مهمة قديروف الجديدة في الشرق الأوسط بعد «تطويبه» ممثلاً لـ «المسلمين الروس»

بواسطة صحيفة الحياة قراءة 973
مهمة قديروف الجديدة في الشرق الأوسط بعد «تطويبه» ممثلاً لـ «المسلمين الروس»
مهمة قديروف الجديدة في الشرق الأوسط بعد «تطويبه» ممثلاً لـ «المسلمين الروس»

شاهر الحاج جاسم

بدأت مراكز الدراسات والأبحاث الغربية، لا سيما الأميركية، تسلط الضوء أخيراً على تحركات الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، بالتزامن مع إعداد تقارير حول دوره الجديد في منطقة الشرق الأوسط عموماً، والعالم الإسلامي، وعلى محاولاته الظهور كواجهة للأقلية المسلمة في روسيا الكبيرة.


ولد رمضان قديروف في مدينة تسنتروي الشيشانية عام 1976، وهو نجل الرئيس الشيشاني السابق أحمد قديروف ومفتي الشيشان سابقاً، وعلى رغم صغر سنه، ساعدته العلاقة القوية والشخصية التي تربطه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الصعود السريع لتولي منصب رئاسة الجمهورية بصفة القائم بالأعمال خلفاً لوالده، قبل أن يبلغ الثلاثين وهي السن القانونية لتولي الرئاسة.

قديروف رجل بوتين القوي في الشيشان وعموم القوقاز الروسي، لا يفوت أي فرصة في المناسبات العامة أو الخاصة من دون تأكيد ولائه لبوتين وانتمائه لروسيا، وظهر في أماكن عدة، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً استعداده هو وجنوده للموت من أجل روسيا وبوتين.

 


تمكن قديروف المثير للجدل، بحنكة وذكاء، من ضبط المشهد السياسي، وإعادة الاستقرار إلى بلاده على رغم الحروب الدموية السابقة التي شهدتها الشيشان، حويث يعتبره البعض منقذاً للبلاد وصانع سلام، فيما يراه البعض الآخر ديكتاتوراً.

يرى الكثير من المراقبين، أن نجاح قديروف في فرض سيطرته على الشيشان، وضبط الحركات الشيشانية التي كانت تطالب بالاستقلال عن روسيا، جعله مرشحاً مهما لدى بوتين لأداء أدوار جديدة، على ضوء انخراط موسكو في صراعات الشرق الأوسط الداخلية، لا سيما في سورية، والحاجة الملحة إلى شخص مسلم يتبع المذهب السني، ولديه دراية في كيفية التعامل والتقرب من شعوب هذه المنطقة.

استضافت العاصمة الشيشانية «غروزني» قبل قرابة عامين، أكثر من 100 شخصية دينية من 30 بلدا، وفق ما أعلنته وقتها الإدارة الروحية لمسلمي جمهورية الشيشان، في المؤتمر الإسلامي العالمي المعروف بـ «مؤتمر غروزني» الذي دعا قديروف شخصياً إلى عقده.

أثار مؤتمر غروزني وقتها، إشارات استفهام حول توقيته وأهدافه...؟! ناهيك بالهجوم التي تعرض له البيان الختامي للمؤتمر من الكثير من رجال الدين في العالم الإسلامي.

وتحدث حينها ميخائيل بيلوسوف ممثل ديوان الرئيس الروسي إلى المؤتمر، ناقلاً رسالة بوتين للحضور، قائلاً: «أعتقد أن مؤتمركم مهم جداً وعاجل للحدث الدولي، ويضم جدول أعمال حافلاً، قائمة محترمة من المشاركين، بمن فيهم العلماء المعروفون، وممثلون من المؤسسات الرائدة الإسلامية والمدارس الروحية». وأضاف: «مؤتمر غروزني يجب أن يفصل بين المسلمين الحقيقيين وأولئك الذين يحرفون الإسلام».

ومع التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، بدأ الإعلام الروسي يتداول فكرة إرسال قوات شيشانية خاصة إلى المدن ذات الكثافة السكانية والمناطق التي تشهد التهدئة، لضبط الأمن وإعادة الاستقرار هناك، باعتبارها قوات محايدة، وهذا ما أكده قديروف في وقت لاحق بوجود جنود بلاده ضمن الشرطة العسكرية الروسية.

في هذا السياق، تحدث ليونيد كالاشنيكوف رئيس لجنة الدوما لشؤون رابطة الدول المستقلة في تصريح صحافي، عن أن بين أسباب إرسال هذه القوات انسجام عناصرها في طبيعة تفكير وتقاليد السوريين، فضلاً عن الدور الذي ستلعبه هذه القوات في اقتفاء أثر المقاتلين إلى جانب الرموز الإرهابية في سورية المنحدرين من الشيشان.

كما يرى خبراء أن الخسائر العسكرية المتتالية بين صفوف الجنود الروس في سورية، قد تسبب موجة من الاحتجاجات الداخلية في روسيا مع مرور الوقت نتيجة الاستياء الشعبي، لذلك وقع الاختيار على قوات شيشانية لهذه المهمة.

الجدير بالذكر، أن الحروب السابقة التي كانت الشيشان مسرح لها، جعلت مقاتليها يكتسبون خبرة ومهارة عالية في إدارة المعارك والتكتيكات العسكرية، كما أن تشابه المعتقد الديني مع غالبية الشعب السوري، يجعلهم الأنسب لدخول المدن السكانية كبديل من الجنود الروس.

وقدم قديروف دعماً مالياً لإعادة بناء بعض المساجد في سورية، واستقبل في بلاده عدداً من رجال الدين السوريين، ووجه دعوات إلى دول عربية أخرى.

واللافت في الآونة الاخيرة زيارات قديروف المكثفة للمنطقة العربية، كما سعى إلى تكوين علاقات شخصية ببراعة مع بعض الشخصيات العربية الفاعلة في المشهد الدولي، عبر أساليب وطرائق مختلفة، ما اعتبره بعض السياسيين الغربيين خطوة روسية لزيادة النفود بأساليب ناعمة، ويأتي في هذا السياق ظهور قديروف برفقه نجم كرة القدم المصري محمد صلاح أثناء التحضير لمباريات كأس العالم الأخيرة، ما تسبب لصلاح بموجة انتقادات غربية.

من الواضح أن قديروف يسعى جاهداً إلى تعزيز دور بلاده في منطقة الشرق الأوسط لغاية روسية ما، وهو ما قد نشهد أولى نتائجه في قادم الأيام، في ضوء الوجود العسكري المتزايد للقوات الشيشانية في سورية حالياً، وقد يكون في دول شرق أوسطية أخرى لاحقاً.

 

المصدر : صحيفة الحياة

6/1/1440

16/9/2018

 



مقالات ذات صلة