تسلل وخطورة المشروع الإيراني في المنطقة

بواسطة الدكتور محمد أحمد جميعان قراءة 2218

تسلل وخطورة المشروع الإيراني في المنطقة

 

الدكتور محمد أحمد جميعان

السبت: كانون الثاني/ 06/ 2007

 

هناك من يعتقد أن خطورة المشروع الاستراتيجي الإيراني (في أبعاده القومية والمذهبية والثقافية والمادية والنووية ...) تنحصر في كونه يشكل تهديداً حقيقياً وخطيراً للأنظمة الرسمية العربية في المنطقة باعتبارها تقف إلى جانب أمريكا والغرب بما يخدم إسرائيل ويضعف المقاومة في الوقت الذي تقف إيران بوجه أمريكا والغرب وإسرائيل وتقدم دعما مادياً ومعنوياً للمقاومة في فلسطين ولبنان فما حقيقة ذلك وما هي خلفياته ؟؟

 إن المشروع الإيراني في المنطقة استراتيجي منذ قيام الثورة الإيرانية بزعامة الخميني الذي أطلق من اليوم الأول الذي هبطت طائرته أرض طهران أنه بصدد تصدير ثورته الناجحة إلى دول الجوار والمنطقة العربية لتحقيق ما وصلت إليه ثورته بما سمي في حينه (تصدير الثورة).

ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن الخميني وثورته في إيران حين تصدى له العراق ومعه الأنظمة العربية بمجملها حماية لبوابة الوطن العربي الشرقية.. مما حدا بالقادة الإيرانيين إلى تعديل سياساتهم في تصدير ثورتهم وفرض مشروعهم على المنطقة وقرروا الانتقال من منهجية التحريض والتثوير ومن ثم الانقضاض على هذه الأنظمة إلى تكتيك جديد تبلور بعد نهاية الحرب الإيرانية العراقية يعتمد أسلوب التسلل والتدحرج والتبطين كمرحلة أولى ومن ثم الانقضاض كمرحلة ثانية.

حيث يعتمد في المرحلة الأولى على ما يلي:

1ـ تسويق الإيرانيون أنفسهم كبديل حام وحارس وحريص على المصالح الإسلامية من خلال اعتماد خطابين للسياسة الإيرانية، خطاب إسلامي عام يحرص على الإسلام وأهله ويهاجم الغرب وأمريكا وإسرائيل ويطمئن الأنظمة الرسمية على انه وديع لا يهدف إلا حماية المنطقة من الأطماع الأجنبية وخطاب آخر باطني يعتمد مبدأ ( التقية ) يشكل الركيزة الحقيقية للسياسة الإيرانية يسعى إلى الهيمنة والسيطرة الفارسية والمذهبية على المنطقة كبديل للغرب وأمريكا بما يحقق المطامع والمطامح الإيرانية القومية والثقافية والمادية .

2ـ تكثيف العمل والدعاية والاستقطاب للمذهب الشيعي في المجتمعات العربية بكل السبل والأساليب الإعلامية الاستخبارية والمالية والمظلومية ..مما حدا بالعلامة الدكتور يوسف القرضاوي إلى التنبيه والتحذير الصريح إلى ما يسعى إليه لنشر التشيع واستغلال حالة الفقر والعوز والإعلام والنشاطات الأخرى للدعوة للمذهب الشيعي و خطورة هذا المسعى على العالم العربي والإسلامي .

3ـ استغلال وقع وتأثير المقاومة في نفوس المسلمين عامة والعرب خاصة من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي لحركة حماس والجهاد وذلك كأساس لكسب الشعوب وتأليف قلوبها تجاه إيران وتسلل مشروعهم الاستراتيجي هذا وهنا أود الإشارة إلى (أن هذا الدعم لا يشكل عيب أو مشكلة في حد ذاته بل هو مقدر ويستحق الشكر ولكن العيب والمشكلة تكمن في كون الإيرانيين يهدفون من ذلك مستقبلاً قناعة الشعوب واستلابهم بهذا الدعم لمشروعهم الاستراتيجي) .

4ـ بناء القوة العسكرية القوية والكاسرة سيما النووية منها لتحقيق عنصرين ، الأول :كسب إعجاب المسلمين كشعوب عاطفية وشدهم نحو مشروعهم الاستراتيجي باعتبارهم قوة إسلامية تسعى إلى عزتهم.. والثاني :تخويف الأنظمة والهيمنة عليها بما يضمن لها طرح نفسها كبديل للهيمنة الغربية في المنطقة والانقضاض عليها لاحقاً ..

