نحو رؤية موحدة ونصرة جادة لأهل السنة
د. ناصر العمر
لقد عشنا أجمل اللحظات بما استمعنا إليه من تحقيق لأبرز أهداف المؤتمر، المتمثلة في أن نقول كلمة الحق ونصدع بها جميعا دون مواربة، وهو ما يتفق عليه الحضور بالجملة.
ونحن نتحدث عن مستقبل أهل السنة في العراق ، نتذكر أنه مستقبلهم محكوم بقدر الله النافذ وسننه الكونية التي لا تتبدل ولا تتغير، وقول الله عز وجل شاهد بذلك :" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"، فمهما بلغ البغي عليهم فمكر الله سبحانه وتعالى معهم متى أخذوا بالأسباب وسعوا نحو نصر دينهم، وأنا أرى ـ تكراراً لما قلته مراراً في حديثي عن حزب الله من قبل وغيره من القوى الشيعية في المنطقة ـ أن القوى الأكثر خطورة على أمتنا الإسلامية هم اليهود والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وإيران وأذنابها، وهذا التوصيف الذي ما زلت مصراً عليه وإن أغضب كثيرين في حينه، إلا أن الواقع أتى الآن ليصدقه.
وكلا الفريقين نراه خطراً شديداً على الأمة، بل نرى الفريق الإيراني بمذهبه الشيعي الأكثر خطورة لما يكتنفه من غموض يلتبس على الناس، فالكل يدرك خطورة اليهود والولايات المتحدة لوضوح عداوتهم لكن كثير من الناس فينا ما زال يروج لإيران ويثني عليها بل ويصف ثورتها بالثورة الراشدة ولا يدرك خطورتها، ولذا كان التحذير منها لازم لإزالة الغبش مثلما كان تحذير القرآن من المنافقين كاشفاً لهم وموضحا لسبلهم وأساليبهم لما يفتون من عضد المسلمين ويعوقون مسيرتهم.
وإيران نعلم يقيناً أن لها أهدافاً لا تنسجم مع أهداف الأمة، وندرك أنها تتخذ من المذهب الشيعي مطية لتحقيق أغراضها، فإيران في حقيقة الأمر ليست شيعية بالمعنى المذهبي والديني وطموحاتها تتجاوز ذلك إلى استخدام هذا المذهب لاستعادة الإمبراطورية الفارسية المجوسية التي غيبها الإسلام، فتنطلق ساعية نحو هذا الهدف متجاوزة حدودها إلى التدخل السافر في الشأن العراقي حيث تستهدف هي وحلفاؤها أهل السنة في العراق الذين تعمل فيهم القتل والذبح كل يوم وكل لحظة، وإخوانهم خارج العراق يضعون أيديهم على قلوبهم لهفة على ما يعانيه أهل السنة في العراق من إيران وأذنابها، وكذلك ما يجري من إيران في المنطقة كما في لبنان واليمن ودول الخليج وتهديدهم بإثارة الفوضى في موسم الحج، ومثله ما كشف عنه الشيخ القرضاوي من خطر الاختراق الشيعي على مصر، وأيضاً ما يجري في إفريقيا وآسيا من اختراقات للصف السني مما يحزن النفس ويدمي القلب.. إلى غير ذلك من الحقائق التي لا تكاد تخفى على ذي عينين.
وهناك عدة وسائل تستخدمها إيران نجحت من خلالها في تحقيق كثير من المكتسبات وتسعى بها إلى تحقيق المزيد من التوسعات عن طريقها، منها على سبيل المثال:
- ولاية الفقيه: وهي آلية تمنح إيران فرصة للتوسع السياسي والانتشار المذهبي بتجوازها لعقدة غياب المهدي
- إقامة التحالفات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك العلاقة التاريخية والأزلية التي تربطها باليهود، وهو ما شهد به اليهود أنفسهم في كتبهم .
- استخدام الإعلام بمهارة: وثمة دراسة حديثه تتحدث عن القنوات الشيعية التي انتشرت بكثرة وسرعة كبيرة، والتي تروج لإيران السياسة والمذهب والامتداد، ومن أخطر تلك القنوات قناة المنار التي تنطلق بغطاء مقاوم ، ونحن في مقابل ذلك ما زلنا نعاني من فقر واضح في القنوات السنية.
