بين أوهام النصر ... وخرافات الظهور

بواسطة ياسر البعلبكي قراءة 2437
بين أوهام النصر ... وخرافات الظهور
بين أوهام النصر ... وخرافات الظهور

بين أوهام النصر ... وخرافات الظهور

 

كتب: ياسر البعلبكي.

 

أثار نشر حديث حول تنبؤ الرسول صلى الله عليه وسلم  بظهور حسن نصر الله زعيم >حزب الله< بلبنان من قبل ممثل آية الله خامنئي ومدير مؤسسة >كيهان< الصحفية، ضجة كبيرة في الأوساط الدينية بإيران لا سيما في مدينة قم عاصمة آيات إيران ومركز الحوزة الدينية الشيعية حيث يَدْرُسُ الآلاف من رجال الدين بمدارسها ومعاهدها.

 

وكانت صحيفة >كيهان< القريبة من مرشد النظام  قد نشرت في مستهل الأسبوع الماضي، حديثاً زعمت أنه منقول عن النبي  صلى الله عليه وسلم  في كتاب >بحار الأنوار< أحد أمهات كتب الإمامية الإثنا عشرية في المجلد التاسع بالصفحة 283، بحيث نقل ابن عساكر -على حد مزاعم حسين شريعة مداري ممثل خامنئي ومدير الصحيفة- عن النبي  صلى الله عليه وسلم ، أنه سيظهر على بوابة القدس رجل من ذريتي يحظى بشجاعة وحنكة وعلم وبصيرة غير عادية، وأن الله عز وجل، سيهزم اليهود بيديه، أنا منه وأنه مني واسمه هو >نصر< ووجه تسميته أن الله سينصره على أعدائه.

 

وعلى الرغم من مسارعة المسؤولين هناك إلى نفي الخبر والتنكر لذلك الحديث إلا أن الواقع والتاريخ يشهدان بصحة نسبة هذا الحديث إليهم ووجوده في كتبهم.. فاعتقادهم بعصر الظهور ليس جديداً بل هو مثبت في كتبهم القديمة والحديثة ، كما أن ذلك  الحديث منشور في صحيفة >كيهان<، أكثر الصحف حماساً لأحمدي نجاد وحزب الله والأدهى من ذلك والأخطر صدور كتاب لمؤلفه فارس فقيه تحت عنوان :-أنت الآن في عصر الظهور- يؤيد تلك الوجهة ويؤكد أن في عقيدة الحزب وسادته ما يدل على أن خروج نصر الله من علامات عصر الظهور!!

 

حوثي اليمن وكتاب الظهور!!

 

قبل سنة من الآن تقريباً قدم اللواء د.رشاد العليمي وزير الداخلية اليمني تقريرا أمنيا إلى أعضاء مجلس النواب اليمني، أشار فيه إلى أن >نشاط حسين بدر الدين الحوثي بدأ منذ عام 1997، بإنشاء مراكز دينية في مديرية حيدان، محافظة صعدة، دون ترخيص قانوني، أطلق عليها اسم الحوزة، ثم امتد نشاطه بإنشاء مراكز مماثلة في بعض المحافظات والمديريات، وقام بتوسيع نشاطه، من خلال تلك المراكز، وتزعّم بطريقة مخالفة للدستور والقانون تنظيماً سريا أطلق عليه اسم الشباب المؤمن..

 

واتهم التقرير الأمني حسين بدر الدين الحوثي بتوزيع كتاب بعنوان >عصر الظهور<، لمؤلفه علي الكوراني العاملي، الذي أشار في مقدمة طبعته السابعة، إلى أنه >بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران؛ ارتفع مؤشر الاهتمام بعقيدة المهدي المنتظر في شعوب العالم الإسلامي، بالسؤال عنه، والحديث حوله، والقراءة، والتأليف، بل وفي غير المسلمين أيضاً<.

 

- وأشار المؤلف أيضاً إلى أن >أكبر حدث سياسي يتعلق بعقيدة المهدي في هذه الفترة ثورة الحرم المكي الشريف في مطلع عام 1400 هجرية -أواخر السبعينيات من القرن الماضي- بقيادة محمد عبد الله العتيبي وأنه يمهد لظهور قائمهم المزعوم !!