5ـ تكثيف نشاطهم الاستخباري التي أصبحت تعتبر من الأجهزة الاستخبارية الهجومية والعقائدية في العالم سيما على الساحة العراقية والساحات التي يمكنهم العمل بها في محاولة جاهدة وحثيثة لتجنيد عملاء وقوى وأحزاب بل وتشكيل حكومات حليفة يستخدمونهم لبث الدعاية والدعوة والنصرة ..

6ـ إطلاق القنوات الفضائية التي تبث الدعاية لهم وتدعو إلى نصرة إيران والدعوة للتشيع بأسلوب نفسي وعلمي يوصل إلى المشاهد والمستمع قناعات فكرية جديدة مع تشويه قناعاته الأصلية وقد انتشرت هذه القنوات مؤخرا بشكل محموم ومكثف تحت أسماء وعناوين مختلفة..

7ـ استخدام الانترنيت وتقنياته المختلفة من المواقع والمنتديات والصحف الالكترونية بما يخدم المشروع الإيراني وتسلله إلى المنطقة، وهنا أشير إلى استخدامهم الرسائل عبر الايميلات تدعو إلى التشيع ونصرة إيران ..ولعلني من الذين وصلهم مثل هذه الايميلات ولا اعلم إن كانوا يرسلونها على أسس معينة أو بشكل عشوائي ..

8ـ استغلال مبدأ المرجعية في المذهب الشيعي باعتبار مرشد الثورة الإيرانية الخامنئي المرجع الأعلى الذي أقام دولتهم الأولى التي أقيمت فيها صلاة الجمعة لأول مرة هو مرجع الشيعة في العالم كله وهو الذي يأمر ويوجه ويبارك وقد سمعنا في مناسبات كثيرة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وهو يعلن ولاءه للإمام الخامنئي في طهران وأنه يتلقى منهم المال النظيف الذي لا حدود له...

9ـ استخدام الخمس الشيعي الذي يجبى من كل شيعي في دعم وبث التشيع في العالم العربي بكافة الأساليب الممكنة ومنها المنح والمساعدات ودعم الفقراء ..

10ـ مضاهاة أمريكا والإقتداء بسياساتها في اعتبار إسرائيل قاعدة متقدمة لهم وبناء أحلاف وأصدقاء لهم في المنطقة حيث يعتبر الإيرانيون حزب الله في لبنان قاعدة متقدمة لهم وكذلك حلف قوي في العراق يستخدمونهم كواجهة عربية تمكنهم من تمرير مشروعهم بالطرق التي يرونها مناسبة ولاستخدامها في الوقت المناسب علني والذي يمكن تسميته حقيقة بالهلال الشيعي... (وهنا لابد من الإشارة أننا لا ننقص من مقاومة حزب الله وتضحياتهم ولكننا نقر حقيقة أقر بها السيد حسن نصر الله نفسه) .

11ـ الإطاحة برموز القومية العربية ونعتهم بالكفر وكذلك الإطاحة برموز أهل السنة والجماعة ونعتهم بالتكفيريين باعتبارهم عقبة كبيرة في وجه مشروعهم ولعلنا نذكر فرحة الإيرانيين ومعهم أمريكا وإسرائيل بإعدام الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله وكذلك مذكرة الاعتقال التي صدرت بحق الدكتور حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق ..

إن خطورة المشروع الإيراني ستبدو أكثر وضوحاً عندما يستقر للإيرانيين الحال ويبلغوا القوة المرجوة من سعيهم .. وكذلك عندما يحقق مشروعهم نجاحاً في التسلل إلى عقول وقلوب الشعوب ويبدأ النخر والفوضى وطمس الهوية القومية للأمة وتشويه الهوية الدينية لأهل السنة والجماعة ودثر الهوية التراثية والثقافية والتاريخية في المنطقة يأتي دورهم المباشر في المرحلة الثانية وهي الانقضاض على الأنظمة القائمة بالسبل والأساليب التي تخدمهم وتخدم تلك المرحلة ... تماماً كما إعدام الرئيس صدام حسين بغتة وبشكل تسللي لحين الانقضاض عليه في حبل المشنقة بتلك الهتافات الطائفية التي تنم عن حقد وتشفي ونصر مقزز جبان كان رد الشهيد عليه في اللحظات الأخيرة من حياته الجهادية موجعاً وشجاعاً أصاب منهم المقتل حين قال عبارته التاريخية التي تعبر عن حالهم وسوئهم " هي هاي المرجلة".. والأنكى الأمر في عيد الله عيد الفرحة والبهجة لسواد المسلمين يحوله هؤلاء خلافاً لأمر الله عز وجل عيد الغم والحزن ليكون إهانة واستفزاز وصفعة يجب أن يدركها أولئك الغافلون ..

