب على من في لبنان ؟!
نظرة للحرب من الزاوية الأخرى .....!!
أُسِر جنديين درزيين من جنود دولة الكيان اليهودي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية على يد "حزب الله" اللبناني، فكانت هذه الحادثة هي القشة التي قسمت ظهر البعير، أو المبرر والفتيل الذي أشعل الحرب على لبنان.
ومما لا شك فيه لكل ناظر ومحلل للأحداث أن "حزب الله الشيعي" اللبناني إنما يقود هذه الحرب نيابة عن "إيران" وبدعم منها، ولكن بثوب عربي وعلى أرض عربية، والأمر المختلف هنا أن في هذه المرة لن تكون خسائر "إيران" فادحة أو كثيرة، ولن تراق في هذه الحرب دماء "إيرانية"!!.
نعم... إنها حرب بالوكالة يقودها "حزب الله الشيعي" اللبناني بعقلية وإدارة فارسية مطعمة بعقيدة شيعية. و"إيران" لا يعنيها كثيراً هذا الدمار الذي يحصد لبنان بمن فيه من مسلمين سنة أو نصارى أو دروز أو حتى عموم شيعة لبنان من العرب، فلا ضير أن يموت بضعة آلاف من شيعة لبنان في سبيل تحقيق مآربهم الساسانية الفارسية!!
و"حزب الله الشيعي" اللبناني الذي يقتات بكل لقمة له من "إيران"، يمثل - في الحقيقة - دولة في داخل دولة، ملّكته "إيران" كل مصادر القوة حتى أصبح قوة ضاربة، وما كانت له هذه القوة لولا الدعم "الإيراني" اللامحدود.
وأما دعوى إعلان "إيران" الدعم لإعمار لبنان جرّاء الدمار الكبير الذي لحقه، إنما هو محاولة لقطع الطريق على من يحاول التخذيل عن "حزب الله" ، وهذا يعني أن الحزب يدور تماماً في ركاب الوصاية الطهرانية ويُدار عن بعد من هناك، ولا يملك "حزب الله" قرار إشعال الحرب من تلقاء نفسه أو حتى إطفاءها وإن استطاع، وليس ببعيدٍ عنّا ما يحصل في العراق فهو نتاج المطبخ الطهراني كذلك وبحطب شيعي عربي عراقي، والصورة في العراق لا تختلف كذلك فهي حرب "إيرانية شيعية فارسية" بالوكالة.
والمقطوع به أن العقلية الفارسية عقلية عدوانية غوغائية تترية همجية خاضت غمار حربها مع العراق بهذا الأسلوب، وعلى هذا الأسلوب كذلك تربي "الحزب الشيعي" اللبناني وفي المدرسة الفارسية الطهرانية، هذا بالإضافة إلى ما يحملوه من عقيدة شيعية تحمل في داخلها كره كل ما هو سُني، وخير دليل على هذا الحرب الطائفية الظالمة في العراق التي ما كانت لتكن لولا الدعم "الإيراني" الكامل، وشيعة العراق –كما هو معلوم - أنهم أمة معدومة مطحونة لفترات طويلة عاشوها في عهود صدام حسين، وما كانت لتمتلك هذه القوة العسكرية البربرية من تلقاء نفسها!!، وبنفس الحال في لبنان كان المشهد نفسه قبيل مجئ "موسى الصدر"، والذي جاء بإمكانيات وأموال إيرانية نشلت "التاولة" - كما يطلق على الشيعة في لبنان - من الحضيض الذي هم فيه.
وتزامن الأحداث في العراق ولبنان والتي يرجع مصدرها إلى المطبخ السياسي "الإيراني" ينبئك من غير أدنى شك، أن هناك مشروع قادم!! ولا يظن أحد أن مشروع تصدير الثورة الذي بدأه "الخميني" قد توقف!! ولم نسمع من أحدٍ منهم أبداً أنه توقف!!.
إن الحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن أذهاننا أن الجهاد المعلن في المشرق الإسلامي ضد اليهود هو جهاد سني أصيل ممتدة جذوره، وأبرز من يقوده هناك على أرض الرباط حركة حماس، ويجدر الإشارة هنا أنه مع ما تتمتع به حماس من دعم "طهراني"، فإن الأخرى لا يجعلها منكبة على حماس كل الانكباب!!
