رسالتي إلى حماس

بواسطة أحمد النعيمي قراءة 1813

 

رسالتي إلى حماس

أخوكم: أحمد النعيمي

إلى الأخوة الأعزاء في حماس، هذه كلمات من أخ محب، ومفتخر ومعتز بكم، وببطولاتكم الفذة التي أبت أن تسكين للمحتل اليهودي الصهيوني الغاصب، ورفعت في وجهه السلاح مدة طويلة من الزمن، وأدخلت الرعب في قلوب اليهود المغتصبين، وفعلت فعلها فيهم بإذن الله، فاشفت صدورنا وأذهبت غيظ قلوبنا، ولكن في السنوات الأخيرة بدأنا نلاحظ اختلافاً وتغييراً عن هذا النهج البطولي، وبعودتنا إلى بدايته لعلمنا أن هذا كان مرتبطاً بالدخول في العملية السياسية من جهة، ومن جهة أخرى بعد تحول المقاومة الإسلامية حماس إلى اتجاه ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة، فمنذ تلك اللحظات اختلفت الأمور وتغيرت، وبدأنا نلاحظ ميلاً منكم نحو الهدوء والاستكانة، ولذا كانت هذه الكلمات، من أخ محب لإخوته، لأن من الواجب على الأخ أن ينصح لأخيه، ويأخذ بيده إلى الصواب، ويحذره من الأخطار التي تعتريه، بل الدين هو النصيحة، ولا خير فينا أن لم نقلها لكم، ولا خير فيكم أن لم تسمعوها منا. 

إخوتي في الله: لا يخفى عليكم الدور العميل الذي تقوم به إيران وأذنابها من خيانة لله ولرسوله، وتعاون مع المحتل الأمريكي في العراق وأفغانستان، وهذه حقائق لا يستطيع أحد أن ينكرها، كما هو شان كثير من الحكومات العربية، يثبتها الواقع من استلام أذناب إيران في كابل وبغداد، لحكومات الخيانة والعمالة التي صنعت تحت رعاية الاحتلال الأمريكي، بالإضافة إلى التصريحات الفاضحة والعلنية لقيادات إيران بأنها قدمت المساعدة لقوات الاحتلال الغربي ولولا دورها في كابل وبغداد ما تمكنت قوات الاحتلال من دخول كابل وبغداد، وكذلك ظهور العديد من الكتب التي تناولت حقيقة هذا الدور الخياني لإيران، المتخفي وسط كل هذه الحقائق تحت مسمى المقاومة الكاذب، ومن أهم هذه الكتب الكتاب الشهير الذي ألفه بارسي خبير العلاقات الدولية الأمريكية الإيرانية (1) والذي حمل عنوان "التحالف الغادر: المعاملات السرية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية" وأكد فيه أنه كانت تجري مفاوضات بين إيران وأمريكا في العديد من الدول الغربية، ومنها مؤتمر أثينا عام 2003م، ومنذ بداية عام 2001م وتحديداً بعد تفجيرات الحادي العشر وإيران تحاول إجراء صفقة كبرى مع الأمريكان تنفذ به جميع ما تطلبه الإدارة الأمريكية، مقابل تعهد الأمريكان بتنفيذ الطلبات الإيرانية، وكانت إيران من خلال هذه الصفقة تحاول التركيز على ثلاث نقاط رئيسة وهي برنامجها النووي، وسياساتها تجاه إسرائيل، ومحاربة القاعدة، وتم هذا عبر وسيط سويسري يدعى "تيم غولدمان" نقله بدوره إلى وزارة الخارجية الأمريكية، ومن الأمور التي تضمنتها الوثيقة السرية الإيرانية لعام 2003م والتي مرت بمراحل عديدة منذ 11 أيلول 2001م ما يلي:

أولاً: عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لتحقيق الأمن والاستقرار، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية، وحكومة غير دينية.

ثانياً: عرض إيران شفافية كاملة للتأكيد أنها لا تطور أسلحة دمار شامل، والالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدون قيود.

ثالثاً: عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة والضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضد المدنيين الإسرائيليين داخل حدود العام 1967م.

رابعاً: التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.

خامساً: قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002م أو ما يسمى "طرح الدولتين" والتي تنص على إقامة دولتين والقبول بعلاقات طبيعية، وسلام مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967م (2).

