طوعا أو كرها.. «الميليشيات» الفلسطينية تقاتل إلى جانب «الأسد» في سوريا

بواسطة ساسة بوست قراءة 1173
طوعا أو كرها.. «الميليشيات» الفلسطينية تقاتل إلى جانب «الأسد» في سوريا
طوعا أو كرها.. «الميليشيات» الفلسطينية تقاتل إلى جانب «الأسد» في سوريا

مع بداية الثورة السورية تظاهرت العديد من الفصائل الفلسطينية في سوريا بـالحياد في موقفها من الأحداث، لكن ولاءها للنظام السوري الذي دفعها في السابق لقتل الفلسطينيين في لبنان، وترعرعها داخل أجهزة النظام السوري، سرعان ما كشف كذب هذا الحياد.

إذ سرعان ما جرت الاستعانة بتلك الميليشيات الفلسطينية المتواجدة بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مختلف الخارطة السورية؛ لتصبح كالسيف المسلط على الفلسطينيين، تزج بأبنائهم الفقراء للقتال في صفوف النظام، وتحاصر مخيماتهم، وتشرد سكانها، وتقتل من تشم منه رائحة تمرد ضد القتال مع الأسد.

ميليشيات فلسطينية تقاتل مع النظام السوري

تصنف الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام نفسها كـ(مقاومة علمانية تربط القومية العربية والممانعة السورية ضمن إطارها بالقضية الفلسطينية، وينسجم خطابها ونموذج (حزب البعث السوري القومي) المعادي للصهيونية).

تأسس قسم كبير منها داخل أجهزة النظام السوري؛ وذلك بهدف جعلها ميليشيات احتياطيّة تشارك النظام في القتال، وبالفعل شارك بعضها في القتال لصالح النظام على الأرض اللبنانية، وضد الفلسطينيين، خلال فترة حرب المخيمات، وبعد الثورة السورية انحصر نشاط هذه الميليشيات في القتال ضد فصائل المعارضة؛ حيث اهتم بتلك الفصائل أيضًا الإيرانيون الذين دعموها ماليًا وعسكريًا ولوجستيًا، ويمكننا هنا تقسيم هذه الفصائل إلى تسعة، هي:

1- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة

أحد أكثر الأذرع العسكرية غير السورية توحشًا في القتل ولاءً للنظام السوري، انشقت هذه الميليشيا عن الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش بعد عام من توحيد صفوفهما سنة 1968، فأسسها «أحمد جبريل» الذي بنى علاقات وطيدة مع النظام السوري الذي منحه مقرًا في دمشق.

 

مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد جبريل (المصدر: موقع قناة العالم)

 

بدأت هذه الميليشيا مع الأيام الأولى للثورة السورية في قمع الفلسطينيين والسوريين، وقامت بمهمة التجسس على أفراد أو مؤسسات مناهضة للنظام، وشهد مخيم اليرموك على تصرفاتها، ولم يزل؛ حيث تفرض عليه الجبهة حصارًا منذ عام 2012 تقريبًا، وهي الآن تشارك في معظم المعارك التي يخوضها النظام السوري في المناطق المحيطة بدمشق.

يذكر أن الجبهة شاركت في عمليات مخيم تل الزعتر عام 1976 بلبنان، فحاصرت المخيم ودكته بالصواريخ التي قتلت آلافًا من الفلسطينيين، كما شاركت في حصار ياسر عرفات في طرابلس بلبنان عام 1983، واشتركت مع «حركة أمل» اللبنانية في الحرب على المخيمات الفلسطينية، وذلك بين عامي 1985 – 1986؛ فتسببت في مقتل آلاف الفلسطينيين.

2- جيش التحرير الفلسطيني

الذراع العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية في سوريا وغيرها من الدول العربية، يُجنَّد فيه الفلسطينيون، بدلًا عن جيش النظام السوري النظامي، تأسس هذا الجيش في سبتمبر (أيلول) عام 1964، ومنذ العام 2015 أعلن رسميًا وقوفه إلى جانب قوات الأسد، حيث يصل تعداد مقاتليه إلى 60 ألف عنصر، يقودهم اللواء «محمد طارق الخضراء»، ويوجد بشكل مكثف في حلب ودمشق، ويقدر الراتب الشهري للمقاتل 400 دولار أمريكي.