و"إيران" لا تستطيع أن تبني أمالها وأهدافها المبطنة على حركة حماس السنية، وذلك لأنها لازالت تحافظ على خطها وعقيدتها السنية، ولكن لما كانت حماس هي الفصيل الأقوى والأثبت والأشهر الذي يصارع اليهود في فلسطين ولها القبول على المستوي الإسلامي بوجه خاص والصيت على المستوى العالمي، كان لا بد على "طهران" ومن يدور في فلك عقيدتها أن يعمل جاهداً على سرقة ثمرة الجهاد السني ليصب في رصيد "حزب الله الشيعي" بقيادة "حسن نصر الله" الذي قيل فيه أنه حرر الجنوب اللبناني وحقق من النتائج في تكبيد الخسائر للعدو الصهيوني – إعلامياً - ما لم تحققه دول.
على كل حال المشروع الذي بدأه "الخميني" يسير ومن غير توقف، والذي أستطيع أن أجزم به أن هذه الحرب ستدير عجلة "التشيع" بسرعة فائقة على أرض المحشر والمنشر، فلبنان قد تمكنت به دولة "حزب الله"، وسوريا المستضعفة التي تبحث عن قشة تتعلق بها سلمت راية الحرب "للحزب" وفتحت له الأبواب وسلمت له الأبواق، وبعض أهل فلسطين أرخوا سمعهم "لقناة المنار الشيعية" التي سلبت فؤادهم وقاموا يصفقون لصواريخ "الحزب" التي روت غليلهم لما انهطلت على رؤوس اليهود في الشمال الفلسطيني، هذا فضلاً عن وجود من يروج "للمشروع الشيعي" في الداخل الفلسطيني – وللأسف - من بعض الفصائل.
أما فلسطينيو لبنان - وكعادة غيرهم معهم - هم الضحية دائماً!!، فإن لم ينتبهوا ويعدّوا العدة، فسيكون حالهم كحال إخوانهم الفلسطينيين في العراق مع قوات "بدر الشيعية" الإجرامية، ومن هلل فرحاً ومستبشراً لنصر "حـزب الله" فهو كالذي يرقص طرباً على نغمات طبول الحرب التى ستدك رأسه.
ولا بد أن يدرك شعبنا الفلسطيني المسلم السني أنهم خارج سرب منظومة التكتلات الحزبية والطائفية في لبنان وخارج جميع المعادلات السياسية التى تحاك في لبنان، فجميع الأحزاب في لبنان - وبلا استثناء - قد جعلوا الوجود الفلسطيني على أجندة وسلم أولويات جلاديهم، وعلى الفلسطينيين أن يتفرسوا ويميزوا عدوّهم من صديقهم.
وأما إخواننا سنة لبنان ودورهم في منظومة أحداث الساحة اللبنانية فنجزم أنهم لا ناقة لهم ولا جمل. ولما كاد أن يبرز لهم دور شبه فاعل في ظل وجود (رفيق الحريري) إذا بنا نفاجأ بالأيادي تعبث!! بالساحة السياسية والديموغرافية في لبنان، وعلى أهل السنة في لبنان أن يأخذوا بزمام أمورهم ويدركوا ما بقي لهم، وإلا فسيزداد تهميشهم وتتسلط عليهم كل قوة من غير أي رادع لها، ولا ينبئك مثل خبير.
إن التحذير الذي أطلقه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن الهلال الشيعي وتبعه فيما بعد تحذير من الرئيس المصري حسنى مبارك عن الخطر الشيعي، ومن قبله وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل عن التدخل الإيراني في العراق والمنطقة لم يأت من فراغ، ولم يكن مجرد تصريحات تُُلقى هكذا، فإن ما يرمون إليه هو بالتأكيد حلقات في سلسلة "المشروع الشيعي" الذي يلتف حول رقابنا شيئاً فشيئاً.