وهذه الأمور الخمسة جميعها قد تمت في أغلبها على أرض الواقع، حقيقة وواقعاًٍ، فإيران الآن تتحكم بالعراق كاملاً، سواء من طريق أذنابها، أو من طريق مخابراتها، وذلك كما أكد لي أحد السجناء السابقين في سجن أبو غريب، أنه حقق معه عنصران من المخابرات الإيرانية، ولكنها لم تحقق الأمن، وإنما أفسدت الأرض والعباد، ونشرت القتل والتعذيب بحق المسلمين في العراق، والتي كان آخرها قتل أحد السجناء، ومن ثم إشاعتهم هربه، وما فضيحة السجن السري عنا ببعيد، وإنشاء حكومة عميلة للمحتل الأمريكي بصناعة إيرانية، تدعي الديمقراطية، وتنشر الرعب والتدمير في أوصال العراق. وكذلك تعاون إيران بكل احترام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي أكدت في أكثر من مناسبة سلمية المشروع النووي الإيراني، وما مسألة العقوبات الجديدة إلا محاولة لذر الرماد في العيون، وإخفاء العلاقات الخفية القائمة على قدم وساق بين الصهاينة والإيرانيين والأمريكان.

وبعرض إيران وقفها دعم المجموعات الفلسطينية المقاتلة من أجل إيقاف عميلاتها داخل أراضي 1967م فقد تم من مدة طويلة، ولم تعد تجري أي عملية استشهادية كما كان سابقاً، وأما عن تحويل حزب الله إلى حزب سياسي منخرط في الإطار اللبناني، فقد جاء في كتاب بارسي، قوله: "إن احد أسباب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000 هو أن إسرائيل أرادت تقويض التأثير والفاعلية الإيرانية في عملية السلام، من خلال تجريد حزب الله من شرعيته كمنظمة مقاومة بعد أن يكون الانسحاب الإسرائيلي قد تم من لبنان (3)، وهذا ما أكد عليه الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي، بقوله: " ربما بعض الناس يفاجأ بهذا الكلام أو يستغرب أو يحاول أن لا يصدق، الحقائق بسيطة من أراد أن يتثبّت – أي من كون أن حزب الله قد بات حارساً لحدود المحتل اليهودي – فباستطاعته أن يأخذ سلاحاً ويتوجّه إلى الحدود، ويحاول أن يقوم بعملية ضدّ العدو الصهيوني، لنرى كيف يتصرّف الرجال المسلحون هناك! لأن كثيرين ذهبوا إلى هناك، والآن هم موجودون في السجون! اُعتقلوا على يد هؤلاء المسلحين، إذا حرس.. يمكن لقائل أيضاً: هناك أطلاقات نار بين شهر وآخر، بين شهرين وثلاثة وعشرة.. هذه ليست مقاومة (4)"، ويضيف في تصرح لجريدة الشرق الأوسط:" لقد بدأت نهاية هذه المقاومة مذ دخلت قياداتها في صفقات كتفاهم تموز1994م وتفاهم نيسان 1996م الذي أسبغ حماية على المستوطنات وذلك بموافقة وزير خارجية إيران (5)" والتي كان آخر هذه التفاهمات قرار الأمم العدوانية رقم 1701 بعد حرب تموز المزعومة، والذي جعل من حسن نصر الله، شيئاً كأي حكومة عربية أخرى، لها اتفاقيات ومعاهدات لا يمكن أن يتجاوزها بأي حال، وهذا ما أكد عليه العميد سلطان أبو العينين في مقاله:"حزب الله يحبط عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب" ونشر في جريدة "القدس العربي" جاء فيه: "إن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في أيار تم ضمن ترتيبات أمنية واتفاق أمني بأن لا تطلق طلقة واحدة علي شمال فلسطين من جنوب لبنان، وهذا الاتفاق يطبق منذ الانسحاب الإسرائيلي، فلم يتمكن أي مقاوم من اختراق الحدود الشمالية وجرت أكثر من محاولة من جميع الفصائل الفلسطينية وجميعها ضبطت من حزب الله وقدمت إلى المحكمة (6)" وبالتالي تحول هذا الحزب إلى حزب سياسي منخرط تماماً بإطار لبناني، وترك المقاومة إلى غير رجعة، وإن كانت فقط بخطابات نارية كما هو شان سيدته إيران.

