د. نبيل العتوم
يقول المبعوث الأممي إلى اليمن “مارتن غريفيث” إنّ منفذ إدخال المساعدات (ميناء الحديدة) بدأ بالسقوط تباعاً في اليمن، ولتجنّب وقوع الكثير من الخسائر البشرية، فلا بد من دخول الحركة الحوثية في محادثات عاجلة لحل هذه الأزمة؛ بمعنى آخر أن الاستسلام هو أفضل خيار لها.
فما يُشير إليه مسار العمليّات العسكريّة لقوات التحالف العربي هو مقدمة لاحتلال المدينة، وسقوطها بشكل كامل. الامر الذي دفع إيران لإرسال بعض المؤشّرات الدالة على استعدادها للتفاوض وطرح الملف اليمني على الطاولة، بعد ما تيقنت أنها بدأت بخسارة أوراقها التفاوضية تباعاً، من هذه المؤشّرات ما تحدّث به نائب وزير الخارجيّة الإيرانية “عباس عراقجي” عندما قال: أنّ إيران على استعداد لخوض محادثات صلح تتعلق باليمن حصراّ، وأضاف عراقجي إن المحادثات بشأن الصراع الدائر في اليمن تمضي بالتوازي مع المحادثات بشأن النووي مع الموقعين الأوروبيين،
وهذا يعني أنه لا مجال للمفاوضات في أماكن أخرى سيّما في سوريا وبخاصّة بعد حالة الزهو الذي تعيشه طهران جراء وصولها إلى جبهة جنوب سوريا، وظهور المليشيات الشيعية هناك، حيث سربت وسائل الإعلام صور المرتزقة التابعين لإيران يصولون ويجولون في الجنوب السوري، في نبرة تحمل تحديات صريحة لدول المنطقة، وذلك بعدما تُركت المعارضة وحيدة لتلقى مصيرها، وبعدما أخذت الطائرات الروسية الضوء الأخضر لتنفذ غارات مكثفة ألقت خلالها أطنانا من الحمم على الأبرياء في درعا وغيرها، وفق استراتيجية الإغراق الناري، والتي تسعى في الأساس إلى تدمير مقومات البقاء لشعب حوران الذي انطلقت من أرضه شرارة الانتفاضة السورية .
الجدير بالذكر هنا أن إيران كانت قد أعلنت من قبل أنّه لا يوجد لها إلا مستشارين عسكريين في اليمن، وهم يقدّمون استشارات، وهذا اعتراف غير صريح، ولا يعكس واقع التواجد الايراني هناك، وبناءً على هذا التصريح كيف تريد الدخول في مفاوضات حول اليمن طالما أنّها تقول أنّه لا يوجد لها إلا مستشارين عسكريين؟! بينما نجد بعض دول التحالف سيّما السعودية والامارات لا يقبلون الدخول في مرحلة مفاوضات مع إيران فهم من يمتلك القدرة العسكريّة على الأرض هناك، كما يمكن لهم الاستيلاء على هذه المدينة بكل سهولة ويسر، وبعد الاستيلاء على هذه المدينة سيصبح الاستحواذ على صنعاء سهلاً جدًا، مما سيضعف حليف إيران الحوثي ويجعلهم تحت التصفية والتهديد المباشر، وهذا مأزق سياسي خطير بالنسبة لإيران التي طالما راهنت عبثاً على هذا التنظيم الإرهابي، والذي بات في طور مغادرة المشهد العسكري والسياسي اليمني.
بينما تسعى طهران إلى طرح الملفّ اليمني على طاولة التفاوض مع الاتحاد الاوروبي، فقد حمل الرئيس روحاني في جعبته الملف اليمني أثناء زيارته إلى سويسرا والنمسا مؤخراً، وأكّد على استعداده لتقديم خدماته في الاتصال بالحوثيين من أجل إنهاء الصراع في اليمن، في محاولة بائسة لمقايضة أوروبا، وإظهار نفسه كأحد الأطراف الساعية للاستقرار في المنطقة؛ تحت شعار إنقاذ المدنيين العزّل في اليمن، بينما يتناسى أنه سيخرج من الأزمة اليمنية بالضربة القاضية.
إن هدف إيران الآن هو حماية نفسها من تداعيات العقوبات الأميركية المحتملة مهما كلفها من تنازلات، وبخاصة مع ازدياد وتيرة الضغط الداخلي، إثر الاحتجاجات شبه اليومية والذي بات ينذر بانفجار الداخل الإيراني، وانهيار دولة الولي الفقيه وأفولها إلى غير رجعة.
المصدر : مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية
23/10/1439
7/7/2018