" زمّـارون جـدد" !!
بقلم: أسامة شحادة
في سياق البحث عن استراتيجية جديدة لتمرير السياسات الأمريكية في الأوساط الإسلامية ، قدم معهد راند توصيات بإنشاء شبكات " الإسلاميين المعتدلين " وذلك عبر تقريره لعام 2007م، وتركزت توصياته على إعادة استخدام اسلوب قديم سبق تجربته ابان الحرب الباردة، عبر دعم مجموعات من اليساريين غير المرتبطين بروسيا ، وقد قدم التقرير ملخص لهذا الأسلوب وكيف يمكن تطبيقه على الحالة الإسلامية.
وقد كشفت تفاصيل الدعم الأمريكي لهذه المجموعات اليسارية بعد السماح بظهور كثير من الوثائق السرية لإنقضاء المدة القانونية ، وقد جمعت هذه الوثائق الكاتبة الإنجليزية فرانسيس ستونر سوندرز في كتابها المهم "الحرب الباردة الثقافية" أو "من يدفع للزمّار؟"، ترجمة طلعت الشايب، وإصدار المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة ، وقد كان بعض "الزمّارين" من العرب أشخاصاً ومؤسسات .
ويعود مركز راند من جديد للبحث عن " زمّارين جدد " لتمرير السياسات والمخططات الأمريكية ، ويرشح لذلك التيار الصوفي وجماعة الأحباش ومجموعات الإسلام المدني والعلماني والليبرالي !!!
ويورد التقرير أن هدف دعم هذه التيارات هو الوقوف في وجه التيار السلفي وحركات الإسلام السياسي ، والتي تسيطر على الشارع الإسلامي ، ولا تقبل بالثقافة العلمانية ولا السياسات الغربية المنحازة لمصالحها ومصالح إسرائيل .
ويبدو أن هذا التقرير هو تفصيل لسياسة هي قيد التنفيذ فعلاً ، فجاءت هذه الدراسة لوضع التفاصيل والمحاور وتغطية الجانب النظرى لها لإقناع قطاعات أكبر من السياسين بها.
حيث لوحظ في هذه الفترة زيادة في أنشطة هذه التيارات أو " الزمّارين الجدد " من المؤتمرات والندوات وغيرها والتي دعمت بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل المؤسسات الغربية .
والمنتج المراد ترويجه من هذه التيارات هو " إسلام دايت " لا يتعارض مع مخططات "الريجيم القاسي" الذي يجب أن تمر به المؤسسات الإسلامية النشيطة والعصية على التطويع والتبعية .
ليس من العيب والعار وجود مؤامرات أو مخططات لحرب الإسلام من غير المسلمين ، ولكن العيب والعار الذي لا يمحوه ماء البحار هو تنفيذ بعض المسلمين لهذه المخططات المراد منها القضاء على الإسلام نفسه ، فهل ينأى المخلصون من هذه التيارات بأنفسهم ومؤسساتهم عن أن يكونوا " زمّارين جدد " لخدمة الأعداء ؟؟
إن هذه المخططات أو المؤامرات ما هي إلا وصفة جديدة فاشلة في معالجة التطرف والإرهاب ، وذلك لأنها لا تنبع من معرفة صحيحة بأسباب التطرف والإرهاب وسبل علاجه، ولذلك ستكون هذه الوصفة الجديدة سبب لمزيد من التطرف والإرهاب ، عبر إضعاف وإقصاء القوى الإسلامية الصحيحة والقادرة على تحجيم ولجم التطرف حين تتاح لها حرية العمل والحركة.
إن هذه الوصفات الجديدة ستأتي بنتائج عكسية كما حصل مع ما سبقها من وصفات، ففي العراق بدلاً من نشر النموذج الديمقراطي تم نشر النموذج الطائفي البغيض ، وهذه الوصفة يراد لها نشر " الإسلام المعتدل الأمريكي " لكنها ستنشر مزيد من الإرهاب والتطرف وتضعف القوى المعتدلة الإسلامية الحقيقية .
فهل يدرك ساستنا هذا قبل خراب البصرة من جديد ؟؟