عماد قميحة
3-10-2-15
لاننا في لبنان لم نزل نعيش مرحلة ما قبل الدولة، وما اصطلح عليه تساهلا بالمجتمع اللبناني انما هو بالحقيقة وعلى ارض الواقع عبارة عن مجتمعات وقبائل، لكل منها مقاراباتها ومفهومها الخاص ليس فقط بالرؤية والاهداف والارتباطات، وانما ايضا بتحديد المفاهيم والمعاني لابسط بديهيات المصطلحات المتداولة والمستعملة بشكل عفوي كونها من المسلمات والمتعارف عليها الى حد اعتبارها من ابسط الامور البديهية، الا في لبنان…
واحدة من هذه التعابير هي كلمة ” الشعب ” او ” الشعب اللبناني ” الذي يجب ان تعبر كما هو معروف عن مجموع الناس حاملي الهوية اللبنانية، والذين يدرجهم القانون اللبناني تحت مسمى اللبنانيين ويتشكل منهم الشعب اللبناني بدون لحاظ اي من الاعتبارات لا السياسية ولا الدينينة او المذهبية…
الا ان هذا التعريف وهذا المدلول هو غيره المستعمل في اذهان وعقول السياسيين وان كانوا يعتمدون استعمال نفس كلمة “الشعب ” بالظاهر، الا ان اضافات كثيرة تضاف اليها فتحرفها عن معناها الاصلي، ولا بد هنا من الاشارة ان هذا المعطى غير محصور بطرف سياسي دون غيره الا من رحم ربي طبعا.
ففي مرحلة الحرب الاهلية مثلا كانت عبارة ” الشعب اللبناني ” عند القادة الموارنة وفي اعلامهم وتصريحاتهم انما تعني حصرا المسيحين دون غيرهم، لان في الوجدان الثقافي والمعرفي عند هؤلاء، فان المسيحيين وحدهم هم اللبنانيون الاقحاح، وهم وحدهم من يؤمن بلبنان وهوية لبنان ولبنانية لبنان دون سواهم، فعندما كانوا يخاطبون “الشعب اللبناني” فهم يقصدون المسيحين فقط واعتقد جازما بان ترسبات هذه العقلية لا تزال موجودة في قعر عقول شريحة كبيرة منهم،
وكنا الى امد بعيد نظن بان الساحة الاسلامية عصية على تبني هكذا مفاهيم لا تنبئ الا عن جهل بنيوي بمفاهيم الحداثة وما يمكن ان تحمله من عنصرية مقيتة، هذا طبعا قبل بروز الاحزاب الدينية والحركات الاسلامية التي لا تعترف اصلا بمفهوم الوطن، وتصر على تبني مفهوم الامة بحسب فهما على ضوء المفاهيم الفقهية.
وحزب الله هو واحد من الاحزاب الدينية التي يعاني ما يعانيه امثاله من ضياع في تحديد المفاهيم، وتختلط عنده المصطلحات الحداثوية من التعقيدات الفقهية البالية والمتحكمة للاسف بمقارباته السياسية وحتى الاجتماعية، فحزب الله والى اللحظة لم يستطع الخروج بعد من تركيبته المعرفية المؤسسة على النظريات الفقهية المتعارضة حتما مع ثقافة العصر ومتطلباته.
وكدليل على ما ندعيه، فقد جاء جواب الامين العام لحزب الله في مقابلته مع الزميل عماد مرمل عندما سأله الاخير عن ما يُتهم به حزب الله من اهماله للشؤون الحياتية وتقصير الحزب في مقاربة الملفات الحياتية التي تهم عامة الشعب، ليأتي بعدها جواب السيد: بان” حزب الله يهتم بشكل كبير في الملفات الشعبية كالاعتناء بعوائل الشهداء، واقامة مشاريع تنموية في بيئته ولجمهوره”، ليتضح بما لا يبقى معه مجال للشك بان حزب الله وقيادته عندما يتحدثون عن هموم الشعب والاهتمام بالشعب ومطالب الشعب ، فانهم بذلك يقصدون جمهور الحزب حصرا … فالشعب اللبناني عند حزب الله هم فقط جمهور الحزب ومناصرو الحزب ومؤيدو الحزب، حتى ليس كل الشيعة فضلا عن باقي الطوائف … فهم وحدهم اشرف الناس الذين يستحقون الاهتمام ويستحقون ان يكونوا … ” شعب ” وباقي الناس كلهم تراب، ومن هنا ايضا يمكن فهم الثلاثية الذهبية او الخشبية ( جيش شعب مقاومة ).
المصدر : موقع جنوبية