والأخطر من كل هذا حقيقة يتجاهلها الجميع ويصرون على  إغلاق آذانهم عن سماعها، فضلاً عن التدبر بها، والتعمق خلف مراميها، وذلك في تصريحات نائب الرئيس الإيراني السابق وصهره "رحيم مشائي" بأن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي، ما من أمة في العالم عدو لنا، وهذا فخر لنا (7)" والفضيحة الصارخة للرئيس الإيراني نجاد باعترافه أنه مستعد للقبول بدولة إسرائيل، في تصريح لصحيفة "نيويورك ديلي نيوز" الأمريكية، يوم 24 سبتمبر2008م!! لتبقى نقطة واحدة لم تتحقق من ضمن البند الخامس، وهي أن تجر إيران حماس بزعمها، إلى الموافقة على إقامة دولتين والانخراط في عملية السلام، وإقامة علاقات طبيعية مع الصهاينة المغتصبين، والاعتراف بدولتهم المسخ مقابل انسحابهم إلى حدود1967م، وبذلك تكون إيران قد حققت الخطة الخبيثة والقرارات الخفية التي تجري بينها وبين اليهود والأمريكان، من تحويل الجماعات المسلحة في فلسطين ولبنان إلى جماعات منخرطة في العملية السياسية ومؤطرة بإطار قومي بحت.

وهو ما ينتظر الأخوة في حماس فبعد توقف عملياتهم الاستشهادية، وانخراطهم في العملية السياسية ضمن إطار فلسطيني كما وانخرط حسن نصر الله بعد توقيعه القرارات التي أكدت انخراطه في إطار لبناني بحت، وإن كان ما جرى من سيطرة حماس على غزة قد أجل هذه الخطوة قليلاً، ولذا جاءت فكرة تسيير القوافل نحو غزة، محاولة لإحراج حكومة حماس لتنخرط في عميلة سياسية جديدة، وتوقع على نفس الاتفاقيات التي وقع عليها حسن نصر الله، وتتأطر بإطار فلسطيني بحت بعيداً عن المقاومة والجهاد.

فما جرى من هذه السفن لم يكن لرفع الحصار، حتى وإن كانت نية البعض صافية وطيبة، وإنما كان إعادة تسليط الضوء أكثر على الحكومة الإسلامية في غزة، وهي في موقفها بين وبين، لا هي ترفع سلاح ولا هي تعترف بما يعترف به جيرانها، منهم الطبل الأجوف في لبنان، ومثل هذا حدث أيام الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني، حيث صوت مجلس المبعوثان على القتال وعلى رأسهم الأرمن النصارى واليهود، مما كان له نتائج وخيمة دفعت بالجيوش العثمانية إلى التمزق والشرذمة أكبر مما كانت تعانيه أثناء نهاية دولة الخلافة العثمانية، وهذا الأمر يتكرر الآن، في مسالة إرسال السفن والتي أعادت على الساحة قضية توقيع الورقة المصرية بشكل أكبر، حتى وصل الأمر إلى أن هناك وفداً أمريكا سيلتقي حكومة حماس في أحد الدول العربية، كما أرادت لهذا دولة تركيا المتحالفة وبشكل كبير مع دولة الاغتصاب، والتي لم تفعل شيئا إزاء مقتل الأتراك على سفن الحرية، سوى زوبعة من الكلام فقط، وسط كلام عن عودة وفد يهودي إلى تركيا من أجل إعادة العلاقات بين الدولتين إلى ما كانت عليه، ولإيران كذلك أكبر الأثر في هذا الدور من اجل إتمام هذا الدور الخبيث، من خلال العمل على إضعاف الروح المعنوية لحركة حماس وشعب غزة المقاوم والصابر، بدءاً من وعودها بالنصرة لهم من خلال إرسال الحرس الثوري وتراجعها بعدها، ومن ثم إكمالها هذه التخاذل بإعلانها التراجع عن إرسال السفينتين محتجين بخوفهم من الصهاينة، ما يجري مؤامرة من إيران وأذناب اليهود المغتصبين من حكامنا، لتحقيق ما يسمى إقامة دولتين، والاعتراف بالصهاينة المحتلون بعد انسحابهم إلى حدود1967م. وما كل هذا إلا مشاركة منهم للعدو بالحرب النفسية والمعنوية والمادية التي تجري بحق أهلنا في غزة. وما هو إلا لإتمام ما التزموا به للغرب واليهود الصهاينة، بأن ينزعوا من إخوتنا في حماس السلاح، ويجعلوا منهم حركة كحركة فتح أو أسوء حالاً، وتحويلهم من مجاهدين إلى خانعين، كما هو حال الطبل الأجوف في لبنان، لأن من يمشي بهذا الطريق يخاف عليه نهايته، وما بني على خطأ فنتيجته الخطأ، والله طيب لا يقبل إلا طيباً.