ويتكون هذا الجيش من ثلاثة ألوية، هي: (حطين، أجنادين، القادسية)، وهو يفرض الخدمة الإلزامية على كل شاب بلغ الثامنة عشرة من عمره، ويتعرّض كل من يخالف ذلك للملاحقة والسجن، وقد أدت أساليبه الإجبارية للزج في القتال لصالح الأسد إلى حدوث انشقاقات واعتقالات وإعدامات في صفوفه.

3- لواء القدس الفلسطيني

تشكلت هذه الميليشيا وهي من أكبر الفصائل الفلسطينية التي تقاتل إلى جانب الأسد في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وتحديدًا في مدينة حلب؛ حيث شاركت قوات النظام القتال في معارك ريف حلب الغربي، وهي تصنف تحت اسم «القوات الرديفة»، الاسم شبه الرسمي للميليشيات المقاتلة إلى جانب النظام السوري.

 

عناصر من لواء القدس (المصدر: موقع بلدي نيوز)

 

ويقود هذا اللواء «محمد السعيد»، ويقدر عدد عناصره بـ3500 عنصر، معظمهم من أبناء مخيمي النيرب وعين التل في ريف حلب، وتعادل رواتبهم الشهرية 100 دولار أمريكي، حيث يستغل الفقر وتردى الأوضاع ليغري الشباب من أبناء النيرب برواتب مالية منتظمة، وتنتشر قوات هذا اللواء في مناطق «حندرات» شمالي حلب، وعلى جبهة جمعية الزهراء غربي حلب، ويدعم اللواء من إيران ومن فرع الاستخبارات الجوية، ويعتبر صاحب الكلمة الأولى في حلب من جهة النظام له.

4- قوات الصاعقة

تعرف أيضًا باسم «طلائع حرب التحرير الشعبية» ولديها شعار هو «الجمجمة«، تأسست عام 1968 بعد اندماج عدد من المنظمات الفدائية، وقد انخرطت قواتها في القتال إلى جانب النظام السوري منذ عام 2012، وتشارك هذه الطلائع الآن في الحصار المفروض على مخيم اليرموك، وفي معارك ريف دمشق الغربي، ومناطق القلمون، وريف السويداء.

5- ميليشيا فتح الانتفاضة

انضم هذا التنظيم للقتال إلى جانب النظام السوري منذ عام 2012، وتشارك عناصره في الحصار المفروض على مخيم اليرموك، بالإضافة إلى دوره في المعارك التي استعادت مخيم خان الشيخ ومنطقة وادي بردى بريف دمشق الغربيوهوتنظيم فلسطيني مسلح تأسس عام 1983، له مقراته في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان منذ تسعينات القرن الماضي، وقد شاركت هذه الميليشيا – بعد إنشقاقها – في معارك ضد الفلسطينيين الموالين لياسر عرفات في لبنان.

6- جبهة النضال الشعبي فلسطين

شاركت هذه الجبهة التي تأسست عام 1967 في القتال إلى جانب النظام السوري، منذ عام 2013 تقريبًا، وقامت كغيرها من المنظمات الفلسطينية ذات التوجه اليساري بفرض حصار خانق على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشقكما أدت دورًا في معارك ريف دمشق الغربي لصالح النظام، وبالتحديد في مخيم خان الشيخ، حيث استعاد النظام السوري السيطرة عليه، وقام بتهجير سكانه قسرًا إلى شمال سوريا.

7- قوات الجليل

يرجع تأسيس هذه الميليشيا إلى مايو (أيار) عام 2011، حين قاد الفلسطيني فادي الملاح تلك القوات التابعة لمنظمة «شباب العودة الفلسطيني» للقتال مع النظام، وشكل أغلب عناصرها من مخيم خان دنون للاجئين الفلسطينيين، الواقع على بعد 23 كم إلى جنوب دمشق.

8- ميليشيا الحزب الفلسطيني الديمقراطي 

تشارك هذه الميليشيا النظام السوري في القتال ضد المعارضة السورية، وضد الفلسطينيين الذين تحاصر مخيماتهم، وفي جبهات أخرى، ولها جناح عسكري يسمى «سرايا العودة والتحرير»، يتزعمها الفلسطيني مازن شغير.