- افتعال الأزمات: في أكثر من بلد بما يهيئ جواً مناسباً لنشر المذهب الشيعي والثقافة الإيرانية، مستخدمة في ذلك المكر والخديعة والتقية الدينية والسياسية.
- استغلال تخلي دول المنطقة عن مسئولياتها تجاه الأمة: ومحاولة ملء هذا الفراغ بذكاء، كما يحصل مع بعض القيادات الفلسطينية التي تضطر للجوء أو التعامل مع إيران أو تلقي منها نوعا من المساندة، ونحن نعتقد أنه لو تحركت دول المنطقة بمعشار التحرك الإيراني في العراق وفلسطين لتغير الحال كثيراً ولتغيرت الدفة لمصلحتها.
وتأسيساً على ما تقدم فنحن نرى أننا ملزمون باتخاذ جملة من الإجراءات والتحركات، منها:
- أن علينا أن ننظر لواقعنا من منظور شامل يأخذ بالاعتبار دراسة السنن الكونية بما تحتمه من ضرورة الربط بين القدر الكوني والقدر الشرعي.
- ضرورة بيان حقيقة إيران وتوظيفها للمذهب الشيعي لتحقيق أهدافها بما لا يتقاطع مع مصالح الأمة.
- ضرورة بيان حقيقة المذهب الشيعي ونقاط الاختلاف معه، مع التأكيد على حتمية العدل والحكمة في التعامل مع الشيعة ووجوب الدعوة لهم وبيان خطورة المذهب وإيران كليهما عليهم أنفسهم .
- الأخذ بالأسباب المحققة لدفع الظلم عن أهل السنة، من اجتماع الكلمة ورص الصفوف وعلاج الخلافات بالطرق الشرعية دون تساهل أو بغي أو عدوان.
- عدم التقليل من جهود الآخرين أيا كان نوعها متى توافرت فيها شروط الالتزام بالحق وأخذ القائمين عليها بالأسباب الموصلة إلى تحقيق أهدافهم التوعوية والنهضوية للأمة الإسلامية.
- التأكيد على حتمية قيام دول العالم الإسلامي وخاصة الخليج العربي بمسئوليتها من أجل الوقوف أمام المد الصفوي، والتحذير من أن التهاون في هذا الصدود سيكون من عواقبه جريان السنن عليها كما جرت على غيرها "ولا يظلم ربك أحداً".
- دعم الجهاد في ميادينه الحقيقية بالنفس والمال، والحذر كل الحذر من إحداث الفتن في بلاد المسلمين بما يقوم به البعض من التفجيرات؛ فالجهاد في فلسطين والعراق هو جهاد محكم واضح الراية، فلا يجوز أن يقال عنه أنه فتنة، لكن ما حدث في البلاد الإسلامية هو فتنة محكمة، ومن ثم لا يجوز أن يقال عنه أنها جهاد.
- ضرورة قيام المؤسسات العلمية بما تستطيع من تبصير الناس في شؤون العقيدة والشريعة بما ينشئ وعياً عاماً بما يحيط بالأمة الإسلامية من مخاطر.
- أهمية تحذير العلماء والمفكرين من خطورة التساهل في التعامل مع الشيعة وتمييع الحدود بدعوى ضرورة توحيد الصفوف ضد الخطر الصهيوني والأمريكي لأنه كما تقدم كلا الخطرين محدق بنا، ومن الخطأ الاستناد إلى أي منهما لصد الطرف الآخر في حالة الضعف التي تعيشها الأمة الآن.
- وجوب الوقوف مع إخواننا المظلومين في العراق وفلسطين وغيرها.
- ضرورة التفاؤل وحسن الظن بالله جل وتعالى مع استمرار الجهد والعمل دون يأس، فهذا سبيل النبي صلى الله عليه وسلم، بما يحقق البناء لا الركون والدعة فهذا هو تفاؤل ايجابي، وعداه سلبي، وهناك تلازم بين التفاؤل والأخذ بالأسباب لا يختلفان ولا يتعارضان.
- وجوب اللجوء إلى الله وعبادته في أيام الفتن والأنس به والقرب منه سبحانه وتعالى.
ونعوذ بالله عز وجل أن نكون من شهداء الزور؛ فنرى الباطل ونسكت عنه، وحذار حذار أن نكون منهم.