المخدرات تجتاح حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

بواسطة "القدس العربي" قراءة 795
المخدرات تجتاح حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
المخدرات تجتاح حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

تعليق الحقيقة :

المفروض ان هؤلاء الفلسطينيين يقطنون في ظل "ولي فقيه" لبنان حسن نصرالله
 
وهو المتحكم الفعلي بقرار لبنان ويشن الحروب هنا وهناك من اجل المذهب ...ويتدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية
 
الا يجد هذا "الولي" حلا لمشكلة فلسطينيي لبنان وتخفيف معاناتهم والتقليل من سطوة قوانين الدولة اللبنانية بحقهم ..
 
لكن ليس هذا هو الدور المنوط بـ"ولي فقيه لبنان" ..
 

 

المخدرات تجتاح حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

شكل انتشار المخدرات على أنواعها داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان ظاهرة تهدد حياة اللاجئين الفلسطينيين، خاصة فئة الشباب، ليس بسبب انتشارها الواسع فحسب بل وبسبب تحول تجار المخدرات إلى قوة مسلحة يمكن لهم القتال والدفاع عن أنفسهم أمام المحاولات التي تجري أحيانا لملاحقتهم ومكافحة الظاهرة لما لها من مخاطر على الحياة العامة.

وشهدت المخيمات اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والمتوسطة والقذائف الصاروخية بين تجار المخدرات أنفسهم أو بينهم وبين الفصائل الفلسطينية، كان آخرها التي اندلعت داخل مخيم شاتيلا قرب العاصمة اللبنانية بيروت بين تجار المخدرات على خلفية الاختلاف على صفقات البيع. وقد اعتصم بعدها أهالي المخيم مطالبين بوضع حد لظاهرة إطلاق النار العشوائي من قبل تجار المخدرات، والتي “وصلت إلى حد لا يطاق” وطالبوا الفصائل الفلسطينية بالتحرك لوضع حد لتجار المخدرات ومروجيها، متهمين الفصائل في المخيم بالتقصير المفرط في التعامل مع التجار، الذين يروجون بضاعتهم في وضح النهار أمام مكاتبها، دون أن تحرك ساكناً لاعتقالهم وتسليمهم إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية.

وقد اختلفت الآراء والمواقف حول خلفيات وأسباب انتشار هذه الظاهرة، ومن يقف خلفها، إلا أنها تتفق على مدى الخطر الذي تسببه داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

بيئة حاضة

ورأى ماجد حمتو رئيس المجلس الأهلي لمكافحة الإدمان أن ظاهرة تعاطي المخدرات داخل المخيمات الفلسطينية أصبحت كبيرة وواضحة وخطيرة. مضيفا، ليس هناك سبب واحد ورئيسي لهذه الظاهرة وإنما هناك بيئة حاضة أكثر من غيرها والمشاكل التي يعاني منها أبناء المخيمات تساعد على تفاقم مشكلة تعاطي المخدرات، مؤكدا أن البطالة وعدم وجود فرص عمل هي من أكثر الأزمات التي يعاني منها الفلسطينيون بالإضافة إلى سوء الوضع الاقتصادي.

وتابع قوله، الواقع المأساوي الذي يعيشه أبناء المخيمات يدفع الشباب إلى سلوك طرق غير سوية منها تعاطي المخدرات بالإضافة إلى أن عدم توفر فرص العمل والتسرب المدرسي تدفع بالشباب إلى المخدرات.

ويعتقد أن تجار ومروجي المخدرات يعملون لتكريس هذه الظاهرة عبر مجموعات كبيرة من المروجين من أجل خدمة مشروعهم حتى استطاعوا الوصول إلى المدارس والطلاب هم أول فئة مستهدفة، حتى الأطفال تم استهدافهم.