إن مقارعة اليهود ومن غير توقف وبكل الأساليب مطلب ننادي به دائماً، لكن إن ارتضينا أن نسلم راية الحرب على اليهود "لحزب الله" أو "طهران" ومن ورائها، فإن هذا يعنى أننا سلمنا مع الراية مقصلة إعدام السنة، وهذا ليس بالأمر المبالغ به، فتاريخ الشيعة على مر العصور أصدقاء حميمون لملل الكفر بأشكالها وألوانها، وأما أهل السنة فإنهم نواصب وأعداء دائمون.
واليهود – قاتلهم الله - ينظرون للشيعة في لبنان على وجه التحديد ولعهد قريب أنهم لا يشكلون أي خطر، وليس أدل على ذلك مما كتبه "السفاح شارون" في مذكراته متحدثاً عن خطته المتعلقة في اجتياح لبنان التى قدمها لمجلس الوزراء في نوفمبر 1981م، والتي تشمل الأهداف التالية:
1- يتمثل الهدف الأول بإزالة خطر الإرهابيين كلياً - المنظمات الفلسطينية – وذلك بتصفية قوّاتهم العسكرية وبنيتهم التحتية، لاسيما في بيروت.
2- ويتمثل الهدف الثاني في تحييد السوريين عبر مناورات الترهيب والتهويل، متجنبين قيام مواجهة فعلية معهم؟!.
3- ويتمثل الهدف الثالث ببلوغ الهدف الأدنى من الخطة منذ البداية العملية للاجتياح، وذلك بوضع كافة التجمعات السكنية في شمال "إسرائيل" خارج مرمى طلقات المدفعية.
4- وسنحرص أن لا تطال هذه العملية الشيعة والدروز والمسيحيين.
5- وأخيراً ... لا مصلحة لنا في إبقاء قواتنا طويلاً في الأراضي اللبنانية التي نكون قد استولينا عليها، فتحقيق أهدافنا المذكورة آنفاً سيسمح لنا بالانسحاب. ثم يختم فيقول: "حتى إنني اقترحت إعطاء نسبة من الأسلحة التى غنمتها "إسرائيل" - ولو كمبادرة رمزية - إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضاً مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل، لم أر يوماً في الشيعة أعداء لإسرائيل على المدى البعيد" أ.هـ
فالشيعة واليهود وجهان لعملة واحدة وإن اختلفت المسميات، فالشيعة في لبنان واليهود في فلسطين بمثابة فكي كماشة ستطحن من يقع بين فكيها وهذه حقيقة يجب أن لا نتعامى عنها.
هذا بالإضافة إلى أن من يراقب رحى الحرب يرى أن قوات "حزب الله" ومؤسساته ورموزه في لبنان ليست بعيدة المنال عن الصواريخ والمدفعية اليهودية، فضلاً عن مساعدة الجواسيس والعملاء المتناثرون في مناطق الجنوب، ومع هذا فإن البندقية اليهودية لم تصوب بالتحديد على الأهداف الاستراتيجية والحيوية "لحزب الله" في الجنـوب بل تعمد اليهود - وفق خطط وأهداف معدّة سابقاً - ضرب البنية التحتية لدولة لبنان الهزيلة، ليجزم بعد ذلك كل محلل سياسي أن العدو الصهيوني لا يريد استئصال "حزب الله" وأن هذا ليس في أجندته!!.
ويحق لنا أن نقف متسائلين - سؤال المتشكك - بعد هذه الأحداث وبعد أن سُمح لقوات "حزب الله" أن تتنامى، هل فعلاً أن العدو الصهيوني لا يريد استئصال القوة الشيعية المتمثلة في "حزب الله"؟ أم أنه عاجز عن استئصالها..!! مع أنه استطاع وبنجاح دحر القوة العسكرية الفلسطينية عام 1982م من لبنان!!.
- "حزب الله" الحارس المتمرد على البوابة الشمالية لدولة سيده:
قال حالوتس: (أن الهدف من عملية الجيش في لبنان ليس تحطيم منظمة حزب الله وإنما إضعافها) جريدة الرأي العام الكويتية عدد (14283).