 

إيران والهدف المقدس

 

وفي سياق ذي صلة يذكر شيخهم الكوراني نفسه في كتابه -الممهدون للمهدي- ما نصه :

>تأتي إيران في طليعة القوى الفاعلة في أحداث عصر الظهور ويسمى الإيرانيون في الأحاديث الشريفة أهل المشرق الموطئون للمهدي وقوم سلمان ورايات المشرق وأصحاب الرايات السود والخراسانيون ... وتصف الأحاديث الإيرانيين بأنهم يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه فيقاتلون ويصبرون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوا الراية إلى المهدي

 

فوضى العراق

 

- أما بالنسبة للعراق فيقول الكوراني: >سيكون عاصمة العالم وستكون الكوفة مقر حكم الإمام المهدي<.

وبذلك يتضح أن ما يحصل الآن من قتل وفوضى ودمار داخل بلاد الرافدين في نظر عقيدة الكوراني وأتباعه يعني بالنسبة للإيرانيين بشائر خير وما هي إلا بداية في مسلسل طويل يصل للشام وللحجاز!!

ويؤيد ذلك قول الكوراني في صـ 45- 60 :> تتركز الساحة الجغرافية للحدث في بلاد الشام وفي إيران والعراق والحجاز فهذه المنطقة بالتحديد هي مصدر الموج الإسلامي الهادر الذي تتحدث عنه النصوص وهي الصراع السياسي والعسكري بين ثورة المهدي وبين الاتجاه التحريفي العميل للغرب -يعني دول الخليج -<.

- ويصف كامل سليمان في كتابه -يوم الخلاص في ظل القائم صـ235 - سلاحاً خطيرا وفتكاً سيكون بيد مهديهم المنتظر وهو ما أنتجته إيران اليوم بقوله: >إن هذا السلاح إذا وجه إلى مدينة جعل عاليها سافلها وتركها قاعاً صفصفاً وفعل بها ما تفعله القنابل الذرية والهيدروجينية والنيترونية والصواريخ النووية التي صنعها الإنسان <.

- وبذلك يتضح أن طهران تمهد لتنفيذ مخططاتها في المنطقة للاستمرار بتصدير الثورة والتمهيد لخروج مهديهم المزعوم..

 

فقيه عصر الظهور

 

صدر أخيراً عن دار العلم للطباعة والنشر  كتاب خطير بعنوان: -أنت الآن في عصر الظهور- لمؤلفه فارس فقيه -وهو منشور على أكثر من موقع على الإنترنت-..

حيث يبدأ الكتاب بمقدمة تبين أن هنالك علامات على بدء عصر ظهور المهدي المزعوم ، ويذكر في مقدمته :

-عن الإمام الصادق عليه السلام: >إن قدام المهدي علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين> كمال الدين/ 649- !!

ويستشهد بقول الخميني بعد انتصار الثورة: > إن أولادنا و أحفادنا -مخاطباً الشعب آنذاك- سيشهدون ظهور الإمام المهدي<..

ما يدل -على حسب زعمهم- أننا نعيش الآن زمن ظهور الإمام المهدي لأن أولاد وأحفاد أنصار الثورة قد أصبحوا الآن في سن الاستعداد لهذا الظهور!

ويؤيد ذلك أيضا -كما يذكر الكتاب- قول الشيخ المصباح اليزدي و هو أستاذ نجاد: > إننا نعيش في زمن الظهور وإن الإمام الحجة اختار نجاد لمقام الرئاسة<..

- ويذكر المؤلف بعد ذلك ما يقرب من 20 علامة بين يدي المهدي المنتظر من صور للخميني وخامنئي ونجاد ونصر الله وغيرهم من آيات قم وطهران وجبل عامل .. ومن أبرز تلك العلامات كما يوردها المؤلف :

 

خروج الخميني ودولته..

 

- >خروج رجل من قم: رجل من قم يدعو الناس إلى الحق يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد لا تزلهم الرياح والعواصف لا يملون من الحرب و لا يجبنون وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين. البحار ج6ص296.

-ويضيف قائلا : وتنطبق هذه الرواية على الإمام الخميني الذي خرج من قم يقود ثورة منذ العام 1962<.

- ومن العلامات أيضاً: >تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران أول التمهيد لدولة الإمام: أي تبدأ عملية الظهور من المشرق، من قبل بلاد فارس. و>تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء القدس< -الملاحم و الفتن/ ص 43-؛ وهي تشير إلى أن الجيش الذي ينطلق مع الإمام يبدأ تحضيره في إيران، ويكون هو الجيش الذي يتوجه مع الإمام إلى القدس... وفي حديث عن الباقر عليه السلام: كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا... و لا يدفعونها إلا إلى صاحبكم -أي المهدي عج- قتلاهم شهداء... أما أني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر -أي المهدي-. البحار ج 52 ص 243 -344.