 

 

9- حركة فلسطين حرةّ

شكل الفلسطيني «ياسر قشلق« ميليشيا فلسطينية عام ٢٠٠٨، ولأنها ميليشيا داعمة للنظام السوري، فسرعان ما شاركت في القتال معه ضد الثوار السوريين بزعامة العسكري «سائد عبد العال»، وقد خسرت العديد من عناصرها في المعارك التي وقعت في المخيمات الفلسطينية.

لماذا يتفاخر النظام السوري بقتال الفلسطينيين إلى جانبه؟

إن عددًا من الفصائل الفلسطينية تقاتل مع الجيش العربي السوري، لأن معركتنا وهويتنا ومستقبلنا واحد.. علينا أن نعمل جميعًا مع مخيم المقاومة لكي نحرر أمتنا من التبعية. *جزء مما قالته مستشارة النظام السوري للشؤون السياسية والإعلامية، بثينة شعبان.

تصريح شعبان تصريح يؤكد على نهج النظام السوري في توظيف الميليشيات الفلسطينية حتى رمقه الأخير، وتعمل على ذلك وسائل الإعلام التابعة له، ففي 12 من يوليو (تموز) 2017، نشرت جريدة «الوطن» التابعة للنظام مقابلة مطولة مع رئيس هيئة أركان ما يُسمى «جيش التحرير الفلسطينيّ»، طارق الخضراء، الذي تفاخر بالقول: «أنا مَن طلب المشاركة – في القتال إلى جانب النظام – من وزير الدفاع ورئيس الأركان في الأشهر الأولى للأحداث، وكان الجواب: علينا التريث، وعندما نحتاج سنطلب. وكررت الطلب بعد عدّة أشهر، حيث كانت الظروف مهيئة لضرورة المساندة والمشاركة والمساعدة؛ فكانت رغبة القيادة في أن يتولى جيش التحرير حماية المنشآت الوطنية، وكان لنا دور في التصدي لعدة محاولات لتخريب تلك المنشآت«.

 

 

وتابع القول»: مع تصاعد محاولات الاعتداء، بدأنا نتصدى لهم عن بعد، وبدأنا نشارك الجيشَ العربيّ السوريّ في الانتقال إلى أعمال هجوميّة وأعمال اقتحامات في مختلف المناطق، منها ريف السويداء الشمالي، ومنطقة مطار خلخلة، وتم صد الهجوم في تلك المنطقة ومنع الإرهابيين من الوصول إلى مطار خلخلة، وكبدناهم خسائر فادحة«.

وقد ساعدت، القوانين التي كانت تطبق على الفلسطينيين قبل الثورة، في تسهيل عملية انضمام الفلسطينيين للقتال إلى جانب النظام؛ إذ كانت تفرض الخدمة العسكرية على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا منذ عقود، وهي مماثلة في مدتها لما يفرض على المواطن السوري، أي لمدة عامين، لكن مع الظروف الحالية، فمن لم يتمكن من الهرب إلى مناطق المعارضة أو السفر خارج سوريا، يكون من السهل إجباره على الانضمام إلى صفوف المقاتلين لصالح النظام.

وكانت تلك الضغوط تزداد مع زيادة حاجة النظام للعنصر البشري، يقول الناشط الفلسطيني، والمحامي، أيمن فهمي أبو هاشم: إنه «منذ بداية اندلاع الحراك الثوري، عمل النظام السوري على مسارين متلازمين بما يتعلق بجيش التحرير الفلسطيني، الأول: تصفية أي صوت من داخل هذه المؤسسة يدعو إلى تحييد ألوية وكتائب جيش التحرير عن الصراع الناشب بين السلطة وقوى الثورة، وهذا ما ظهر في عمليات اغتيال طاولت العديد من الضباط في الفترة الأولى من الثورة«.