الأخوة في حماس:لا يخفى عليكم كذلك أن إيران لا هم لها إلا الاستهزاء بآيات الله واتخاذها هزواً، ويكفرون بيننا ليل نهار، ويسبون صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويتهمون زوجاتها بالفاحشة، ويكفرون كل من لا يقول بولاية علي – رضي الله عنه – ، وكان أن فضحهم الله من أيام بفضيحة زلزلت الحوزات، واثبت للعالم أجمع أنها بيوت دعارة، ونحن نجالسهم، ونمدحهم، والله يقول لنا: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً" النساء140، ويقول الله مبينا حالهم: "الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً" النساء141، فكان حرياً بنا أن نعمد إلى نبذهم، واتخاذهم أعداء لنا بدل أن نعيش في أكنافهم ونمدحهم ليل نهار، وهم لم يقدموا لنا أي شيء، حتى في مجزرة غزة الأخيرة، والتي راح ضحيتها الآلاف من النساء والشباب والأطفال والمجاهدين، لم تحرك تلك الدول الخائنة أي حركة، لتساعدكم بهذا بل أن نصر الله الذي كان يصرخ ويولول أنه لن يسامح من يتآمر على غزة، ويطبل ويزمجر، عاد للبكاء والعويل، بعد يوم من كلامه السابق عند انطلاق صواريخ المجاهدين من لبنان لتخفيف الضغط عنكم، ويحلف أغلظ الإيمان بأنه لم يطلقها، مما حدا بالصهاينة إلى أن يربتوا على كتفه ويكفكفوا دموعه ويؤكدوا له بأنه ليس الفاعل!!

إخوتي في حماس: قصة طريفة حصلت مع صديق لي لا باس هنا أن أقصها عليكم، فلصديقي مزرعة كبيرة جداً، ولديه قطعان من كل الأنعام، والله فتح عليه من فضله، أغراه رفقاء السوء في يوم من الأيام، بأن يزرع نباتاً يستخدم كمادة مخدرة ويجلب له محصولاً وفيراً، وراقت له الفكرة وزينها له الشيطان، وبالفعل بدأ يجهز الأرض لزراعتها، وصار يسقيها ويتابعها بالرعاية والعناية، مترقباً ربحاً وفيراً سيجره له هذا الموسم، وما أن بدأ الزرع ينمو ويخرج، إلا بدأت المواتير التي تنقل الماء إلى هذا الزرع بالتوقف، وكلما ينتهي من إصلاح ماتور يتعطل الذي بجانبه، وهكذا.. مرت عدت أيام على هذه الحالة، ولم يصل الماء الذي كان يحتاجه الزرع، إلا قليلاً، وبدأت تصفر الأوراق وتميل إلى الذبول، وما عاد المهندسون يخرجون من مزرعته، فكر صديقي بالأمر طويلاً، ثم بعدها قرر أمراً، لن يتراجع عنه أبداً، فتح أبواب حظائره للبقر والغنم، لكي يتخلص من هذه المادة المخدرة، التي سببت غضب الله تعالى ومقته، وبمجرد أن أعطى أوامره بهذا، وفتحت الأبواب، عادت الحياة إلى المواتير من جديد، وكأن لم يكن بها شيء من قبل.