 

ظهور خامنئي ونجاد..

 

- ومن العلامات أيضا: > فيما يتعلق بظهور القادة فإن الخراساني -المذكور في روايات الظهور- تنطبق مواصفاته على السيد الخامنئي؛ فهو سيد هاشمي حسيني و من خراسان و صبيح الوجه و في خده الأيمن شامة و في يده اليمنى خلل أثر تعرضه لمحاولة اغتيال، و أنه الولي الفقيه، و القائد الأعلى للقوات المسلحة في إيران، التي تمهد لظهور الإمام، و هذا التوافق أنما يدل على أننا نعيش الآن في عصر الظهور .

-ومن العلامات أيضا: >التبشير بشعيب بن صالح وهو أحمدي نجاد الملقب بالشعبي الصالح مردوميار، فعن عمار بن ياسر: المهدي على لوائه شعيب بن صالح. - الشيعة و الرجعة ج1- ص 211، و في رواية أخرى: إن على مقدمة جيش المهدي رجلاً من تميم ضعيف اللحية يقال له شعيب بن صالح. - ابن حماد ص86.

وعن محمد بن الحنفية: ثم تخرج من خراسان رايات سود قلانسهم سود وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح من تميم، يهزمون أصحاب السفياني، حتى تنزل ببيت المقدس توطئ للمهدي سلطانه< !!

 

ظهور حزب الله..

 

- ومن العلامات أيضا: > أبواب المقدس؛ حزب يقاتل على أبواب بيت المقدس يلقون عناية الإمام الحجة قبل الظهور: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: >لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم خذلان من خذلهم ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة -الظهور-، وقد ورد في الرواية عن صاحب الأمر أنه: >حزب يقاتل على أبواب بيت المقدس أنا منهم وهم مني< -مئتان وخمسون علامة الظهور-..

تدل هذه الرواية أن هناك حزبا يقاتل في سبيل الله، على أطراف بيت المقدس. وتنطبق هذه الرواية على جهاد المجاهدين في المقاومة الإسلامية اللذين يقاتلون في جنوب لبنان أقوى قوة طاغوتية في العالم، وهو الكيان الصهيوني، واستطاعوا بعناية الإمام المعدي أم يحققوا الانتصارات عليه، ويدحروه، عن جنوب لبنان، ومن الواضح أن هذا الحزب يلقى عناية خاصة من الإمام، وأنهم جنوده والمطيعون له.

 

خروج نصر الله..

 

- ومن العلامات أيضا: ظهور اليماني وهو سيد واسمه حسن وصاحب راية؟

وقد ورد في الروايات من مواصفاته:

1- سيد هاشمي، من نسل الإمام الحسين -أي حسيني-، اسمه حسن، واسمه الثاني نصر/ عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم: >صاحب الأعماق الذي يهزم الله العدو على يديه اسمه -نصر- ثم قال: >إنما سمي نصر لنصر الله إياه<؛ وأنه يماني -إما أن يكون من اليُمن من قبائل يمنية كعاملة في جنوب لبنان أو من اليمن والبركة- وصاحب راية جهادية.. وجنوده موالون للإمام المهدي.. ورايته موالية لراية الخراساني.. وقد قرأت أيضاً أنه يلقب بالمنصور في روايات أخرى، أما أن اسمه مشتق من النصر، أو أن الله ينصره على أعدائه دائماً، أو أنه يحقق نصراً كبيراً. أما رايته أهدى الرايات، هل لأنه يقاتل أعدى أعداء الله في الأرض -إسرائيل- وليس كراية الخراساني التي هي راية القيادة والدعم و لا تقاتل مباشرة، ولأن الإمام الصادق عليه السلام كان يخاطب ناساً من العرب، ويعني أن راية اليماني عربية، وعلى العرب الانضواء تحت رايته، لأنه أقرب للعدو من الراية الأم التي تبايع المهدي؟ وهي راية الخراساني؟

 

الحث على قتل الملك عبد الله !!

 

- ومن العلامات أيضا أن > آخر حكام الحجاز اسمه الملك عبد الله: عن الإمام الصادق أنه قال: من يضمن لي موت عبد الله -أي يأتيني بخبر موته- أضمن له القائم -أي ظهور الإمام المهدي-، ثم قال: إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد و لم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، و يذهب ملك السنين و يصير ملك الشهور والأيام، فقلت: يطول ذلك؟ قال: كلا - ويقول صاحب الكتاب معلقا على روايته هذه : > ويكون ظهور المهدي بعد وفاة عبد الله، وتعتبر هذه العلامة من العلامات القوية التي تشير إلى قرب ظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه .

وبهذا يتضح جليا مدى حقدهم على الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ونفع به الإسلام والمسلمين وحثهم على قتله لاستعجال ظهور المهدي المزعوم !!

 

انقلاب دمشق

 

- ومن العلامات أيضاً:  أنه قبل ظهور الإمام بستة أشهر، يقع حدث مهم في سوريا، وهو انقلاب عسكري يأتي بقائد سوري عميل لأمريكا و إسرائيل لقبه السفياني، يثبت نفوذه داخل سوريا والعراق و الأردن و لبنان.

 

مقتل الحكيم ..

 

- ومن العلامات أيضا: > دخول قوات غربية إلى العراق<..

- ومن العلامات أيضاً: >قتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين> -البحار ج 52 ص 220- وتنطبق هذه الرواية على محمد باقر الحكيم والصالحين الذين استشهدوا معه في ظهر الكوفة وهي النجف< !!

- ومن العلامات أيضا:> انتقال العلم من النجف إلى قم قبل الظهور؛ يقول الإمام الصادق عليه السلام: ستخلو الكوفة -النجف هي نجف الكوفة- من المؤمنين، ويأرز عنها العلم كما تأرز الحية في جحرها ثم يظهر العلم ببلد يقال لها قم، وتصير معدنا للعلم والفضل حتى لا يبقى قي الأرض مستضعف في الدين حتى المخدّرات وذلك عند قرب ظهور القائم .. -سفينة البحار ص 365-<!!

 

نفوذ إيران في العراق ..

 

- ومن العلامات أيضا: >قيام حكم إسلامي في العراق موالٍ للممهدين الإيرانيين: ورد في رواية خطبة البيان عن أمير المؤمنين عليه السلام: ألا يا ويل بغداد من الري -طهران- من موت وقتل وخوف يشمل أهل العراق -وهي إشارة إلى الحرب العراقية الإيرانية- إذا حل بهم السيف فيقتل ما شاء الله... فعند ذلك يخرج العجم على العرب ويملكون البصرة --إلزام الناصب ج 2 ص 119-، وتدل الرواية على نفوذ إيراني قوي بعد حرب مع العراقيين، وهذا النفوذ تشير إليه الرواية فيخرج العجم على العرب، أي يتفوق العجم بالنفوذ و الدعم و يملكون البصرة أي النفوذ القوي لهم في جنوب العراق،و   هذا ما تشير إليه جميع الصحف العالمية اليوم بأن الحرس الثوري والإيرانيين يسيطرون على جنوب العراق تحديداً، وعلى النظام العراقي الموالي لهم، وإن دل هذا الأمر على شيء فيدل أننا في عصر الظهور< !!

 

ظهور الزرقاوي!!

 

- ومن العلامات أيضاً: خروج ناصبي -تكفيري- يقتل زوار المقامات قبل الظهور -الزرقاوي؛ عن جابر بن زيد الجعفي قال سألت أبا جعفر عليه السلام -الإمام الباقر- عن السفياني فقال: > وأنّي لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني -أي الطاغوت والشرير و القاتل- يخرج بأرض كوفان -العراق-، ينبع كما ينبع الماء -أي يقوم بعمليات هجومية- فيقتل وفدكم -زوار المقامات- فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم!!

- ويختتم المؤلف كتابه بقوله : >عزيزي القارئ، إذا انتهيت من قراءة هذا الكتيب فابدأ صفحة جديدة وعهداً جديداً مع الإمام المهدي حتى تكون من المقربين منه عليه السلام< !!

 

تحذير..

وبعد هذا العرض الموجز لأهم ما ورد في ذلك الكتاب ينبغي أن نؤكد على أن هذه الروايات التي أوردها صاحب الكتاب ليست أحاديث نبوية بل هي كلام عام لا زمام له ولا خطام ..ينسبونه إلى أئمتهم ولا يستطيعون إثبات سند صحيح له ، وما هي إلا معتقدات طائفية شعوبية مبنية على إستراتيجية فارسية تحاول بسط سيطرتها ونفوذها على الحجاز والشام باسم حب آل البيت والدفاع عن المقدسات ..

- ولا بد لنا  هنا من التحذير من عاقبة تلك النظرة التي تستبق الأحداث  وترى فيما يحدث في العراق من تطهير عرقي وصراعات وقتل لأهل السنة على الهوية وإعادة ترتيب لخارطة المنطقة وتهديد نووي إيراني إرهاصات لظهور المهدي المزعوم ..