 

 قوات النظام السوري (المصدر: شبكات التواصل الاجتماعي)

 

 وفيما يتعلق بالمسار الثاني يضيف أبو هاشم لـ«العربي الجديد» أن النظام حول جيش التحرير الفلسطيني إلى أداة عسكرية يسيطر النظام عليها من كافة الجوانب: المالية، واللوجستية، والتنظيمية، والتدريبية. و قام في زمن الثورة باستخدامها كإحدى أدواته في المواجهات العسكرية على العديد من الجبهات السورية، لا سيما في جبهات ريف دمشق والسويداء، وفي كثير من الأحيان كان يتم الدفع بعناصر جيش التحرير إلى المقدمة للتضحية بهم، ونقلهم إلى الجبهات المشتعلة، وكان ذلك يتم بتواطؤ من قيادة الفصيل.

الميليشيات تزجّ بالفلسطينيين للقتال بالإكراه

يعاني النظام السوري من نقص في عدد قواته، وقد كان اللاجئون الفلسطينيون في سوريا أول من سيق إلى الخدمة العسكرية كرهًا في أغلب الأحيان للخدمة العسكرية لصالح النظام، يحدث ذلك من خلال حملات اعتقال يقوم بها النظام في صفوف الشبان الفلسطينيين، حين يلتقطون من شوارع المدن والمخيمات، وينقلون فورًا إلى القطعات العسكرية، حتى دون الخضوع لدورة تدريبية.

وينقل موقع «العربي الجديد« حكاية الفلسطيني السوري «سعيد. ع» الذي نزح إلى تركيا من مخيم اليرموك، يؤكد الرجل الذي اعتقل شقيقه للخدمة العسكرية، ولا يعرف حتى الآن مصيره، أنه قد استوقفتهما دورية مشتركة لقوات الأمن وعناصر الجبهة الشعبية – القيادة العامة، وطلبوا البطاقات الشخصية الخاصة بهما، مع دفتر الخدمة العسكرية.

 

 

ويشير إلى أنه »أبرز لهم بطاقته والدفتر، وفيه أنه أدى الخدمة العسكرية، لكن شقيقه لم يكن يحمل دفتر الخدمة، فأخذوا بطاقته واقتادوه معهم، وقد حاول أن يقنعهم بأن شقيقه أدى الخدمة العسكرية، وأن سنّه يقارب الأربعين ويعاني من أمراض، لكنهم لم يصغوا إليه، وهددوه بأنهم سيأخذونه هو أيضًا إذا لم ينصرف فورًا. «

كانت الفصائل الموالية للنظام سيفًا مسلطًا على رقبة كل من يرفض القتال مع النظام؛ حيث تقوم هذه الميليشيات بالتعاون مع المخابرات السورية، فتقدم أسماء أبناء المخيمات الفلسطينية بتهمة التخلف عن الخدمة الإلزامية، وتساعد النظام في ملاحقتهم تحت ذريعة تعاونهم مع مجموعات المعارضة أو معارضته للنظام.

وحين رفض البعض هذا النهج، حدثت انشقاقات واعتقالات وإعدامات في صفوفهم، وقتلت تلك الميليشيات عناصر وقادة رفضوا المشاركة في الأعمال القتالية، من أمثال العميد الركن رضا الخضرا قائد قوات حطين، والعقيد عبد الناصر المقاري وهو قائد كتيبة في جيش التحرير، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي أقدمت قوات النظام على إعدام خمسة ضباط من «جيش التحرير» في بلدة قطنا بريف دمشق؛ بعد رفضهم إرسال عناصرهم إلى محافظة درعا للمشاركة في المعارك ضد المعارضة.

وتشتهر أيضًا قضية «إعدامات الفرقة الرابعة« حيث اتهم النظام بقتل مجموع من المتطوعين الفلسطينيين المقاتلين إلى جانبهم؛ بعد اتهامهم بالتردد في القتال، وذلك بعد أن اضطر هؤلاء للانضمام لصفوف النظام اتقاء لمخاطر الاعتقال التعسفي، فرغبوا في العمل على الحواجز أو ما شابه، ولكنهم حين امتنعوا عن الذهاب إلى جبهات القتال ضد مجموعات المعارضة المسلحة، وسلموا أسلحتهم، قُتلوا برصاص عناصر قوات النظام السوري.

 

المصدر : ساسة بوست

23/6/1939

11/3/2018



مقالات ذات صلة