ولا يخفى عليكم أن هذا هو واقعنا، مواتيرنا متوقفة، لأننا نعمل أعمالاً تغضب الله تعالى منا، فمثلاً أحدكم في إيران، يدعو الخامنئي أمير المؤمنين، وهو يسب ويكفر صحابة رسول الله ليل نهار، ونضرب بآيات الله عرض الحائط، وحاشاكم فهذا مؤكد ليس قصدكم، ولهذا بتنا نخرج من ذل إلى ذل، ومن هوان إلى هوان، ميعنا العقيدة في نفوسنا، باسم دعوة السياسة والكياسة، فأي سياسة تكون تلك ونحن نخالف بها مبادئنا وعقيدتنا، وأي كياسة تلك؟! وهم يقتلون إخوتكم في العراق وأفغانستان، تحت العمالة للمحتل الأمريكي والغربي، أليس الجسد الإسلامي الواحد يتطلب منكم أن تسهروا بالدعاء للحمى التي أصابت إخوتكم على أيديهم، بدل معاونتهم على سفك هذه الدماء، وتغطية جرائمهم ودعوتهم أمراء للمؤمنين، وهم في واقع الأمر خونة وعملاء!! فأي سياسة تلك؟! والله يبغضها ورسوله، وأي كياسة تلك ولا يرضى بها أي حيوان، ويدافع عن نفسه ويرد الاعتداء عنه، واسأل قطاً كيف يفعل إذا ما حوصر، فبعد أن يكون كيساً تراه يتحول إلى نمر متوحش إذا اعتدي عليه أو على أطفاله، وهو القط الأليف!! فبالله ماذا ستقولون لله عندما تأتي هذه الضحايا يفور الدم من عروقها، وتقول لكم: يا رب اسأل هؤلاء لم وقفوا مع من قتلنا، وعلام قتلنا!؟ ماذا ستقولون لتلك الضحايا وهي تقتل ليل نهار في العراق وأفغانستان ماذا ستجيبون ربكم!؟ هل ستقولون له يا رب من أجل مصلحة دنيوية اتخذتموهم أولياء لنا، وهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين؟!

استخدام السياسة والكياسة لا يعني أن نميع العقيدة، ونضرب بأوامر الله لنا عرض الحائط، والله يقول لنا: "إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" الممتحنة9، استخدام السياسة لا يعني أن نتخذ الشياطين الذين يكفرون بآيات الله ليل نهار، ويكذبون أقوال الله سبحانه وتعالى فيمن زكاهم الله ورضي عنهم، وبشرهم بالجنة أولياء من دون المؤمنين!! استخدام السياسة لا يعني أن نقعد مع الذين يكفرون بآيات الله ويستهزئون بها، ونجالسهم ونمدحهم، ونفتخر بهم، وهم اقل الناس مكانة، ومنزلة.

وعلى تبرير هذه السياسية، والقول بأن الناس قد تخلوا عنكم، وليس لنا إلا هذا الطريق!! فأين نحن من رسول الله، وأين نحن من قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك" إن هذا الحديث لو رسخ في قلوبنا، لعلمنا أنه لو تخلى عنا أهل الأرض جميعاً، فإن الله معنا، ولن يخذلنا. ولن نهان ولن نذل أبداً.