وحول دور الفصائل الفلسطينية في مكافحة هذه الظاهرة أجاب أن منظمات المجتمع المدني عقدت الكثير من الاجتماعات مع القوى الأمنية الفلسطينية لإيجاد حلول وتم اقتراح تنظيم ندوات وبرامج توعية داخل المخيمات، مضيفا، الكثير من المؤسسات الفلسطينية تعمل على موضوع المخدرات والتوعية من مخاطرها بالإضافة إلى الكثير من الجمعيات التابعة لتجمع المؤسسات الأهلية التي تعنى بهذا الموضوع.

وفي استطلاع لآراء المعنيين، أكدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد” أن ظاهرة انتشار المخدرات داخل المخيمات الفلسطينية باتت خطيرة ولا يمكن التعاطي معها إلا بحملة واسعة وجدية.

وأشارت إلى ان الواقع الإنساني الّذي تعيشه المخيمات الفلسطينية في لبنان، في ظل الحرمان والفقر وارتفاع نسبة البطالة وزيادة نسبة العنوسة، وتراجع خدمات الأونروا، وانسداد أفق المستقبل أمام الشباب الفلسطيني، وتعاطي الدولة اللبنانية الأمني مع المخيمات الفلسطينية بدلاً من أنسنة تعاطيها معهم بما يخص حقوقهم الإنسانية ولا سيما حقهم بالعمل والتملك وغيرها من الحقوق الأساسية، كل هذه العوامل مجتمعة بالتأكيد ستكون بيئة غير صحيّة يمكن أن تنمو فيها الآفات الاجتماعية بما فيها المخدرات على سبيل المثال لا الحصر.

الهدف تدمير بنيان المخيمات

وأوضحت المؤسسة أن الأجهزة الأمنية اكتشفت مؤخرا عدة نقاط تخزين للمخدرات في بعض المخيمات الفلسطينية قرب بيروت ورأت أن من يقف وراء إدخال وتخزين هذه المواد السامة والعمل على ترويجها وسط الشباب اليائس سواء في المخيمات أو خارجها يستهدف في الأساس تدمير بنيان هذه المخيمات وتفتيت عضدها وإيصالها إلى مراحل اليأس والإحباط والتخلي عن قيمها الاجتماعية والأخلاقية، وصولاً إلى تدمير مقومات الصمود لديها في مواجهة تحديات الحياة والصمود في مواجهة مؤامرات نسف حق العودة.

واعتبرت المؤسسة الحقوقية الفلسطينية أن العوامل التي تساعد على أن يكون المخيم مركزاً للتخزين أو للتجميع وحتى للترويج هو أن هذه المخيمات متداخلة معظمها ضمن مجموعة من الأحياء التي يسكنها لبنانيون وسوريون وجنسيات آسيوية وافريقية مختلفة، ويجمع هذه الأحياء والمناطق جميعها مع المخيمات قاسم مشترك واحد هو الفقر والعوز وقلة فرص العمل ورأت أن هذا الوضع الديموغرافي والبنياني يشكل بيئة خصبة لتجار المخدرات.

بطالة ومقاهي

ونتيجة قلة فرص العمل وانسداد أفق المستقبل أمام شريحة كبيرة من الشباب الفلسطيني في لبنان سواء خريجي الجامعات والمعاهد العليا وحتى المتسربين من المدارس، فقد لجأ الكثير من الشباب لفتح بعض المقاهي في هذه المخيمات لتأمين فرصة عمل أو دخل مادي، هذه المقاهي يرتادها الكثير ممن لا تتوفر لهم فرص عمل من الشباب، إما لقضاء جزء من أوقات فراغهم، أو للترويح عن أنفسهم، وبدأت بعض هذه المقاهي تضع مواد مخدرة للشباب أثناء طلبهم للنرجيلة التي يستخدمونها داخل المقهى أو التي يتم طلبها وتوصيلها إلى منازلهم والهدف الأساسي من ذلك جعل الشاب يُدمن تدريجياً على المخدرات كي يتعلق بهذه النرجيلة والاستمرار في طلبها وبالتالي تسويق وبيع أكبر كمية ممكنة منها في اليوم، كما يشاع عنها أنها أماكن لصيد الزبائن وترويج الحبوب المخدرة الرخيصة الثمن كالكبتاغون والترامال وغيرها تحت عنوان أنها حبوب للصداع وغيره.