والذي أراه أن دولة الكيان اليهودي لم ولن تجد أجدر من "حزب الله" لحماية الحدود الشمالية بينها وبين لبنان وذلك لعدة اعتبارات:
1- أن اليهود وخلال التواجد الشيعي المتنامي وبأشكاله المختلفة اجتماعياً وسياسياً وعسكرياً في الجنوب اللبناني، كانوا على رضى تام به فكان النماء المؤسسي له نماءً طبيعياً في الجنوب اللبناني، ولم يكن يُذكر ما يعكر صفو هذه المحاضن التى أخرجت جيل من الشيعة هم الآن قادة، ولم يكن كل هذا بعيد عن أعين اليهود وحلفائهم.
2- كما أن الخدمات التى قدمت وما تزال تقدم للوجود الشيعي هي مثار تساؤلات!! وذلك من بداية الوجود الشيعي المؤسسي،وانظر على سبيل المثال وبعجالة إلى حصول "موسى الصدر" على الجنسية اللبنانية التى لا تعطى إلا للنصارى فقط!!، والقبول الفوري بتأسيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان!! وليكون العصا التي تشق المسلمين هناك، وكذلك دخول شحنات الأسلحة "للحزب" وبشكل متواصل والتي لم تكن تخفى على اليهود بكل تأكيد، إذا فرضنا جدلاً أنها غابت عمن يحكمون لبنان!!.
3- سكوت الإدارة اللبنانية المستغرب عن ممارسات "الحزب" وتدخلاته!! ولعل ذلك يرجع إلى عدم قدرتها على المقارعة العسكرية أو المعارضة السياسية للتواجد العسكري "لحزب الله"، ولكن هل يمكن أن نقول أن الغرب "الصليبي" تخلى عن حليفة اللبناني!! أم أنهم غير قادرين كذلك طوال الفترة المنصرمة من إعادة السيادة الحقيقة للإدارة اللبنانية!! أم أنهم رضوا أن يكون لبنان على هذا الحال، لحاجة في نفوسهم؟!!
وجميع هذه الاحتمالات تنبؤك بأن الغرب الصليبي غير راض على ولاآت لبنان له أو من جهة أخرى عدم ثقة الغرب "الصليبي" على قدرة حليفه في بسط نفوذه في لبنان!!؟ ليشكل الدرع الواقي للحليف الأكبر من خطر المنظمات الجهادية، وغض الطرف عن "حزب الله" هو الضمانة بكل تأكيد!!
4- وقـد يكون ذلك مقدمة لمشـروع كبير يفوق تصورتنـا جميعاً، وهذه المشاريع أشبه بمشروع "سايكس – بيكو" والذي يبدو أنه قد انتهت مدة صلاحيته ليحل مكانه مشروع جديد لتقسيم الوطن العربي والإسلامي بناءً على تغير المصـالح بتغير القوى، فالمشروع الأول "سايكس – بيكو" فرنسي - بريطاني وقد اضمحلت هذه القوى في أماكن محدودة وبشكل محدود لتحل مكانهم الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها دولة الصهاينة ويحين الوقت لاستراتيجيات جديدة.
ومن ذلك مشروع "حـدود الـدم" وهو ذاك المشروع الجغـرافي الديموغرافي لدول الطوائـف الجديدة ومنها دولة "شيعستـان".
إن هذه القضية تحتاج منا وقفه يعقبها تسائل!! ما هو الحجم الذي يريده اليهود "لحزب الله"؟ ولنا أن نذكر مرة أخرى مع كل ما ذكرناه، أن سنّة لبنان كحال إخوانهم في بغداد سيبقون متفرجين حتى تقع الكارثة على رؤوسهم!! وحينها يصحون هذا إن بقى في الجسد روح، وساعتها لا ينفع الندم وينطبق عليهم القول: "ألا إني أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"!! وحسبنا أن نحذرهم بأن عليهم أن يأخذوا زمام أمورهم بأيديهم، وأن يشكلوا قوة أقل ما يقال فيها أنها تدفع عنهم مكر المجرمين.
تساؤلات وتحولات جذرية في نظرية التشيع!!