أما الدخول تحت حكم أنظمة طاغوتية تعتمد قرارات مجلس الظلم والعدوان مرجعاً لها من دون الله، فإنه لن يؤدي بنا إلى أي نتيجة، فانظروا إلى النهج الطالباني الذي رفض أن تكون هذه الطواغيت مرجعاً له، واجتمعت عليه أمم الأرض كلها، فما استكان وما تردد، وما توقف عن الجهاد ضدهم، فنصرهم الله وثبت أقدامهم، وألقى الرعب في قلوب أعدائهم، بعد أن تخلى عنهم الناس جميعاً، ولكنهم اعتصموا بالله، وما خاب من اعتصم والتجئ إلى الله، وهو النهج الرباني الصحيح الذي أراده الله منا، وهو الطريق الذي ارتضاه الله لعباده، لا أن نميع العقيدة تحت مسميات أن السياسة تتطلب منا هذا، كما يفعل البعض والذين انغمسوا في العملية السياسية إلى آذانهم محتجين بأنهم يريدون خدمة الله ورسوله، فبمشاركتهم سقطت مئات العشرات من الضحايا وزج بمئات الآلاف في السجون العراقية، واقصد بهم الحزب الإسلامي في العراق، والتي كان آخر هذه الضحايا السجين الذي قتل على يد هؤلاء الخونة تحت التعذيب البارحة، ومن ثم ادعوا بعدها أنه هرب من السجن، بعد أن تخلصوا منه، ومزقوه إرباً، فليت أنهم ناءوا بأنفسهم على هذه المشاركة، التي حولتهم بعدها إلى خيانة الله ورسوله وانضمامهم لتشكيل الصحوات، التي وجدت لقمع المقاومة في العراق، ثم بعدها كانت نتيجتهم الطرد والتعذيب والقتل، والملاحقة، فأي شيء فعلوه لخدمة المسلمين؟! وما زالوا المسلمون يقتلون على يد أذناب إيران في العراق، والتي كان آخرها دعوة الأمم العدوانية الحكومة العميلة في العراق إلى عدم استخدام التعذيب في السجون، ومن غير هؤلاء المجرمين شرعن للمحتل هذا الاحتلال، واقر هذه الجرائم!! وأقول: أن الدخول في السياسية والأنظمة الطاغوتية، يجعل من العابد شيطاناً، إذا لم يتداركه الله برحمته، أياً كان؟! ولذا فإذا أردتم أن يرحمكم الله برحمته، وينالكم رضاه فاتركوا هذا الأمر، واعمدوا إلى ما عمد إليه جنود وأبطال طالبان الذين يذيقون المحتل مرارة جرائمه، والتي كان آخر انتصار لها إقالة قائد القوات الأمريكية، والذي أجريت مسرحية قبل أن يقال مدعين أن سبب الإقالة أنه تهجم على بعض الأعضاء في الحكومة الأمريكية، ولكن تبين بعدها أن سبب الاستقالة انه أرسل تقريراً سلبياً لواقع قوات الاحتلال في أفغانستان لقيادته في الحلف، حتى وصل الخوف بهم والخور إلى أن يحسبوا النملة فيلاً، والأرنب أسداً، ومن المضحكات أن يكون من ضمن الذين يشكلون خطراً على الأمن القومي الأمريكي طفلة في السادسة من عمرها، وهذا يدلل بأنها تتخبط تحت ضربات الأبطال، وهي بإذن الله بداية السقوط للمحتل الأمريكي في المنطقة، وانهيار أكبر دولة للظلم والعدوان بالعالم، ومن ثم نهاية مرجعية مجلسها مجلس الظلم والعدوان الطاغوتي، وبداية عصر جديد لتشكيل حكومة إسلامية تقوم على تطبيق شرع الله في الأرض، وإعادة الخلافة الإسلامية إلى مجدها وعزها وتألقها، فأين انتم يا أبطال حماس عن عملياتكم الاستشهادية التي كانت تهز أركان اليهود، وتعصف بهم؟! أين انتم يا أبناء أحمد ياسين والرنتيسي وعماد عقل؟! أين انتم عن تلك البطولات الفذة، التي توقفت منذ وضعتم أيدكم في أيدي إيران، ووضعتم أنفسكم تحت حكم الأنظمة الطاغوتية، أين ذهبت كل تلك البطولات؟!

 إخوتي في حماس: إن المواتير لن تعود إلى سابق عهدها إلا إذا تركنا معاصينا، والتزمنا بأوامر الله، وأعلنا التوبة إلى الله، وسلكنا النهج القويم، وطبقنا العقيدة الصافية في نفوسنا، وأولها أن نحب في الله ونكره في الله، وحتى لو اضطررنا أن نتعامل مع عدونا، وهذا لا يمنع في بعض الحالات، لكن لا نعطيه شيئاً أكثر من حقيقته، ولا نجعل من الشيطان ناسكاً وعابداً، ونعطي كل ذي حق حقه، وهذا ما يفعله الكثير من إعطاء القداسة لهؤلاء، وتزكيتهم، والدفاع عنهم بكل السبل، وهو ليس من العقيدة بشيء، وهذا ما لم يفعله رسول الله عندما عقد المعاهدة بينه وبينه اليهود في المدينة، قبل غدرهم؟! نعم صالحهم، ووقع بينهم اتفاقية لحماية المدينة المنورة، ولكن لم يقل عنهم أنهم صالحون، أو يدافع عن عقيدتهم، ويجعلهم مذهباً من المذاهب الإسلامية، وإنما نزلت الآيات القرآنية توضح كفرهم وانحرافهم، ولذا متى أحببنا في الله وكرهنا في الله، وفتحنا أبواب قلوبنا للحق، وأوامر الله، ستعود مواتيرنا المتوقفة إلى الحركة. وتدب فيها الحياة، كما كانت سابقاً، واشد قوة.