والمؤشرات التي بدأت تظهر للقيّمين في هذه المخيمات من لجان شعبية وقوى مجتمعية أنّ هناك تسريبا للمخدرات إلى المخيمات من الجوار وأن هناك تجاراً وضعوا المخيمات على خريطة تسويقهم لهذه المواد المدمرة، بعد ضبط بعض الأفراد في حالة هلوسة أو فقدان للوعي والبعض منهم تم نقله في حالات طارئة إلى المستشفيات ليتبين أنه تحت تأثير تعاطي المخدرات.

تخلي المجتمع الدولي عن اللاجئين الفلسطينيين

وحملت المؤسسة الفلسطينية المجتمع الدولي المسؤولية الرئيسية لحفظ الأمن الاجتماعي داخل المخيمات واعتبرت أن تخلي المجتمع الدولي عن اللاجئين الفلسطينيين وعدم سعيه الحقيقي لاستمرار تمويل الأونروا كي توفر لهم الخدمات بشكل كاف في مجال الصحة والتعليم والإغاثة والإعمار وتحسين أوضاع المخيمات لحين حل قضيتهم، فضلاً عن تجاهل جميع حقوق اللاجئين من حيث السعي الدولي لحل قضية لجوئهم بعد 70 عاماً، كل هذا الإهمال الدولي وتجاهل حقوق اللاجئين أدى بشكلٍ وآخر إلى تردي أوضاعهم الاقتصادية من حيث الفقر والعوز وبالتالي سهولة انتشار الآفات الاجتماعية وسط مخيماتهم كترويج وتخزين المخدرات.

كما حملت المؤسسة، الدولة اللبنانية المسؤولية تجاه انتشار آفة المخدرات وذلك من خلال فرضها لقيود مشددة على المخيمات الفلسطينية من حيث السماح بتوسعتها كي تصبح بيئة مقبولة للعيش الآدمي وتسمح لجيل الشباب بإنشاء الملاعب والنوادي الرياضية لممارسة هواياتهم وتفريغ طاقاتهم، فضلاً عن السماح لهم بإدخال مواد البناء لإعمار منازل لمن هم مقبلون على الزواج ومنحهم حق العمل والتملك وغيرها كي يتمكن هؤلاء من خط طريق مستقبلهم والعيش بكرامة وبالتالي هذه التسهيلات سوف تؤدي بالتأكيد إلى تخفيف المشاكل النفسية والاجتماعية التي تدفع بأصحابها للهروب من مشاكلهم اليومية إلى التورط بالمخدرات وبترويجها.

ورأت أن المسؤولية تقع أيضا على الفصائل الفلسطينية المتواجدة في المخيمات والتي حتى الآن لم تتمكن من وضع سياسة عامة تهدف ضبط المخيمات وحمايتها مما يداهمها من مخاطر سواء فوضى استخدام السلاح أو خطر استخدام هذه المخيمات لتخزين وترويج المخدرات وسط الشباب الفلسطيني.

مخاطر صحيّة واجتماعية

لا شك أن الشباب هم أكثر عرضة للإدمان لأن أجسادهم ما زالت في طور النمو ونتيجة للخصائص الكيميائية المتوافرة بها فيصبح تعاطيها نمطاً سلوكياً وخصوصاً إذا بدأ المتعاطي في عمر مبكر أي خلال مرحلة المراهقة، حيث تنمو أجساد الشباب بسرعة.

كما أوضحت المؤسسة الحقوقية أن تحول تعاطي المخدرات داخل المخيمات الفلسطينية إلى ظاهرة سوف يؤدي إلى مخاطر صحيّة واجتماعية كارثية على المجموع الفلسطيني، ستطال من دون شك ثوابت اجتماعية ووطنية كانت راسخة في بنية التفكير.

