يقف المرء متعجبا ومتحيرا أمام تقلب الأحداث وتسارعها في عالمنا الإسلامي,, بل أمام التخبط الذي يشوب صناع القرار في مرابع بلاد المسلمين,, وكأنهم في حالة من الغيبوبة وفقد الإتزان كالتائه في صحراء تعصف به رياحها يمنة ويسرة ولا يدري ماذا يفعل ولا أين يتجه ..!!
لقد غابت عن البعض البوصلة التي تشير إلى عدو المسلمين الحقيقي والتاريخي حتى أصبح بعضهم لبعض عدوا ,, واستبدلوا عدوهم بمنابزة بعضهم بعضا ومناكفة بعضهم بعضا واستنفذوا قواهم في الصراع فيما بينهم مما يؤدي إلى غرق سفينتهم بجميعهم هذا اذا بقي وضعهم على ماهو عليه ,, ولن يخرج أحدهم من هذه المعمعة منتصرا أو سالما ..!!
يذكرنا هذا الوضع بحال آخر قلاع الأندلس سقوطا وهي غرناطة فعندما كانت جحافل الصليبيين تستعد لحصارها كان المسلمون منشغلون بقتال بعضهم بعضا بل كان الأبن يقاتل أبيه على الملك حتى ضاعت غرناطة وأصبحت الأندلس كلها أثرا بعد عين .. ولم يكن بالمسلمين آنذاك نقصا في عدد ولا عدة لكن كان مقتلهم في التفرق والنزاع ..
وصدق الله القائل : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [الأنفال : 46] .
من صور هذا التخبط هو ما يسمى بـ"مؤتمر كوالامبور" الذي انعقد في ماليزيا مؤخرا وبحضور دولا كبيرة ومهمة من عالمنا الإسلامي ألا وهي ماليزيا وتركيا وقطر ولو كان الأمر مقتصرا على هذه الدول لهان الخطب,, فهذا أمر جيد أن تتعاون تلكم الدول فيما بينها خاصة وإنها دول سنية بالمفهوم العام .. وهذا يفرح كل مسلم على وجه البسيطة ولن يعترض عليه أحد ..
لكن الأمر المستغرب والذي لا يستساغ ولا يمكن تصوره بأي شكل من الأشكال هو دعوة إيران لهذا المؤتمر ..!!!!
إيران التي هي مصدر الشرور وبؤرة التوتر الموجه إلى عالمنا الإسلامي, والتي هي من أهم المشاكل التي يعاني منها أهل السنة بل وينزفون دما جراء عدوانها وبغيها ,, فهل يعقل أن مثل هذه الدولة المارقة تقدم لتكون نموذجا لحل إسلامي ..
تلك الدول السنية الكبيرة اقتصاديا ومعرفيا وتقنيا وعددا وموقعا استراتيجيا ,, هل هي بحاجة لتعاون إيران المتهالكة من كل النواحي إلا بالشر والعدوان ,, فلا اقتصاد ولا استقرار ومشاكل داخلية عقيمة الحلول وحصار خارجي يضاف إلى ذلك انفصالها العقائدي عن جسم أهل السنة والجماعة وهم السواد الأعظم .. فعلام تُشرَك مثل تلكم الدولة المتهالكة في حلول المفروض أن تكون سنية محضة ..
إن هذا لأمر عجيب غريب فهل يُشرَك من هو سبب المشكل لحل المشكل ..!!!!
فإذا كانت كل أكوام القتلى في سوريا والعراق واليمن والأحواز ولبنان والتي تعد بالملايين وجلهم من أهل السنة وهذا السحق والدمار الذي حل بالديار جراء إيران وعدوانها لم يُقنِع هؤلاء القادة بأنها عدوة فبأي زمن نعيش نحن وبأي وضع بائس نمر ..!!
ولا نقول إلا أن هذا المؤتمر ولد ميتا ولا خير ولا بركة فيه ,, ما دامت إيران وضعت أصبعها فيه ورضي الآخرين بهذا .. !! .
ربما يحتج البعض بأن دعوة إيران للمؤتمر هو للتفاهم معها على كبح جناح عدوانها على أهل السنة.. ربما البعض يفكر بهذه الطريقة ..
نقول لو كان هدف المؤتمر هذا هو .. أو أنه أحد أهدافه فمن الممكن عقد المؤتمر بدون إيران وتكون ضمن مقرراته إرسال وفد رفيع للتفاوض مع إيران على ما سبق ذكره ..
لكن دعوتها لتكون صنوا وكفؤا للدول السنية الكبيرة ورفع شأنها ومد اليد لها بطوق هي أمس ما تحتاج إليه .. لَهذا قمة الخبل والجنون ..وما هكذا تورد الأبل ..!!! .
فلماذا دعوة إيران إذا ..؟؟؟ أهو نكاية لبعض الدول السنية ورسالة مزعجة إليها كردة فعل على بعض الخلافات التي تدور رحاها بين تلك الدول المنتمية لأهل السنة ..؟؟؟ .
إن كان القادة يفكرون بتلكم الطريقة فاقرأ على دول المسلمين السلام ,, ولا تنتظر منها تفريج كربة لأهل السنة في كافة محيط الأرض وليهنأ أعداؤنا بطيب عيش وهم يتمتعون بمشاهد تفرقنا وتسديد أسنتنا لبعضنا وما أشبه هذا المشهد بآخر أيام غرناطة ..
ونسأل الله العافية والسلامة .
ملاحظة : نحن لا ننفي الخير عن القادة المجتمعين في كوالالمبور فلهم مواقف في خدمة أهل السنة واحتضان مهجريهم ,, إلا أن فعلتهم هذه لا يمكن ترقيعها ولا خيط فتقها .. كما أننا لا ننفي التقصير عن الجهة المقابلة إلى هؤلاء من الدول السنية .
موقع الحقيقة
لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة في فلسطين
25/4/1441
22/12/2019