هكذا يفكرون وهذه منطلقاتهم وتلك عقيدتهم فهل نبقى رهن مخططاتهم التوسعية وتصديرهم للثورة وأطماعهم لإعادة الهلال الخصيب على أنقاض أهل السنة والجماعة ؟!

ومن المؤكد بعد هذا السياق وما نشرناه سابقا في الفرقان أن -حزب الله- سيلعب دورا كبيرا في المنطقة وينبغي علينا ألا ننخدع به وبشعاراته وألا ننساق وراء العواطف دون استذكار لحقيقة دورهم على مر التاريخ ..

الأمر الذي يستدعي من العلماء والمفكرين أن يقوموا بواجبهم في بيان حقيقتهم للأمة، وإظهار زيف ادعاءاتهم حتى لا نكون ضحية أحلام فارس وأطماعهم التوسعية .

 

اعتذارات >نصر الله< ومغامراته الارتجالية..

 

عندما دُمرت بلدات وقرى الجنوب، وانهدمت الجسور في كل مكان،وذبح الأطفال ومات النساء والرجال تحت الركام،وعندما خرب الاقتصاد،وانقطعت الأرزاق،وكاد البلد أن يفرغ من قواه البشرية بسبب نزيف الهجرة الحاد، استيقظ حسن نصر الله على الكارثة التي صنعتها يداه، وعض على أصابعه، واعترف وقال لو أنه كان يعلم بأن خطف الجنديين الإسرائيليين سيحقق هذا الرد الإسرائيلي المروع، لما أقدم على العملية، عملية الخطف، بشكل قاطع.. - وبذلك يتضح جليا أن نصر الله ومن وراءه يعملون وفق أوامر وأجندات خارجية لا تكترث كثيرا بما سيحل في لبنان من كوارث، أو تأبه لموت الذين يسقطون فيه ولو كانوا أطفالاً أو نساء ..

- كما أن تصريحه الأخير ينم عن تفاجئه بحجم الرد الإسرائيلي، وهذا يكفي لوحده أن ينزع عنه صفات القائد، والمؤهلات التي تضعه في مصاف أصحاب القرار...

- ويحق لنا أن نتساءل أيضا: كيف يجوز لمثله أن يكون على رأس حزب، وكيف يحق له أن يتصرف بمصير الناس، ومن أي شرع وشريعة أجاز لنفسه أن يقرر عن جميع أفراد المجتمع ويجبرهم على السير نحو الجحيم وإلا كانوا من الخونة والعملاء لأميركا وإسرائيل؟!

- لقد تسبب نصر الله، وبهذا التفكير المأخوذ بمظاهر القوة، وبهدف النفسية المملوءة بعقد الامتياز على الآخرين، ولو من دون مؤهلات... تسبب بإلحاق أكبر الضرر بالأمة اللبنانية، التي لا تنتمي أفعاله وولاءاته إليها، وبإلحاق أكبر الضرر بمصالح الدول العربية الأخرى التي لم يستشرها في إعلان الحرب على إسرائيل، وفي آخر الأمر يخرج علينا بكلام انسحابي أقبح من ذنب ويقول لنا فيه إنه لو كان يعلم بأن الرد الإسرائيلي سيكون بهذا الحجم لما قام بعملية خطف الجنديين بشكل قاطع، وكان فيما مضى يزعم أنه قام بعملية الخطف وهو يعلم مسبقاً أن لدى إسرائيل مخططاً للعدوان كانت ستنفذه ما بين شهري سبتمبر ونوفمبر، ومادام لديه هذا العلم لماذا لم يترك إسرائيل تقوم بهذا العدوان من ذاتها، ولماذا أعطاها المبرر للقيام به؟! لقد كان بإمكانه ترك إسرائيل تضرب لبنان الوديع فينفضح أمرها أمام العالم، وتدان بالاعتداء، وسيقال لها البادي أظلم..

لقد كان العرب محقون عندما أدرجوا >حزب الله< وشيخه في عداد المغامرين الذين لم يعد جائزاً تركهم يحتكرون السلاح وقرار الحرب لوحدهم وإقامة دولة داخل الدولة، ولقد أثبتت تصريحات نصر الله النادمة على أنه فعلاً مغامر دمر لبنان  بقراراته غير المحسوبة والانفعالية، والموغلة في الارتجال.  

 

العدد رقم:  408   التاريخ:  4/9/2006 مجلة الفرقان

 



مقالات ذات صلة