وحتى نكون واقعيين في تحليلاتنا السياسية والفكرية فلا بد أن نكون ملمين بما وقع من تبدل عقدي ومنهجي عند كثير من الفرق، والشيعة – مثال حي – لما قد اعتراها من تغيير جذري في بعض مبادئها وأسسها، "فالخميني" قام بأكبر عملية تجديد لعقيدة الشيعة، وذلك أنه أخرجهم من روح الذل والمهانة وعقدة انتظار المهدي لعقود من الزمان ليست لها نهاية!! ليحمل لهم راية القتال التي تبني لهم كيانهم نيابة عن المهدي المنتظر، وليسيروا خلفه تاركين ورائهم مخلفات عقدية لو بقوا مستمسكين بها لبقوا أمة محتقرة تنتظر المهدي المزعوم الذي لن يأت!!، والذي كان مقرراً عندهم أنه لا قتال إلا تحت رايته!!، ولو لم يتجرأ "الخميني" على تبديل عقيدتهم بما يتواكب ويتناسب مع رفع شأنهم وإيجاد كيانهم لما كان للشيعة دولة في "إيران" ولا قوة في العراق ولبنان وقد يتمخض عنها دولة أخرى لهم فيهما أو في غيرهما من أماكن يعدون فيها العدة!!
والمشهور في مذهبهم وعقيدتهم أنها لا تأمرهم ألبته بالقتال، فقـد كانوا يعتقدون أن لا قتال إلا بوجود المهدي، وهذا بعض ما جاء في كتبهم ويؤكد ذلك، فقد جاء في الكافي (8/295) عن أبي عبد الله u قال: "كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل". وعن أبي عبد الله u كذلك قال: "ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفع ظلماً أو ينعش حقاً إلا اصطلته البلية وكان قيامه زيادة في مكروهنا وشيعتنا " وهذا ما قرره كذلك آيتهم الخميني أن البدأة بالقتال لا تكون إلا لقائمهم إذ يقول في تحرير الوسيلة (1/482) "في عصر غيبة ولي الأمر وسلطان العصر – عجل الله فرجه الشريف - يقوم نوابه العامة وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام u إلا البدأة بالجهاد في دولتهم الفاطمية"!! ومـع هذا فقد بدل إمامهم "الخميني" هذه المفاهيم ولينسخها من عقول ملايين الشيعة بلحظة من الزمن!! فما الذي دفعهم للتغيير والتبديل!! تساؤل يحق لنا أن نثيره.
والعجيب أن ما قام به "الخميني" ذاته، هو نفس ما قام به ثيودور هرتزل قبله، فاليهود قبل هرتزل لم يكونوا ليجرؤا على أن يحلموا بأن تكون لهم حظوة في دولة، فضلاً على أن تكون لهم دولة، وهم كذلك – أي اليهود – بقوا على انتظار طويل يزيد عن ألفي عام ينتظرون خلالها ذلك المخلص من نسل نبي الله داود u لكي يتبعوه في حربه ضد "الجويم" - المسلمون والنصارى -!! فجاء هرتزل ليختصر عليهم ما بقي من الزمن ويقوم بأكبر عملية تجديد بل وتزوير لدين اليهود، ولتكون بمثابة النقلة النوعية التي أخرجت اليهود من حالة الذل والمسكنة والهوان إلى أمة لها دولة تهابها دول وأمم!!. ومن هذا المنطلق أقول: أنه يجب أن لا نبقى أسرى في ظل مبادئ نعتقد فيها أنها ثوابت عند أصحابها.
وكذلك لا يمنع أن يكون للشيعة أهداف سياسية وأطماع توسعية قد تتعارض شيئاً ما مع الأهداف اليهودية أو الأمريكية الصليبية فلكل أجندته، والمهم في الأمر أن أجنداتهم وأهدافهم تلتقي دائماً علينا، والتاريخ نقل لنا الحروب الطاحنة بين دولة الفرس والروم، ونقل لنا أيضاً مباركة الشيعة الفرس لهم لما كان التنكيل بنا. وأدوارهم المشبوهة في سقوط بغداد قديماً وحديثاً لا تغيب عنا، فالتاريخ يعيد نفسه، والثعبان مهما بدل من جلده، فسيبقى الثعبان هو الثعبان.