 

drmjumian@yahoo.com

 

من العدو إيران أم إسرائيل؟!

 

                               الدكتور محمد أحمد جميعان

 

ردود كثيرة وصلتني على مقال نشر بعنوان "تسلل المشروع الإيراني ..كما اغتيال الشهيد صدام" وحجم الردود ونشوة الهجوم على هذا المقال يدلل على حجم النشاط الإيراني المكثف في الإعلام والانترنت لمتابعة كل ما يخص إيران ويؤكد ما ذهبنا إليه من أهمية الإعلام واستغلال الفضائيات والانترنت في بث الدعوة الصفوية.     

ولان هذه الردود في اغلبها متشنجة تدفع الكلمة والرأي بالعصبية والشتيمة والردح الذي تعودنا عليه من الصفويين وأتباعهم وعملائهم والمغرر بهم فان هناك رسالة عبر الايميل مضمونها سؤال أو تساؤل يستحق الرد وهو من العدو إيران أم إسرائيل؟!

ورغم أن مقالتي تلك لم تتضمن اعتبار إيران عدو فاني أؤكد مجدداً إن اعتبار إيران عدو خطأ تاريخي وعقائدي وسياسي وثقافي يجب أن لا ننزلق إليه لأنه يشكل هدية لإسرائيل والمشروع الصهيوني العدو الحقيقي الذي يحتل الأرض ويدنس العرض ويسعى إلى ابتلاعها، كما ويساهم ممهداً الطريق إلى ضرب إيران وتدمير قدراتها العسكرية والنووية وهو ما سوف يتم حتماً على أيد إسرائيلية وأمريكية تنتظر الوقت والظرف الملائم.. فلماذا نكون غطاء وقاعدة لذلك ؟ّ! 

ولكن هذه العبارة أيضا يجب ألا تأخذنا إلى ظلم أنفسنا لأنها كلمة حق يراد بها باطل والاستمرار بها يعمي عيوننا من الخطر الداهم والطمع القادم والطموح المنحرف والتشويه المتعمد الذي يشكله المشروع الإيراني ألصفوي في المنطقة .

فإسرائيل عدو ظاهر لا جدال فيه ولا حديث معه ، لا يخفي العداوة ولا يلبس عباءة لإخفاء أطماعه وممارساته يستجدي السلام ويسعى للحصول على رخصة لابتلاع الأرض التي احتلها ويجب أن نعد كل استطاعتنا وقدراتنا من المقاومة إلى السياسة من أجل جلائه واندحاره.

ولكن بالمقابل لا يمكن اعتبار إيران صديق في ظل ما تسعى إليه لان إيران نفسها لا تريد ذلك حقيقة رغم ما تكرره ظاهريا وكلاما دبلوماسيا عن الصداقة والإخوة وما تبطنه من ممارسات ينسف ذلك كله ، تلبس عباءة الإسلام في خطاب ظاهري تحته بطانة الهيمنة والطائفية منطلقاً من إمبراطورية فارسية شديدة الإعجاب بنفسها تريد العودة إلى شبابها وعنفوانها وغطرستها على المنطقة بطمس الهوية القومية للعرب وتشويه الهوية الدينية لأهل السنة والجماعة ودثر الهوية التراثية والثقافية والتاريخية للمنطقة.

وما يتم ألان في العراق مثال حي لما تسعى إليه إيران فهي تحتل العراق فعلياً استخبارياً وعسكريا وثقافيا عبر المليشيات التي تدربت وتسلحت وتربت في إيران وحملت عقيدة قتالية طائفية للمرجعية الإيرانية نفسها نرى نتائجها الآن من تصفية للرموز القومية والسنية وذبح على الهوية طال حتى حجاج بيت الله الحرام من السنة في سلوك يندى له الجبين ولم يعد خافيا على احد بأشراف إيراني مباشر يشيع ثقافة المظلومية تقتص وتتشفى وتثار خلافا لأمر الله وسماحة الإسلام وعفو رسول الله حين دخل مكة فاتحا بعد ثماني سنوات من الحرب يخاطب أهلها اذهبوا فأنتم الطلقاء.. ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن.. فأين إيران وأتباعها من ذلك ؟! وهل يمكن اعتبار سياساتها التمددية والطائفية والتصفوية تلك صداقة؟!

   

                   drmjumian@yahoo.com 

 

 

 

 

 

 



مقالات ذات صلة