وأشارت إلى عدة عوامل لعبت دورا في توفير بيئة خصبة لانتشار الظواهر الاجتماعية لا سيما المخدرات. ولا يمكن القفز، بأي شكل من الأشكال، فوق ظروف التهميش والفقر والبطالة والتضييق التي تساهم في إيجاد هذه البيئة.

وأكدت الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان “راصد” أن المخدرات بأنواعها تجتاح حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في غياب سلطة القانون وتقاعس المسؤولين الفلسطينيين عن منع بيعها داخل المخيمات، وشددت على أنها من أخطر الظواهر التي تجتاح المجتمع الفلسطيني، وتهدد صحة أفراده لا سيما الشباب وتستنزف الأموال، وأن اللاجئ الفلسطيني يعاني أصلاً من الفقر والحرمان في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية، فرغم التهديدات والتحذيرات من خطورة وتداعيات هذه المواد المخدرة من قبل الأطباء ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أن بيعها لا يزال مباحاً ومنتشراً بلا حسيب أو رقيب لدرجة أنها أصبحت في أيدي الشباب دون الـ 18 من العمر.

وما يثير الحفيظة أن بعض المسؤولين الفلسطينيين داخل المخيمات يقومون بحماية ومساعدة تجار المخدرات بشكل واضح وعلني، وأيضاً يقومون باستقطاب المدمنين على المواد المخدرة واستخدامهم كدمى بين أيديهم لتمكين سلطتهم بدلا من تقديم العلاج لهم وإرشادهم عن مخاطر تناول هذه المواد.

إن هذه المواد وانتشارها بكثافة وبأسعار رخيصة داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان تضع إشارات استفهام كثيرة: من هو المسؤول، وما الهدف من الترويج، ومن المستفيد؟

ودعت جمعية “راصد” للوقوف عند هذه الظاهرة الخطيرة التي تتفشى يوماً بعد يوم في مخيمات الفلسطينيين، وطالبت بإطلاق حملة حقيقية وتحرك سريع لمنع بيع وتعاطي تلك المواد المخدرة والتحرك لتوقيف تجار هذه المواد وتقديمهم إلى القضاء اللبناني للتحقيق معهم وتشكيل لجنة تحقيق مشتركة من جميع الفصائل والقوى الفلسطينية واللبنانية لمعرفة من هم الذين يقومون بجلب تلك المواد وبيعها للشباب والفتية.

وأشار قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في مخيّم عين الحلوة بسام السعد، إلى أنّ المخدرات ظاهرة قديمة، ولكن في الآونة الأخيرة تفشت هذه الآفة بصورة واسعة وخطيرة لافتا إلى أن هناك أسبابا عديدة تجعل من الفئة الشابة ضحية الإدمان، فمن البطالة وقلّة فرص العمل للفلسطيني في لبنان، إلى الواقع المعيشي والاقتصادي المزري والاكتظاظ السكاني، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يُعانون من أمراض عصبية ونفسية فيتوهمون أن العلاج يكمن في تعاطي المخدرات.

وأوضح، أنّ انتشار المخدرات ينحصر في صفوف الفئة الشابة العاطلة عن العمل رافضا الصمت عن هذه الظاهرة الخطيرة التي تجتاح المجتمع الفلسطيني في لبنان.

حسب الآراء، يبدو أن لانتشار آفة المخدرات داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أسبابا كثيرة ومخاطر كبيرة ليس من السهل تداركها بعد أن أصبحت ظاهرة لها قوتها واستطاعت اجتياح المخيمات بصورة تهدد مستقبلها وتشوه صورتها وتحول الحياة فيها إلى جحيم لا يطاق، إلا أن المتخصصين والمعنيين والمسؤولين عن حياة اللاجئين وأمنهم يعلمون كيف يمكن مكافحة هذه الظاهرة ووضع حد لانتشارها بأساليب حتما متوفرة لكن المطلوب اليوم هو استخدامها وعدم الفرار والتراجع أمام خطر داهم يهدد الحياة داخل المخيمات ويهدد مستقبل الشباب.

 

المصدر : "القدس العربي"

8/4/1440

15/12/2018



مقالات ذات صلة