وشيعـة الأمس هم شيعة اليوم، وإن حاولوا التشكل بصور مختلفة، وقد ذكر بعـضاً من ذلك شيـخ الإسـلام ابن تيمية – رحمه الله (في مناهج السنة ج3صـ377): " لما خرج الترك الكفار من جهة الشرق وقتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد العراق والشام والجزيرة وغيرها، كانت الرافضة معاونة لهم على قتال المسلمين، ووزير بغداد العلقمي هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على المسلمين، وكذلك الذين كانوا بالشام بحلب وغيرها من الرافضة، كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين، وكذلك النصارى الذين قاتلوا المسلمين بالشام كانت الرافضة من أعظم أعوانهم، وكذلك إذا صار ليهودي دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم!! فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونوهم على قتال المسلمين ومعادتهم" أ.هـ ، فسبحان الله كيف يقرأ شيخ الإسلام المستقبل، وها هو التاريخ يشهد بذلك.
وشيعة لبنان من يوم أن بدأت تقوم لهم قائمة في السبعينات بقيادة الإيراني المقيم في لبنان والذي حصل على الجنسية اللبنانية المدعو "موسى الصدر" مؤسس وزعيم "حركة أمل اللبنانية الشيعية" وهم يديرون المؤامرات على منظمة التحرير الفلسطينية لإبعادها عن خط المواجهة مع اليهود في الجنوب اللبناني، والمضي قدماً على أضعاف المنظمة وتجريدها من سلاحهـا كل هذا لأنها كانت تمثل الثقل السني الفاعل في لبنان، مع ما فيها من خلل.
وهنا يجب أن ننتبه لأمر يغفل عنه أكثر الناس وهو أنه لا يلزم ألبته في كل من حارب أو عارض اليهود، أنه يرفع راية الجهاد الإسلامي المقدس، ويجب أن لا تنحرف جموعنا خلفه من غير وعي ولا بصيرة، فالطائفة المنصورة التى تقاتل اليهود هي ما عليه الرسول r من هدي وأصحابه، كما وصفها الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام، وليس مَنْ طعن في الرسول r وسب أصحابه الكرام وطعن في أزواجه الطاهرات.
نعم... إننا بكل تأكيد نفرح بنكاية "حزب الله" وغيرهم باليهود، وهو نفس القدر الذي فرحناه من إثخان "صدام حسين" لجمهورية "إيران الشيعية". وهو ذاته القدر الذي فرحه المسلمون بغلبة الروم على الفرس: في قوله سبحانه وتعالى: (ألم، غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون – حتى بلغ – ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله). فلما كان يوم بدر ظهرت الروم وغُلبت الفرس فأعجب ذلك المؤمنين لأنهم أهل كتاب.
ومع ذلك إذا أطعنا أنفسنا بالفرح المؤقت أو اللحظي فإنه فرح - وبلا شك - مشوب بالحذر لما لا يحمد عقباه، من مجزرة مترقبة للسنة في لبنان وفلسطينيو لبنان منهم خاصة، لأن هذه المخيمات الفلسطينية في لبنان تجمع غير مرضى عنه ألبته من جميع الطوائف، وهو يشكل لليهود قلق دائم وينتظرون تفتيته بأسرع وقت ممكن، أما النصارى والشيعة والطوائف الأخرى فإنهم يرون أنه رصيد إضافي لأهل السنة في لبنان، إن أحسنوا استغلالهم!!.
وأخيراً، من الوقفات التي لا بد أن تسترعي الانتباه أن الإسلام أمرنا بالجهاد كوسيلة لنشر عقيدة التوحيد وبسط نفوذه في الأرض، أما "حزب الله" فأي عقيدة سينشرها بعد فوزه وتمكينه في الأرض، وامتداده مع أطرافه الأخرى في إيران والعراق ثم سورية ذات القيادة النصيرية والحليف الأساس لهم في الشام، فإن هؤلاء جميعاً يرون أن أهل السنة "نواصب" ويكفروننا بالجملة، ويكفرون ثلة خيار أصحاب النبي r كأبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم، ويتهمون أزواج النبي r بالزني، ويطعنون في أغلب سنة المصطفى r ورواتها!! فإذا كانت هذه عقيدتهم، فهل يرجى من الماء الأجاج الري!!
وهـل يا تُرى سنشهد قريباً ومن جديد زحف جموع دولة العبيديين الفاطميين إلى بلادنا؟!
كتبه
جهاد آل عملة
1/8/2006م