إخوتي في حماس: الفرصة أمامكم وغزة بيدكم الآن، فاغتنموا هذه الفرصة، ولا تقولوا غزة صغيرة، فماذا فعل العدو في المرة الأولى، غير بطولاتهم على النساء والعزل، بينما كان أبطال حماس يحصدون رؤوس أعداء الله وعدونا، وهزموا هؤلاء الجبناء المدججين بالسلاح شر هزيمة، واكفروا بهذه الأنظمة الطاغوتية، واعتمدوا على الله وحده، فهو مولاكم ومولانا فنعم المولى ونعم النصير، ودعوا كل هذا فإن المخطط الإيراني يسعى ليجعل منكم كما جعل من الطبل الأجوف في لبنان، مؤطرين تحت هذه الأنظمة الطاغوتية، واقطعوا اليد المسمومة الممدودة لكم من إيران وأذنابها؟! وإن لم يستطع بعض منكم أن يغادر تلك البلاد، فليسكتوا اقلها، أو أن يعلنوا أن تلك الحكومات المشكلة في العراق وأفغانستان هي حكومات عميلة، كما كان عليه موقف البطل حكميتار، بدل تمجيدهم، ونفخهم، ولا تحتجوا بأنكم ستبقون لوحدكم، فقد كنتم سابقاً هكذا، وقد كان عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وها هي طالبان كذلك، ولكنها هزت أركان أمريكا، فلو حققتم هذا وعلمتم أن لو اجتمعت عليكم الأمة من شرقها وغربها فلن يضروكم إلا بشيء قد كتبه الله لكم، لكان هذا هو النصر والثبات، بدل أن تكون غزة مكاناً لكل من هب ودب، يبيع قضيتها ويشتريها كيف يريد.

في الختام يشهد الله أنني أحبكم في الله، وأملي برجاحة تفكيركم كبيراً، وبما أن من واجب الأخ على أخيه أن ينصح له، كانت هذه الكلمات لعل الله أن يسدد الخلل، ويصحح الخطأ، وتعود المواتير إلى الحركة من جديد، ويشهد الله أنني لم اكتب هذا المقال حتى اجرح بكم أو اقدح، ولكن إنما كتبته ليصل صوتي لكم قبل أن يقع الفأس بالرأس، وعندها لن يفيد الندم، ولن يجدي الذكاء شيئاً أمام الواقع، والحليم من اتعظ بغيره، وليس حسن نصر الله منكم ببعيد، فحذاري إخوتي في حماس، حذاري.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

  الهامش:

(1) ترينا بارسي، صاحب كتاب "التحالف الغادر: التعاملات السرية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، ورئيس المجلس القومي الإيراني الأمريكي، ولد في إيران ونشأ في السويد وحصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، ثم شهادة ماجستير ثانية في الاقتصاد من جامعة "ستوكهولم" لينال فيما بعد شهادة الدكتورة في العلاقات الدولية من جامعة "جون هوبكينز" في رسالة عن العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، وأهمية الكتاب تأتي من خلال كم المعلومات الدقيقة، والتي يكشف عن بعضها للمرة الأولى، إضافة إلى كشف الكاتب لطبيعة العلاقات والاتصالات التي تجري بين إسرائيل وإيران وأمريكا خلف الكواليس، ويستند الكتاب إلى أكثر من 120مقابلة مع مسئولين رسميين من هذه الدولة الثلاثة، رفيعي المستوى ومن أصحاب صناعة القرار في بلدانهم، إضافة إلى العديد من الوثائق والتحليلات والمعلومات المعتبرة والخاصة. نقلا عن "التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية" تقديم وعرض علي حسن باكثير، باختصار.

(2) نفس المصدر السابق.

(3) نفس المصدر السابق.

(4) من لقاء تلفزيوني مع صبحي الطفيلي في قناة نيوز تيفي، ضمن برنامج بلا رقيب، أواخر2003م.

(5) من حديثه للشرق الأوسط بتاريخ 25 أيلول 2003م.

(6) من مقال للعميد سلطان أبو العينين أمين سر حركة فتح في لبنان نشر في جريدة "القدس العربي" بتاريخ5نيسان2004م  بعنوان: "حزب الله يحبط عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب".

(7)  من تصريح لصحيفة اعتماد ووكالة فارس الإيرانيتين، بتاريخ 20يوليو2008م، نقلاً عن مقال إيران وإسرائيل للكاتب محمود سلطان.

 

 



مقالات ذات صلة